الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات اليابانية بين «مطرقة» الين و «سندان» المنافسة الكورية

الشركات اليابانية بين «مطرقة» الين و «سندان» المنافسة الكورية
27 أغسطس 2012
منذ انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية قبل خمس سنوات، واجهت “تويوتا” و”سوني” وشركات يابانية أخرى سيل من العقبات مثل تراجع الطلب وارتفاع الين المدمر للصادرات والزلازل وأزمة الطاقة في الداخل والفيضانات في تايلاند واحدة من معاقل اليابان الصناعية الكبيرة، بالإضافة إلى زيادة حدة المنافسة من قبل “سامسونج” و”هيونداي” من كوريا الجنوبية. وتجد شركات صناعة السيارات، التي تمثل أحد أعمدة الاقتصاد الياباني، بجانب شركات الإلكترونيات، الكثير من المعاناة في تسيير أعمالها. ولم تنجح أي من هذه الشركات خلال الربع المالي الأول في تحقيق الأرباح، باستثناء “نيسان”. وفي المقابل، عجزت معظم شركات صناعة الإلكترونيات في الوصول إلى الأرباح، حيث بلغ مجمل خسائر “سوني” و”باناسونيك” و”شارب”، نحو 1?6 تريليون ين في السنة المالية الماضية، لا سيما أن 5 من مجموع 8 شركات رئيسية في البلاد دخلت نفق المعاناة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو الماضي. وبعد سيطرتها على قطاع الإلكترونيات الاستهلاكية العالمي لعدد من العقود، عجزت الخمس شركات “سوني” و”شارب” و”باناسونيك” و”هيتاشي” و”كانون”، عن التأقلم مع المتغيرات الجديدة التي طرأت على بيئة الأعمال. ومن المتوقع أن تبلغ خسائر “شارب” للسنة المالية المنتهية خلال مارس المقبل نحو 250 مليار ين، بعد عجز بلغ 376 مليار ين في السنة الماضية، مما جعلها تحذو حذو بعض الشركات الأخرى في خفض الوظائف. وتُعد هذه الشركة الأضعف بين نظيراتها، خاصة وأن 60% من عائداتها تتحصل عليها من صناعة التلفزيونات الشريحة التي باتت تهيمن عليها شركات كوريا الجنوبية وتايوان، بينما تجبء البقية من صناعة الألواح الشمسية والهواتف المحمولة. وأعلنت الشركة مؤخراً عن خفض في الوظائف بلغ نحو 5 ألف، أول نسبة بهذا الحجم منذ 60 عاماً. ومع أن “سوني” هي التي سبقت في صناعة جهاز التسجيل الصغير المحمول “ووكمان” واستوديوهات الأفلام، إلا أنها تنازلت عن عرش أجهزة التسلية الرقمية لصالح “أبل”. كما تأثرت بقسم لصناعة التلفزيونات الذي وقع في فخ الخسارة لثماني سنوات على التوالي. وخفضت الشركة توقعات مبيعاتها في السنة الماضية إلى 20 مليون من التلفزيونات ذات الشاشة المسطحة إلى النصف، كما باعت نصف إنتاجها من تلفزيونات “أل سي دي” شراكة مع “سامسونج”. وأقدمت في الآونة الأخيرة على الجولة الثانية من خفض الوظائف منذ 2008، بتسريح نحو 10?000 من موظفيها، أو ما يعادل 6% من قوتها العاملة حول العالم. وخفضت “باناسونيك” التي تقوم هي الأخرى بصناعة التلفزيونات، صناعة الألواح بما يقارب النصف مع إلغاء بعض الاستثمارات وتسريح نحو 17?000 من العاملين لديها، أي ما يشكل 5% من قوتها العاملة في العالم. وقاربت خسائر الشركة 772 مليار ين (9?7 مليار دولار) في السنة الماضية، الخسارة الأكبر في القطاع وأسوأ أداء في تاريخ الشركة الذي امتد لنحو 96 عاماً. لكن ساعدتها هذه الهيكلة على تحقيق أول ربح لها خلال ست أرباع في الفترة بين أبريل إلى يونيو. وتمكنت “كانون” من الاستمرار في تحقيق الأرباح بفضل تركيزها على نطاق ضيق من الأرباح العالية من خلال منتجات يصعب تقليدها مثل الكاميرات ذات العدسات القابلة للتغيير وطابعات المكاتب. لكن بدأت الشركات المنافسة في اللحاق بها خاصة وأن ثلث مبيعاتها تجئ من أوروبا. وخفضت الشركة في السنة الماضية توقعات أرباحها بنسبة قدرها 14% إلى 250 مليار ين. وفي “هيتاشي”، أكبر شركة إلكترونيات في اليابان من حيث العائدات، بلغ مقدار الخسارة في الفترة بين 2006 إلى 2010 نحو تريليون ين، حيث يعزي العديد من الخبراء ذلك لعدم تركيز الشركة. لكن ساعدتها سلسلتها الضخمة من المنتجات التي تتراوح من محطات الطاقة إلى القطارات فائقة السرعة، على الصمود في وجه الركود الذي ساد قطاع الإلكترونيات الياباني. وبعد عمليات الهيكلة القاسية، استطاعت “هيتاشي” أن تنعم بعامين من الأرباح القياسية. وفي ما يتعلق بشركات الإلكترونيات، ليس من السهل أن تنسب جميع خسائرها إلى ارتفاع قيمة الين. ويُذكر أن العملة اليابانية ارتفعت بنسبة 50% مقابل العملات الرئيسية الأخرى منذ بداية الأزمة المالية ما جعل الصادرات غير مربحة وتراجعت قيمة العائدات الخارجية. وفي السنة الماضية فقدت شركة “سوني” أرباحاً محتملة بفعل ارتفاع الين قدرها 32 مليار ين، بينما بلغت في “تويوتا” 250 مليار ين. وعلى الرغم من مبيعات الشركة الكبيرة التي تتجاوز مبيعات “سوني” بما يقارب ثلاثة أضعاف، إلا أن الشركة لا تزال تعاني ذلك العبء الثقيل. ويعتبر التوقيت من العوامل المهمة في ذهاب هذه الأموال، حيث تراجعت مبيعات السيارات حول العالم بشدة مع حلول الأزمة المالية العالمية وانخفضت في أميركا من 16 مليون سيارة في 2007، إلى 10 مليون في 2009، مما أرغم الشركات الصناعية على خفض التكاليف وإعادة هيكلة عملياتها. والآن بدأت الدورة في العودة حيث انتعشت المبيعات في البلدان الكبرى مثل أميركا واليابان إثر موجة من الطلب المتثاقل. وارتفعت مبيعات السيارات في أميركا في يونيو الماضي بنحو الربع مقارنة بالسنة الماضية. وفي المقابل، استطاعت العديد من شركات الإلكترونيات إرجاء عمليات إعادة الهيكلة، إلا أنها عانت من دورات العمل الخاصة بها. وعانت شركات صناعة التلفزيونات على وجه الخصوص من ضعف المبيعات ووتيرة تراجع الأسعار المتسارعة إلى الربع مقارنة بقبل سنة. ومع ذلك، ليس التوقيت هو المسؤول عن كل شيء، حتى في أسوأ الحالات بالنسبة لقطاع صناعة السيارات في 2009 على سبيل المثال عندما أعلنت “تويوتا” عن أول خسارة لها في غضون 60 عاماً. وتتسم عمليات خفض الوظائف والإنتاج في مصانع السيارات اليابانية بعدم الاستمرارية، على النقيض من مصانع الإلكترونيات مثل “سوني” وباناسونيك” و”شارب” التي تعاني جميعها من تسريح وخفض للتكاليف لازمتها لفترة طويلة من الزمن. وسبب آخر أشد ألماً، حيث يقع اللوم على عاتق منتجات شركات الإلكترونيات نفسها، لا سيما أنه أصبح من الصعب التفريق بين منتج وأخر. وبعبارة أخرى، لا تزال السيارة واحدة من الآليات المعقدة التي لا غنى للمستهلك عن اقتنائها، لكن يزيد في المقابل معدل إنتاج التلفزيونات ذات الشاشات المسطحة يوماً بعد يوم بدرجة كبيرة من التشابه. وإذا كانت الشركات التي تحقق الأرباح اليوم هي تلك التي تقوم بالتصميم والابتكار مثل “أبل، فإن شركات الأجهزة العملاقة مثل “هون هاي” التايوانية والأخرى اليابانية، تجد معاناة كبيرة في الوصول إلى الأرباح. وكلما زاد اعتماد الشركة على السلع الاستهلاكية مثل التلفزيونات وكاميرات الفيديو الرقمية، مقارنة بالتي تقوم بصناعة منتجات مثل “الإنسان الآلي” والمصاعد، كلما زاد وضعها سوء. وبينما تتحصل “شارب” على 60 من عائداتها من صناعة التلفزيونات، لا يتعدى دخل “هيتاشي” من جميع المنتجات الإلكترونية 10%، حيث يجيء بقية دخلها من صناعة محطات الطاقة ومعدات التعدين والقطارات فائقة السرعة ذات الأرباح العالية. ويقول أتول جويال، المحلل في مؤسسة “سي أل أس أيه” العالمية للوساطة والخدمات المالية: “لا تملك كل شركة هذا النوع من الأعمال التجارية الأخرى لتعتمد عليها عند الحاجة، مما يحتم عليها المزيد من التركيز على المنتجات عالية القيمة الشيء الذي تقوم به القليل من الشركات مثل “نيكون” في إنتاج الكاميرات ذات العدسات القابلة للتغيير. أما هذه الشركات الأخرى، فإنها تخوض حرباً خاسرة”. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©