الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنتظر نواح اللاشيء

أنتظر نواح اللاشيء
6 يناير 2016 21:14
ترجمة: أحمد عثمان في مشفى سان - لوي بباريس، ونحن نعيش غروب عام ونستقبل عاماً يأتي، توفي الشاعر السوريالي آلان جوفروا، صديق آراغون والحائز على جائزة غونكور عن مجمل إنتاجه الشعري عام 2007، حدث ذلك ذات أحد كئيب، الأحد الواقع في 20 ديسمبر 2015، الذي كتب وإلى الأبد غياب الشاعر الذي كان يرقد في غرفة العناية الفائقة منذ أسبوعين، وفق ما ذكرت زوجه فوساكو هاساي. الشاعر، المتمرد دوماً على كل صور غياب التمرد، ولد في باريس عام 1928. كان معجبا بهنري ميشو، مقربا من أراغون. وكان شاهدا على أحداث وتطورات الحياة الثقافية الفرنسية وممثلا بارزا لها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى يومنا الحالي. في البداية، ارتبط بالحركة السوريالية (وبالرغم من خلافه العميق مع أندريه بروتون إلا أنه ظل مدافعا عنه طوال حياته). كما ارتبط بعلاقات صداقة مع كبار الفنانين. كان طلائعيا، ويعتبر من أوائل من روجوا لـ (البوب آرت) وأدباء (البيت جنيريشن) في فرنسا، أوائل الستينيات. فنان ملتزم ومقاوم لكل أشكال الاحتواء. في بداية حياته، وخلال حرب الجزائر، حرّر بيانات «مناهضة للاحتلال» في باريس وفيينا وميلانو دفاعا عن استقلال الجزائر، كذلك عن حرية التعبير التي ضيقتها الحكومة الفرنسية عصْرَذاك. مناضل من أجل «ثورة النظر» لدى الفنان والمتلقي. نشر قبل ثورة الـ 68 الطلابية بحثا عن «نقض الفن». وفي عام 1967، شارك آلان جوفروا في تأسيس مجلة «أوبوس إنترناسيونال»، المخصصة للرد على النظرة الأحادية للفن، وهي المجلة التي لم تكفّ عن الدفاع عن شباب الفنانين أمثال: دانيال بورين أو أوليفييه موسيه، ومعالجة القواعد غير الاصطلاحية مثل سينما جون- لوك غودار. خلال السبعينيات، نشر العديد من الروايات والدراسات والقصائد والنصوص النقدية حول الفن، وبالإضافة إلى مجلتي «أوبوس إنترناسيونال» و«معرفة الفنون» كتب في عديد من المطبوعات الفرنسية الشهيرة: «لوي»، «لكسبريس» و«ليتر فرانسيز»، في عام 1974، أصبح آلان جوفروا رئيس تحرير المجلة الطلائعية «القرن العشرين». شغف بآداب وفنون الشرق الأوسط في شكل عام، واليابان على وجه التحديد، وعمل منذ 1983 إلى 1985 كمستشار ثقافي لسفارة فرنسا في اليابان، حيث نظم عديداً من الندوات والتظاهرات الثقافية الفرنسية-اليابانية. كتب عديد الدراسات النقدية عن فنانين مشهورين أمثال: خوان ميرو، ماكس أرنست، دافيد أو فرانكو جنتليني، كما قدم «كتالوغات» معارض لايرو، فورمانجيه، هينز، هليون، ماتا، مونوري، وغيرهم. على مدى حياته، كتب أكثر من 120 كتابا. وعاش حياته كأنها قصيدة: «أكتب لأن الكلمات تتقاتل، غير أنني أتكلم في موتي»... هنا ترجمة لمجموعة منتقاة من قصائده. ضوء السحر ذبابة مختبئة خلف رشاشة بائعة البنفسج، قارورة حسرة تمضي أمام شاحنة الحليب. في الأسواق، يكوِّمون بطاقات حمراء على القطن المنتوف. آنيةُ الشمس الجديدة تنبثق خلف الأَسقف التي دثَّرها الثلج وتحت قبعة المراقبة العريضة يتقدم العالم يقظاً تجاه ضجَّة الحشد المتحرك، الذي ساطَتهُ صاعقة البرد القلق، يثقب الأرض بصورة تامة. مغروزة في الطمي القديم لقرميدة بيت، ذواتاً معذبةً ترشح قماشة النصر اللامعة. ندىً متأثر، مُبَلْوَرٌ على شفاهٍ عارية، كبيرة، مفتَّتة، عابثة، متهتِّكة، مناخ المدينة يلقي فراء الظّربان العتيق على كتفيه المتوحِّلتيْن – نعاس الأبكم أنهي قصيدتي وقت صفارة الإنذار. إلى نفسي لا تعرف أي بحر تجتازه أنت الذي لا ينظر أبدا إلى أشرعته لا تعرف أي بيت تدمره أنت الذي تتردد في غلق نوافذك لا تعرف أي حرب تطلقها أنت الذي تتكلم كالنار في الليل لا تعرف أي امرأة تمنحها نفسك أنت الذي يهبط إلى البحيرة حتى البحر تتطلع إلى نفسك كأنك الوحيد تجرد نفسك من الرتب كأنك ماريشال تهجر نفسك كأنك أمبراطوريَّة ولكن في الحقيقة أنت زيزفون بيت الكاهن نحْلاتُك فَيالقُكَ في الصيف تهمهم وسط اصطفاق الرايات. الخلاص في كل مكان قال لي فجأة: للحياة شكل مقارب للحياة الحقيقية. رفعت عيني باتجاهه. انحنى بخفة نحوي وأضاف: لكن نعم: الحياة غير منفصلة عن الحياة الحقيقية. مَنْ، وقد عقد ذراعيه، يسمعنا، ويتظاهر كأنه لم يسمع شيئا. ألفيْنا أنفسنا على عتبة منزل مهجور في الجنوب. قابلتهم لأنهم، في حلمي، دعوني لزيارتهم – هناك. ولكن بإمعان النظر بانتباه بالغ إلى من لا ينبس ببنت شفة، عرفت حدود القرن، ما وراء كل الكلمات. الخلاص في كل مكان، تابع قوله، بيد أنه لا يمنح أي ضمان للحياة. في هذه اللحظة ابتعد الآخر عن الحائط الذي أرتكن إليه. رأيناه يمشي على العشب، ينحني فجأة، يلتقط قطعة خشب، ثم وبخطوة سريعة يجتاز الحاجز، يغلقه خلفه ويختفي من الناحية المقابلة للأشجار. سوف يشعل نارا، قلت. سوف يلقي عليها قطعته الخشبية، قال. كأننا ننظر إلى الحاجز الأبيض، صمت كبير يعمق غياب من كان أنت. في النهاية، لكي أقطعه، وجدت هذه الجملة: الأفول يخدم أفضل ثقب شمسك. أطرق عينيه وتمتم: كل شيء يجري كأننا نبتسم بلا هدف للفراغ. الأبديَّة أخذت تدخل إلى الحديقة. هايكو للأطفال «ممنوع الدخول»، قال الحاجز خنفستان تمرّان أسفله. *** الإعصار حمل الأشجار بعيدا بيتنا اتجه إلى نفس الوجهة. *** قم بهذا، قم بذاك هو ذا أوان نظافة الربيع الأم مزاجها سيئ. *** سِرْ بلا هدف صبية بلون بنفسج الموت تهرمين نوعا ما تحت الشمس سهمكِ الصامت فم السرفوت (1) أو الطيف عقارب جفونك الكل يتغذى مرة ثانية على جسدي صبي بلون بنفسج الموت تسدِّدين أكثر نظراتك شراً باتجاه اللاشيء غير أنني أختبئ في حقيبة الأصم- الأبكم وأثمل *** المرور عَبْرَ غياب الأبواب لحسن الحظ عَبْرَ المعجزة.. عَبْرَ همّ السكينة.. عَبْرَ شهية العذاب.. عَبْرَ روح الرفقة.. عَبْرَ الضعف عَبْرَ جنون التضحية.. عَبْرَ الخضوع.. عَبْرَ هزة رأسٍ لحسن الحظ.. عَبْرَ ألف هزّة رأسٍ لحسن الحظ عَبْرَ ثلاثة مليون هزَّة رأسٍ واحسرتاه.. مائة ألف واحسرتاه عَبْرَ الحماقة.. عَبْرَ الهوى.. لحسن الحظ مائة ألف مرة.. عَبْرَ الحب .. عَبْرَ الحسيَّة واحسرتاه ألف مرة.. واحسرتاه أربعمائة ألف مرة عَبْرَ الصدفة مررتُ لم أمُرَّ رفضتُ المرورَ أُجبِرتُ على المرورِ اقتنعتُ بأنني سأمرُّ شككتُ بأنني سأمرُّ واحسرتاه عَبْرَ أبوابٍ خلفَ أبوابٍ عَبْرَ غياب الباب السابع عَبْرَ الثُّقب الذي لا يظهرُ فيه أحدْ واحسرتاه.. واحسرتاه.. واحسرتاه ألف مرة واحسرتاه.. يا حارسَ مُتحفي عزيزي حارس الثلاثمائة وستة وخمسين باباً لتوسان لوفرتور (2) عزيزي حارس المائة وعشرين يوماً لصومان (3) واحسرتاه.. واحسرتاه لم أمرَّ لكن عَبْرَ أبواب الشلال.. عَبْرَ الأبواب التي كسرها التشتت.. عَبْرَ الأبواب المهشمة واحداً إثر الآخر.. عَبْرَ كهوف السفن العتيقة المحطمة.. عَبْرَ جسدي.. عَبْرَ رأسي.. عَبْرَ عتامة عيني.. عَبْرَ غياب الأبواب نفسها. مررتُ أمرُّ لن أكفَّ أبداً عن المرور. *** أخطأت التوندرا (4) ينزلق تحت يدي، أنتظر نواح اللاشيء. البحر يخشى عذابه يصيح الضفة تفقد الباحثين عنها الموت مزخرف. أحتكر التقحُّلَ، الضوضاء، الصحراء. نحوي صخبي. حقائبي ضحكاتٌ مجنونةٌ خفيفةْ. وددتُ قتل نفسي، سدَّدتُ للأسفل (لو كنت فأراً، لَمِتُّ) أخطأت. ........................................... (1) حيوان زعاف برمائي. (2) فرانسوا دومينيك توسان لوفرتور، الملقب بنابليون الأسود. ولد في سان دومينغ بتاريخ 20 مايو 1743وتوفي في 8 أبريل 1803. زعيم الثورة الهايتيَّة وزعيم ثورة أفارقة هاييتي ضد الهيمنة الأوروبية أثناء الاحتلال الفرنسي عام1797. (3) بلدة فرنسية، تقع في إقليم بروفانس- آلب- كوت دازور. (4) التوندرا، سهب روسي متجمد جزئياً يتميز بوجود بعض الأعشاب فيه. شيء عن الشاعر * ولد آلان جوفروا في باريس عام 1928. * في بداياته الإبداعية ارتبط بالحركة السوريالية. * من أوائل من روَّجوا لـ (البوب آرت) وأدباء (البيت جنيريشن) في فرنسا أوائل الستينيات. * ناهض احتلال فرنسا للجزائر. * مناضل من أجل «ثورة النظر» لدى الفنان والمتلقي. * 1967: شارك في تأسيس مجلة «أوبوس آنترناسيونال» المخصصة للرد على النظرة الأحادية للفن. * 1968: أسس اتحاد الكتاب. * نشر العديد من الروايات والدراسات والقصائد والنصوص النقدية حول الفن، وكتب في معظم المطبوعات الفرنسية الشهيرة. * 1974، أصبح آلان جوفروا رئيس تحرير المجلة الطلائعية «القرن العشرين». * 1983 إلى 1985: عمل كمستشار ثقافي لسفارة فرنسا في اليابان. * له دراسات نقدية مهمة عن أعلام الفنانين أمثال: خوان ميرو، ماكس أرنست، دافيد أو فرانكو جنتليني. كما قدم «كاتالوغات» معارض: لايرو، فورمانجيه، هينز، هليون، ماتا، مونوري، وغيرهم. * ترك أكثر من 120 كتاباً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©