الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتخاذ القرارات نيابة عن الطفل .. حرمان مبكر من تحمل المسؤولية

اتخاذ القرارات نيابة عن الطفل .. حرمان مبكر من تحمل المسؤولية
21 سبتمبر 2014 21:29
عالم الأطفال له كينونته الخاصة ومن المهم إغنائه بكل السبل حتى تكون بالفعل الطفولة هي عنوان الرجولة وافتقار المجتمع لثقافة تربية الطفل واستثمار طلاقته في بناء شخصية تجيد التعبير عن نفسها، وتمتلك حق إبداء الآراء في حدود تكوينها العقلي وخبراتها البسيطة مما يصب في نهاية الأمر في بناء جيل يستطيع أن يدير دفة حياته بثقة ويتخذ قراراته من محض ذاته وعلى الرغم من أن الكثير من الأسر تثري حياة أطفالها بالترفيه والتعليم الجيد إلا أنه يغيب عنها في غالب الأحيان ترك مساحة لهم للتعبير عن رأيهم ومن ثم مساعدتهم في اتخاذ بعض القرارات التي تخصهم. حول أهمية تعزيز ثقافة الحوار داخل الأسرة وأن يكون للأطفال دور فاعل في التعبير عن آرائهم والقدرة على اتخاذ قرارات محدودة تتناسب مع المستويات العمرية والتجارب الحياتية، يقول عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة وأستاذ التربية أحمد فلاح العموش: «إن عملية الحوار بمعناه الواسع داخل نطاق الأسرة تنحصر بين الأب والأم في غالب الأحيان وهو ما يجعل الطفل بعيداً عن هذه الآلية التي لو تحققت بمعناها الحقيقي ترتقي به وجدانياً وتمنحه الثقة في نفسه وتجعله إنساناً اجتماعياً بالدرجة الأولى، وهو ما يجعل الطفل بالفعل مظلوماً في محيطه الذي يولد فيه يفتقد لأدق تفصيلات الحياة اليومية وحيويتها التي تغذيه بعوامل النمو وتدفعه إلى تخطى مراحله الأولى، وهو على وعي بكل ما يدور حوله إذ إن وجود الطفل في محيط يكون فيه مجرد مراقب ومحروم من أداء دوره في المشاركة يجعله خارج نطاق زمنه، وغير قادر على مواجهة المستقبل والتفاعل معه بسلاسة. صناعة القرارويبين العموش أن الطفل دائماً تكون له نظرة واقعية وأخرى خيالية مما يعني أنه أسير أفكار تشكل عالمه الخاص وإذ منحت الأسرة له حرية التعبير عن ذاته وعن ما يدور في رأسه من أفكار سواء كانت صحيحة أو لا تمت للواقع بصلة فإنه ينشأ في بيئة إيجابية وهو ما يعطيه القدرة على أن يكون له رأي يبديه من دون أن يتلعثم وهو أيضاً ما ينمي قدراته البلاغية وينشط مركز الكلام ويجعله قادراً على المشاركة في القرار، لافتاً إلى أنه من الأهمية بمكان أن يشرك الآباء أبناءهم في صناعة القرار داخل الأسرة وأن يتم إعداد الطفل لكي يكون مستعداً لتحمل نتيجة قراره كأن تستشيره الأسرة في المكان الذي يفضل أن يرفه عن نفسه فيه أثناء العطلات الأسبوعية أو عن الألوان التي يفضلها عند شراء ملابسه، وعلى الرغم من أن هذه المشاركات بسيطة إلا أنها قادرة على تشكيل وجدانه ومن ثم تفعيل دوره وإعداده جيداً لإبداء الرأي واتخاذ القرار. الإغراء بالمشاركة يعترف عامر الشحي «رب أسرة»، بأنه ظل عشر سنوات يستأثر برأيه دخل أسرته وهو ما أفرز أطفالاً هادئين لا يدفعهم حب الحوار للتعبير عن ذواتهم، ويذكر أنه منذ أن رزق بأطفال وهو يستخدم معهم الشدة ومع زوجته أيضاً لكنه شعر بعد مرور سنوات بأن هناك شيئاً غائباً عن مظلة الأسرة وأن أطفاله ليسوا مثل أقرانهم. واضطر الشحي للذهاب إلى إحدى مراكز قياس الذكاء ليطمئن عليهم لكنه اكتشف في نهاية الأمر أن إهمال الحوار الأسري كان أحد أسباب بطء نمو أطفاله وعدم قدرتهم على الاستجابة مع محيطهم الخارجي بالمستوى نفسه الذي يتفاعل به الأطفال الآخرون، ويشير إلى أنه يحاول حالياً استدراك ما فات من خلال منحهم الفرصة على التعبير عما يدور في نفوسهم وكذلك يشجعهم على اتخاذ قرارتهم من دون أن يتدخل. حكايات مسلية ولا يخفي بدر النقبي «رب أسرة»، أنه كان يتصرف بفطرته مع أطفاله الثلاثة الذين تتفاوت أعمارهم إذ إنه دائماً يقرأ معهم القصص المسلية التي تفضي إلى عبر، ومن ثم يتحاور معهم ويناقشهم في طبيعة الحكاية وهو ما جعلهم يستطيعون التعبير عن أنفسهم بجداره فضلاً عن أنه حاول أن يجعلهم أصحاب قرار فيما يخصهم حتى يشب كل واحد منهم وهو قادر على أن يتصرف في مواقف الحياة ومن ثم يكون إنساناً إيجابياً ويلفت إلى أن زوجته كانت تهدم ما يبنيه كل يوم بأسلوبها المتعسف معهم وعدم منحهم الفرصة للتعبير عن دواخلهم وهو ما كان يجعله يصطدم معها بشكل يومي إلى أن استطاعت أن تستوعب أهمية الحوار مع الأبناء، مؤكداً أنها أصبحت تتعامل معهم بشيء من العلم وتحاول أن تستنهض من داخلهم الفكرة اللماحة وإبداء الآراء الصائبة. ظلم كبير تعتقد يسرى المنهالي «ربة أسرة»، أن الطفل في العالم العربي يتعرض إلى ظلم كبير ناتج عن سوء التعامل معه وهو ما يؤثر بالسلب على مسيرة الجيل الجديد وتشير إلى أنها لا تترك أبناءها عرضة للاتكال إذ إنها تسعى دائماً إلى اكتشاف مهاراتهم الفردية وتترك لهم مساحة واسعة للتعبير عن آرائهم، ومن ثم المشاركة في اتخاذ بعض القرارات الخاصة بالأسرة وهو ما منحهم القدرة على الحوار من دون أية معوقات ومن ثم التعبير عن أنفسهم بجسارة وتتمنى أن يكون هناك إعداد للأسر بعد الإنجاب. ثقافة الحوار ينصح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الاجتماعية بجامعة الشارقة وأستاذ التربية أحمد فلاح العموش بأن تعزز الأسر من ثقافة الحوار مع الطفل حتى لا يكون في المستقبل شخصية انسحابية تفتقر لتقدير الذات، ويشير إلى أن الكثير من الأطفال يعانون انخفاضاً في عمليات التواصل الحميم في محيطهم العائلي لذا فإنه يرى أن مسؤولية بناء جيل إيجابي يستطيع أن يشارك في الحوار ويبدي رأيه ويتخذ قراره تتوزع على الأسرة والمجتمع والمدرسة والنادي ووسائل الإعلام بأنواعها كافة بالإضافة إلى أن الأسرة يقع عليها العبء الأكبر خصوصاً وأنها تحتاج بصفة مستمرة إلى عملية تثقيف مستمر لأن الثروة الحقيقة هي التي يتم استثمارها في الأبناء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©