الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المواصلات العامة تمنح مساحات للتأمل وبناء علاقات اجتماعية

المواصلات العامة تمنح مساحات للتأمل وبناء علاقات اجتماعية
22 سبتمبر 2014 21:27
تشكل اللحظات التي تسبق بداية العمل أهمية كبيرة في اعتدال أمزجة الموظفين، وأثبتت بعض الدراسات الحديثة أن الذهاب إلى العمل في الصباح الباكر عبر الحافلات العامة، أو ركوب الدراجات، أوالمترو، أو السير على الأقدام، خصوصاً إذا كانت المسافة قريبة، يجعل المرء أكثر سعادة، ويخلصه من الإجهاد والضغوط التي قد يتعرض لها حال قيادة سيارته الخاصة لإنجاز مشواره اليومي المعتاد، فالانطلاق الحر عبر هذه المواصلات في رحلة الذهاب والإياب يتيح للموظف رؤية وجوه لا يعرفها، وأخرى قد يكون له بها سابق معرفة، وهو ما يثري الحوار، ويترك مساحة للتأمل بما يصل في نهاية الأمر بالفرد إلى الشعور بالغبطة، ومن ثم الإقبال على العمل. قد يبدو لدى البعض أن مجرد ترك المركبة الخاصة به، والتوجه لأي من المواصلات العامة للانتقال إلى العمل نوعاً من الترف الفكري، لكن الواقع أثبت أن الاندماج وسط أفواج الناس في محطات النقل العام يغير الصورة النمطية لدى أفراد المجتمع حول الطريقة الرتيبة المعتادة في قيادة السيارة، ومن ثم عبور الإشارات في حالة من الصمت والتوجس والقلق، خوفاً من التأخر عن مواعيد الحضور في الصباح الباكر، ورغم أن التجربة موجودة في عديد من إمارات الدولة، نظراً لإقبال بعض الموظفين على ذلك إلا أن ثراءها بالمعنى العام يحتاج إلى مجازفة من نوع خاص للآخرين، على سبيل التجريب والبحث عن قدر من السعادة النسبية. مردود إيجابي حول الثقافة المتعلقة بإدراك أهمية المواصلات العامة في الحياة، ودورها في تنشيط العقل، وإضفاء البهجة على الفرد، يقول أستاذ الإدارة التربوية بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية في عجمان الدكتور على الدوري: «يصل الاهتمام بالموصلات العامة في عديد من دول العالم المتقدم إلى ذروته لكونها تقدم خدمات عالية الجودة وبأسعار أقل تكلفة من استخدام المواصلات الخاصة وتجربة هذه المواصلات المميزة له مردودات إيجابية على مستخدميها، لكن ارتيادها يحتاج إلى ثقافة من نوع خاص، ومسايرة للركب الحضاري والتطور العالمي في جميع الخدمات وفرت الإمارات لقطانيها هذا النوع المواصلات بنظم تتوافق مع أحدث التقنيات العصرية بما يخدم المجتمع وأفراده»، مضيفا هناك فئات عديدة تنتظم في استقلال المواصلات العامة بشتى وسائلها في كل إمارات الدولة، وهو ما يجعل هذه الفئات في حالة من السعادة والشعور بالتفاؤل، واستقبال الصباحات الجديدة بشيء من الألفة والبهجة والاستجمام، ما ينعكس على مصلحة العمل، وقدرة الفرد على بدء يومه في حالة من النشاط والحيوية. مناظر طبيعية يلفت الدوري إلى أن بعض أفراد المجتمع، الذين اعتادوا استقلال المواصلات العامة للذهاب إلى أماكن أعمالهم، وفقاً لظروفهم الخاصة ومدى تقبلهم لهذا الأمر بشكل يومي يمنحهم فرصة الاستمتاع بالنظر من النافذة إلى المحيط الخارجي بكل جمالياته، وهو ما يجعل العين ترى مناظر جديدة، وتمتلئ بفيض وافر مما تنطوي عليه طبيعة المكان، بحيث يكون الفرد مفرغا لهذا الأمر، عكس هؤلاء الذين اعتادوا على قيادة مركباتهم الخاصة بشيء من الألفة وفق ما جرت عليه العادة، مؤكداً أن بعض الذين ليس لديهم عادة استقلال مثل هذه وسائل هذه المواصلات يحاولون أن يطلعوا على التجربة، بحثاً عن متعة نفسية تضعهم على طريق السعادة في أثناء الرحلة، ومن ثم كسراً للملل، وإضفاء جديداً على طبيعة الحياة الرتيبة. وبالنسبة للمشي في حالة ما إذا كان البيت قريباً من مكان العمل، يرى الدوري أنه من الأفضل أن يكون للفرد نشاط يومي يتعلق بالرياضة، وفي حال قرب البيت من العمل، فإن استغلال ذلك في ممارسة رياضة المشي يمنح الفرد الحيوية والنشاط، ويجدد طاقته لكن الدوري يبين أن التعود على ذلك لن يكون سهلاً إلا في حالة وجود ثقافة لدي أفراد المجتمع بأهمية الرياضة، إذ إن تفكير جيل اليوم مغاير لجيل الأمس. مواقف طريفة من بين الذين لديهم تجربة في استقلال المواصلات العامة، إبراهيم خليل الذي يعمل معلماً في إحدى مدارس أبوظبي. ويلفت إلى أنه يومياً ينتظر حافلة معينة في حدود الساعة السادسة صباحاً تقله إلى مكان بعيد نسبياً عن أبوظبي ما يجعل رحلته الصباحية للعمل مليئة بالمواقف الطريفة، ولحظات الاسترخاء والتأمل، مشيراً إلى أنه اعتاد على وجوه يقابلها كل صباح في هذه الحافلة، وهو ما جعل صداقة ما تنمو قليلاً مع بعض الأشخاص، مؤكداً أن رحلته الصباحية غيرت نمط حياته رغم أنه يمتلك سيارة، لكنه لا يستخدمها في الذهاب للعمل، إلا عندما يشعر بأن الوقت دهمه، وأنه من المؤكد سيتأخر عن موعد العمل، وعلى الرغم من ذلك، فإنه يرى أنه في حال قيادة سيارته بنفسه إلى مقر العمل يشعر بأنه مزاجه غير معتدل لكونه يفتقد للحظات مبهجة كان يقضيها بين رواد المواصلات العامة. المقعد الأخير من واقع يومياته، يذكر أحمد سعيد، موظف، أنه اعتاد أن يستقل إحدى الحافلات من محطة «الباصات الرئيسة»، مشيراً إلى أنه يشعر بسعادة بالغة لكون مواعيد الحافلات منتظمة، وهو ما يجعله يذهب إلى عمله، وهو في حالة من النشاط، إذ إنه اعتاد على الجلوس في الكرسي الأخير الذي يعلو جميع المقاعد حتى يتسنى له أن يرى بوضوح الحدائق المطلة على جانبي الطريق والتي تتميز بالجمال. ويوضح أنه اعتاد على هذه الحافلات، ولم يعد يفكر مطلقاً في أن يستقل سيارته في عمليتي الذهاب والإياب إلا في حالة ما إذا كان سينطلق من عمله إلى مكان آخر غير بيته في نهاية الدوام. سيراً على الأقدام من حسن حظ وليد أمين أن بيته قريب جداً من عمله، وهو ما يجعله يذهب كل يوم إليه مشياً على الأقدام، ويلفت إلى أن لا يمتلك سيارة، لذا فإنه يضطر في جميع فصول السنة إلى السير إلى عمله من دون استقلال سيارة أجرة، مشيراً إلى أنه حين يمشي في الصباح يشعر بالمزيد من البهجة، ويذهب إلى مقر عمله، وهو في حالة مزاجية رائعة جداً. تكلفة باهظة لا يخفي محسن العلايلي، من المقيمين في دبي، بأنه يشعر بالاستمتاع عندما يستقل المترو في الذهاب والإياب كل يوم إلى مقر عملة ومن ثم العودة إلى البيت. ويؤكد أن المترو عالم خاص يصعد إليه الكثير من الناس باختلاف جنسياتهم بهدف التنقل إلى أمكان مختلفة في دبي. ويبين العلايلي أنه يوفر كثيراً من خلال ركوب المترو، خصوصاً وأنه جرب أن يذهب بسارته إلى العمل يومياً فوجد أن التكلفة المالية باهظة، نظراً لكون مكان عمله يبعد كثيراً عن بيته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©