الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كردستان العراق.. معاناة من نقص التسليح

كردستان العراق.. معاناة من نقص التسليح
20 سبتمبر 2014 00:45
عندما كان مقاتلو «داعش» يتقدمون باتجاه عاصمة إقليم كردستان العراق، كان من المفترض أن يكون «شرزاد صدر الدين» في الخط الأمامي للجبهة مشتبكاً معهم. وكانت هناك مشكلة تحول بينه وبين القتال، لأن هذا الكردي المنتمي إلى قوات «البشمرجة» لا يمتلك بندقية. وكان قد باعها العام الماضي عندما كانت الأوضاع أكثر استقراراً، ودفع ثمنها لشراء بيت جديد، وحدث بعد ذلك أن بادر أخو «شرزاد» المدعو «راشو» الذي يعمل مراقبا تنفيذيا في ورشات البناء، إلى القيام بعمل يعتقد أنه يندرج في إطار الواجب السياسي. فأسرع إلى «البازار المحلي لبيع الأسلحة» ودفع 1250 دولاراً ثمناً لبندقية مصنوعة في كوبا من طراز AK-47 وأربعة خزانات رصاص وأعطاها لأخيه. وقال لي راشو: «إن أخي شرزاد يستخدم البندقية الآن في القتال». وكانت الولايات المتحدة منذ زمن بعيد تنظر بعين الاهتمام إلى إقليم كردستان الذي يمثل منطقة صديقة للأميركيين داخل العراق، عرف عنها التسامح والقدرة على التعايش مع الآخرين وتتميز باقتصادها النفطي المتنامي حتى قيل إنها تنطوي على أكبر أمل في المساهمة بإصلاح أحوال العراق. وحتى عندما احترقت بغداد عامي 2006 و2007، بقيت المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، ملاذاً للمهجرين والنازحين. وفي أيامنا هذه، أصبحت إدارة أوباما تحسب حساب الأكراد بحيث يكون لهم دور أساسي في استعادة المدن المحتلة في شمال العراق من قبل المقاتلين المتطرفين ذوي التسليح القوي والتمويل الغزير. وعلى الرغم من كل هذا، برزت خلال الأشهر القليلة الماضية بعض الثغرات العميقة في قصة نجاح الأكراد، دفعت إلى التساؤل عن مدى نجاح استراتيجية إدارة أوباما التي تعتمد بشكل كبير عليهم. وفي شهر أغسطس الماضي، تراجعت قوات «البشمرجة» الكردية أمام تقدم مقاتلي «داعش» الذين وصلوا إلى نقطة لا تبعد إلا بنحو 40 كيلومتراً عن عاصمة الإقليم أربيل. وأثار هذا التقدم الكثير من الخوف والقلق في تلك المناطق. وكان المقاتلون الأكراد يفتقرون للأسلحة والذخائر وحتى الوقود اللازم لتشغيل العربات القتالية، واشتكى بعضهم من عدم صرف رواتبهم خلال عدة أشهر، وتطلب هذا الوضع الخطير قراراً عاجلاً من أوباما بإطلاق الضربات الجوية لوقف تقدم الإرهابيين. ولا يمثل كفاح «البشمرجة» إلا مشهداً واحداً من سلسلة المشاكل التي عانى منها أكراد العراق الذين سبق لهم أن عانوا الأمرّين في عهد حكم صدام حسين وكانوا يطمحون للانفصال عن العراق ذي الأغلبية العربية. في وقتنا الراهن، أصبحت حكومة إقليم كردستان العراق تعمل في ظل أزمة مالية خانقة تزايدت حدتها، بسبب الخلاف على الميزانية العامة للعراق وسوء الإدارة والتسيير والفساد والنظام المتضخم والفاسد لتحديد الرواتب والأجور في حكومة بغداد. وكان من الطبيعي أن تترك هذه الأوضاع تأثيرها السيئ على كل كردي، بمن فيهم «راشو» الذي شاء حظه العاثر أن تتوقف شركته عن العمل تماماً الشهر الماضي، فيما كانت تتولى إنشاء مساكن جامعية لصالح وزارة التعليم العالي. وكانت الوزارة قد قدمت لشركته شيكاً بقيمة 699 مليون دينار عراقي (600 ألف دولار) نظير العمل الذي سبق تنفيذه، إلا أنه اكتشف أن الشيك من دون رصيد، وأن قبض قيمته لن يتم قبل شهرين حتى تتسلم الوزارة الميزانية المخصصة لها. ويوجّه المسؤولون الأكراد أصابع الاتهام إلى الأزمة الاقتصادية التي خلقتها الحكومة العراقية التي أوقفت هذا العام دفع حصة الإقليم من الميزانية العامة، بعد العاصفة التي أثيرت حول حق الأكراد في توقيع عقود وصفقات بيع النفط بشكل مستقل عن الحكومة المركزية وتوزيع العوائد على من يستحقها. وقال «كيوباد طلباني» نائب رئيس وزراء إقليم كردستان: «يعود سبب الأزمة المالية إلى قرار أساسي اتخذته الحكومة العراقية بالتوقف عن دفع ميزانية كردستان، وبدأوا بتهديدنا منذ عام 2003. ولقد فعلوا كل ما يمكنه إزالة الثقة التي يفترض أن تظل قائمة بيننا وبينهم». وقبل ظهور هذه الأزمة المالية، تدفق المستثمرون الأجانب إلى كردستان العراق مدفوعين بالاستقرار السياسي والأمني النسبي والاحتياطيات النفطية الكبيرة، وراحوا ينفقون أموالهم بلا حساب. وارتفعت أسعار العقارات في أربيل وضواحيها إلى مستوى أسعار العقارات في ضاحية مانهاتن بنيويورك. وبدأت القرى السكنية الفخمة والأبراج تسحر الناس وهي تحمل أسماء مثيرة مثل «مدينة الأحلام» و«بارك فيو» و«مدينة المستقبل»، على الرغم من أن هذه الصروح السكنية والإدارية كانت تنقطع عنها الكهرباء 24 ساعة في اليوم في بعض الأحيان. وبدأت تظهر في شوارع أربيل التي تعمها فوضى حركة المرور، أفخر وأحدث سيارات مرسيدس- بنز ولاند روفر جنباً إلى جانب مع سيارات التاكسي القديمة الصدئة. والآن، وبعد أن ركزت الحكومة الإقليمية في أربيل معظم اهتمامها على المجهود الحربي، فإنه يتحتم عليها أيضاً الالتفات إلى المشاكل ذات العلاقة المباشرة بعجز الميزانية. ومن الواضح الآن أن الأولوية القصوى يجب أن تتركز على تدريب وتسليح مقاتلي «البشمرجة». وسوف ينصبّ بعض الاهتمام على القضايا التنظيمية والإدارية والتركيبية السياسية. وخلال العقود الماضية، كانت قيادات «البشمرجة» تتألف من مزيج من مسؤولي الحزبين الكرديين الرئيسيين، وسوف تركز حركة الإصلاح على وضع ترتيبات جديدة تشبه تلك المتبعة في الولايات، وحيث لا تكون القيادة العامة للجيش الأميركي تابعة للحزبين المتنافسين «الديموقراطي» و«الجمهوري»، بل تكون له قيادته المستقلة، ومن المعلوم أن «البشمرجة» هي من حيث الأصل فصيل من الثوّار تم تشكيله لمواجهة جيش صدام حسين في المناطق الجبلية. وهي تحتاج الآن إلى معدات وتجهيزات عسكرية حديثة، مثل شبكات الاتصالات اللاسلكية والسترات المضادة للرصاص والأسلحة المضادة للدروع وناقلات الجند. ولقد بدأت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بسدّ بعض هذه الفراغات، إلا أن تدفق الأسلحة تباطأ بعد أن حذّرت بغداد من أن كل الأسلحة يجب أن تخضع للتفتيش في العاصمة العراقية قبل توزيعها على الأكراد، وهذا ما يعيق وصولها في الوقت المناسب. ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©