الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

موفق العاني يؤرخ لوطن المليون شاعر ومكانته في التاريخ

موفق العاني يؤرخ لوطن المليون شاعر ومكانته في التاريخ
25 أغسطس 2012
يُعد الشعر الموريتاني مادة خصبة للقراءة والاكتشاف الإبداعي، لما فيه من إسهامات قوية وفاعلة عبر مراحل مختلفة لأجيال المبدعين الموريتانيين، ومنهم الشعراء المختار بن حامد الديماني والخليل بن محمد بن النحوي ومحمدي بن القاضي وفاضل أمين ومحمد ولد مصطفى ومحمد الحافظ بن أحمد وجمال ولد الحسن ومحمد سالم ولد عدود وأحمد ولد عبدالقادر، وغيرهم الكثير، كما جاء في كتاب “موريتانيا.. موطن الشعر والفصاحة”، للشاعر والناقد العراقي موفق عبدالفتاح العاني، الصادر ضمن إصدارات مجلة دبي الثقافية. وجاء الكتاب في 225 صفحة من القطع الصغير، وتضمن صوراً للشعراء الموريتانيين الذين عاصرهم المؤلف، ونقل عنهم وعن أشعارهم التي بدت بين الكلاسيكية المفعمة بالقوة وقصائد التفعيلة بما يشكل انفتاحاً لأذهان ورؤى هؤلاء الشعراء باتجاه الحداثة، على الرغم من أنهم من خريجي المدرسة التقليدية في الشعر والتي تعتبر الإجادة فيها ضرباً من الإبداع اللااعتيادي والمتفاخر به. يقول سيف المري في تقديمه لهذا السفر كما يسميه “كان العاني قد ألقى عصا التسيار حيناً من الدهر في بلد المليون شاعر موريتانيا، التي كانت تعرف لدى من كانوا قبلنا بشنقيط نسبة إلى جبل شهير بتلك النواحي، ولما كان العاني من القوم المحبين للشعر وأهله، وكان معظم أهل موريتانيا إما شعراء أو علماء، فقد حفظت لهم المحاضر، وهي مجمع محضرة، نظاماً تعليمياً يتعرف فيه الطالب لطلب العلم عند شيخ بعينه إلى مستوى تعليمي عال في اللغة والفقه”. وأضاف المري “وانتبه العاني بحسه العربي وذائقته الشعرية إلى أن بين تلاميذه هؤلاء شعراء فحولاً، وخامات وطاقات شعرية بحاجة ليد خبيرة تميط اللثام عن إبداعهم وتأخذ بأيديهم، فبدأ رحلة الرصد لإنتاجهم الشعري الذي استغرق فيه سنين طوالاً وأخذ منه جهداً جهيداً”. قدَّم العاني لكتابه في سرد رحلته إلى موريتانيا عام 1974 من مطار بغداد حتى باريس، ثم نواكشوط ليلتحق مدرساً لمادة الأدب العربي في “المعهد العالي لتكوين الأساتذة” الذي يقوم على إدارته الدكتور الفقيه والشاعر محمد المختار ولد أباه، وتتوالى الأيام ويلتقي العاني بالطلاب الموريتانيين، ويكتشف مواهبهم النادرة بما يكتبون من شعر وما درسوا من أشعار العصور الإسلامية الأولى والأموية والعباسية، وسمع عنهم ووجه طلابه إلى مضان بعيدة في كتابة القصيدة، ثم إنه التقى بعلمائهم. ويتطرَّق العاني إلى جغرافية موريتانيا العربية المنشأ واللغة والعرق والتي تقع في غرب القارة الأفريقية كونها وصلاً بينه أفريقيا العربية وأفريقيا السمراء، ويتحدث عن الشعر جغرافياً كون هذا الوطن صحراوياً، كما يقول الشاعر إسماعيل ولد الحسن: تدعوهمُ للبدو أعرق نزعةٍ فيرون في البدو العدول عن الحضرْ كم عاينوا خطر الصحارى زحَّلاً يرتاد رائدهم مقاييس المطرْ كما يؤكد الشاعر، ناجي ولد محمد الإمام الانتماء إلى الصحارى العربية فيقول: جبال شنقيط من سنين قمتها وطور سينا به أرضنا حجر وفي عروق بني “الجغبوب” من دمنا قسط وباقية في حيفاء يستعر في قبة الصخرة الشماء هندسه من “العتيق” إذا ما قيست الأطرُ ولم يكتف العاني بالجغرافية، بل ذهب إلى موريتانيا التاريخ، حيث يقف الإنسان مبهوراً أمام هذه الأمة العظيمة بشعبها الخلاق منذ أن نزحت قبائل حمير إليها، حيث سكنت القبائل التي تنتمي لصنهاجه الصحراء والتي ذكرها ابن حوقل في كتابه “صورة الأرض” وكما قال الشاعر محمد فال بن عينين رداً على أحد الشعراء: إنا بنو حسنٍ دلت فصاحتنا إنا إلى العرب العرباء ننتسب وينتقل العاني إلى صنهاجة الإسلام والثقافة الموريتاتية ماضيها وحاضرها وإلى الشعر الموريتاني قديمه وحديثه وأغراضه من مدح ورثاء ووصف وغزل وعدم تأثره حتى وقت قريب بالأساليب الشعرية الحديثة، حيث يقول الشاعر عبدالسلام بن عبدالجليل العلوي المتوفى في عام 1348 هـ: فلما تحادثنا تبينت أنها فتاة عن الفتيان غير بتول فقلت لها بالله هل لك هاهنا خليل فقالت لا تكن بسؤول فقلت لها قولي فقالت، حليلٌ يعيش طويلاً إبله لإبول فقلت لها عاداته وطباعه أبشر كريٌم أم جفاء جهولُ فقالت جهولٌ ذو جفاء وغلظة ولكنه غرُّ كثيرُ ذهول ويستمر الشاعر متألقاً، حيث يشرح العاني مفاصل هذا النمط من الشعر الذي يستأنس بالحب مثلما يقول المختار بن حامد: عاشق الغيد لا يغررك ظاهرها كالوجه والثغر والعينين والجيد ثم ينتقل العاني إلى نجوم الشعر الموريتاني في القرن العشرين وهم الشعراء الذين ذكرناهم ومعهم الشاعر الفقيه محمد المختار ومحمد محمود ولد سيدي ومحمد المصطفى بن جدُّ ومحمد كابر هاشم وناجي بن محمد الإمام بن تمليخا. انه كتاب جدير بالقراءة حقاً كونه يكشف طبيعة هذا الأدب الثري بشعره وصوره الجمالية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©