الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تونس تحتفل بدستورها الجديد بعد ثلاث سنوات من الثورة

تونس تحتفل بدستورها الجديد بعد ثلاث سنوات من الثورة
28 يناير 2014 17:02
تونس (وكالات) - احتفل التونسيون أمس بدستور بلادهم الجديد الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) بأغلبية ساحقة ليلة الأحد-الاثنين، وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على اندلاع «الثورة» في تونس مهد «الربيع العربي». ووقع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان أمس الدستور الجديد للبلاد الذي يشتمل على «توطئة» (ديباجة) و149 فصلا، والذي صادق عليه المجلس الوطني خلال جلسة عامة استثنائية انعقدت بمقر المجلس وحضرها ممثلو دول وبرلمانات أجنبية. وتولى التوقيع على الدستور كل من رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، علي العريض. وقبل توقيع الدستور، قال الرئيس التونسي في خطاب توجه به إلى أعضاء البرلمان إن المصادقة على هذا النص تمثل «انتصارا» لتونس وللشعب التونسي على «الدكتاتورية» في إشارة إلى نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به «ثورة» 14 يناير 2011. وأضاف المرزوقي «هذا يوم اكتمال انتصارنا على الدكتاتورية المقيتة التي أطحنا بها، وهذا اليوم هو تواصل لانتصارنا على الإرهاب الذي حاول عبر اغتيال شهيدي الشعب، شكري بلعيد ومحمد البراهمي إيقاف مسلسل التحرّر الفكري والسياسي الذي يجسده دستورنا الذي نحتفل به». وفي 2013 قتل مسلحون المعارض اليساري البارز شكري بلعيد، المعروف بانتقاده الشديد لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة، ومحمد البراهمي النائب المعارض بالمجلس التأسيسي وحوالي 20 من عناصر الأمن والجيش في عمليات نسبتهما وزارة الداخلية إلى جماعة «أنصار الشريعة بتونس» التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيما «إرهابيا». وفجّرت هذه العمليات أزمة سياسية حادة في تونس. وتابع المرزوقي «هذا الدستور خطوة على الطريق، الطريق مازال طويلا، مازال أمام العقل الجماعي الذي كتب هذا النص، أمام الإرادة الجماعية التي فرضته، الكثير والكثير من العمل لتصبح قيم الدستور جزءا من ثقافتنا العامة والفردية ولتصبح مؤسساته الديمقراطية جزءا من تقاليد راسخة لا يهمها مجيء زيد ورحيل عمرو». وقال الرئيس التونسي إنّ بلاده التي وجدت نفسها «أحيانا بين فكي كماشة الإرهاب والفوضى»، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تمكنت من «تجنب ويلات العنف وعدم الاستقرار». من جانبه، قال رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في خطاب أثناء مراسم التوقيع «لم يكن طريقنا سهلا للوصول لهذه اللحظة فقدنا على الطريق شهداء ولكننا ربحنا دستورا يبني للحرية والكرامة.» حضر الحفل ضيوف من تونس وخارجها، من بينهم رئيس البرلمان البرتغالي والجزائري والمغربي ورئيس مجلس الشيوخ الفرنسي. وعقب التوقيع على الدستور تعالت الزغاريد في مقر المجلس التأسيسي ولوح رئيس الجمهورية منصف المرزوقي ورئيس الوزراء المستقيل علي العريض وبن جعفر بعلامة النصر وهم يرفعون الدستور في أيديهم بينما كان المرزوقي يقبل الدستور الجديد للبلاد. وفي تونس لم يخف كثير من التونسيين ابتهاجهم بالمصادقة على دستور جديد في البلاد وميلاد حكومة مستقلة. وفي الشارع كان الارتياح باديا على وجوه كثير من التونسيين، ففي ساحة باستور بالعاصمة قالت أسماء الحبيب وهي موظفة ببنك بينما كانت أمام بائع صحف «هذا اليوم يذكرنا بيوم 14 يناير 2011.. لقد غابت عنا الفرحة وهي تعود اليوم انا متأثرة جدا». وأضافت بينما كانت تنظر الى عناوين الصحف المحلية «منذ ثلاث سنوات اليوم أول مرة أرى التونسيين كلهم متحدين بعد رؤية دستورهم وحكومتهم الجديدة في نفس اليوم.. إنها ثورة جديدة» قبل ان يقاطعها بائع الصحف قائلا إنها ليست ثورة جديدة بل إن التونسيين يجنون ثمار ثورتهم التي طالت. وارتفعت سوق الأسهم التونسية 1.7 بالمئة أمس في مؤشر على ثقة المستثمرين بعد أن وافق المجلس التأسيسي على دستور جديد للبلاد وقيام رئيس الوزراء بتشكيل حكومة خبراء جديدة. وينظر خبراء ودبلوماسيون غربيون الى الدستور التونسي الجديد على انه دستور ليبرالي. وتنازل الإسلاميون الذين يسيطرون على اغلب مقاعد المجلس التأسيسي في تونس عن اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع. وسينشر الدستور بعد توقيعه في الجريدة الرسمية للبلاد على أن يدخل حيز التنفيذ تدريجيا في انتظار انتخاب برلمان ورئيس جديدين. وليل الأحد - الاثنين صوت مئتان من اصل 216 نائبا شاركوا في عملية الاقتراع، بـ«نعم» على الدستور في حين صوت ضده 12 نائبا وامتنع أربعة نواب عن التصويت. وهذا الدستور هو الثاني في تاريخ تونس منذ استقلالها عن فرنسا سنة 1956. وإثر الإطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق بن علي، علقت تونس العمل بالدستور الأول الذي صدر سنة 1959. يذكر أن التوقيع على الدستور يأتي يعد يوم واحد من المصادقة عليه وإعلان رئيس الوزراء المكلف مهدي جمعة تشكيل حكومة مستقلة ستقود البلاد إلى انتخابات هذا العام. وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، أشادت الجزائر أمس بالتصديق على دستور تونس الجديد وأكدت دعمها التام لتطبيق خريطة طريق الحكومة الجديدة. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية عن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني إن الجزائر تشيد بالمصادقة بالأغلبية الساحقة على دستور تونس الجديد من طرف المجلس الوطني التأسيسي وتهنئ الشعب التونسي الشقيق على هذا المكسب التاريخي الذي يرسي أسس دولة ديمقراطية ويمهد الطريق لانتقال سياسي توافقي من شأنه أن يتوج بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية خلال سنة 2014. كما عبرت كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن ارتياحها لمصادقة تونس على دستورها الجديد ووصفته «بانه يمثل تقدما مهما في المسار الانتقالي الديمقراطي للبلاد، موضحة «أن الدستور الجديد يدعم الحقوق الأساسية للمواطنين والمواطنات ويحميها كما يضفي الشرعية الديمقراطية على مؤسساتها». كما عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن ارتياحه للمرحلة التاريخية التي تخطتها تونس عبر المصادقة على الدستور الجديد، وقال في تصريح صادر عن مركز الإعلام للأمم المتحدة بتونس أمس «إن النموذج التونسي يمكن أن يكون مثالا للشعوب الأخرى المتطلعة للإصلاح وانه يشجع الفاعلين السياسيين بتونس على ضمان مرور المرحلة الانتقالية المقبلة بشكل سلس وشفاف وبمشاركة كل الأطراف».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©