الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

طوفان «التعهيد» يجتاح بريطانيا بحثاً عن خفض التكاليف

طوفان «التعهيد» يجتاح بريطانيا بحثاً عن خفض التكاليف
26 أغسطس 2012
تمتع البريطانيون بخدمات عامة تقدمها الحكومة شملت تقريباً كافة ما يحتاجون إليه خلال الستين سنة الماضية، والتي آلت للقطاع الخاص في الوقت الحاضر. ويمتد شبح التعهيد في بريطانيا، من شركة «فيرجن كير» التي توفر الزوار الصحيين لحديثي الولادة من ناحية، إلى مؤسسات الملكية الخاصة التي تسير دور العجزة من ناحية أخرى. كما يعني النمو الكلي للقطاع متمثلاً في شركات كبيرة مثل «جي 4 أس» و»كابيتا» و»سيركو»، أن البلاد وقعت تحت قبضة موجة من التعهيد منذ ثمانينات القرن الماضي. ويوجد عاملان وراء عودة هذا الحماس لتوجه استهلته رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر قبل 20 سنة. أولهما، أن خفض الإنفاق أجبر كل خدمة ممولة من قبل دافعي الضرائب على البحث عن وسيلة لخفض التكاليف. وتمكنت «مطافئ لندن» بالاتفاق مع «كابيتا»، من تسيير خدمات مكالمات 999 الهاتفية بغرض توفير 5 ملايين جنيه أسترليني خلال فترة العقد الممتدة لعشر سنوات، في وقت تعاني فيه المؤسسة من خفض ميزانيتها بنحو 20%. وثانيهما، أن الحكومة تشجعت على تبني ريادة الأعمال في خدمات القطاع العام وتقليص عدد العاملين في الدولة. وعندما حولت «وزارة العمل والمعاشات» 500 من موظفيها إلى شركة «إكوينيتي جروب» العامة، خصصت لهم 25% من أسهم شركة «ماي سي أس بي» الجديدة في خطوة تهدف إلى تشجيع الابتكار. ونتج عن ذلك تعهيد في الحكومة المركزية وردة فعل عنيفة ضد خصخصة الخدمات الحكومية. ووفقاً لبنك «جيفريز»، صبت أكثر من 4 مليارات جنيه استرليني من المناقصات، في مصلحة الحكومة خلال هذه السنة محصورة في ثلاث وزارات العدل والدفاع ووزارة العمل والمعاشات. لكن ومع كل الحديث الذي يدور حول كفاءة العاملين وقلة تكلفة الخدمات، يصحب ذلك بعض الإخفاقات، مثل فشل «جي 4 أس» في توفير الحماية الأمنية الكافية لدورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في لندن قبل أسابيع. ويقول ريك موير، المدير المساعد لإصلاح الخدمة العامة في «معهد بحوث السياسة العامة»، :» يعني ذلك الحرص الشديد عندما يتعلق الأمر بتعهيد الخدمات الشرطية لشركة «جي 4 أس». وترغب الحكومة تماماً في دفع عجلة التعهيد، إلا أنها عادت لوضع بعض القيود حولها في الوقت الحالي، لا سيما وأن هناك بعض الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات حول كيفية تصميم هذه العقود ومراقبتها ومدى تأكد القطاع العام من استيفائها للشروط المطلوبة». ويرى ديفيد هول، مدير الخدمات العامة في قسم البحوث الدولية في «جامعة جرينويتش»، أن قرار تأجيل عقد الشرطة يشير إلى أن التوجه نحو التعهيد مدفوع بأغراض سياسية، وليس مجرد قناعة بأن هذه الطريقة هي الأمثل لتوفير الخدمات. كما أن التعهيد لا يقود بالضرورة في النهاية إلى زيادة الكفاءة. واستشهد بالدراسة الهولندية التي أجريت حديثاً التي أظهرت أنه لا توجد عمليات ادخار تنظيمية ماعدا في الخدمات الفنية مثل نظافة الشوارع وإزالة النفايات. ويقول مارك فوكس، مدير «رابطة خدمات الأعمال» التي تمثل 50 شركة تقدم خدمات لكلا القطاعين العام والخاص،:»يملك التعهيد سجلاً راسخاً من النجاح في تقديم الخدمات». وشملت عمليات التعهيد قطاعات الرعاية الصحية والاجتماعية والعدل والدفاع. وتقدم قطاع خدمات الرعاية الصحية خطوة هذه السنة وذلك عندما تولت شركة «سيركل للرعاية الصحية» إدارة مستشفى «هينشينج بروك» في أول بادرة لشركة خاصة تدير مستشفى عام. وأصبح تقديم خدمات الرعاية الصحية الاجتماعية من الحقول المرتبطة بتحقيق النمو، حيث أقبلت شركات الملكية الخاصة والمدرجة في البورصة على إدارة المستشفيات العامة والعلاج الطبيعي للنطق والمخاطبة والخدمات والمعدات المخصصة للأطفال. وتعددت الشركات التي تقوم بخدمات التعهيد التي لم تعد محصورة على جهة بعينها، حيث تقوم على سبيل المثال «جي 4 أس» بتسيير سيارات الإسعاف، بينما تتعهد «سيركو» بتسيير قسم لعلم الأمراض في مستشفى «جايز آند أس تي توماس أن أتش أس فاونديشن» التعليمي. وفي الرعاية الاجتماعية، يعتبر تقديم اختبار أكثر صرامة لدعم طلبات الإعانات الذي تقوم بمعظمه شركات القطاع الخاص، واحداً من العناصر الأساسية في «مشروع قانون إصلاح الرعاية الاجتماعية». وتقدر «جي 4 أس» عائداتها السنوية من خدمات الرعاية الصحية بنحو 300 مليون جنيه إسترليني، في وقت تحاول فيه الحكومة خفض مليارات الجنيهات من ميزانية هذا القطاع. وتم تعهيد برنامج «الرعاية الاجتماعية لخدمات العمل»، الذي يساعد العاطلين للحصول على فرص عمل بالفعل، لتصبح «جي 4 أس» و»سيركو» ضمن الشركات الكبيرة التي توفر مثل هذه الخدمات. أما في العدل، فعينت «شرطة لينكولنشير» «جي 4 أس» في السنة الماضية بموجب عقد مدته 20 سنة مقابل 20 مليون جنيه إسترليني، لتقديم خدمات شرطية تتضمن خدمات الحجز القضائي وغرفة الضبط. ويذكر أن تشغيل 14 سجنا من مجموع 140 في بريطانيا وويلز، يتم من خلال شركات القطاع الخاص، كما أن 15% من السجناء البالغ عددهم 89 ألفا، نزلاء سجون خاصة، أولها في ولدز في يوركشير الشرقية الذي فتح في 1992، وتديره شركة «جي 4 أس». وتخطط «وزارة العدل» إلى تحويل من 8 إلى 15 سجن للقطاع الخاص سنوياً. وتشير تقديرات «جيفريز» إلى أن عائدات القطاع من المتوقع أن تبلغ 1,1 مليار جنيه أسترليني بحلول 2015، من واقع 400 مليون في الوقت الحاضر. وفي الدفاع تتضمن عقود التعهيد الرئيسية واحداً لإصلاح وصيانة نحو 49,000 منزلا تابعا للجيش البريطاني، بالإضافة إلى عمليات صيانة أرضية ومشاريع إنشاء وحدات سكنية تصل تكلفة الواحد منها لنحو 3,9 مليون جنيه أسترليني. وتتضمن عقود أخرى، معدات الدعم والتدريب وإدارة البنية التحتية. وذكرت مؤسسة «بابكوك» لخدمات الدعم، أنها تعمل على مراقبة فرص الدفاع التي تقدر عائداتها السنوية بنحو 1,6 مليار جنية أسترليني. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©