الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسواق الجزائر تغلق أبوابها بعد العيد رغم النداءات والتهديدات

أسواق الجزائر تغلق أبوابها بعد العيد رغم النداءات والتهديدات
7 سبتمبر 2011 00:25
بعد أن يرحل العيد سواء الفطر أو الأضحى، تشهد المحال التجارية والأسواق بالجزائر العاصمة والمدن الكبرى ظاهرة غريبة تتمثل في غلق أبوابها أياماً عديدة قد تتجاوز الأسبوع، حيث يتفرغ أصحابُ المحال وتجار الأسواق لـ”عطلة خاصة” يمنحونها لأنفسهم دون أن يكترثوا بحاجات المواطنين إلى المواد الغذائية المختلفة، أو بنداءات المسؤولين وتهديداتهم لهم. (الجزائر) - ما أن يرحل عيد الفطر أو عيد الأضحى من كل سنة، حتى تتحول الجزائر العاصمة والمدن الكبرى إلى “مدن ميتة”، شوارعها شبه خالية من المواطنين والسيارات، وأغلب محالها التجارية مغلقة، لا تكاد تعثر على محل مفتوح إلا بشق النفس، ما يجعل التجوال فيها مملا. إلا أن الأمر لا يقتصر على مسألة التجوال، بل يتعداه إلى الصعوبات الكثيرة التي يجدها المواطنون وعابرو السبيل الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بذويهم لقضاء العيد لديهم أو الذين أجبرتهم ظروف العمل على العودة سريعاً إلى الجزائر العاصمة، في التزود بمختلف المواد الغذائية الأساسية. ظاهرة محيرة معظم المخابز ومحال المواد الغذائية والأسواق مغلقة بعد العيد، ويستمر الغلق بضعة أيام، وهو ما يسبب ندرة كبيرة في هذه المواد تُترجم إلى طوابير طويلة للمواطنين أمام العدد المحدود من المخابز ومحال المواد الغذائية التي “تتكرَّم” بفتح أبوابها. وتمتد الظاهرة إلى المطاعم حيث تغلق أبوابها بدورها بعد العيد ولا تفتحها إلا بعد نحو أسبوع، بل إنها تغلقها قبل العيد بيومين لأن عمالها يلتحقون بعائلاتهم في المدن الداخلية لقضاء العيد، ما يجعل الموظفين والعمال “يصومون” رغماً عنهم ولا يفطرون إلا بعد العودة إلى بيوتهم، بينما يقدم مستخدَمون آخرون على جلب أكلهم معهم كل صباح في أكياس ليتناولوه بمقرات عملهم في منتصف النهار. أما الصيدليات فتعمل بنظام “التناوب” الذي يطبَّق عادة في أيام الجمعة فقط، حيث تغلق معظم الصيدليات أبوابها ويُجبر كل من يعاني حالة صحية طارئة في البيت كارتفاع حمى أحد أطفاله مثلاً، على “التجوال” طويلاً في أنحاء المدينة للعثور على صيدلية مفتوحة، فيما تصبح الأسواق، خالية على عروشها بعد العيد بأيام عديدة، فلا تكاد تعثر على تاجر خضراوات إلا بشق النفس، أما الأسعار في هكذا أوضاع استثنائية، فحدث ولا حرج، ونفس الكلام ينطبق على وسائل النقل الخاصة التي تشهد ندرة كبيرة تسبب مشقة كبيرة للمسافرين. نداءات وتهديدات أدى تكرار هذا الوضع كل سنة، إلى تدخل وزارة التجارة واتحاد التجار الجزائريين مراراً حيث وجَّه الطرفان مراراً نداءً إلى أصحاب المخابز والمطاعم ومحال المواد الغذائية وتجار الأسواق لفتحها بعد العيد، والاكتفاء بعطل قصيرة كالموظفين والعمال الذين يستفيدون من يومي العيد فقط، إلا أن كل هذه النداءات ذهبت أدراج الرياح، ما جعل اتحاد التجار يهدد باللجوء إلى مقاضاة كل من يرفض فتح محله في هذه الأيام، بينما توعدت وزارة التجارة كل من يرفض الامتثال لنداءاتها بمعاقبته بالغلق المؤقت لمحله والغرامات المالية، إلا أن كل هذه التهديدات لم تنفذ إلى حد الساعة بشكل واف، حيث اقتصر الأمر على إتباع نظام التناوب بين “بعض” المخابز والصيدليات، بينما بقي الأمر على حاله لدى أغلب أصحاب المحال التجارية والمطاعم وتجار الأسواق. ويعتقد رئيس اتحاد التجار الجزائريين صالح صويلح أن “المسألة مسألة وعي بالدرجة الأولى، ويتعين مواصلة حملات التوعية لإقناع هؤلاء التجار بفتح محالهم بعد العيد مباشرة وتقديم حد مقبول من الخدمات للمواطنين”، بينما يرى يوسف قلفاط، رئيس اتحادية الخبازين، أن المشكلة تكمن في عدم وجود نص قانوني يعاقب التجار الذين يرفضون فتح محالهم. وأعلن قلفاط بهذا الصدد عن الاتفاق مع 8 آلاف خباز، من مجموع 14 ألف خباز بالجزائر، على فتح مخابزهم بالتناوب أيام العيد. غياب العمال يبرر أغلب أصحاب المخابز والمطاعم هذه “العطلة” الطويلة التي منحوها لأنفسهم على حساب زبائنهم بالتنبيه إلى أن أغلب عمالهم ينحدرون من الولايات الداخلية، وهم يغادرون محالهم يومين أو ثلاثة قبل العيد بسبب ندرة وسائل النقل، ولا يعودون بعد العيد إلا بعد أيام عديدة قد تتجاوز الأسبوع، ما يجعل فتح محالهم في هذه الحالة بدون معنى. يقول كمال طويلب، صاحب مطعم بحي “ديار العافية”، مبرراً غلق مطعمه يومين قبل العيد وهو الذي كان يقدم وجبات رمضانية طيلة الشهر الكريم لزبائنه “أغلب عمالي ينحدرون من ولاية جيجل ( 375 كلم شرق الجزائر) ما يجبرني على غلق المطعم قبل العيد وبعده بأيام عديدة وانتظارهم إلى أن يعودوا لأني لا أستطيع أن أقدِّم لزبائني الخدمات التي تعوَّدت على تقديمها لهم يومياً في الحالات العادية”. وعما إذا كان يعاقبهم كل مرة بعد عودتهم، أجابنا مستغرباً:”ولماذا أعاقبهم؟ كل الموظفين والعمال يتصرفون هكذا، حتى الذين يشتغلون بالقطاع العام يمنحون لأنفسهم عطلة خاصة كل عيد ويتحدُّون الإدارات ويضعونها أمام الأمر الواقع فلا تتمكن من معاقبتهم لأن الظاهرة عامة، فلماذا أعاقب أنا عمالي؟ وأين يمكنني أن أجد عمالاً يقبلون بالاستغناء عن أجواء العيد وسط عائلاتهم والرجوع إلى عملهم مباشرة في ثاني أيامه؟” وتكرار هذه الممارسات في كل عيد جعل الجزائريين يلجؤون إلى اتخاذ تدابير احتياطية، وفي مقدمتها عجن السيدات للخبز التقليدي في البيوت بعد اقتناء الدقيق قبل العيد لسدِّ أي نقص في الخبز، كما يقتنون كميات وافرة من المواد الغذائية الضرورية والخضراوات والحليب لاستهلاكها إلى غاية “عودة الحياة إلى طبيعتها” بعد نحو أسبوع. إلى ذلك، يقول مصطفى تيشات، رب أسرة وموظف “تعودنا على هذه الندرة كل سنة وأصبح الكثيرون يتخذون احتياطاتهم. من جهتي، أحرص على اقتناء كمية وفيرة من الخضراوات وكيس دقيق”. رزنامة الدوام في 27 أغسطس المنقضي، شكلت وزارة التجارة لجنة مشتركة مع اتحاد التجار الجزائريين ونقابة الخبازين لضبط رزنامة لدوام التجار والخبازين أيام العيد، بهدف ضمان تموين متوازن للسوق بحاجيات المواطنين الغذائية، وبخاصة الخبز. وحذر بيانٌ لوزارة التجارة من “ندرة الخبز والمواد الغذائية الأساسية في أيام العيد بالنظر إلى تزامنه مع عطلة نهاية الأسبوع وكذا مع العطلة الصيفية”. ودعا التجار إلى احترام رزنامة المداومة المتفق عليها، إلا أن هذا النداء لم يلق صداه وبقيت أغلب المخابز والمحال مغلقة حسبما لاحظنا من خلال جولة بسيطة لنا في بعض أحياء الجزائر العاصمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©