الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا... مبررات التدخل العسكري الأميركي

سوريا... مبررات التدخل العسكري الأميركي
3 سبتمبر 2013 22:33
ليس ثمة مزيد من الوقت لنضيعه، ولذلك، على الولايات المتحدة أن تقوم بتحرك عسكري حازم وصارم في سوريا الآن. ذلك أن الانتظار أكثر يهدد القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية التي تحظر القتل الجماعي منذ فظاعات الهولوكست ويتجاهل بشكل صارخ عشرات الآلاف من القتلى السوريين والملايين الذين اجتُثوا من منازلهم واضطروا إلى النزوح إلى مناطق أخرى داخل سوريا أو خارجها. غير أنه بينما تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإعداد ردهم على أعمال القتل الأخيرة في سوريا، يتركز النقاش ليس على الخطوات العملية المقبلة، وإنما على مسائل معقدة وغامضة تتعلق بالسياسات، مثل النقاش حول قانونية معاقبة نظام الأسد على استعماله السلاح الكيماوي على ما يبدو. أما إسقاط نظام بشار، فلم يكن حتى من بين المواضيع المطروحة للنقاش مؤخراً. وعلى ما يبدو، فإن إدارة أوباما تريد «ردع وإضعاف» القدرات العسكرية السورية. غير أن ما يعنيه هذا التحرك المحدود بالطبع هو أن نظام الأسد سيتخندق منتظراً مرور العاصفة، فيمتص العقاب، ثم يشرع في قتل المدنيين من جديد، مدعياً في الوقت نفسه بأنه صمد في وجه أكبر قوة في العالم – أميركا. ثم إن الرسالة التي سيتم البعث بها حينئذ ستكون كالتالي: يمكنكم أن تقتلوا 100 ألف شخص بواسطة الرصاص والمدفعية دون خشية عقاب، ولكن لا يمكنكم أن تتسببوا في مقتل بضع مئات بواسطة السلاح الكيماوي. ولذلك، فإن ضربة أميركية محدودة رداً على استعمال الأسلحة الكيماوية بدون مخطط أكبر لحماية المدنيين من نظام الأسد القاتل وإنهاء الحرب المدنية في سوريا هو أمر مفلس أخلاقياً، وسخيف سياسياً، ويمثل تواطؤاً مع الشر في نهاية المطاف. ثم هل نسيت واشنطن فظاعات الحرب العالمية الثانية، ورواندا، ودارفور، والبوسنة، وكوسوفو؟ الواقع أن غرور نظام الأسد في هذا الهجوم الأخير منح المجتمع الدولي فرصة ثمينة لوقف المذبحة وإنقاذ ما تبقى من القوانين الدولية التي تحظر وتجرم القتل الجماعي. وهذه الفرصة يجب أن تغتنم، لا أن تهدر. ولكن المشكلة الحقيقية هي غياب إرادة سياسية وخيال أخلاقي وقانوني، وليست عراقيل على الأرض أو داخل صفوف المعارضة ونظام الأسد. إن الطريق إلى تحرك فوري وفعال في سوريا يقوم على ثلاثة أركان من القانون الدولي والمبادئ الإنسانية المشتركة: 1- إن مجلس الأمن الدولي، ورغم أنه قوي، إلا أنه لا يملك «فيتو» مطلقاً على الاستعمال الشرعي للقوة العسكرية من قبل الدول الأعضاء في الدفاع عن النفس أو النهوض بواجباتها في إطار القانون الدولي. وتَظهر هذه القيود على صلاحيات مجلس الأمن الدولي في كل من ميثاق الأمم المتحدة وتاريخ المنظمة الدولية، حيث تنص المادة 2 (من الفصل الأول) من الميثاق على أن المنظمة الدولية «تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها». وهو ما يرقى إلى ضمانة على أن المصالح الوطنية الحيوية للدول الأعضاء تحظى بالأسبقية على القانون الدولي والمنظمة، وهو حكم يؤكده تاريخُ الأمم المتحدة نفسها. فمن الحرب الكورية إلى اليوم كان ثمة مناسبات قليلة فقط رخص فيها مجلس الأمن لاستعمال القوة، ومن ذلك حرب عام 1991 لطرد جيش صدام من الكويت والعمل العسكري ضد القذافي في ليبيا الذي انتهى بإسقاطه. وعلاوة على ذلك، فإن القيود على صلاحيات مجلس الأمن تؤكدها المادة 51 من الميثاق، والتي ترخص بشكل صريح لاستعمال القوة من أجل الدفاع عن النفس، والذي يشمل تحت العقيدة القانونية الدولية الحالية الإجراءات التي تُتخذ لحماية المصالح الأمنية الحيوية للدول الأعضاء. وإذا كانت ثمة أي شكوك في أن الحرب الأهلية الدموية في سوريا تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة وحلفائها بشكل مباشر، فإنها زالت وتبددت مع امتداد القتال إلى لبنان، وزعزعة استقرار الأردن والعراق نتيجة تدفق اللاجئين السوريين، وتعاظم قوة بعض العناصر الراديكالية داخل المعارضة السورية. 2- إنه من غير الأخلاقي وغير القانوني تحت القانون الدولي قتل مدنيين. فاتفاقية جنيف والقانون الدولي لحقوق الإنسان يمنعان ويجرمان قتل المدنيين في مناطق القتال وخارجها. والأكيد أن جرائم نظام الأسد، وجرائم المعارضة في بعض الأحيان، ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومنذ الحرب العالمية الأولى، تم توجيه تهم ارتكاب جرائم من هذا النوع لرؤساء دول ومسؤولين حكوميين في مرات عديدة، وتمت إدانتهم، وإعدامهم في بعض الحالات من أجل هذه الجرائم. وبالتالي، فالدول لديها حق – وواجب - قانوني وأخلاقي لوقف مثل هذه المذابح التي ترتكب في حق المدنيين. 3- إنه من غير القانوني تحت القانون الدولي استعمال أسلحة كيماوية تحت أي ظروف. واعتباراً من يونيو 2013، كانت 189 دولة من أصل 196 قد قامت بتوقيع اتفاقية الأسلحة الكيماوية أو الانضمام إليها. أما حقيقة أن سوريا واحدة من الدول القلائل التي رفضت الموافقة على القيود التي تضعها هذه الاتفاقية، فإنه يشي بالكثير عن الحكومة السورية في الواقع. كما أنه يؤكد أن قادة سوريا مسؤولون أمام المجتمع الدولي عن أي استعمال لهذه الأسلحة المروعة. إن هذه المرتكزات القانونية والإنسانية توفر معاً الأساس القانوني والأخلاقي لتحرك فوري في سوريا يكون قوياً وطويل الأمد بما يكفي لوقف القتل وفتح الطريق أمام السلام. وخلاصة القول إن على الولايات المتحدة أن تغتنم اللحظة الأخلاقية وتقوم بما هو ضروري، بمعية ائتلاف من الحلفاء والشركاء الإقليميين. فبوصفها القوةَ العظمى الوحيدة في العالم، لدى الولايات المتحدة واجب أخلاقي للتحرك بسرعة وفعالية. أميركا تقول إنها حصن منيع لحقوق الإنسان، غير أن وقت التردد والتلكؤ انتهى، وحان وقت الحسم والتحرك! إدوارد هالي أستاذ الدراسات الاستراتيجية الدولية بكلية «كليرمونت ماكينا كوليدج» الأميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©