السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البديل الغائب

8 فبراير 2017 23:31
البترول أو كما يطلق عليه الذهب الأسود، هذه المادة العجيبة التي تتحكم بمصير مليارات البشر في العالم، أصبحت تتربع على عرش الكرة الأرضية، والغريب في الأمر أن الأباطرة والملوك يحاربون بجيوشهم وأسلحتهم للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي ووضعها تحت سيادتهم بالقوة الجبرية، فيقتل آلاف البشر وتدمر آلاف المباني والمدن والقرى في سبيل تسجيل المزيد من الانتصارات في تاريخ البشرية والوصول لقمة المجد والخلود، ولكن البترول أو الذهب الأسود ليس له جيش ولا يملك أسلحة فتاكة، وليست لديه القدرة أن يحكم بقعة من الأرض أو يحتل عقول البشر، لأنها مادة بكماء وصماء وعمياء ليس لها جسد وروح، لأنها جامدة غير قابلة للحركة والمرونة، ولا تقاس قوتها بمعايير الفيزياء والرياضيات، وليس لها محل من الإعراب في كل قواعد ونظم علوم الحياة المختلفة. فما السر وراء هذه المادة التي جعلت من الكرة الأرضية عبارة عن كومة من الجمر تلتهب شرارتها كلما تناقلت وسائل الإعلام العالمية الأخبار عنها، فشعوب العالم تتقاتل وتسفك دماء الآلاف من البشر في سبيل الحصول على البترول، وتتشابك الأحداث في كل أرجاء العالم بسبب هذا الإمبراطور الخفي الذي لا يملك جسداً وروحاً، والغريب في الأمر أن كل يوميات الفرد البسيط الذي يعيش على سطح هذه المستديرة مرتبط بالبترول، فأصبح اقتصاد الدول لا يقاس بعلمائها وفلاسفتها وعظمائها ولم تبق التكنولوجيا والعلوم والمعرفة هي من تحدد عظمة وقوة الدول، وكل هذا سببه البترول الذي يبسط سلطته على الأرض من دون أية مقاومة شعبية أو ثورة بشرية، فهي عراب البشرية، حيث يمكنها قيادة مليارات البشر إما نحو الرفاهية والسعادة أو نحو الفقر والمجاعة، هنا يطرح السؤال نفسه: ألا يوجد هنالك بديل للبترول في باطن الأرض وقاع المحيطات ومتاهات الغابات والجبال؟ فالجواب هنا لا يوجد بديل للبترول مع ملاحظة أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، ولقد وصلت فيها التكنولوجيا والعلوم إلى أقصى درجات التطور والحداثة، فاليوم يستطيع الإنسان أن يقيم على الصحاري ناطحات سحاب، وأصبحت وسائل الاتصالات وتقنية المعلومات وبرمجة الآلات الإلكترونية وعلوم الطب والهندسة مجرد لعبة بيد الإنسان يصنع منها ما يشاء أي شيء وكل شيء، بدءاً بالهواتف الذكية، وصولاً إلى زراعة قلب في جسد الإنسان، مروراً بتشييد أبراج وحصون وقلاع مصممة بأحدث الديكورات والهياكل العملاقة ووسائل الترفيه والرفاهية، ولكن لم يستطع الإنسان أن يوجد بديلاً للبترول الذي يعتبر طاقة ميتافيزيقية لا مثيل لها برغم وجود بدائل للطاقة منها الطاقة الشمسية أو الطواحين التي تعمل بقوة الرياح أو جعل مياه الأنهار والبحيرات والبحار عبارة عن خدم تستعمل قوتها لتشغيل المصانع والمعامل، لكن كل هذا لا يصنف عالمياً ضمن خانة الطاقة البديلة، مقارنة بالبترول أو الذهب الأسود التي تعتبر مادة قابلة للنضوب بعد مئات السنين، لذا يجب أن تعترف البشرية بفشلها في اختراع بديل للبترول، فنحن في القرن الحادي والعشرين الذي يعتبر عصر التكنولوجيا وما زالت البشرية يحكمها هذا الإمبراطور الخفي، وسيبقى الوضع على حاله عشرات السنين المقبلة، ولن يستطيع الإنسان أن يخترع بديلاً للبترول، وذلك يعود لأن هذه المادة غنية بما تحتويه من مكونات فريدة من نوعها فتركيبتها مميزة وعناصرها تترابط وتتكامل في مصفوفة كيميائية لا يمكن تحليلها لكي يستطيع الإنسان أن يصنعها، لأنها غير قابلة للتصنيع، بل قابلة للتجزئة إلى عدة أنواع من المحروقات، ولكن رغم مميزات وفوائد وقيمة هذه الطاقة العظيمة التي تسكن أحشاء الأرض للبشرية، فلها مساوئ لا تعد ولا تحصى بداية بالكوارث التي تحل بالشعوب والدول بهدف السيطرة والهيمنة على هذه المادة لإحياء اقتصادها وتطور صناعتها، وصولاً إلى سفك دم الإنسان من أخيه الإنسان لكي يحصل على الطاقة والقوة والسلطة، فيحظى بالمجد والخلود والنصر في معركة الخاسر فيها ملايين البشر بسبب إمبراطور خفي بلا جسد وروح يسمى البترول أو الذهب الأسود، ويستحق بكل جدارة لقب عراب الحضارة البشرية. إيفان زيباري
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©