الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجمهور في أحضان النخبة

الجمهور في أحضان النخبة
4 سبتمبر 2013 20:54
مثّل الموسم المسرحي الذي تنظمه سنوياً جمعية المسرحيين الإماراتيين، بشراكة مع دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، منذ انطلاقته في العام 2006 بدعم وتوجيه من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ملمحا مهما في الصورة العامة للحراك المسرحي المحلي، فلقد أسهم في تقريب قضايا وأسئلة وشواغل المسرح من الجمهور العريض المتوزع في إمارات الدولة كما أتاح للفرق أن تختبر إمكانياتها في العمل مدة أطول قياسا على ما كان عليه الحال قبل إطلاق هذا البرنامج المسرحي الطموح الذي يضم جملة من العروض المميزة التي قدمت في مهرجان أيام الشارقة المسرحية. خمس مسرحيات اختيرت هذه السنة بعد أن جرى عرضها أولاً في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان أيام الشارقة المسرحية (مارس 2013) وتمّ اختيارها بواسطة لجنة محكمة بناء على اعتبارات فنية وجمالية من جهة، ثم لأنها تناقش قضايا محلية وإنسانية من جانب آخر. وهذه المسرحيات التي تُعرض كل منها خمس مرّات على خمس خشبات مختلفة في مسارح الدولة هي “نهارات علّول” للمسرح الحديث من تأليف مرعي الحليان وإخراج حسن رجب و”أنت لست كارا” من تأليف المسرحي التركي عزيز نيسين وإخراج محمد العامري، و”زيت وورق” لجمعية حتّا للثقافة والفنون والتراث من تأليف وإخراج جمال علي، و”التريلا” لمسرح عجمان الوطني من تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج الكويتي محمد الحملي، و”طوفان” لمسرح الفجيرة من تأليف حميد فارس وإخراج صابر رجب. أحدثت هذه العروض المنتقاة أصداء نقدية وإعلامية عندما عرضت في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، ولكن اختيارها لتعرض في الموسم استند هو الآخر إلى تقدير لجنة تقييم كانت جمعية المسرحيين كلفتها بمتابعة المهرجان واختيار ما يناسب جمهور الموسم المسرحي من بينها، وكما قال إسماعيل عبد الله، رئيس جمعية المسرحيين، في وقت سابق فإن ما بدا مميزاً في الدورة الحالية من الموسم المسرحي يتمثل في “نوعية العروض المُشاركة لهذا العام، حيث بلغت نسبة العروض، التي تُسمى عادة، في الإعلام تحديدا، بالعروض النخبوية، نسبة جيدة. وقد دفعنا ذلك إلى خوض تجربة قياس ردود فعل الجمهور الواقعية عليها، وذلك بالطبع دون استثناء للأعمال المسرحية الأخرى الأوسع جماهيرية كما يُعتقد”. يواجه الموسم المسرحي دائماً سؤالاً حول نوعية العروض: أهي نخبوية أم جماهيرية؟ ولكن مرداف الجماهيرية دائماً هو الإضحاك والتخفف فيما تعني النخبوية العروض الجادة والرصينة والتي تغلب على ما يقدم في مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي يتميز بتقاليد محددة كسبها على مر دوراته. وتسعى جمعية المسرحيين دائما إلى الموازنة وتنتج خطاباً وسطاً عبر منابرها ومناسباتها وتتوسط بسائر الوسائل حتى تحقق ما يلبي تطلعات وانتظارات الجمهور. الشاهد أن الموسم المسرحي، منذ انطلاقته، عرف نقاشات شتى كما اتخذ هيئات ومواعيد عدة وهو لا زال يسلك في مسار تطوري ولكن بخطوات أكثر ثقة وتحديداً، وبحسب العديد من المسرحيين فإن فكرة الموسم المسرحي هي جزء من الرؤية التنموية والحضارية للشارقة التي تسعى إلى تكريس الفعل الثقافي في نهر الحياة اليومية مثله مثل اي نشاط أو فعالية أخرى وهي تبذل لهذا الغرض كل الإمكانيات، وهو ما يقوله لـ “الاتحاد الثقافي” الممثل حميد سمبيج، مضيفاً: “الموسم بات في عمق حراكنا المسرحي وصرنا ننتظر موعده سنة وراء سنة لأنه يتيح لنا أن نلتقي بعد انقطاع وهو يعيد النشاط لفرقنا بكل كوادرها الإدارية والفنية وهذا مهم للحيوية والتجدد”، وذكر سمبيج أن الموسم المسرحي هو من الأنشطة التي يجمع على أهميتها كل أهل المسرح الإماراتي: “ولذلك تجد هذا الحرص من الفرق على المشاركة فثمة قيمة رمزية في مشاركة فرقة ما في هذا الموسم، إذ إنها تعني أن العرض الذي تقدمه الفرقة كسب رهاناً ما، وحين يتاح لفرقة ما أن تعرض مسرحيتها للمرة الثانية والثالثة والرابعة وفي ظروف مميزة كالتي يعرفها الموسم المسرحي سنوياً فلا شك في أن ذلك يحفزها ويثريها كثيرا جدا”. وشارك الممثل سمبيج خلال الموسم المسرحي الحالي في مسرحية “أنت لست كارا” ووصف تجربة عرضها في كلباء بالمميزة وتابع: “علاقة الجمهور بعروض المسرح الإماراتي الآن صارت أقوى، بتنا نلاحظ ازدحاما وكذلك تداخلا مع الممثلين من قبل الجمهور وطلبات توقيع وتصوير وكل ذلك يؤشر على أننا تقدمنا كثيراً في علاقتنا بالجمهور”. وزاد: “لا يمكن تصور بهجة الممثل وفرحه حين يلتقي جمهور محب ويقظ مثل الجمهور الذي حضر عروض مسرح الشارقة الوطني”. وحول ما لاحظه على إيقاع الدورة الحالية وتوجهات الجمهور قال سمبيج: “الجمهور دائما يفضل العروض التي تضم أسماء معروفة وكذلك العروض التي تعتمد على الكوميديا ولكن فكرة الموسم المسرحي في جوهرها هي التثقيف ورفع مستوى الوعي ولذلك نجد تشكيلة متنوعة من العروض وغالبا ما يتم اختيار هذه التشكيلة المتنوعة قياساً إلى اتجاهات الجمهور، ولقد لاحظت في هذه السنة أن الجمهور توجه بكثرة لافتة إلى مسرحية “التريلا” ولكن في النهاية نحن بحاجة إلى الاستمرار سنوات عدة حتى نزيد من نسبة الجمهور الذي يمكن أن يستمتع بالعروض الأخرى”. وفي ختام إفادته أكد سمبيج على ضرورة الاستمرار بتجربة الموسم المسرحي وعدم التوقف قائلاً: “هذه المبادرة التي يرعاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة هي من نبض حراكنا المسرحي الحي وعصب تطورنا وتقدمنا إلى مستقبل مسرحي أكثر حضورا وتأثيراً”. من جانبه، قال الممثل جمعة علي الذي شارك في سائر الدورات السابقة للموسم المسرحي وغاب هذه السنة لعدم اختيار العرض الذي شارك به خلال أيام الشارقة المسرحية: “أعتقد أن الموسم المسرحي نجح كثيراً في تعزيز مكانته وغدا من الركائز التي تعتمد عليها ساحتنا المسرحية وما كان له أن يحقق ذلك لولا الدعم الكبير الذي يقدمه صاحب السمو حاكم الشارقة، وسنة تلو سنة يوسع الموسم المسرحي من قاعدته ويكسب المزيد من الجماهير كما أنه يساعدنا نحن كممثلين في تطور مهاراتنا ونكون في جاهزية كاملة للدورة الجديدة من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، فالموسم يحل في زمن يسبق اعدادنا لعروضنا التي ستشارك في المهرجان”. بالنسبة لعلي فان موعد الموسم يناسب برنامجه تماماً، إذ يحل في وقت تدخل فيه الساحة المسرحية إلى حالة من السكون وهو يوضح: “في ما مضي كنا نمضي هذا الوقت بلا عمل تقريبا ولكن مع اختيار الجمعية لهذا الشهر انسجم ذلك مع حاجتنا وحاجة الجمهور، إذ إن نسبة البرامج الأخرى الموازية، سواء كانت ثقافية أو رياضية، تقل كثيراً خلال هذا الشهر على الأقل ليس كما هو الحال في بقية شهور السنة”. ويلفت الممثل الإماراتي الشاب إلى أن الموسم يجمعه ببقية ممثلي ومخرجي وإداريّي الفرق المسرحية في فضاء مفتوح على النقاش وتبادل الرؤى والحوار: “وكل ذلك مهم جدا لحيويتنا ولتطورنا”. أما محمد العامري فذكر أن عروض هذه السنة جاءت “نخبوية” وتابع: “لكن الموسم المسرحي يعتمد دائما على ما يقدم في أيام الشارقة المسرحية ولذلك اختياراته محكومة بنوعية ما يقدم في المهرجان”. وقال العامري: إن الموسم المسرحي بالنسبة له هو مشروع لتفعيل علاقة المسرح بالجمهور: “فالعروض تتوجه إلى إمارات الدولة كافة فهناك من لم يشاهدها خلال أيام الشارقة المسرحية لأسباب مختلفة وبالتالي بمقدوره أن يشاهدها الآن كما أن اولئك الذين شاهدوها لمرة واحدة يمكن إعادة مشاهداتها مرات عدة.. وبالنسبة لنا كمسرحيين من المهم أن نرى عروضنا تقدم لمرات عدة بدلاً من مرة واحدة ولجمهور مهرجان، فجمهور المهرجان يختلف فهو يشاهد العروض في ظروف تنافسية ولكن مع ضغوط وازدحامات وزخم إعلامي كبير وبالتالي استجابته مشروطة بتلك الظروف”. وذكر العامري أن العديد من المسرحيين لم يتمكنوا من مشاهدة بعضهم في مهرجان أيام الشارقة المسرحية نسبة لانشغالهم بالعمل في عروضهم الخاصة” ولو حصل أن شاهد بعضهم بعض العروض فلا شك أن ذلك حصل تحت ضغط كبير ولذلك نقول: إن الموسم المسرحي هو فسحتنا للفرجة والتمتع بجماليات العروض في ظروف مشاهدة أفضل وأجمل”. إقامة مؤتمر نقدي مواز لعروض الموسم هو مقترح يراه حميد سمبيج مناسباً للاختبار، إذ يمكن عبره أن تتوافر قراءات معمقة حول العروض على اعتبار ان الموسم يمكّن النقاد من مشاهدة المسرحيات مرات عدة، وبالتالي فإن رؤاهم النقدية ستكون أعمق، كما ان المؤتمر النقدي يكسب كل دورة من الموسم المسرحي مكانتها في التاريخ والذاكرة وذلك حين يتتبع ما يقدم فيها بالأفكار والملاحظات الجوهرية وليس بتلك التوصيفات التقريرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©