الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهدهد كان بمثابة وكالة أنباء ناقلة لأخبار الأمم والشعوب

الهدهد كان بمثابة وكالة أنباء ناقلة لأخبار الأمم والشعوب
8 سبتمبر 2011 22:37
الهدهد طائر جميل المنظر، رشيق الحركة، من الطيور النادرة، له عرف مميز كالتاج على رأسه، وكان بمثابة وكالة أنباء ناقلة لأخبار الأمم والشعوب، ويمكن تمييزه بسهولة، وينسب إلى فصيلة الهداهد وهي من الطيور ذات المنقار العظمي، صغير يوصف بالخجل ويميل البعض إلى تشبيهه بفراشة كبيرة نظراً لطريقته المتموجة في الطيران، ويتميز بأرجله القصيرة وأقدامه العريضة، ومخالبه القوية، ومنقاره الطويل الرقيق، وجناحيه العريضين المدورين وصوته الموسيقي الناعم الذي يتردد مرة كل ثانيتين تقريباً. يمشي الهدهد على الأرض بخطى سريعة، ويعيش في المناطق المفتوحة، المكسوة بالخضرة إلى مسافات كبيرة، والنائية عن السكان، ويكون أفرادا وأزواجا، ومن النادر أن يرى في جماعات، يطير بقوة وبشكل مباشر فيه شيء من الفجائية، ويحط على الأرض باندفاع ويتغذى على الحشرات. ويعتبر الهدهد من الطيور المهاجرة التي تفضل البيات الشتوي في القارة الافريقية وتعاود الظهور في الفترة بين ابريل وأكتوبر، ويقضي وقتاً طويلاً على الأرض باحثا عن الغذاء. ومن المدهش أن الهدهد غير مهدد على مستوى العالم، فقد قدر إجمالي أعداده أخيرا بما يتراوح بين 5 و10 ملايين طائر لكن ظهوره في بعض المناطق في أوروبا غدا نادراً جداً بسبب اختفاء البيئة الملائمة له من تنوع زراعي وحيواني. ويعد وجوده ومشاهدته علامة على نقاء البيئة من المبيدات الحشرية، يرى الماء من بعد ويحس به في باطن الأرض فإذا رفرف على موضع عُلم أن فيه ماء، وله قابلية عجيبة في طلب الماء والكشف عن تواجده تحت الأرض، ويُمنع صيده خاصة أنه لايؤكل. والذكر يطعم الأنثى أثناء فترة الحضانة ويطعم الصغار بعد الفقس، وقد يأكل بمفرده أو مع زوجه خلال فترة تربية الصغار خصوصاً في فترات الربيع والصيف، وبقية الأوقات قد يتغذى بشكل جماعي. ومن صفاته المميزة أيضاً أنه يتمكن من إبعاد أي حيوان ضار أو مفترس عن عشه وصغاره عن طريق رش رذاذ أسود زيتي برائحة كريهة تبعد أي متطفل، بل وحتى الصغار يستطيعون ذلك إن أحسوا بالخطر. ليس هناك اتفاق بين العلماء على عدد أنواع وفصائل هذا الطائر لكن عموماً هناك جنس واحد منه وخمسة فصائل ثانوية وقسموا هذا الطائر إلى صنفين رئيسيين هما الأوراسي الذي ينتقل بين آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا، والصنف الأفريقي المتوفر في الصحراء الأفريقية ومدغشقر وأهم الفوارق بين تلك الأصناف اختلاف الألوان والأصوات. والعرب يضربون المثل بقوة إبصار الهدهد فيقولون: أبصر من هدهد. وورد ذكر الهدهد في القرآن الكريم في سورة النمل قال الله تعالى: «وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين، فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين» سورة النمل الايات20-22. وجاء في التفاسير أن سيدنا سليمان عليه السلام تعرف على الطير فلم يجد فيها الهدهد وظن أنه حاضر ولا يراه لساتر أو غيره. وروي أنه عليه الصلاة والسلام لما أتم بناء بيت المقدس تجهز للحج ووصل الحرم وأقام به ما شاء ثم توجه إلى اليمن فخرج من مكة صباحاً فوصل صنعاء ظهيرة فأعجبته نزاهة أرضها فنزل بها ثم لم يجد الماء، وكان الهدهد رائده لأنه يحسن طلب الماء، فتفقده لذلك فلم يجده. وعندما عاد الهدهد قال علمت ما لم تعلمه من الأمر وجئتك من سباً بنبأ يقين. فقد كان الهدهد يهاب سليمان ويحترمه ويقدره، ومع أنه كان في مهمة دعوية عظيمة الشأن فإنه مع ذلك حاول إنجازها بأسرع وقت لأنه تذكر أنه خرج في الأصل بغير استئذان، ويتجلى هذا الاحترام والتقدير أيضاً في عرض الهدهد القضية لسيدنا سليمان دون أن يدلي فيها برأي آمر، وإنما عرض ولمح. وتركز تفاسير الآيات على ما جرى من حديث بين سيدنا سليمان عليه السلام وبين الهدهد الذي كان بمثابة وكالة أنباء ناقلة لأخبار الأمم والشعوب والملوك في ذلك الزمان وهي أحد أهم الأسباب المادية التي امتلكها سيدنا سليمان. وهنا سبق قرآني في مجال اختيار هذا الطائر دون غيره لانه هو الأسرع في الجو والأكفأ في النقل ولا يحتاج للجماعة في طيرانه وهجرته مما يجعله صعب المراقبة في معرفة الاتجاه، وقوة دفاعه عن نفسه وتحمله للجوع والعطش أكثر، فضلاً عن ذكائه ومكره المشهور بهما، لذلك كان الاختيار الأفضل للهدهد من بين بقية الطيور فهو يحمل خصائص فريدة من نوعها، لانه طائر غير جارح وغير مخيف، سريع ويتحمل الظروف الصعبة وذكي ومراوغ. ولعل تلك المميزات هي التي أهلته ليكون بتلك المنزلة والثقة التي أوليت له من قبل سيدنا سليمان عليه السلام. وهذا الهدهد لم يكن هدهدا من عامة الهداهد وإنما هو خاص بعينه، متميز بالإيمان والذكاء والأدب، فقد شاهد أثناء طيرانه قوما يعبدون الشمس، فذهب وتحرك وتقصى، وألقى بالنبأ إلى سليمان عليه السلام. لقد فعل الهدهد ذلك كله من دون تكليف مسبق، أو تنفيذ لأمر، وجلب للقيادة المؤمنة خبرا أدى الى دخول أمة كاملة في الإسلام، إن هذا لا يعني التسيب والتصرف الفردي، ولكنه يدل على الإيجابية الهادفة بضوابطها. إن الهدهد يدرك أنه يخاطب ملكا، والملوك أوقاتهم مليئة بالمشاغل وليس لديهم وقت لسماع التفاصيل والجزئيات، فأوجز وأبلغ. فقد ساءه ما رأى من عبادة بلقيس وقومها للشمس فتمعر وجهه لذلك ومازال بهم حتى دخلوا جميعا في الإسلام.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©