الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا قادرة على بناء سلام دائم في أفغانستان

أميركا قادرة على بناء سلام دائم في أفغانستان
27 أغسطس 2012
إننا نستطيع تحقيق ما بدأناه في أفغانستان، أي إلحاق الهزيمة بتنظيم "القاعدة" وحرمانه من ملاذ آمن هناك. لكن ذلك يتوقف على وضع أفغانستان في وضع تكون فيه قادرة على الوقوف على قدميها بمفردها. لقد حضرتُ في الفترة الأخيرة احتفالاً أقيم بمناسبة الذكرى الثالثة والتسعين لاستقلال أفغانستان، وفوجئت بأمل وقوة الهوية الوطنية للأفغان وتصميمهم على الإمساك بمستقبل بلادهم بين أيديهم. صحيح أن معظم الأميركيين لا يرون التزام الأفغان تجاه بلدهم أو تحسن الوضع الأمني الذي تحقق نتيجة قتالنا معاً، لكنني أرى ذلك جيداً وألمسه. وأنا على يقين بأنه مع التزام المجتمع الدولي، نستطيع تعزيز مكاسبنا وبناء سلام دائم في هذا الجزء من العالم الذي يعتبر بالغ الأهمية بالنسبة للأمن القومي الأميركي. إن هذه اللحظة في تاريخ الأفغان لم تأت نتيجة الصدفة أو الحظ، ولكن في أعقاب أحداث كبيرة: تنامي قوة وقدرات قوات الأمن الأفغانية، وتوقيع شراكات ثنائية ومتعددة الأطراف، وتعهد المجتمع الدولي بدعم هام لأفغانستان خلال العقد المقبل. وقد تَأتّت هذه الإنجازات بفضل العمل الرائع للقوات الأفغانية وجنود التحالف، أولئك الذين يخدمون اليوم وأولئك الذي خدموا من قبل، الذين خلقت تضحياتُهم الجسام الظروفَ الأمنية التي بدأت أخيراً تجلب شعوراً حقيقياً بالثقة لدى الشعب الأفغاني. ولذلك، فإننا مصممون على عدم السماح بحرف جهودنا عن سكتها عبر ما يسمى هجمات "الخضر على الزرق" -أفغان يطلقون النار على جنود تابعين لقوات التحالف- التي استأثرت بالكثير من الاهتمام في الآونة الأخيرة. والأكيد أن كل حالة من هذه الحالات هي مأساة، ونحن نحزن على كل خسارة. وقد كنت شخصياً في وداع جثامين الأبطال الذين سقطوا في ساحة القتال هنا في القواعد الجوية، وأعتبر خسارة كل عضو من قوة المساعدة الأمنية الدولية خسارة شخصية لي. والواقع أن الزعماء الأفغان والدوليين على كل المستويات يكرسون وقتاً وجهداً غير مسبوقين للتقليص من حجم هذا التهديد. وقد قمنا في هذا الإطار بتطبيق تدابير من أجل تعزيز حماية جنودنا، وساعدنا على بناء قوة أفغانية تناهز 350 ألف جندي، وبات الأفغان يقودون العمليات الأمنية في ثلاثة أرباع البلاد. وهذا الزخم لا رجعة فيه. لكن القصة الحقيقية هنا هي "الخضر والزرق". ففي كل يوم، يعمل مئات الآلاف من الجنود والشرطة الأفغان عبر البلاد ويقاتلون جنباً إلى جنب مع جنود قوات التحالف من أجل التغلب على أعداء مشتركين وحماية السكان المدنيين. كما أننا نتفاعل عن كثب ضمن عدد من العمليات بما يؤدي إلى زيادة الأمن للشعب الأفغاني. غير أن التركيز على هجمات "الخضر على الزرق" يغطي على أعمال القتل التي يتعرض لها المدنيون الأفغان على أيدي المتمردين بزعامة الملا عمر، الملطخة يداه بدماء الأبرياء، رغم أنه يقول لأتباعه نفاقاً بعدم مهاجمة المدنيين. وعليه، فإما أنه معزول لا يتواصل مع أتباعه والعالم الخارجي، أو أن قواته خرجت عن سيطرته. وربما ينبغي ألا يشكل ذلك مفاجأة لأن عمر يعيش في باكستان، على غرار "قادته". ومن المكان الآمن الذين يتحصنون فيه، يرسلون مئات الشبان، المتدينين والبؤساء في معظمهم، إلى حتفهم أو إلى الاعتقال في أفغانستان. ولهذا، فإنهم يجب أن يخسروا أي شرف أو ادعاء بالتحلي بالقيم الإسلامية. وهم بصدد الخسران في الواقع. ذلك أن "الخضر" و"الزرق" أخذوا القتال إلى العدو "الأحمر"، أي "طالبان"، والعدو يقاوم حالياً من موقع ضعف؛ حيث طُردت قواته عموماً من معظم المناطق السكنية الهامة. كما بدأ عمر يخسر الدعم المالي من المانحين الذين أخذوا يرسلون أموالهم حالياً إلى أماكن أخرى، ويخسر أرباح المخدرات الآخذة في التراجع بفضل جهود الأفغان وقوات التحالف الرامية إلى القضاء على محاصيل الخشخاش. وبموازاة مع ذلك، تزداد قوات الأمن الأفغانية تحسناً من حيث العدد والعدة مع مرور كل يوم. ذلك أن المنطقة التي تسيطر عليها قوات التحالف والقوات الأفغانية اليوم تمتد إلى مناطق دعم "طالبان" التي لطالما كان لا يمكن الوصول إليها في الماضي. ومع كل فظاعة واغتيال وسلب يتعرض لها الأفغان الأبرياء، يزيد المتمردون من إبعاد أنفسهم أكثر عن الشعب الأفغاني وعقيدته، لأن الدين الإسلامي يحرم قتل المدنيين الأبرياء أو الاستفادة من أموال المخدرات والجرائم الفاحشة. وفي هذه الأثناء، أخذ السكان الأفغان ينظمون صفوفهم من أجل طرد رجال "طالبان" الممقوتين من القرى. وقد بدأت تظهر هذه الحركة في المناطق التي خلقت فيها اليد الثقيلة لـ"طالبان" مشاعر كراهية واستياء من المتمردين بين السكان. وكل هذه التطورات تبشر بمستقبل واعد ومشرق لأفغانستان؛ لكن على المجتمع الدولي أن يدرك أن هذه المكاسب هشة، وقابلة للانتكاس، إذا ما افتقدنا إلى إرادة النجاح. إن قوات التحالف وقوات الأمن الأفغانية ستستمر في التعاطي مع هجمات "الخضر على الزرق". والأكيد أننا سنحزن على موتانا الذين لا يقدرون بثمن، لكننا لن نسمح لهذا التهديد بأن يزيغ التقدم الذي تحققه قوات التحالف والقوات الأفغانية عن سكته. كما أننا عاقدون العزم على حماية السكان المدنيين، "البيض"، من "طالبان" (الحمر). إن هذا الصراع مازال أبعد ما يكون عن الانتهاء، لكن الحل يكمن في ازدياد قوتنا ولن يحدد بحوادث عنف "الخضر على الزرق". والأكيد أن قضيتنا عادلة، وتصميمنا قوي، وتضحياتنا لن تكون بدون طائل، لأننا في الحقيقة بصدد الانتصار. جون آلن قائد قوات "الناتو" والقوات الأميركية في أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©