الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاربة الإيبولا.. وضرورة القوات الاحتياطية

22 سبتمبر 2014 23:40
مايكل باري - مدير مركز الابتكار في الصحة العالمية لدى «جامعة ستانفورد» لاورينس جوستين - مدير معهد أونيل للقوانين الصحية في جامعة «جورجتاون» تشير أحدث التوقعات بشأن تفشي فيروس «إيبولا» في غرب أفريقيا إلى أن الأمر قد يستغرق ما يتراوح بين 12 و18 شهراً كي تتم السيطرة عليه، وأنه سيصيب ما يصل إلى 100 ألف شخص. وقد أعلن الرئيس أوباما نشر ثلاثة آلاف جندي، وأكثر من 100 مركز للسيطرة والوقاية من الأمراض، وملايين الدولارات التي تهدف إلى المساعدة على وقف انتشار الوباء. ولكن ابتداءً كيف خرج تفشي «إيبولا» عن السيطرة؟ تكمن الإجابة على هذا السؤال بصورة جزئية في المكان الذي انطلق منه الفيروس؛ ذلك أن الأنظمة الصحية في الدول التي أنهكتها الصراعات التي تأثرت بشدة، كانت متداعية بالفعل. وبالتالي تفاقمت الأزمة نتيجة النقص الكبير في موظفي القطاع الصحي في أرجاء العالم، إذ تقدر منظمة الصحة العالمية النقص بأربعة ملايين موظف، ويقع ذلك العبء على كاهل أفريقيا بصورة غير متناسبة. وتتكبد القارة زهاء 25 في المئة من أعباء الأمراض العالمية وليس لديها سوى 3 في المئة فقط من موظفي الصحة العالميين. ويعني ذلك أنه عندما تندلع الأزمات، تحاول مجموعة من المنظمات غير الحكومية والوكالات الحكومية الأجنبية سد الحاجة وملء الفراغ. وفي الوضع الراهن، تقوم منظمة «أطباء بلا حدود»، وهي جهة غير حكومية تعمل في أكثر من ستين دولة، بثلثي مهام العلاج والرعاية التي يتم توفيرها للمناطق التي تأثرت بفيروس إيبولا. وقد أظهر العاملون في المنظمة بسالة وقدرة لا تضاهى، ولكن لا يمكن أن تسيطر منظمة «أطباء بلا حدود» وحدها على وباء بهذا الحجم. كما أن الوباء أيضاً يفوق قدرة منظمة الصحة العالمية على احتوائه. فخلال الأعوام الماضية، تقلصت ميزانية المنظمة وعانت من رحيل كثير من الأطباء والعاملين. وتعمل الآن بأقل من الميزانية السنوية لكثير من المستشفيات في الولايات المتحدة. ونتيجة لهذه العقبات، أغلقت المنظمة قسم الاستجابة للأوبئة، الذي أثبت كفاءة وفعالية هائلة في حالات تفشي الفيروسات مثل وباء «سارس». وفي ضوء ذلك يحتاج العالم إلى طريقة جديدة لحل الأزمات الصحية العالمية الفادحة، والحيلولة دون وقوع كوارث مستقبلية. وبالنظر إلى قوات الاحتياط العسكرية الأميركية كنموذج، نقترح تشكيل «قوات احتياط صحية عالمية»، يُدرج فيها لفترة من الوقت الأطباء والممرضون المدربون ممن يتمتعون بخبرات في المناطق ضعيفة المصادر والتجهيزات. ويعني الانضمام إلى «قوات الاحتياط الصحية»، أن هؤلاء الأطباء والممرضين يوافقون على نشرهم عند الحاجة حال وقوع حوادث كارثية أو وبائية. ويمكن زيادة هذه الفيالق بشكل سريع على أن تتم إدارتها بصورة مركزية من قبل منظمة الصحة العالمية أو الأمم المتحدة. ولابد من إخضاع «المجندين الصحيين» لفترة تدريب قصيرة الأجل في معسكر فعلي على أعمال الإغاثة في حالة الكوارث وإدارة تفشي الأوبئة، وبعد ذلك يحضرون فترات تدريب إضافية من حين لآخر أثناء فترة تجنيدهم. وفي ضوء الاهتمام ببرامج التدريب الصحي العالمية خلال الأعوام العشرة الماضية، حسبما وثق «ائتلاف الجامعات من أجل الصحة العالمية»، نعتقد أنه لن يكون هناك شحّ في المتطوعين. وفي الواقع، فقد أقبل متخصصو الرعاية الصحية على التطوع بعد زلزال هاييتي وتسونامي إندونيسيا، ولكن على رغم نواياهم الطيبة، كانت الجهود الرامية إلى الاستفادة منهم غير منظمة وبلا فعالية كبيرة. وفي الوقت الراهن، يدعو رئيس منظمة «أطباء بلا حدود» فرق الاستجابة للطوارئ من أرجاء العالم للمساعدة في المعركة ضد الإيبولا، ويستجيب له بعض الأفراد والدول والمنظمات غير الحكومية. ولكن دعونا نفكر في مدى فعالية قوة احتياط صحية عالمية أكثر فعالية بكثير ويتم نشرها بطريقة مركزية في مثل هذا الوضع! وفي النهاية، لا يمكن أن تعتمد أزمة «إيبولا» على عقاقير أو لقاحات نادرة ولم تخضع للاختبارات اللازمة، أو عمليات حجر صحي أو حتى إنزال جوي لأجهزة وقاية شخصية؛ فسبب تفشي الفيروس الذي تحول إلى مأساة يكمن في ضعف الأنظمة الصحية بالمنطقة ونقص الموارد البشرية. ولا يمكن معالجة الوضع على المدى الطويل من دون معالجة نقاط الضعف الهيكلية الجوهرية تلك، وهو ما يمكن أن يكون جزءاً من مهمة فيالق القوات الاحتياطية. وكما أن وحدات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تساعد في نزع فتيل التوترات في المناطق غير المستقرة، فإن هؤلاء المتطوعين يمكنهم أيضاً تعويض ندرة الموظفين في المجال الطبي، ومن الممكن أن يقدموا استجابة منسقة في مواجهة الكوارث الصحية. وعلى المدى الطويل، سيكون من الضروري مساعدة الدول الفقيرة على بناء أنظمتها الصحية الفعالة، وتدريب قوات محلية قادرة على الحيلولة دون تفشي الأوبئة وتوفير الرعاية الإنسانية والعلاج. وسيستغرق ذلك وقتاً طويلاً وموارد كبيرة. ولكن في المرحلة الانتقالية، لن تكلف قوات الاحتياط الصحية العالمية سوى جزء ضئيل مما يتم إنفاقه في الوقت الراهن على المساعدات الصحية العالمية. ومن الممكن أن يتولى البنك الدولي الريادة في دور التمويل، على أن تستضيف منظمة الصحة العالمية أو الأمم المتحدة، وحدة مركزية قادرة على حشد المتطوعين ونشر الأطباء والممرضين. ويعتبر وباء «إيبولا» المنتشر في غرب أفريقيا مأساة. ولكن ربما يمكن أن يكون أيضاً علامة على الطريق، ويفضي في النهاية إلى تقديم طوق نجاة طبي للدول الفقيرة والحيلولة دون انتشار أمراض وبائية لا يمكن السيطرة عليها. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©