السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مرض شافيز... هل يُؤزم فنزويلا؟

6 سبتمبر 2011 23:16
تشير الإحصاءات إلى أن نصف عدد سكان فنزويلا هم من الشباب تحت سن 25 عاماً، ما يعني أن نصف سكان ذلك البلد لم يعرفوا في حياتهم زعيماً غير شافيز. فشافيز ليس أقدم رئيس في نصف الكرة الغربي فحسب ـ12 عاماً قابلة للزيادة ـ وإنما هو رجل يخيم بظله على كل مكان في فنزويلا. فهو يتحدث في التلفزيون الوطني كل يوم تقريباً، كما أن صورته وما يقوله من عبارات"مأثورة" تتناثر على اللوحات والملصقات الإعلانية، والأعلام، والجداريات، الموجودة في كافة أرجاء المدن الكبيرة. ويمكن القول إنه يكاد يكون من المستحيل ألا ترى شافيز، أو تسمع صوته، أو تقرأ عنه إذا ما كنت في فنزويلا. ومن المعروف أن شافيز قد أعلن عن نيته خوض انتخابات الرئاسة التي ستجري خلال 2012 التي سيفوز بها لا محالة. ونظراً لأنه يتطلع دائماً إلى المستقبل فإن "الكوماندانتي" أو القائد حدد عام 2031 باعتباره العام الذي يمثل نهاية الأفق الزمني الذي يتطلع إلى أن يظل قابضاً فيه على السلطة في بلاده. ولكن السرطان قد يتدخل في الوقت الراهن لتعطيل تلك الفرص. فعلى رغم أن التفاصيل الخاصة بحقيقة مرض الزعيم الفنزويلي لا تزال غير معلومة بشكل دقيق حتى الآن، فإن شافيز اعترف صراحة بأنه قد أصيب بالسرطان ـ لم يحدد أي نوع ـ وأنه قد خضع لعمليتين جراحيتين، وتلقى علاجاً كيماوياً في كوبا. وعلى الرغم من إعلانه بعد عودته إلى بلاده قادماً من كوبا أن جسده قد تخلص من الخلايا السرطانية، إلا أنه أكد إن معركته مع ذلك المرض سوف تستمر لأن "خلاياه الخبيثة تذهب وتجيء في معركة مستمرة". وقد فجر مرض شافيز أشرس صراع سياسي ينشب في فنزويلا منذ مجيئه إلى السلطة. وهذا الصراع لم يندلع بين أنصار شافيز ومعارضيه، ولكن أيضاً بين الشرائح المختلفة من أنصاره الذين يتنافسون على خلافته في حالتي وفاته أو عجزه. شافيز لم يُعِد خلفاً له، كما لم يبنِ مؤسسات لديها القدرة على إدارة المرحلة الانتقالية حتى الوصول إلى بر الأمان، حيث كان حرصه كله على تركيز جميع السلطات في يده، بحيث لم يترك مساحة لأي قائد أو طرف آخر. من هنا يكون السؤال: من ينتظر أن يقود فنزويلا في حالة غيابه؟ بعد غياب شافيز عن المسرح لأي سبب من الأسباب، سوف ينشب حتماً صراع شرس خصوصاً بين القوى الموالية لشافيز وهي قوى متنوعة بقدر ما هي مقسمة، والبعض منها مدجج بالسلاح، ولا يعاني أيّ منها من نقص التمويل. القوة الأبرز بالطبع من ضمن هذه القوى هي قوة الجيش الذي نجح شافيز في ترويضه بحيث يضمن ولاءه المطلق. وهذا الجيش أعلن على لسان أحد كبار ضباطه مؤخراً أنه لن يقبل بتولي المعارضة الحكم، حتى لو فازت بالانتخابات القادمة(2012). ومن ضمن القوى التي يمكن أن تلعب دوراً في فترة ما بعد شافيز مجموعة الضباط الكبار الذين يحتفظون بعلاقات وثيقة مع الجيش والاستخبارات الكوبية. وأهمية تلك القوة تتضح إذا ما أدركنا مدى متانة العلاقات الشخصية التي تربط بين الزعيمين شافيز وكاسترو والتي دفعت شافيز إلى الذهاب لكوبا تحديداً لتلقي العلاج من السرطان حيث حظي برعاية شخصية من زعيمها التاريخي المتقاعد. من الناحية المقابلة تمثل فنزويلا صديقاً وثيقاً لكوبا. والجيش ليس القوة المسلحة الوحيدة في فنزويلا. فشافيز بسبب خشيته من تكرار نموذج انقلاب 2002 ، عمل على تفتيت قوة الجيش وإنشاء مليشيات مسلحة ومجموعات شبه عسكرية وأخرى غير محددة الشكل والمهام لحمايته. وهذه المليشيات والمجموعات إذا بدأ صراع السلطة عقب غياب شافيز وتحول إلى العنف فمن المؤكد أنها ستشارك فيه وخصوصاً في المدن الكبرى. ومن الفئات الأخرى التي ستلعب دوراً في مسألة خلافة سلطة شافيز تلك الفئة المعروفة بـ" البرجوازية البوليفارية" وهي عبارة عن أقلية من الأثرياء الفاسدين على الطراز الروسي، ممن استغلوا علاقاتهم بالحكومة والجيش في تكوين ثروات طائلة مستفيدين في ذلك من فترة الازدهار النفطي التي تزامنت مع فترة حكم شافيز في البلاد. ومما يفاقم من خطورة هذه الفئة أن بعض أعضائها يشغلون مناصب في الحكومة كما أن بعضهم مسؤولون منتخبون، أو أعضاء في الجمعية الوطنية (البرلمان). وهناك بالطبع شخصيات على علاقة بمواقع القوة والنفوذ في البلاد(الجيش، الأجهزة الحكومية، والعديد من القوى المؤيدة لشافيز) مثل "ديوسدادو كابيلو" الضابط السابق، ورفيق شافيز في الانتفاضة العسكرية الفاشلة عام 1992، والذي عينه شافيز محافظاً، ووزيراً، بل ونائباً له، كما يقود في الوقت الراهن حزب الحكومة (الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا). ولكن ما هو الدور الذي يمكن لمعارضي شافيز لعبه أثناء الفترة الانتقالية التي ستلي غيابه عن سدة الحكم. تشمل المعارضة تلك الشريحة المتعاظمة الدور والنفوذ من منظمات المجتمع المدني بالإضافة بالطبع إلى الحركة الطلابية، والجيل الجديد من القادة الشباب، وبالطبع الولايات المتحدة. الأمر المؤكد أن نفوذ تلك الأطراف سيكون محدوداً في تلك الفترة، لأن المجموعات الثلاث الأولى ـ منظمات المجتمع المدني واتحاد الطلاب والقادة الشباب، تفتقر إلى السلاح، والمال، أما القوة الأخيرة (الولايات المتحدة) فهي متورطة في العديد من الأزمات في أماكن مختلفة من العالم. مواسيه نعيم زميل أول بمؤسسة كارنيجي للتعاون الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©