الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثورة السورية: انشغالٌ بحلب وقتلٌ في دمشق

الثورة السورية: انشغالٌ بحلب وقتلٌ في دمشق
25 أغسطس 2012
أعداد من الجثث مبتورة الأطراف والمضرجة بالدماء وُجدت مرمية في الشوارع وأماكن القمامة على أطراف دمشق خلال الأيام الأخيرة، وهي تعود على ما يبدو لضحايا عمليات الإعدام خارج القانون، والتي تنفذها قوات الأمن السورية التي تسعى إلى إخراج المقاتلين الثوار من العاصمة. حجم ونطاق العنف الحالي في العاصمة السورية يحجب ويغطي على المعركة الأكثر استئثاراً بالتغطية الإعلامية والمتواصلة حالياً من أجل السيطرة على العاصمة التجارية لسوريا حلب، الواقعة في الشمال، وحيث مكنت المكاسب التي حققتها قوات الثوار الصحفيين من الوصول إلى خطوط الجبهة، وحيث تتسبب عمليات القصف المدفعي والجوي الحكومية في معظم الإصابات بين المدنيين. النشطاء يقولون إن أعمال القتل التي تتم في دمشق تعكس استراتيجية جديدة للحكومة وتهدف إلى ردع أي دعم للجيش السوري الحر المعارض من خلال معاقبة وترهيب المدنيين الذين يعيشون في مناطق خاضعة لسيطرة الثوار، حيث تشير صور فيديو نشرت على شبكة الإنترنت وروايات بعض السكان إلى حدوث عمليات إعدام جماعية على نطاق غير مسبوق منذ بداية الانتفاضة التي بدأت قبل 17 شهراً ضد حكم الرئيس بشار الأسد. وحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، والذي يحصي ضحايا العنف الذين تم التعرف عليهم، فإن 730 مدنياً قتلوا في دمشق هذا الشهر و529 في حلب، تفاوت ازداد خلال الأسبوع الماضي في وقت تراكمت فيه الجثث في العاصمة السورية. بعض حالات الموت في منطقة دمشق كانت أيضاً نتيجة لعمليات قصف وغارات جوية بواسطة طائرات الهيلوكبتر، في وقت تقوم فيه الحكومة بدك مناطق معروفة بدعمها للثوار. غير أن معظم القتلى هم من المدنيين الذين اختفوا في أعقاب هجمات أو اعتُقلوا في نقاط تفتيش وتم العثور على جثثهم ضمن مجموعات صغيرة تضم ثلاثة أو أربعة أشخاص، أو كبيرة تتألف مما قد يصل إلى اثني عشر شخصاً، كما يقول نشطاء. وضمن أحدث عمليات العثور على الجثث، تم يوم الخميس اكتشاف 11 جثة في شقة في كفرسوسة، وذلك بعد يوم واحد على إعدام 24 شخصاً رمياً بالرصاص هناك، حسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الموجود مقره في بريطانيا. كما تم العثور على خمسة في حي التضامن. ويوم الأربعاء الماضي، تم اكتشاف عشرات الجثث في ضاحية القابون، مكدسين على جانب الطريق، مضرجين بالدماء ومذبوحين، حسب صور فيديو نشرت على موقع يوتيوب. غير أن تفاصيل أعمال القتل يتعذر التحقق منها، حيث يقول نشطاء وبعض منظمات حقوق الإنسان إنهم يجدون صعوبة في التحقق من ظروف حالات القتل المروعة التي يتم تسجيلها بشكل يومي على مقاطع الفيديو التي تنشر على الإنترنت. معظم الضحايا المصورين هم رجال، بعضهم متقدم في السن، والكثير منهم يحملون آثار التعذيب، لكنهم جميعهم ماتوا على ما يبدو بسبب جروح في الرأس بواسطة الرصاص أو ذبحاً. وفي هذا الإطار، يقول نديم حوري، الباحث في منظمة "هيومان رايتس ووتش" التي يوجد مقرها في نيويورك، متحدثاً من بيروت: "من الواضح أنه بينما كان كل الاهتمام منصباً على حلب، كانت ثمة زيادة في العمليات العسكرية حول دمشق، وذلك لأن عدد الأشخاص الذين يُقتلون في تلك المعارك هو أعلى بكثير مقارنة بما يحدث في حلب". غير أن عمليات القصف والغارات التي تقوم بها القوات الحكومية تحول دون وصول الباحثين إلى المواقع التي يتم العثور فيها على جثث، كما يقول حوري. وعلى سبيل المثال، فيوم الخميس الماضي شن الجنود هجوما على الضاحية الجنوبية الغربية لدمشق (واسمها داريا) التي كانت معقلا للمعارضة لوقت طويل، فقصفت المنطقة بالمدفعية قبل أن تقوم بالإغارة على المنازل. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل 15 شخصاً على الأقل، حسب شبكة "لجان التنسيق المحلية" المعارضة. وكما يعترف حوري بأن الروايات المستقاة بشكل مباشر من الشهود حول أعمال القتل نادرة، إذ يقول: "بصراحة، هناك عدد قليل جداً من الشهود"، مضيفاً: "الناس يستيقظون في الصباح ويجدون جثثاً على جانب الطريق". لكن رغم أنه كانت هناك تقارير عن أعمال قتل انتقامية من قبل ثوار يقاتلون باسم الجيش السوري الحر، إلا أن الأغلبية الساحقة من الحوادث تحدث بعد هجمات حكومية على معاقل المعارضة، كما يقول حوري. ويقول نشطاء إن أحدث موجة من أعمال القتل وقعت في مناطق سكنية كانت من قبل خاضعة لسيطرة الثوار. بيد أن معظم الأشخاص الذين يُقتلون ليسوا من مقاتلي الجيش السوري الحر، الذين يعمدون عادة إلى الانسحاب أمام تقدم الهجمات الحكومية، وإنما سكان عُرفوا بتعاطفهم مع المعارضة، كما يقول طارق صالح، وهو ناشط مع مجلس قيادة الثورة في دمشق. وفي هذا الإطار، يقول صالح: "إن النظام يعاقب شبكة الدعم الاجتماعي للجيش السوري الحر، والمعاقبة تطبق على من ينشطون في الثورة وكذلك على من هم يعيشون هناك"، مضيفاً: "إن الهدف من وراء ذلك هو معاقبة الأشخاص في النقاط الساخنة وكذلك تقديم درس للناس في مناطق أخرى". وعلى الرغم من أن الحكومة تسيطر على وسط دمشق منذ بدء الانتفاضة، إلا أن ضواحي المدينة سرعان ما احتضنت الحركة الاحتجاجية ثم التمرد المسلح لاحقاً، وهو ما ترك مقر سلطة الأسد محاطاً بمناطق غاضبة ومضطربة بدأ يتضح منذ أوائل الصيف أنها تهدد قبضته على السلطة. ومع تصاعد القتال خلال الشهر الماضي استطاعت قوات الثوار، وهي الأقل تسليحا من القوات الحكومية، تأكيد حضورها لوقت قصير في عدد من أحياء المدينة، مثل حي "الميدان" الذي يحتضن الجدران القديمة للمدينة العتيقة، وحي المزه الراقي، الذي يضم سفارات أجنبية ومباني حكومية. وبعد ذلك بأيام، حدث تفجير في وسط دمشق أسفر عن مقتل أربعة ضباط عسكريين رفيعي المستوى، ليولِّد مشاعر تفاؤل وأمل داخل المعارضة بأن نظام الأسد بدأ يتهاوى، إضافة إلى موجة من الهجمات التي شنها المقاتلون الثوار من أجل توسيع سيطرتهم حتى تشمل مناطق جديدة حول المدينة. غير أن الحكومة عملت منذ ذلك الوقت، وبشكل ممنهج، على إعادة تأكيد سلطتها، حيث تقدمت قواتها إلى ما بعد حدود المدينة، ووصلت حتى إلى أحياء كان الثوار قد بسطوا سيطرتهم عليها لأشهر. ونتيجة لذلك، أُرغم مقاتلو الجيش السوري الحر على الانسحاب من بعض معاقلهم، مثل دوما وداريا، وفروا من مناطق تم غزوها حديثا بعد هجوم الشهر الماضي مثل التل، إلى الشمال، وجديدة عرطوز، إلى الجنوب الغربي، حسب تصريحات قادة الثوار. غير أنه بالتوازي مع انسحابهم، تحدث أعمال القتل المروعة. ففي منطقة جديدة عرطوز الصغيرة، على سبيل المثال، تم العثور على 83 جثة في أماكن متفرقة من البلدة منذ أن أعادت القوات الحكومية فرض سيطرتها على المنطقة هذا الشهر، حسب أبو عاصي، وهو ناشط من "لجان التنسيق المحلية" هناك. وفي ضاحية قطنا المجاورة، تم الأسبوع الماضي اكتشاف نحو 60 جثة في مطرح للقمامة، أيادي أصحابها مقيدة خلف ظهورهم. وقد نشرت صورهم على الإنترنت أيضاً، لكن ظروف مقتلهم لا تزال غير واضحة بالكامل. ليز سلاي أنطاكية - تركيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©