الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطفال يضعون الألعاب الإلكترونية في خانة مواد «سريعة التلف»

أطفال يضعون الألعاب الإلكترونية في خانة مواد «سريعة التلف»
20 سبتمبر 2014 20:01
عندما تصبح أجهزة «البلاي ستايشن» والوي والبي أس بي والآيباد» من البديهيات في حياة الأطفال وطلبة المدارس، فإن شراء النسخ الحديثة منها أولاً بأول لا يعتبر إنجازاً. وهذا على الأقل بنظر أبناء جيل الاستهلاك الذين لا يقدرون قيمة الأشياء ولا يعنيهم أمر الحفاظ عليها أو الاكتفاء بها ولو لفترة. ولسان حالهم يقول «صاحبي لديه الجهاز الجديد والسي دي الأصلي، وفلان رمى الألعاب القديمة وأهل فلان اشتروا له آخر موديل في السوق وهكذا». عواقب بعكس النوايا وسط هذا المشهد الذي يتكرر يومياً داخل الأسر يشعر الآباء بأنهم يفقدون السيطرة شيئاً فشيئاً على تقدير الاحتياجات الفعلية لأبنائهم من عالم التكنولوجيا والأدوات الإلكترونية. وهم ينصاعون إلى تنفيذ رغباتهم على مضض، لا سيما إذا كانت أحوالهم المادية تسمح بذلك. لكن بداخلهم صراعاً ينبههم حيناً من مغبة الأمر وسلوك التبذير الذي قد ينقلونه إلى أبنائهم، ويحذرهم حيناً من الشعور بالنقص الذي قد ينمو لديهم، خصوصاً إذا ما قارنوا بين أهلهم وأسلوبهم في التعامل وأهل زملائهم وأقاربهم الذين لا يرفضون طلباً لأبنائهم. وتأتي المقارنة عندما يكون الوضع الاجتماعي متقارباً ولا توجد أي مشاكل مادية تمنع الأهل من الشراء، وهنا يساء فهم أولياء الأمور وقد تأتي العواقب بعكس النوايا. فكيف يتصرف الأهل؟ وهل من قوالب إرشادية معلبة يمكن اتباعها في مثل هذا الوضع؟ إلى ذلك، تقول فاطمة العلوي، أم لـ4 أبناء، إنها عجزت عن وضع قوانين والالتزام بها فيما يتعلق بشراء الألعاب والأجهزة الذكية. وفي كل مرة تنوي ضبط الأمور، تعود عن قرارها وتجد نفسها أمام «كاونتر» الدفع تشتري أحدث النسخ إرضاء لفلذات أكبادها. ومع أنها غير راضية عن هذا التصرف؛ لأنها تشعر بعدم الحاجة لكل هذه النفقات، إلا أن النتيجة تصب دائماً، بحسب رغبة أبنائها. وهي تتمنى لو أنهم يقدرون القيمة المادية لما لديهم من مشتريات ثمينة، إذ بمجرد أن يحصلوا على أحدث موديل من أي لعبة يهملون ما قبله بكل استخفاف. وقد حاولت العلوي أن تحرم اثنين من أبنائها اللذين أصبحا في سن المراهقة من شراء المزيد من أدوات اللعب غير الضرورية، وكانت ردة فعلهم بأن سألوها «لماذا تمتنعين عن الشراء ولديك المال الكافي لذلك؟ انظري إلى ابن جارنا، لديه من هذا وذاك وعائلته أقل منا بالمستوى المادي». صلاحية زمنية توافقها الرأي أميرة الرافعي، التي تعتبر أن الأهل عموماً يعيشون مرحلة صعبة لم تشهدها الأجيال من قبل. فقد اختلف مفهوم اللهو عن السابق ولم يعد الأبناء يكتفون بالألعاب البسيطة ولا بلعبة ثمينة أو اثنتين. وباتوا يتعاملون مع الأمر وكأنّ القطع الإلكترونية التي تردهم مرتبطة بموضة معينة لها صلاحية زمنية لا ينفع تجاوزها، الأمر الذي ينفي لديهم الشعور بالمسؤولية تجاه أغراضهم، فهم يملكون حس الامتنان لأهلهم الذين ينفقون مبالغ طائلة في السنة على أدوات التكنولوجية والأجهزة الذكية التي لا تهدأ. وتقول أميرة، وهي أم لولدين، إنها تضع ميزانية خاصة في الشهر لمتطلبات ابنها الأكبر وعمره 11 عاماً، وكلها أشياء خارج إطار الاحتياجات المدرسية. وتتساءل «كيف سيكون الأمر عندما يكبر ابنها الثاني الذي لم يدخل المدرسة بعد ويطالبها بالمشتريات نفسها؟» وتشير إلى أن خطورة الاستهلاك الفائض للأجهزة الحديثة، لا يكمن في الإنفاق الزائد وحسب، وإنما يسيء إلى العملية التربوية عموما. وتعتبر أن أخطر ما في الأمر أن معظم الآباء مدركون لخطأ مجاراة الأبناء في هذا السياق، ومع ذلك هم عاجزون عن إيجاد حل جذري. من جهته، يعتبر جمعة الزعابي أن التساهل مع الأبناء في مختلف مراحلهم العمرية أمر مرفوض ولا يقبل أي تبرير من الأهل. وهو مقتنع بأن الطفل إذا لم توضع أمامه حدود سيسترسل في الطلبات إلى درجة يصعب التعامل معها وخصوصا عندما يصل إلى سن المراهقة. وهذا المبدأ يطبقه على أبنائه الذين يملكون كل ما يحتاجون إليه من وسائل تقنية سواء للهو أو للاستخدامات المدرسية مثل «الآي باد، والكمبيوترات». إلا أن استبدال جهاز بآخر لمجرد الجمالية أو السرعة الزائدة، أمر غير وارد في حساباته التي يعرف أبناؤه تماماً أنها تصب في خانة التبذير. ويرى الزعابي أن الآباء هم المسؤولون عن أي خلل قد يحدث في سلوك أبنائهم نتيجة فقدان المعنى الحقيقي لقيمة الأشياء، وعدم القناعة والاكتفاء بالموجود طالما أنه يفي بالغرض. ملخص: يواجه أهال في عصر الاستهلاك المفرط معضلة أساسية تعنى بتربية أطفالهم وأسلوب التعامل معهم، في ظل الهجوم الشرس للألعاب الإلكترونية، وسيل إصدارات الأجهزة والنسخ الجديدة منها الواحدة تلو الأخرى. ويتساءل أولياء أمور ما إذا كانوا يخطئون في التجاوب مع متطلبات أبنائهم خشية الوقوع في التقصير، وما إذا كان الحرمان حلاً مناسباً لتقويم أي اعوجاج حاصل. أم أن المفاهيم القديمة لم تعد تصلح اليوم في زمن لا يفرق بين الكماليات والضروريات في حياة الطفل والمراهق. الثواب والعقاب يتحدث الدكتور حسين علي رضا الأخصائي النفسي عن مفهوم الحرمان في تربية الأطفال والذي لا بد من ربطه بعواقب الأمور. ويشرح أن سلوك الطفل هو الذي يحدد ردة الفعل فيما يتعلق بالثواب والعقاب، كما أن القصاص يجب أن يتناسب مع جنس العمل. فمن غير المنطقي أن يحرم الطفل من أمر يحتاجه لمجرد أنه تسبب عن غير قصد بكسر مزهرية ثمينة. وإنما يعاقب إذا فعل ذلك بقصد التخريب وقد يكون ذلك بتحميله جزءاً من ثمنها أو بحرمانه من أي جهاز لمدة معينة، على أن يوضح له سبب هذا القرار. وأن أي سلوك من قبله تقابله عاقبة سلبية أو إيجابية، فهو يكافأ عندما يصيب التصرف ويجتهد في المدرسة، ويقاصص بالحرمان عندما يسيء لنفسه وللآخرين. ويوضح رضا أن الحرمان لا يكون من أمور أساسية في حياة الطفل لأن ذلك لا يردعه عن الخطأ وإنما يعزز فيه الشعور بالنقص. فالطفل مثلا يحتاج إلى اللعب ولا يمكن حرمانه بالمطلق من اللهو. ويكفي أن يكون القصاص بعدم شراء المزيد من الألعاب أو إخفاء بعضها إلى حين يحسن الطفل من تصرفاته. ويذكر رضا أن مقولة الحرمان يصنع رجالا ناجحين صحيحة لكنها لا تنطبق على كل الأشخاص في كل الظروف. ويوضح أن الأسر الغنية مثلا لا يمكن أن تحرم أبناءها من شراء الأجهزة الإلكترونية الحديثة بقصد أن تلهمهم على النجاح والإبداع في الدراسة. لأن مثل هذا التصرف لن يفهموه ولن يجدوا له مبرراً أو منطقا إلا الاعتقاد بأن الأهل لا يحبونهم ويستكثرون عليهم الفرح بالمشتريات الجديدة. والأصح هنا ربط أمر الإنفاق على مثل هذه المستلزمات، ببذل جهد مضاعف في الدرس. وعندها يحصل الأطفال على ما يريدون مع ضمان شعورهم بالمسؤولية تجاه قيمة المشتريات، والعلم بأن الأشياء لا تأتيهم بسهولة ولا بد من المثابرة للحصول على المراد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©