الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوقاز الجنوبي.. والنفوذ الروسي

22 سبتمبر 2014 00:36
بريندا شافر كاتب مختص بالشأن الروسي والقوقازي ليست أوكرانيا هي المكان الوحيد الذي تثير فيه روسيا المشاكل. فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق في عام 1991، دأبت روسيا على دعم الانفصاليين في الدول المجاورة لإرغامها على قبول ما تمليه موسكو عليها. ولعل أحدث مساعي روسيا في هذا المجال يتجه ناحية منطقة القوقاز الجنوبي. وفي الأسابيع القليلة الماضية، عاد التصعيد فيما يبدو للصراع القائم منذ فترة طويلة بين أرمينيا وأذربيجان بينما ارتدت مسوح السيد النبيل داعية إلى السلام بين البلدين. ففي الأسبوع الأول من أغسطس، ذكرت تقارير أن أكثر من 40 جندياً أرمينياً وأذربيجانياً قتلوا في تبادل كثيف لإطلاق النار بالقرب من الحدود بين البلدين قبل وقت قصير من انعقاد قمة دعا إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وربما تبدو منطقة القوقاز الجنوبي نائية ولكنها تقع على حدود روسيا وإيران وتركيا، وهي صاحبة السيادة على خط أنابيب حيوي للنفط والغاز الطبيعي يقطع أواسط آسيا ليصل إلى أوروبا دون المرور بروسيا. ولن يطيق المسؤولون الغربيون تحمل مغبة ترك قطعة أخرى من الأراضي لتلتهمها موسكو كما فعلوا عندما تركوا روسيا تفصل أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا، الواقعة إلى الشمال مباشرة من منطقة القوقاز الجنوبي، في حرب قصيرة عام 2008 أو كما فعلوا عندما تركوا موسكو تنتزع أيضاً شبه جزيرة القرم من أوكرانيا هذا العام. والصراع بين أرمينيا وأذربيجان ليس حديث عهد. فبين عامي 1992 و1994 اشتعلت الحرب بشبب صراع الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين من أجل السيطرة على منطقة ناجورنو كاراباخ المتمتعة بالحكم الذاتي، وهي منطقة جبلية فيها عدد سكان كبير من المسيحيين الأرمينيين يبلغ 90 ألفاً داخل حدود أذربيجان وهي دولة غالبية سكانها مسلمون. وقد أخذ الصراع الشكل العرقي ولكن موسكو غذته، بحسب ما يتهمها المنتقدون لسياساتها هناك. وانتهت هذه الحرب بعد أن تولى الجيش الأرميني المعتمد إلى حد كبير على الجيش الروسي أمر المنطقة. وحصدت الحرب أرواح 30 ألف شخص، وتمخضت عن مليون لاجئ. وحتى اليوم يتردد أن أرمينيا تسيطر على 20 في المئة من أراضي أذربيجان ومعظم هذه النسبة تتمثل في منطقة ناجورنو كاراباخ وعدة مناطق مجاورة. وعلى رغم اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم منذ عام 1994، تنشب أعمال القتال من حين إلى آخر ويقال إن هناك دعماً روسياً للدفاع الجوي الأرميني. وتهيمن موسكو أيضاً على عناصر محورية من اقتصاد أرمينيا ومشروعات بنيتها التحتية. وبصراحة أكبر، لقد وجدت روسيا الوسائل التي قد تساعد على بقاء الصراع مشتعلاً. ووقعت أرمينيا وأذربيجان اتفاقات للسلام ثلاث مرات في تسعينيات القرن الماضي ولكن روسيا وجدت الوسيلة لتأثير على المواقف الأرمينية. وعلى سبيل المثال، اغتال صحفي غاضب يُعتقد أنه مدعوم من موسكو رئيس وزراء أرمينيا ورئيس البرلمان ومسؤولين آخرين من الحكومة، عام 1999. والصراع غير المحسوم أو كما تسميه روسيا «الصراع المتجمد» يعطي القوات الروسية مبرراً لدخول المنطقة وفرض إرادتها على الجانبين. وبمجرد دخول القوات الروسية المنطقة، لا يعود بوسع أي من الجانبين أن يتعاون بشكل وثيق مع الغرب دون خوف من بطش موسكو. وأحدث جولة من أعمال العنف سبقت اجتماع القمة في منتجع سوتشي الروسي يوم العاشر من أغسطس حين سعى بوتين إلى التوصل إلى اتفاق من أجل نشر المزيد من قوات «حفظ السلام» الروسية بين أرمينيا وأذربيجان. ففي يوم 31 يوليو، بدأ الأرمينيون هجوماً منسقاً مباغتاً في ثلاثة مواقع. وكان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ووزير دفاعه خارج البلاد أثناء الهجوم، ولم يكن علييف قد وافق بعد على حضور اجتماع القمة. ولكن الرئيس الأرميني سيرج سركسيان وافق على الحضور ولا يرجح أن يكون الجيش الأرميني قد أقدم على مثل هذا العمل الاستفزازي دون تنسيق مع الخارج. وعقدت القمة ولكنها لم تتوصل إلى نتائج حاسمة. وقبل الاجتماع كانت موسكو قد شددت قبضتها على القوقاز الجنوبي بدعم ضمني من أرمينيا. وفي الربيع الماضي، تخلت حكومة أرمينيا عن طموحاتها في التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي وأعلنت أنها ستنضم إلى الاتحاد الجمركي التابع لموسكو بدلاً من ذلك. وتجديد مسعى الحرب المفتوحة يقدم لروسيا مبرراً لإرسال المزيد من القوات ضمن الساعين لحفظ السلام. وزعزعة الاستقرار في منطقة القوقاز الجنوبي قد تعطل مشروعاً كبيراً لخط أنابيب الغاز تم الاتفاق عليه في ديسمبر الماضي وقد يخفف اعتماد أوروبا على الوقود الروسي. ولكن المثير للدهشة أن المسؤولين الأميركيين ردوا على القتال الدائر في ذاك الوقت بالقول إنهم «يرحبون» باجتماع القمة الذي ترعاه روسيا. ألم تتعلم واشنطن شيئاً من جورجيا وأوكرانيا؟ ولمنع التصعيد في صراع القوقاز ولحرمان بوتين من ذريعة قد يستخدمها للاستيلاء على موقع قدم جديدة يجب على أوباما أن يدعو زعماء أذربيجان وأرمينيا إلى واشنطن ويظهر لهم أن أميركا لم تتخل عن القوقاز الجنوبي. وهذا سيشجع الزعماء على مقاومة الضغوط الروسية. ودورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الحالية تمثل فيما يبدو لحظة ممتازة لإظهار هذا الدعم. ويجب على واشنطن أن تحمل روسيا المسؤولية وأن تتصدى لأي نوع من حسم الصراع قد يؤدي إلى نشر المزيد من القوات الروسية في المنطقة. وأخيراً، أعتقد أن الغرب بحاجة إلى استراتيجية لمنع موسكو من الاستيلاء على مناطق أخرى تقع على حدودها. ومنطقة ناجورنو كاراباخ على رغم أنها نائية ولكنها قد تصبح جبهة روسيا التالية التي ستتجه إليها لتعيد بناء إمبراطوريتها المفقودة. وترك منطقة القوقاز الجنوبي تذهب لصالح روسيا سيوجه ضرب لقدرة أميركا التي تضمحل بالفعل على السعي لإقامة تحالفات والمحافظة عليها في مناطق الاتحاد السوفييتي السابق وما يتجاوزه شرقاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©