الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدروس الخصوصية.. هدر للوقت والجهد والمال.. والعائد صفر

الدروس الخصوصية.. هدر للوقت والجهد والمال.. والعائد صفر
22 سبتمبر 2014 21:27
المعلم هو رأس العملية التعلمية ومهندسها، به ترتقي العقول وتتفتح وتزدهر المعرفة وتتنوع، وإذ كان المعلم هو مصدر يستقى منه العلم، ومدرب يرفع من مستوى الذائقة الإنسانية، فإن العثور عليه مهمة صعبة، خصوصاً في ظل الأسر التي تطمح إلى أن تنمي قدرات أبنائها، أو تحاول أن تجد من يساعدهم في فهم دروسهم، ومنذ زمن وإعلانات معلمي الدروس الخصوصية تعج بها صفحات وملاحق الإعلانات اليومية والأسبوعية ما يضع الكثير من الأسر في شرك الاحتيال والنصب باسم أرقى مهنة عرفها التاريخ، ما يؤثر بالسلب على جيل بأكمله. أدوار مهمة يستمر مسلسل إعلانات الدروس الخصوصية بشكل لافت، ما يمثل إغراء لأولياء الأمور، إذ تتضمن مثل هذه الإعلانات قيمة الأجور، والتي تعد زهيدة جداً مع إبراز تخصصات علمية كبيرة تفتقر معظمها للصدقية، ما يؤثر بشكل أو بآخر على مدى تأخر الطلاب علمياً، ولا يرتقى بمستواهم أو سرعة إنجازهم لفروضهم المدرسية اليومية، لكن الكثير من الأسر مضطرة إلى أن يكون لديها بعض المعلمين لأبنائهم وفق عادة جرت وأصبحت واقعاً مؤلماً على الرغم من تطور وتيرة التعليم، واتساع دائرته بشكل لافت في الدولة، وهو ما يطرح سؤالاً مفاده إلى متى سيظل هذا الوضع قائماً؟ ومن ثم كيف يمكن التحقق مما يدعيه أصحاب الإعلانات الدورية في الصحف؟ في هذا السياق، يعلق الأستاذ الأكاديمي الدكتور عبدالله المغني، الذي عمل عضواً بلجنة تأليف مناهج التاريخ والتربية الوطنية والدراسات الاجتماعية بوزارة التربية، على ظاهرة معلمي الدروس الخصوصية بقوله: «للحد من هذه الظاهرة لابد من وجود التوعية المجتمعية الهادفة، وأن يكون للإعلام المرئي والمقروء والمسموع دور مهم وفاعل على مدار العام، كذلك هناك دور رئيس لوزارة التربية وقسم المناهج تحديداً يتلخص في تطوير المناهج بما يتلاءم مع ميول الطلبة واحتياجاتهم بحيث تكون تلك المناهج المطورة محورها الطالب، ومبنية على أساليب متطورة وإبداعية تجمع ما بين الإطار النظري مع مساحة ليست بقليلة من الأنشطة الإثرائية المصاحبة للمقرر الدراسي، بحيث يعجز عن مجاراتها تجار الدروس الخصوصية الذين يعتمدون في الغالب على أسلوب التلقين وحشو المعلومات فقط». عملية نصب تجربة سعيد الزرعوني مع معلمي الإعلانات واسعة، إذ إنه وقع في شرك الإعلانات الوهمية لهذه الفئة والتي تركز على إبراز شهاداتها العلمية بصورة خيالية، فضلاً عن أنه فور الحديث مع واحد من أصحابها لم يبالغ مطلقاً في المبلغ المالي الذي سوف يتقاضاه. ويذكر أن ذلك يمثل عملية إغراء كبيرة لأولياء الأمور، ويمثل عملية نصب واسعة النطاق، خصوصاً وأن جميع الأسر ترى أن استثمارها الأكبر في فلذات أكبادهم. ويلفت الزرعوني إلى أنه اتفق مع أكثر من معلم على مدار السنوات الماضية، لكنه كان يكتشف في نهاية كل عام بأنه أولاده لم يستفيدوا شيئاً، وأن هذا المعلم أو ذاك بالفعل ليسوا من أصحاب الكفاءات الحقيقية، مؤكداً أنه لا يدري كيف يمكنه أن يحقق لأبنائه مستوى تعليميا ممتازا، خصوصاً وأن الواجبات المدرسية كثيرة وأن الأبناء في حاجة مستمرة لمن يتابع معهم الدروس، ويشرح لهم ما يصعب عليهم فهمه، ومن ثم يرتقى بمستواهم العلمي خارج الدوام المدرسي. أباطرة الدروس يدرك محمد المرزوقي أن معظم الإعلانات التي تظهر في الصحف للمعلمين الذين يرفقونها بسيرة ذاتية لافتة وهمية، وتفتقر للموضوعية، مشيرا إلى أنه صاحب تجربة عميقة مع هؤلاء المدعين، وهو ما جعله يأخذ حذره منهم خلال العامين الماضيين، وأن يهيئ نفسه لكيلا يقع ضحية لإغراءاتهم المستمرة. ويوضح أنه قرر منذ فترة أن يجلس بنفسه مع أبنائه ويدرسهم لكي يلامس مشكلاتهم المدرسية. ويؤكد أنه باتباع هذه السياسة الجديدة أصبح على علم بنقاط ضعف أبنائه ومناطق القوة، لذا فإنه يذهب إلى مدارسهم بشكل مستمر لكي ينبه بعض المعلمين إلى أن أحد أبنائه في حاجة إلى أن تقويته في بعض المواد في إطار الفصل المدرسي والمعلم المعتمد دون اللجوء إلى أباطرة الدروس الخصوصية. وعلى الرغم مما توصل إليه المرزوقي إلا أنه لم يزل يتساءل عن الماهية التي من الممكن من خلالها أن يستطيع كشف معلمي الدروس الخصوصية، ومن ثم معرفة كفاءاتهم العلمية الحقيقية من دون تزييف. مسؤولية مشتركة تؤمن سلامة البريكي، أم لثلاثة أولاد في مراحل تعليمية مختلفة، بأن السبب الرئيس لاتساع ظاهرة معلمي الدروس الخصوصية الكثير من أولياء الأمور الذين سلموا بأنه لا تعليم بمعناه الحقيقي إلا في ظل هذه الفئة من أصحاب الإعلانات المزيفة حتى أصبح ديدن بعض العائلات وجود معلم بين الأبناء يدرسهم المواد المقررة ويتقاضى نظير هذه المهمة مبلغاً يسيراً من المال، من دون النظر إلى كفاءته العلمية، ومدى الاستفادة منه في تطوير مستوى الصغار العلمي وتفوقهم الدراسي. وتذكر البريكي أنها اكتشفت مبكرة هذه الحيل، وقررت أن تتأكد جيداً من قدرات مثل هؤلاء المعلمين إذ إنها اعتمدت على شهرة بعضهم، خصوصاً الذين ذاع صيتهم بين جيرانها ومعارفها، لكنها تدرك بأن الدروس الخصوصية ليست هي الحل الأمثل للارتقاء بالمستوى التعليمي لكون المؤسسات التعليمية هي المسؤولة عن هذا الأمر بالدرجة الأولى. ضحية نصب يحكي علي الجنيبي قصته مع بعض معلمي الدروس الخصوصية الذي أوهمه بأنه يستطيع أن يدرس جميع المواد لطلاب المرحلة الابتدائية، وعندما أتاح له هذا الأمر لمدة عام تفاجأ بأنه غير مؤهل بالمرة للتدريس، وأن مستويات أبنائه لم تتغير عن السابق، وهو ما جعله يصاب بصدمة، ويشعر بأنه وقع ضحية النصب بطريقة حديثة جداً ومنظمة على أعلى مستوى، إذ إنه تعرف على هذا المعلم من خلال أحد الإعلانات، لكنه تفاجأ في نهاية الأمر أنه شرب الوهم، ودفع مبالغ مالية لهذا المعلم من دون مردود مفيد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©