الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يلقي بظلاله على الآداب المعاصرة في الهند الإرث الكولونيالي

يلقي بظلاله على الآداب المعاصرة في الهند الإرث الكولونيالي
2 سبتمبر 2015 21:45
هنا، أقترح القيام بجولة قصيرة، أستعرض، في بدايتها، الخلافات المتعلقة بالمصطلح المخصص للنظر الى بعض الابداعات الأدبية في الهند منذ حصولها على الاستقلال من الامبراطورية البريطانية في عام 1947، وصعوبات الانتشار، ثم تصنيف قصير للنتاجات المنشورة، ارتكانا على الجنس واللغة، حسب الأصل الاثني- الديني للمؤلفين، وحسب الوضع الجغرافي في الهند أو في الشتات العالمي، لكي أبين اختلاف الرؤى في بعض الأحيان. مصطلح رجعي أبدأ بالآراء المتباينة لكتاب من أصل هندي، لدينا الدراسة الشهيرة لسلمان رشدي المعنونة «لا توجد آداب الكومنولث». في هذا الشأن، رفض رشدي تسمية «أدب الكومنولث» لأنه وجدها عنصرية وتعمل على ادراج تقسيمات ظالمة في داخل اطار الأدب المكتوب بالانجليزية، بين الكتاب الأنغلوفونيين من أصل أبيض والكتاب الآنغلوفونيين الملونين على سبيل المثال. أيضا، يجد (رشدي) أن هذا المصطلح يذكّر بصورة بائسة بالبحث العبثي المزعوم حول التقليد الأصيل، كشيء من الغرائبية الرجعية، التي لا يمكن، في الواقع، أن تتواجد في أي مكان بصورة نقية. من ناحيته، رفض آميتاف غوش جائزة كتاب الكومنولث في عام 2001 عن روايته «القصر الزجاجي» (2000)، لأنه وجد أن حصر تسمية «أدب الكومنولث» على النتاجات المكتوبة بالانجليزية عملية تمييزية. فضلا عن ذلك، في حوار مع (ت. فيجاي كومار)، من جامعة أوسمانيا، بحيدر آباد بالهند، أعلن آميتاف غوش عن معارضته لمصطلح «ما بعد كولونيالية» قائلاً: «ما بعد كولونيالية، في الأساس، هو مصطلح يصفنا سلبيا، أي، حينما أفكر في العالم الذي تربيت في حضنه، فإن ذكرياتي الرئيسية عن هذه البلد لا تسعى الى البحث عن وضع يخلف وضعاً كولونيالياً سابقاً، وانما تبحث ببساطة عن استثمار واقعتها، التي ترجع الى الواقعة التي نعيشها في الحقيقة. ولذلك أجد أنه من الاختزال تخيل أن ما بعد كولونيالية الهند ستكون متماثلة مع ما بعد كولونيالية باكستان، وهكذا دواليك. وهذا غير حقيقي! إنها وقائع مغايرة، ورفض هذه النوعية مقلق بصورة عميقة. من يستطيع إنكار وجود الكولونيالية فيما مضى؟ بالتأكيد، الكولونياليّة حدث، وعلى السطح الكرونولوجي، واقعتنا، بالتأكيد، تتبع واقعة الكولونيالية، وهذا يتأتى من الذات... بيد أنني أريد منذ هذه اللحظة أن يعرف كل مكان حسب نوعيته الخاصة». في الطرف الآخر، أكاديمي من أصل هندي يعمل في جامعة فانكوفر بكندا، آرون موخرجي، وحاليا يعمل نائب رئيس الرابطة الدولية لدراسة لغات وآداب الكومنولث (ACLALS)، ينادي بمصطلح «أدب الكومنولث»، لأن مؤسسة الكومنولث ببساطة مصدر ملائم لتمويل البحث الجامعي!، وآرون موخرجي لا ينشغل إلا بالآداب المكتوبة بالانجليزية!. هناك مظهر آخر لنفس مشكلة الابداعات الأدبية للبلاد غير الأنغلو- سكسونية واضح في تسمية المهرجان السنوي للرابطة الدولية للكتاب المعاصرين (نادي القلم الدولي، الذي يرأسه سلمان رشدي). منذ عام 2004، وللوقوف قبالة موقف الانكفاء القومي للولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر 2011، اختار (نادي القلم الدولي) اسم «صوت قلم العالم بأسره» لكي يمنح للولايات المتحدة حرية الحوار مع العالم بما أن الكتب المترجمة فيها تمثل 3% من المطبوع. تتبدى فكرة «أصوات العالم» كمحاولة للحفاظ على «التعددية الاستثنائية للأصوات» وسط آداب العالم، لتجسيد الحلم السياسي «لابتكار الديمقراطية بواسطة الأدب»، عبر كوكبنا كله. أهو سؤال المبدعين الأدبيين في مواجهة الأكاديمية والنقاد الأدبيين؟ هيا لنرى! يعترض مختلف حاملي راية الأدب الهندي المكتوب باللغة الانجليزية على المشي تحت راية واحدة! أسئلة القارئ الهندي مرتبطة بالمشاكل المعروفة، وبشبكات توزيع الإنتاج الأدبي، في الهند والعالم بأسره. تكفي بعض الأرقام لتبيين مفارقات القارئ الهندي. مثلما سطر الناشر الفرنسي جون- كلود برييه («البازل الأدبي»، ص. 24-27)، وزميله المتخصص في الدراسات الهندية ومدير مركز الأبحاث السياسية في باريس، كريستوف جافرولو («طبقات، طوائف، لغات»، 35-39)، نصف الشعب الهندي تقريبا (أي 500 مليون نسمة) أمي، لا- أنغلوفوني وفقير للغاية بحيث لا يستطيع أن يبتاع كتابا. في السياق الاقتصادي الحالي الذي تعرفه الهند (نسبة النمو الاقتصادي حوالي 8% منذ بضع سنوات) تتضخم الطبقة الوسطى الحضرية (المكونة بالأخص من الموظفين وصغار العاملين)، ولكنها لا تتجاوز على أفضل تقدير 200 مليون نسمة، نصفها (100 مليون شخص تقريبا) أنغلوفوني. مما يمنحنا نتيجة مفارقة لمائة مليون قارئ افتراضي من عدد سكان بلد تعدى المليار نسمة. كما أنه يبين الطبعات الضعيفة للروايات المعاصرة في الهند (برييه، «البازل الأدبي»، 27): «على عكس ما يمكننا تخيله عن بلد يتعدى سكانه المليار، طبعات الكتب للأدباء المعاصرين ضعيفة للغاية؛ خمسة آلاف نسخة هي كل المطبوع من أي رواية مكتوبة بالانجليزية، وهذا يعني أنها رواية رائجة!». يسمح الدور الراجح لمساعدات الدولة في الترجمة من لغة هندية الى أخرى، وفي التوزيع الحكومي للكتب بواسطة «ناشيونال بوك تراست» (دار نشر مملوكة للدولة) وساهيتيا أكاديمي (أكاديمية الآداب الراقية في الهند) بفهم شيء من الامتثالية المحافظة التي تدمغ غالبية الأعمال المطبوعة في الهند. لأن هذا الدعم الحكومي للأعمال الأدبية ينتج تناقضات في اختيار الأعمال المقبول نشرها، بسبب التمويل الحكومي والتمييز الرسمي. تم فضح انعدام المخاطرة تلك من قبل آميت شودهوري على اعتبار أنها ضعف المغامرة الأدبية لدى البيروقراطيين في عملية الاستثمار المؤكد، المتمثل في عدم استغلال الآفاق الجديدة (شودهوري، «استقلال الأدب الهندي»، 46): «لم يطور التقليد الثقافي المعاصر في الهند، على خلاف أي تقليد ثقافي آخر معاصر، أي فضاء للحلم، عدم المسؤولية، الفشل، أو التصرف باستقلالية : وفهم دورها في تكوين الحياة التخيلية أختزل. لقد ضل طريقه، بل وذل، بواسطة عدم الاهتمام بالموضوعات الكبرى والقضايا الكبرى. في النهاية، ضل طريقه بسبب لا مبالاة السلطة». هذه الصعوبات المرتبطة بالتوزيع تزايدت نتيجة عدم التوازن الذي لا يمكن تجنبه بين شبكات التوزيع العالمية لكبرى دور النشر الدولية (مثل بنغوين، هاربر كولينز، بيكادور، راندوم هاوس، وغيرها) ودور النشر الهندية المحدودة على الصعيد الوطني (مثل روبا، ساغ، برماننت بلاك، وغيرها). تصنيف إثني أباشر حاليا اجراء تصنيف قصير للأعمال الأدبية المعاصرة في الهند حسب الأصل الاجتماعي للكتاب، من خلال اللغة والجنس، لكي أسطر تنوعها الخلافي. بالمجازفة بعمل اختصارات تبسيطية، لن أذكر سوى بعض الأمثلة التعريفية في كل فقرة لعرض أسطر التوتر الذي أنتجته. بين «أقليات» الهند، من الممكن أن نبدأ بالكتاب المسلمين الذين يكتبون باللغة الأوردية أو اللغة الانجليزية. إذا كان المسلمون يمثلون 13% من عدد السكان، فإن قراء الأوردية لا يتجاوزون 7%. وهناك ممثل جيد للغة الأوردية هو: * سعدت حسن مانتو (1912-1955)، الذي ولد في البنجاب، عاش في بومباي وهاجر الى باكستان، وفي قصصه يتناول بنفاذ بصيرة التقسيم والفوران الشعبي الفريد في بومباي. * عامر حسين (ولد في عام 1955 بكراتشي)، عاش في بومباي واندور، قبل أن يهاجر الى انجلترا. مجموعتاه القصصيتان («مرآة في الشمس»، «الاتجاه الأزرق») تشيران بطريقة غير مباشرة الى ازالة الوهم الخالص. * بين الكاتبات المسلمات، من الممكن أن نذكر عصمت شوغاتي قبل الاستقلال، عطية حسين (1913-1998)، التي تستدعي روايتها «شمس على عمود مكسور» (1961) حياة إحدى العائلات وسط التقلبات الخارجية، كوراتولان حيدر (ولدت في عام 1927)، التي تعتبر رواياتاها «بحيرة النار» و»مسافرون في الليل» أيقونتا الأدب الأوردي. وشامة فتح الله (1952-2004)، التي تتاول روايتاها «ممشى تارا» (1993) و»عند الوصول الى المحطة المركزية لبومباي» (2002) الحياة اليومية في الهند. هؤلاء الكاتبات يمثلن الصوت النسوي المسلم للوسط المثقف. بين الأقليات الأخرى، تتبدى أقلية البارسيين، الذي يعتبر روهينتون ميستري ممثلها المعروف على نطاق واسع، والذي يعبر عن مشاكل طائفته الصغيرة المنكفئة على ذاتها في بومباي، في روايتيه «توازن العالم» و»مسألة عائلية». طائفة «المنبوذين» أو «الداليت» تقع في أسفل السلم الاجتماعي الهندي، ووجدت منفذا للخروج من وضعها الطبقي الدوني عبر التعليم (حسب إحصاء 1991، يعرف 37% من جملة المنبوذين الهنود الكتابة والقراءة) والتعبير الأدبي، بفضل المواد الحكومية المتعلقة بالتمييز الإيجابي لصالحها، المطبقة منذ عام 1980. يفضح كتاب مثل لاكسمان مانيه: «أوبرا» (1987)، دايا بافار، «حياتي كمنبوذ» (1999)، والكاتبة الداليتة التاميلية، باما، «سانغاتي» (2002)، ونارايان جادهاف، «منبوذ» الظلم والتمييز العنصري الذين خضعوا له وقد استندوا الى الأوتوبيوغرافيا الخاصة بكل واحد منهم. وبتعريف قراء العالم بأسره بصور عدم المساواة المؤسساتية في المجتمع الهندي التقليدي، فتحوا الباب لديناميات أجتماعية جديدة. من الضروري أن يعبروا عن حالهم كأعضاء في طائفة نوعية بطرق جنس أدبي معين حتى يتوصلوا إلى مكانة جماهيرية في الهند. تبلور هذه المفارقة التوترات التي تعتري الآداب ما بعد كولونيالية الهندية، بسبب الفصل القديم للطوائف في الهند. التعددية اللغوية في الآداب الهندية، هناك قطب آخر للتوتر يتأتى من التعددية اللغوية: تقسيم واضح للغاية بين الآداب الحية لـ «خمس وعشرين» لغة محلية من جهة أولى، والإبداعات الأدبية بالانجليزية من جهة ثانية. تتوفر أنطولوجيتان مختصرتان عن الآداب الهندية المعاصرة، منشورتان في عام 1997 (رشدي ووست، فانتاج بووك) وفي عام 2001 (شودهوري، «كتاب الفارس») اللذين يبلوران هذا التفرع. الأول، تم تجميعه من قبل سلمان رشدي واليزابيث وست، ويحتوي على هذه الفقرة في تقديمه: «هي ذي الكتابة النثرية - خيال ولا- خيال في آن معاً والمنجزة خلال الخمسين عاما الأخيرة من قبل كتاب هنود يكتبون بالانجليزية، وتكشف عن عناصر أكثر أهمية وأكثر روعة عن معظم إنتاجات 16 «لغة رسمية» في الهند، «لغات بلدية»، في نفس المرحلة. وفي الواقع، هذا الأدب الهندي- انجليزي الجديد، في تفتحه، ربما يمثل المساهمة القيمة التي منحتها الهند لعالم الكتب». هذه الفقرة أسالت الكثير من الحبر في الصحافة الهندية، المكتوبة بالانجليزية أو باللغات المحلية. بعد أربع سنوات، أصدر آميت شودهوري أنطولوجيته، حيث سطر نصوصا لثمانية عشر كاتبا يكتبون بالانجليزية وعشرين نصا مختصرا لكتاب هنود يكتبون بلغات محلية مختلفة. فيما يلي كيف تعرض لأنطولوجيا رشدي : «يجب أن يتموضع شكل أنطولوجيا رشدي وملاحظته غير المجدية عن قليل من الأعمال ذات القيمة المكتوبة باللغات الهندية على مدار الخمسين عاما الأخيرة، في سياق الصراع بين الأطراف والمركز داخل الامبراطورية البريطانية القديمة. ملاحظة رشدي ثرية في تفردها على الرغم من صعوبة تفسيرها. بالمقابل، الرد السريع المبالغ فيه والمغرور على ملاحظته من جانب الطبقة الوسطى الليبرالية في الهند تبدى أقل ثراء في تفرده وأيضا صعب تفسيره. على أي حال، لا أتذكر ان الطبقات الحضرية الوسطى في الهند ارتكنت بقوة على صفات الكتابة الإقليمية الهندية في أي لحظة من لحظات ماضينا». وبالتالي، تستعر النيران من وقت لآخر بين أنصار الكتابة بالانجليزية والمدافعين عن الكتابة باللغات المحلية. آني مونتوت، أستاذ اللغة الهندية في «المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية»، جذب الاهتمام إلى وفرة منابع الالهام للكتاب المعاصرين باللغات المحلية الهندية – شفرات الأدب في الهند القديمة، الأديان التقليدية، ولكن أيضا الصوفية، الهندوسية الشعبية، النقد الاجتماعي، البحث الروحي الفردي والدعابة (مونتوت، «دوام التقاليد»). رائد ما قبل الاستقلال في عام 1947، مونشي برمشاند (1880-1936)، الذي ينتمي الى الطائفة اللا- براهمانية كاياستا. كتب باللغة الهندية أربع عشرة رواية و300 قصة تقريبا قبل موته، في سن السادسة والخمسين. تم تحويل اثنين من هذه الأعمال الى الشاشة على يدي السينمائي ساتياجيت راي: «لاعبو الشطرنج» و «الفرج». وروايته «هبة البقرة» تفضح نفاق الطوائف الكبرى شهيرة للغاية. نرمال فرما (توفي في 2005)، من نفس الطائفة اللا- براهمانية، معروف برواياته الحميمية التي تتأمل شخصياته فيها الموت. الكاتبة آلكا ساراؤجي، من الطائفة مارواري، ترتب في روايتها «كاليكاتا»، سلسلة من الحكايات المتقاربة والمتباعدة. في اللغة البنغالية، سيدة الآداب ماهاسويتا ديفي (من طائفة الكاياستا)، مشهورة بحكاياتها الأدبية الملتزمة عن عالم الفقراء. ترجمت روايتان من رواياتها، «درابادي» و»ستاندايني» الى الانجليزية من قبل غاياتري شاكرافورتي سبيفاك. أو. آر. آنانتامورتي كتب بلغة كانادا، وعلى الرغم من انتمائه الى الطائفة البراهمانية الا أنه معروف بنقده لطقوسها، كما جرى في روايته «سامسكارا». أو. في. فيجايان من الطائفة اللا- براهمانية، يكتب باللغة المالايالامية ويحلل في رواياته (كما في روايته «أساطير قرية خاساك» التي صدرت ترجمتها الانجليزية في عام 1994) وقصصه تتعرض للمقابلة المعقدة بين الحياة المدنية في كيرالا من ناحية وجهود التحديث بواسطة الأيديولوجيا الشيوعية من ناحية أخرى. تشعبات هذه العينة من كتاب الرواية والقصة باللغات الهندية المحلية تبين تشعب ابداعاتهم النثرية، رغما عن صعوبات الترجمة الى لغات أخرى، التوزيع المحدود وخضوعها للمجموعات الرسمية الحكومية. فيما يتعلق بالمسرح الهندي المعاصر، يواجه نفس صعوبات التعددية اللغوية الإقليمية، ولكن عليه أن يواجه منافسة المسرح المصور للتلفزة، والأفلام التي تبثها القنوات الفضائية. تأسست المدرسة الوطنية للمسرح في دلهي عام 1955، تحت ادارة ابراهيم الكازي. تمتلئ كالكوتا ودلهي بعدد كبير من الفرق المسرحية المحترفة، بيد أن شيناي ودلهي تتوفران أيضا على عدد معتبر منها. من بين التأثيرات المشهورة حول المسرح المعاصر في الهند، من الممكن أن نشير بداية الى المسرح الشعبي التقليدي المرتبط بمشاهد الشارع، والمشاهد الحضرية مع دمج الأغاني والرقصات (وهما عنصران موجودان في أفلام بوليوود)، وهناك مسرح بارسي (ازدهر بين 1850 و1930)، الذي بفضله تم ادراج عناصر المسرح الأوروبي في المسرح الهندي، مثل صالة العرض ذات الخشبة المسرحية وفكرة المسرح للمتعة، والتسلية اللا- دينية. نموذجان يكفيان لتبيين ثراء المسرح الهندي المعاصر. المسرحي، فيجاي تيندوكار، المقيم في بومباي (ولد في عام 1928)، مؤلف ومخرج مسرحيات ساتيرية، مثل «ساخارام، مجلد الكتب» (1972)، و»غاشيرام، الدركي» (1972)، الذي يسخر فيهما من عمليات نصب واستغلال أعضاء الطبقات العليا في المجتمع. مسرحي آخر بلغة كانادا، غيريش كارناد، المقيم في بانغالور (ولد في عام 1938)، كتب مسرحية شهيرة، «تغلاق» (1964)، التي تصور التطور المعقد للسطان الغازي لدلهي (1325-1351)، الذي بدأ كسلطان مسلم، غريب ومرحب به، وأنتهى كفرد معزول ومكروه نتيجة لمارساته الاستبدادية. عرفت المسرحية نجاحا كبيرا لمضمونها العالمي الذي ربط تاريخ الهند القروسطي بصراعات الفرد الوجودية ضد الشبكات السياسية والثقافية. بالمثل، تقاسم الشعر الهندي المعاصر نفس التفرع اللغوي، كما جرى مع النثر والمسرح. هو ذا رأي رشدي الصارم عن الشعراء الهنود المعاصرين : «وثانيا : بينما أنه من المستحيل، لأسباب متعلقة بالمكان، يكشف ذكر مجموعة تمثل الشعر الهندي الحديث لنا أن التقاليد الشعرية الثرية باللغات البلدية استمرت في الازدهار، ولكن الشعراء الهنود باللغة الانجليزية، باستثناءات متميزة (آرون كولاتكار، آ. ك. رامانوجان، جايانتا ماهابترا، لا أسمي الا ثلاثة) لا تماثل إبداعاتهم إبداعات زملائهم من كتاب النثر الهنود الذين يكتبون بالانجليزية». تتجلى النبرة الوقحة للأشياء الرسمية والموقرة للأشياء العادية لدى آرون كولاتكار (1932-2004)، ابن بومباي، الذي كتب بعض قصائد باللغة الماراثية والبعض الآخر بالانجليزية. حاز على جائزة الكومنولث في عام 1977، وتحديدا عن مختاراته الشعرية باللغة الانجليزية، «جيجوري». قصائد آ. ك. رامانوجان (1929-1993) بالانجليزية أجمل ما كتبته ريشة شاعر هندي. شعره الأصيل يغترف من قوى الثقافة والشعر الحديث في بلده الأمومي، التاميل. هناك نموذج الشاعر الهندي الآنغلوفوني الذي ينتمي الى جيل شاب عن جيل رشدي (وهذا يبين أنه لم يذكر في بانثيون رشدي الضيق عن الشعراء الأنغلوفونيين)، يمكننا من الاحاطة بهذه الرحلة القصيرة في الشعر الهندي المعاصر. يتعلق الأمر برانجيت هوسكوته (ولد في عام 1969، أي بعد 22 عاما من استقلال الهند). والآن، أعرض الكتاب الهنود الأنغلوفونيين المعاصرين الذين يستدعون الهند بأسرها (وليس فقط اثنية أو أقلية معينة) في كتاباتهم. من الممكن تصنيفهم الى جماعتين – من يعيشون في الهند (سواء كانوا رجالا أو سيدات) ومن يشكلون الشتات الهندي في بريطانيا العظمى، الولايات المتحدة، كندا، وغيرها. كلهم متحدرون من النخبة الأنغلوفونية حيث تلقى آباؤهم تربية إنجليزية تحت الراية البريطانية قبل الاستقلال. عاشوا جميعا صعوبة التعبير عن أفكارهم المتباينة بلغة عالمية مختارة في الهند تحت الاحتلال. من بين الكتاب الهنود، الذين يعيشون في الهند، بعد جيل الرواد : ر. ك. نارايان، ملك راج آناند وراجا رو، خلال الثلاثينيات، كان من اللازم انتظار التسعينيات من القرن الفائت لرؤية كتاب ينبجسون أمثال فيكرام شاندرا، أوبامانيو شاتيرجي، آميت شودهوري، تارون تيجبال (خيمياء الرغبة)، ديفيد دافيدار (بيت المانجو الأزرق)، الذي هاجر الى كندا، آلان سيلي (قفزة ناما)، اندراجيت هازرا (ماكس الملعون، حديقة اللذات الأرضية) وراج كمال جها (المفرش الأزرق، مضاد الحريق). يبينون التأثيرات الأدبية والجمالية الكوزموبوليتانية من دون تعقيدات، يجددون الأشكال والأصوات الأدبية، ويستغلون قمم وهوى الهند بعيون محايدة. من بين الكاتبات الهنديات اللائي يعشن في الهند، هناك شاشي ديشباند التي توسم الاختلاف بين الكتاب الهنود الذين يلاحظون الهند من الداخل وكتاب الشتات الذين لا يمتلكون إلا نظرة بعيدة عن تطور الأشياء الهندية، كما ترى. غيشا هاريهاران، التي طورت تقليدها الحرفي للأب المؤسس للرواية الهندية الآنغلوفونية، ر. ي. نارايان (أشباح السيد فاسو)، نحو ابداع مستقل (حينما تسافر الأحلام)، وآرونداتي روي، التي تركت روايتها «اله الأشياء الصغيرة» لدى القراء عبر العالم بأسره مشاعر متقلبة عن طفولة توأمين. وسط الكتاب الهنود الأنغلوفونيين في الشتات، يحتل سلمان رشدي مكانة شرفية، حيث روايته «أطفال الليل»، ورواياته الأخرى، فضلا عن مجموعتيه القصصيتين، اشتهرت كدلو هندي متعذر تقليده في التقليد الروائي الأوروبي. الى جانبه، هناك عمالقة الأدب، أمثال آميتاف غوش، فيكرام سيت وشاشي ثاروور، الحائزين على جوائز أدبية متنوعة. الكاتبات الهنديات المقيمات خارج الهند: باهاراتي موخرجي (مقيمة في كاليفورنيا)، آنيتا ديساي (بروفيسور في معهد ماساشوستس للتكونولوجيا)، شيترا ديفاكاروني بانيرجي وشونا سينغ بالدوين. ينتمين الى جيل سابق، بينما أن راضيكا جها (رائحة)، كيران ديساي (ضوضاء في بستان الجوافة، ميراث الخسارة، الحائزة على جائزة بوكر في عام 2006) وآبها داويسار (بابيجي)، وكلهن ولدن في سبعينيات (القرن الفائت)، يعبرن عن هويتهن النسائية الأنغلوفونية المغتربة، بدقة وابتكارية. قائمتي بالتأكيد غير شاملة. ــ........................................................... (*) Florence D’Souza, le difficile héritage colonial dans les littératures contemporaines de l›Inde : tensions et conflits, Centre d›Etudes en Civilisations, Langues et Lettres Etrangères Université de Lille 3. هامش الكولونيالية نصف الهنود نصف الشعب الهندي تقريبا (أي 500 مليون نسمة) أمي، لا-أنغلوفوني وفقير للغاية لا يستطيع أن يبتاع كتابا. في معرض السياق الاقتصادي الحالي الذي تعرفه الهند (نسبة النمو الاقتصادي حوالي 8% منذ بضع سنوات)، الطبقة الوسطى الحضرية (المكونة بالأخص من الموظفين وصغار العاملين) تتضخم، ولكنها لا تتجاوز على أفضل تقدير 200 مليون نسمة، نصفها (100 مليون شخص تقريبا) أنغلوفوني. مما يمنحنا نتيجة مفارقة لمائة مليون قارئ افتراضي من عدد سكان تعدى المليار نسمة. كما أنه يبين الطبعات الضعيفة للروايات المعاصرة في الهند (برييه، «البازل الأدبي»، 27) : «على عكس ما يمكننا تخيله عن بلد يتعدى سكانه المليار، طبعات الكتب للأدباء المعاصرين ضعيفة للغاية : خمسة آلاف نسخة هي كل المطبوع من أي رواية مكتوبة بالانجليزية، وهذا يعني أنها رواية رائجة !». أقليات بين «أقليات» الهند، من الممكن أن نبدأ بالكتاب المسلمين الذين يكتبون باللغة الأوردية أو اللغة الانجليزية. اذا كان المسلمون يمثلون 13% من عدد السكان، فإن قراء الأوردية لا يتجاوزون 7%. هناك ممثل جيد للغة الأوردية، سعدت حسن مانتو (1912-1955)، الذي ولد في البنجاب، وعاش في بومباي وهاجر الى باكستان. في قصصه، يتناول بنفاذ بصيرة التقسيم والفوران الشعبي الفريد في بومباي. كذلك عامر حسين (ولد في عام 1955 بكراتشي)، عاش في بومباي واندور، قبل أن يهاجر الى انجلترا. مجموعتاه القصصيتان («مرآة في الشمس»، «الاتجاه الأزرق») تشيران بطريقة غير مباشرة الى إزالة الوهم الخالص. من بين الكاتبات المسلمات، من الممكن أن نذكر عصمت شوغاتي قبل الاستقلال، عطية حسين (1913-1998)، التي تستدعي روايتها «شمس على عمود مكسور» (1961) حياة إحدى العائلات وسط التقلبات الخارجية، كوراتولان حيدر (ولدت في عام 1927)، التي تعتبر رواياتاها «بحيرة النار» و«مسافرون في الليل» أيقونتا الأدب الأوردي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©