الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالوهاب الديواني.. قصة نجاح يرويها البحر

عبدالوهاب الديواني.. قصة نجاح يرويها البحر
1 مارس 2016 09:15
أحب عالم البحار، واجه أمواجه العاتية، تنقل من دولة لأخرى.. عاش الغربة لشهور عدة، لكن بعد كل رحلة بحرية ممزوجة بطعم النجاح يعود منها محملاً بمهارات وخبرات جديدة، حب القيادة كان هدفه الذي سعى له، هذا الهدف هو الخطوة الأولى نحو تحقيق حلمه لقيادة السفن البحرية، وهو المجال الذي أثبت فيه كفاءته. عشق البحر والمغامرة وحب السفر.. وكيف لا يعشق البحر وكل هذه السواحل الفاتنة تمتد أمامه على طول السواحل الإماراتية. هناء الحمادي (أبوظبي) عبدالوهاب محمد الديواني، الذي كُرم ضمن الـ44 شخصية في «أوائل الإمارات» في الدورة الثانية، هو أول قبطان بحري في دولة الإمارات، ولد في عجمان، وحصل على بكالوريوس نقل بحري من الأكاديمية البحرية التجارية الأميركية في جامعة نيويورك عام 1965. تمكن من إرشاد ما يزيد على 5000 سفينة بضائع تجارية لميناء راشد ونحو 600 سفينة إلى ميناءي الشارقة وأبوظبي. أول مرشد بحري هذا التميز والنجاح أهله أن يُكرم ضمن كوكبة من الإماراتيين المتميزين في عدة مجالات، ليكون ضمن فوج التكريم مع الـ44 شخصية إماراتية، تميزت في عدة مجالات واستحقت أن تُكرم بعد رحلة من العطاء والنجاح. بالرجوع إلى شريط ذكريات الديواني، وبداياته في تحدي وركوب الأمواج والسفر منذ التحاقه بالنقل البحري، استطاع بجدارة وبكل خبرة وحنكة أن يتدرب على يديه ويتخرج نحو 4600 ضابط بحري تجاري من شباب معظم الدول العربية الأعضاء في الأكاديمية العربية للنقل البحري في الشارقة من عام 1982 وحتى 1991، الذين يمارسون قيادة السفن العربية ويعملون بإدارات الموانئ وشركات ومؤسسات النقل البحري التجاري الدولي والإدارات البحرية. هذا النجاح الذي يفتخر به الديواني ساعده في أن يكون أول مرشد بحري مواطن في ميناء راشد ـ دبي، كما أنه أول مدير عام لأكاديمية بحرية تجارية تتبع الجامعة العربية ومقرها الشارقة، وهو بدرجة أمين عام مساعد في جامعة الدول العربية. حلم الإبحار بوصفه أول قبطان بحري إماراتي، لعب عبدالوهاب محمد الديواني، دوراً هاماً في نمو اقتصاد الإمارات، حيث شهد مولد وتطور ميناءي راشد وجبل علي، بجانب تشكيل مسيرة الآلاف من الضباط البحريين، سواء داخل الدولة أو خارجها. ودفعه حبه للإبحار، لعمله في القطاع البحري، لينضم بعد تخرجه للعمل كضابط صغير في إحدى البواخر، ومن ثم السفر للكويت والعمل كمرشد سفن في ميناء شعيبة. شريط الذكريات يمر أمام الديواني للبداية الأولى في مسيرته البحرية وكأنها تتراءى أمامه اليوم، فبعد مقابلته لويليام دوف، مستشار حاكم الكويت وقتها، نصحه بالعودة لدبي، ليلحق به دوف نفسه فيما بعد ويصبح مستشاراً للشيخ راشد إبان مرحلة التطور الأولى لإمارة دبي. وبعد العمل بنصيحة دوف والعودة لدبي في عام 1970، وجد الديواني أن ميناء راشد قد أنهى المرحلة الأولى من البناء. ويقول: «بدأ الأمر بمثابة الحلم بالنسبة لي، حيث كان الميناء وقبل سنوات قليلة ساحلاً رملياً كبيراً لا يضم سوى استراحة صغيرة. ويضيف: «كانت شركة جراي ماكينزي دبي، التي يرأسها جورج شابمان، تدير الميناء في ذلك الوقت تحت شركة تسمى «دبي لخدمات الميناء». وبتشجيع من صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، الذي كان ولي عهد في ذلك الوقت، اتجهت لمملكة البحرين للعمل هناك كقبطان متدرب رغم أن مؤهلاتي العلمية وخبرتي العملية، كانت تؤهلني للعمل كقبطان. مهمة خطيرة يستطرد الديواني حديثه بالقول: «في اليوم العاشر من العمل في ميناء راشد كقبطان متدرب، واجهت تحدياً مزدوجاً، ما تسبب في حدوث نقطة تحول في مسيرتي المهنية. ويقول: «في أحد أيام الصيف الشديدة الحرارة، أصيب اثنان من كبار القباطنة، اللذان كانا يرأساني، بالمرض الذي منعهما من إدارة السفينة، وفي هذه اللحظة غير المتوقعة وُكلت لي مهمة إرشاد إحدى البواخر الكبيرة للمرفأ بغية تغيير طاقمها. ورغم رفضي في البداية لشعوري بأنها قد تكون مهمة جديدة وخطيرة في بادئ الأمر، إلا أني في النهاية قبلت بالمهمة شريطة أن تتم ترقيتي لقبطان في حال نجاحي. وبالفعل نجحت في إرشاد الباخرة وترقيت لوظيفة قبطان». ميناء جديد إلى هنا لم تنته رحلة الديواني، لكنه في عام 1974 شهد عرض البحر ازدحام نحو 200 سفينة خارج ميناء دبي في انتظار الحصول على فرصة لترسو بالميناء، عندما كانت المدينة تشهد طفرة عمرانية كبيرة واستيراد معظم المواد من الخارج. وفي حين كان ميناء راشد يضم نحو 15 مرسى، أمر الشيخ راشد بتحويل كواسر الأمواج لمراس بهدف زيادة العدد، الذي ارتفع إلى 34 مرسى قبل ترك الديواني العمل في الميناء. وكان الديواني يشغل منصب نائب المرشد قبل مغادرته للميناء في 1976 ليشغل وظيفة المدير في ميناء خالد بمدينة الشارقة وبعدها مديراً للعمليات ومن ثم نائب المدير العام للميناء. وبينما كان ميناء جبل علي يشكل واحداً من الرؤى الطموحة التي يتطلع الشيخ راشد لتحويلها إلى واقع، كان من الذين شهدوا مولد ذلك المشروع الضخم. ويقول في هذا الصدد: «بينما كنت في طريقي لمدينة أبوظبي عبر طريق الصبخة الترابي، حيث لم تتوفر طرق معبدة حينها وكان التنقل صعباً نوعاً ما، رأيت مربط حبال ملقى على الصحراء فظننت أنه سقط من إحدى البواخر، بيد أن هناك آخر ثم آخر، مما أسر مشاعري وأثار فضولي». وعند عودتي لدبي والاستفسار عن سر المرابط الملقاة، علمت أن الشيخ راشد بصدد إنشاء ميناء جديد قبالة جبل علي. ورغم أن العديد من الخبراء شككوا في نجاح المشروع، إلا أن عزيمة ورؤية الشيخ راشد الثاقبة كانت تقول العكس. ميناء رائد ويضيف الديواني: «كان الشيخ راشد يزور الموقع بصفة شبه يومية عند الساعة الثامنة صباحاً وأحياناً قبل ذلك الموعد، حيث كنت حاضراً في معظم هذه الزيارات». ومنذ ذلك الحين، بزغ فجر الميناء الذي تحول لواحد من ضمن الموانئ الرائدة في العالم، حيث يزخر بنشاطات متنوعة وإدارة تتميز بكفاءة عالية وتتفانى في العمل بهمة لا تفتر. وعلاوة على ذلك، كان الميناء يحظى بجهود الشيخ محمد بن راشد الدؤوبة ونظرته الثاقبة التي تسبق الزمن. وأصبح الميناء واحداً من بين أفضل 10 موانئ للحاويات في العالم، حيث تخطى مناولة 6 ملايين حاوية نمطية ولا يزال يحقق زيادة مطردة. مدير الأكاديمية من عام إلى عام كانت النجاحات تتوالى في حياة الديواني، لكن عام 1982، كان علامة فارقة في مسيرته العملية، حيث تم تعيينه من قبل حكومة الإمارات مديراً عاماً للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، المنصب الذي يقابل مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية. وتُعد هذه هيئة متخصصة في إعداد الكوادر العربية لإدارة السفن العربية الوطنية من قبطان ومهندسين ومدراء موانئ وغيرها من الوظائف المتصلة بالعمل البحري. وعندما عادت الأكاديمية للإسكندرية في 1991، انتقل الديواني لميناء أبوظبي ليشغل وظيفة مستشار للشؤون البحرية. أوائل الإمارات وبتنافس نحو 2600 شخصية للصعود على منصة التكريم التي أسهمت وتميزت في مجالات عديدة تشمل التعليم والصحة والاختراعات والابتكارات والتكنولوجيا والرياضة والثقافة والفنون والإعلام والريادة الاجتماعية والعمل الإنساني، بالإضافة إلى القطاعين الحكومي والعسكري والمبادرات المتميزة في مختلف المجالات في دولة الإمارات، استقبل الديواني خبر تكريمه بفرحة غامرة مع أفراد أسرته، وعن هذا التكريم يصف الديواني شعوره قائلاً: كنت على ثقة راسخة بقيادة الدولة الرشيدة المعطاءة بهذا التكريم، وهذا التكريم هو وسام فخر يضعه كل المكرمين على صدورهم لبذل المزيد من الجهد والعطاء والنجاح، ورسالة نحمل أمانتها في أعناقنا لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تساهم في تحقيق طموحات وطننا الذي لم يبخل علينا. ويضيف: «علاوة على هذا التكريم يكفي فخراً وعزاً أن أسماءنا خُلدت في ذاكرة الإمارات عبر حصولنا على ميداليات وطنية صممت لأجلنا تسمى «ميداليات أوائل الإمارات». رسالة حب بعد خوض تجربة النجاح والتميز والوصول للهدف الذي كان يسعى له أول قبطان بحري بدولة الإمارات، يرسل الديواني رسالة حب وتميز لكل الشباب، ويقول «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، وقوله تعالى «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه». هذه رسالة تبعث إلى بذل المزيد من العمل والتفاني به للوصول إلى تحقيق الهدف والتميز في العمل، بما يسهم في نهضة الوطن وتقدمه، كنوع من رد الجميل لهذا الوطن الغالي. أجيال المستقبل يصف عبد الوهاب الديواني مشاعره لحظة مصافحة رجل الطموح والإبداع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ويقول «كان الشرف العظيم باستقبال ومصافحة سموه، ضمن كوكبة من أوائل العمل الوطني. وشكري وتقديري لشيخنا محمد بن راشد لا تسعه الكلمات ولا يوجد غير القلب يسع المحبة اللامحدودة له، متمنياً أن يقتدي أجيال المستقبل بما أنجزه الآباء لأجلهم، ليعلم الجميع أن دولة الإمارات لا تبخل يوماً أو تتوانى في تكريم أبنائها المتميزين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©