الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عمليات حفظ السلام الأممية.. أداة لتعزيز دور الصين على الساحة الدولية

25 نوفمبر 2006 01:18
عندما بدأت الدول الأفريقية في المطالبة بإرسال قوات لحفظ السلام إلى الصومال في يونيو المنصرم بهدف دعم حكومته المنهكة، أعربت دولة لا تخطر على البال عن دعمها وتأييدها لدعوة هذه الدول· أما الدولة موضوع الحديث فهي الصين التي طالما كانت تتوجس من مثل هذه التدخلات التي تتم تحت مظلة الأمم المتحدة· والواقع أن صعود الصين كقوة اقتصادية أجبر الحكومة الصينية على إعادة ترتيب بعض أولويات سياستها الخارجية؛ ونتيجة لذلك، تعمل بكين اليوم في صمت على تمديد وتوسيع نفوذها على الساحة العالمية عبر دعم عمليات حفظ السلام الدولية· تحتل الصين اليوم المرتبة الثالثة عشرة في ترتيب الدول الأكثر مساهمة في قوات حفظ السلام الأممية، حيث تساهم بـ1648 من الجنود والشرطة والمراقبين العسكريين في عشر دول، معظمها دول أفريقية مثل الكونغو وليبيريا وجنوب السودان· غير أن أنشطتها لا تقتصر على أفريقيا؛ إذ لقد أرسلت الصين قوات لمكافحة الشغب إلى ''هاييتي'' لإخماد أعمال العنف· وإضافة إلى ذلك، كانت بكين عرضت في وقت سابق من هذا الشهر إرسال 1000 من قوات حفظ السلام إلى جنوب لبنان للمساهمة في فرض احترام وقف إطلاق النار بين إسرائيل و''حزب الله''· غير أن الأمم المتحدة لم تقبل سوى بأقل من نصف هذا العدد· ويوضح ''وانغ غوانغيا''، سفير الصين في الأمم المتحدة، أن بكين تسعى إلى سد الفراغ الذي تركه الغرب قائلاً: ''إن القوى الكبرى تنسحب تدريجياً من دور حفظ السلام''، مضيفاً ''ونتيجة لذلك، بدأت الدول الصغيرة تضطلع بهذا الدور· وقد شعرت الصين أن الوقت مناسب من أجل سد هذا الفراغ· ولذلك فنحن نريد أن نلعب دورنا''· والحقيقة أن مساهمة الصين في مهمات حفظ السلام الأممية ساعدتها على النهوض بعلاقاتها مع واشنطن ودول غربية أخرى· غير أن هذا لا يعني أنه لم تحدث مشكلات، ومن ذلك ما وقع عندما عرقلت الولايات المتحدة طلب الصين بالتنديد بقصف إسرائيلي، أودى بحياة أربعة مراقبين عسكريين تابعين للأمم المتحدة من بينهم مواطن صيني· تقول ''إليزابيث إيكونومي''، مديرة قسم الدراسات الآسيوية بـ''مجلس العلاقات الخارجية'' الأميركي: ''لقد فُرضت الزعامة العالمية على الصين''، مضيفة أن دور بكين الجديد أجبر الحكومة على السعي إلى تفنيد فكرة أنها ليست مهتمة سوى باستغلال الثروات ومصادر الطاقة في أماكن مثل أفريقيا· ومن جانبه يقول ''إيدوارد لاك''، المؤرخ بجامعة كولومبيا والمتخصص في الأمم المتحدة: ''إذا كانوا يريدون أن يصبحوا القوة العظمى المقبلة، فعليهم أن يكونوا نشيطين في هذا المجال''· ويعود توجس الصين من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى فترة الحرب الكورية التي دامت من 1950 إلى ،1953 عندما زحفت قوات أممية تقودها الولايات المتحدة إلى الحدود الصينية، ودخلت في اشتباك مع القوات المرابطة هناك· وقد بلغت الأزمة حداً إلى درجة أن القائد الأميركي، الجنرال ''دوغلاس ماكارثر''، فكر في إمكانية اللجوء إلى ضربة نووية بهدف ردع جيش ''ماو تسي تونج'' الأحمر· وبعد انضمام الصين الشعبية إلى الأمم المتحدة في ،1971 رفضت بكين تمويل مهمات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة طيلة عقد من الزمن، وتحاشت المشاركة في مناقشات المجلس حول الموضوع· وفي هذا السياق، يقول ''بريان أوكوهارت''، الموظف الأممي المتقاعد الذي ساهم في انطلاق جهود المنظمة الدولية لحفظ السلام، والذي سعى إلى إقناع الصين بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في عقد الثمانينيات: ''لقد كانوا يلزمون الصمت طيلة نحو 10 سنوات، ويوثرون ترك الأمور غامضة ولا يبتون فيها''· وبعد الحرب الباردة، قررت بكين إرسال كتائب صغيرة من المهندسين والمراقبين العسكريين للمشاركة في مهمات الأمم المتحدة في كمبوديا والكويت· غير أنه كان لابد من مرور عقد آخر من الزمن قبل أن تبدأ الصين في توسيع مساهمتها بشكل مهم في مهمات الأمم المتحدة· وإلى عهد قريب، تميزت سياسة الصين تجاه أفريقيا برغبتها في منع تايوان من القيام بتغلغل دبلوماسي في المنطقة وبجريها وراء ثروات القارة من النفط والمواد الخام قصد تغذية نموها الاقتصادي· ونتيجة لذلك، تلقت بكين انتقادات حادة، واتُهمت بأنها لا تقيم وزناً لحقوق العمال، وبالتراخي مع منتهكي حقوق الإنسان -مثل حكومة الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي- وعرقلة عمل الأمم المتحدة في السودان، حيث عارضت جهوداً أميركية كانت تروم فرض عقوبات اقتصادية على ذلك النظام· أما اليوم فتسعى الصين جاهدة إلى تلميع صورتها في أفريقيا، حيث وقعت اتفاقات تجارية مع بلدان القارة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتعهدت بمضاعفة مساعداتها الخارجية بحلول ،2009 ووعدت بإلغاء الديون الخارجية لعدد من الدول الفقيرة· علاوة على ذلك، فقد لعب ''وانغ'' سفير بكين في الأمم المتحدة، دوراً بالغ الأهمية في إقناع الحكومة السودانية بالسماح بتمديد حضور الأمم المتحدة في إقليم دارفور· وفي رد فعله، أشاد ''أندرو ناسيوس''، المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، بجهود ''وانغ'' في سبيل ضمان تعاون الخرطوم قائلاً: ''لقد كان يتدخل في الأوقات الحرجة بطريقة مفيدة وفعالة''· وضمن بعثة تابعة لمجلس الأمن الدولي ذهبت إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في يونيو المنصرم، لم يتردد ''وانغ'' في معاتبة دبلوماسيين آخرين بسبب إهمالهم للصومال، داعياً إلى دعم نشر قوات لحفظ السلام هناك· والواقع أن ذلك شكل نقطة تحول كبرى بالنسبة لبكين، إذ لأول مرة تتقدم الصين على أعضاء مجلس الأمن الأربعة عشر الآخرين وتبادر بتشجيع التدخل الأجنبي لحل نزاع يقع على بعد آلاف الأميال من حدودها· كولوم لينتش مراسل صحيفة ''واشنطن بوست'' في مقرالأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©