الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الصين والهند وأميركا.. المصالح والمنطقة الرمادية

21 نوفمبر 2006 01:51
خالد عمر بن ققه: كعادته دائما، حيث الذهاب الواعي إلى المستقبل، تبليغا وتحذيرا وتوقعا، يعقد مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية المؤتمر السنوي الثاني عشر للطاقةـ هذه السنة ـ تحت عنوان '' الصين والهند والولايات ·· التنافس على موارد الطاقة ''··على اعتبار أن تلك الدول الثلاث هي القوى العالمية الأكثر استهلاكا للطاقة، ما يعني استعمالها لكل الوسائل المشروعة ، وأحيانا غير المشروعة ـ الحروب مثلا - للحصول عليها ، ومن هنا يأتي السؤال الذي جاء بصيغ مختلفة في الأوراق المقدّمة : هل ستنتهي رحلة البحث عن مواد الطاقة إلى تعاون أم إلى صراع؟·· لم يتوصل السؤال السابق إلى إجابة، لكن الأوراق المقدمة ـ بناء على قراءة الملخّصات ـ تشير إلى احتمالات التعاون، و ذلك على سبيل الأماني، كما تشير إلى تنافس شديد موجود الآن وما يتبعه من مشكلات على المدى البعيد أقرت بها حكومات الدول الثلاث، لكن سيشتد في المستقبل، كلما اقتربنا من العام2030 الواقع أن الحديث عن التنافس في مجال الطاقة ليس بين الصين والهند وأمريكا فحسب وإنما بين كل دول العالم يؤثر على العرب ، خصوصا الدول الخليجية سلبا أو إيجابا، ومن هذه الزاوية علينا أن ننظر إلى هذا المؤتمر، وكأننا بمركز الإمارات يقدم رسالة واضحة بخصوص مستقبلنا العربي وموقعنا في خريطة الاستراتيجيات الدولية الكبرى وتضاريس الصراع والتنافس، البحث عن السبل الكفيلة للاستقرار ضمن رؤية تأخذ بالمعطيات الدولية المؤثرة على صناعة القرار السياسي· المصالح''الجيوسياسية'' لقد ذهب الدكتور جمال سند السويدي مدير المركز، في كلمته الترحيبية إلى القول: ''·· سوف يركز المؤتمر على المنافسة والتعاون الدوليين في تأمين مصادر طاقة محدودة، فحين تصبح الحاجة إلى الوفاء بمتطلبات الطاقة أكثر حدّة ، فإن المصالح الجيوسياسية والاستراتيجية تخضع بشكل متزايد للمصالح الاقتصادية، وهذه المنطقة الرمادية من الصناعة المتداخلة مع السياسة، يمكن أن تؤدي إما إلى المنافسة الاستراتيجية على المستوى العالمي، وإما إلى التعاون ''وجودنا ضمن المنطقة الرمادية لجهة التنافس بيد الدول الثلاث ،السابقة الذكر، وغيرها في العقود القادمة، يجعل من البحث عن الوضوح من ناحية التعامل للحفاظ على الطاقة باعتبارها ليست سلعة تخضع لشروط السوق من حيث العرض والطلب، وإنما باعتبارها ثروات وطنية تنطبق عليها شروط السيادة الخاصة بكل دولة، لأنها تمثل شرعية للبقاء وللسلطة والنمو والازدهار·· هنا عليها أن ترتقي من السلعة أو حتى الثروة التي يجب الدفاع عنها إلى حامية للدول من الهزات الكبرى التي تواجه الدول المتخلفة أو الضعيفة· إذن فالتنافس بين الصين والهند وأمريكا من أجل الطاقة ومواردها، هو على نحو آخر تنافس يخصنا نحن المنتجين ولا يمكن فصله عن المواقف السياسية، وما واجهته المنطقة من حروب، وما قد سيحدث في المستقبل من تداعيات هو نتيجة لموارد الطاقة و سيؤثر في صناعة القرار السياسي داخل الدول العربية لجهة الميل لإحدى الدول الفاعلة حسب المصالح المشتركة · الحرب الطويلة في هذا الإطار تعد سارة إمرسون ـ المدير التنفيذي لشركة تحليل أمن الطاقة في الولايات المتحدة ـ محقة حين ذكرت في ورقتها : ''··إن نشوء تحالفات لأجل التغيير في الميدان السياسي يساهم في تغيير المواقف الأمريكية حيال أنواع الوقود البديلة وصيانة البيئة والتغيرات المناخية، كما أن تهديد الهجمات الإرهابية والأعاصير والحرب الطويلة في العراق، وارتفاع أسعار النفط تساهم جميعها في هذا التطور في الإجماع الشعبي حول الطاّقة ''· لكن كيف للولايات المتحدة أن تغير موقفها لجهة القبول بمنافسة صينية ـ هندية في مجال الطاقة وهي التي تدفع الدم من أجل ذلك في المنطقة ، وما دخلت الحروب إلا من أجل مصالحها، وأن الصّين والهند اللتين اختارتا طريق السّلم في التعاون الدّولي من أجل الحصول على الطّاقة، على الأقل في الوقت الرّاهن أن تنعمان بهذا الاختيار إلى وقت طويل، وهل ستظل الدول القريبة منهما جغرافيا بمنأى عن التنافس المتواصل ؟ كما يذكر د· وينران جيانج مدير معهد الصين ـ جامعة أليرتا ـ كندا ، في ورقته : ''لقد ازداد انفتاح شهية الصين على الطاقة نظرا لنمو اقتصادها بنسبة 10% على مدى ربع القرن المنصرم، وقد تحوّلت عام 1993 من دولة مصّدرة للنفط إلى دولة مستوردة، وقد عانت في الأعوام القليلة الماضية نقصا حادا في الطّاقة ، وكردّ فعل على ذلك طبّقت القيادة الصينية استراتيجية التوجه إلى الخارج بإرسالها شركات إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ومناطق أخرى من العالم بحثا عن الطاقة وموارد أخرى ''، لم تمارس الصين ضغوطا أو استعراضا للقوة من أجل الحصول على الطاقة، وبذلك فتحت لها أسواق كثير من الدول وحصلت على عدد كبير من المشاريع، وعملت هي أيضا على دعم الدول الأخرى، من ذلك التمويل الكبير الذي جاء خلال الأيام القليلة الماضية بعد لقاء معظم القيادات الأفريقية في بكين في إطار الدعم الصيني للدول الأفريقية، ما يعني أنها توّطد مزيدا من العلاقات مصحوبة بالحب مع الدول المنتجة الآن أو في المستقبل للطاقة· العصر الجديد·· والوعي أما بالنسبة للهند فإنها '' تهدف إلى تحقيق معدّل نمو اقتصادي ما بين 8ـ 10%في السنوات العديدة التالية، وقد وضعت لنفسها أهدافا تنموية طموحة، على أي حال ، فقد تمّ تحديد الطاّقة على أساس أنها عامل مقيّد من الناحية الكامنة في عملية التنمية، لأن التنمية تتطلّب الاهتمام العاجل''، وذلك حسب ما ذكرت د·لينا سريفستافا ـالمدير التنفيذي لمعهد الطاقة والموارد البشرية في الهند ـ في ورقتها، التي شاركت بها في المؤتمر· الأهداف التنموية للهند تتطلب جهودا مضنية من أجل تحصيل الطاقة والتنافس من أجلها، وربما التقارب الحاصل بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية يؤشر إلى استقطاب أمريكي مقصود للهند تجلى مؤخرا في الّدعم النووي، وإن كان هذا لا ينفي التعاون بينها وبين الصّين، والحديث هنا يركز على علاقة الصين والهند، كل منهما منفردة بأمريكا · مهما يكن فإن مركز الإمارات بعقده لهذا المؤتمر جعلنا نقرأ الحاضر بعيون المستقبل، ونستشرف المستقبل لجهة تحديد موقعنا في ظل التحديات التي تواجهنا، و هذا يتطلب منّا الدخول بوعي للحقبة القادمة بالرغم من أن الدكتور سعيد ناشط ـ مدير الطاقة بالمنتدى الدولي للطاقة ـ المملكة العربية السعودية يقول في ورقته '' إذا كنا قد دخلنا بالفعل إلى عصر الطاقة الجديد ، فيبدو أنه عصر لا يتّسم باليقين والوعي المرتفع بالطاقة حول العالم ··· ويبدو أيضا أنه عصر المنافسة المتزايدة من أجل / وبين مصادر الطاقة جاء في مواجهة خلفيّة من تحول الجاذبية الاقتصادية العالمية نحو آسيا مع مضامين الجغرافيا السياسية ''·· تلك الجغرافيا التي نحن منها، والتي عليها أن لا نكون ضحيتها كمنطقة رمادية اختلطت فيها الصناعة بالسياسة· قد لا نهتدي في هذه المؤتمر إلى جميع الطرق والوسائل التي تؤدي إلى الخروج من المنطقة الرمادية، لكن الحوار حول هذا الموضوع من خبراء وعلماء وإعلاميين، قد يوصلنا إلى معرفة البداية ، وذلك إن تحقق فهو النجاح، وما سيأتي بعده يلزم أصحاب القرار ، ولا يملك الخبراء تحديده·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©