الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

الجناح المصري.. عراقة ضاربة في عمق التاريخ

الجناح المصري.. عراقة ضاربة في عمق التاريخ
24 ديسمبر 2018 02:22

أحمد السعداوي (أبوظبي)

حمل أبناء الشعب المصري نماذج حية من الموروث المحلي المصري الذي يعود إلى آلاف السنوات، وشاركوا بها ضمن فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي، ليسهموا مع البلدان المشاركة في تأكيد عالمية المهرجان، الذي يقام هذا العام تحت شعار «الإمارات ملتقى الحضارات» سيراً على نهج التسامح والتواصل مع ثقافات وحضارات العالم الذي أرساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت عليه دولة الإمارات لتصبح رمزاً للسلام والتسامح في العصر الحديث.
عن المشاركة المصرية يقول، الخبير التراثي محمود عطا الله، المسؤول عن الجناح المصري، إن المصريين يشاركون عبر 13 ركناً تراثياً و14 حرفياً متخصصاً في المشغولات اليدوية والحرف التراثية المعروفة في المجتمع المصري، ومن أبرز المعروضات المنتجات القطنية المصرية المصنعة من القطن المصري المشهور عالمياً بجودته المتميزة التي تمنح مثل هذه المنتجات قيمة كبيرة في أي مكان، فالجمهور من كل العالم يسأل عنها بشغف، وبالتالي حرصنا على إيجاد ركن متخصص لها ضمن الجناح المصري.


كما يعرض الجناح مشغولات فضية ونحاسية مطلية بالفضة، تعكس مراحل التاريخ المصري بما عليها من نقوش فرعونية وإسلامية وغيرها من مختلف الحضارات والمراحل التاريخية التي عاشها الشعب المصري، وكذلك صناعة الصدفيات اليدوية، والزجاج المعشق. لافتاً إلى أن المشغولات النحاسية والفضية تتضمن أيضاً أدوات وأواني منزلية تستخدم لأغراض الديكور أو للاستعمال في الحياة اليومية مثل أدوات إعداد وتقديم القهوة، أواني حفظ وتبريد المياه، المصابيح التراثية، والتي يقبل عليها الجمهور بشدة لأن غالبية هذه المنتجات تشتهر بها مصر، ويتم صنعها بشكل يدوي ضمن الحرف التي تتوارثها الأجيال.
أحجار «الألباستر»
وأورد عطا الله، أن هناك نوعاً آخر من المشغولات النحاسية المطعمة بأحجار «الألباستر»، وهذه الأحجار استخدمت بشكل كبير في صناعة التماثيل والآثار الفرعونية المشهورة عالمياً، حيث يتميز الألباستر ببياضه الشديد ونعومته الفائقة، والتي تساعد الفنانين على إنجاز أشكال بديعة منه رغم صلابته الشديدة.
ويشرح أن الشغل اليدوي لمزج الألباستر بالنحاس يتطلب استخدام معدات خفيفة لتشكيل الحجر الذي يستخرج بأحجام كبيرة يتم تكسيرها لتصنع منها الأشكال المختلفة، والتي يقبل عليها السائحون من كل أنحاء العالم.
ولفت عطا الله، إلى أن أسعار منتوجات الصدفيات والزجاج المعشق والمشغولات النحاسية والفضية في متناول الجميع وتبدأ من 20 درهماً للقطعة فيما يخص الصدف، والزجاج المعشق من 40 درهماً، أما القطع النحاسية والمطلية بالفضة فتبدأ من 60 درهماً. كما أشار إلى وجود ركن كبير للحلي النسائية المصنوعة من النحاس المطلي بالفضة ويعرض أيضاً بأسعار تبدأ من 20 درهماً لتكون في متناول الزوار، خاصة أن هذه المشغولات تتميز بدرجة عالية من رقي الذوق وجودة التصنيع.

الألمونيوم والزجاج
ويضيف عطا الله: بما أن مصر دولة لها باع كبير في استخراج وتصنيع الألمونيوم، فقد تم تخصيص ركن لعرض الأدوات المنزلية المصنوعة بأيادٍ مصرية وتعتمد على الألمونيوم المستخرج محلياً، ليمثل لوناً فريداً من التراث المصري الذي يمتزج بالحداثة والصناعات العصرية، خاصة أن الألمونيوم الخام المصري يتميز بدرجة نقاء أعلى من غيرها من الألمونيوم المستخرج من باقي أنحاء العالم. كما اشتملت المشاركة المصرية للمرة الأولى هذا العام على مشغولات الزجاج المعشق الذي لاقى إقبالاً كبيراً واقتنى منه الزوار كميات كبيرة، ما يشجعنا على إحضار المزيد منه خلال الدورات القادمة لمهرجان الشيخ زايد التراثي.
إلى ذلك أشاد عطا الله، بالتطور اللافت لكافة الفعاليات التي ينظمها المهرجان والذي يلاحظه سنوياً منذ مشاركته للمرة الأولى قبل 4 سنوات، موضحاً أن مهرجان الشيخ زايد التراثي يعد واحداً من أفضل المهرجانات التراثية في العالم بفضل التطور المستمر في كل ما يخص فعالياته وأحداثه، وحتى طرق العرض وسبل راحة العارضين والجمهور من مختلف الجنسيات والثقافات والحضارات الذين يعيشون أجواء مبهجة، وهو ما نلاحظه عبر الحديث معهم وشعورهم بالرضا في كل ما يتعلق بالمهرجان من خدمات ومنتجات تراثية وعروض كرنفالية بهيجة ممثلة للعديد من شعوب العالم.

مشغولات الصدف
وفيما يتعلق بصناعة الصدف أو المحار، والتي تحتل هي الأخرى مكانة متميزة في عالم المشغولات اليدوية المصرية، فيشاهد زوار الجناح أواني لتقديم وحمل الطعام والمشروبات، وأيضاً علب مُطعمة بالصدف مختلفة الأحجام والأشكال لحفظ المجوهرات وغيرها من الأغراض، وبراويز، وحوامل للمصاحف، وآيات قرآنية توضع على الحوائط، مع أشكال وتحف فنية مختلفة تتسم بالثقافة الإسلامية في تصميمها كونها تعتمد على المزركشات والمنمنمات. إضافة لبعض قطع الأثاث ذات المظهر الكلاسيكي الفريد مثل الموائد وصناديق العطور، وصناديق لحفظ الأغراض الشخصية تشبه «المندوس» المعروف في البيئة الإماراتية، الذي يستخدم لحفظ الملابس والأغراض الشخصية قبل انتشار الخزائن الحائطية والخشبية، وبذلك تشهد المنتجات المعروضة والمرتبطة بشكل واضح بالثقافة العربية والإسلامية بإقبال لافت من الجمهور خاصة أبناء الإمارات، وهو ما لاحظه عندما شارك للمرة الأولى في المهرجان العام الماضي.

حس فني
ويقول خالد قوطة، المتخصص في المشغولات اليدوية المطعمة بالصدف، إن هناك عدة مراحل لحرفة الصدفيات حتى نصل للشكل النهائي لها، حيث نبدأ بتصميم الهيكل الخشبي للقطعة، ثم نقوم بمرحلة التحديد التي تحدد الشكل العام لها، ثم نقوم بتطعيمها بالصدف، ولصقه على جدران الهيكل الخشبي حسب الرؤية الفنية للحرفي، ثم تلميع الصدف مما يعطي القطعة الفنية منظراً مبهجاً، خاصة مع انعكاس البريق الخافت للصدف، والذي يمنح تلك المشغولات سمات كلاسيكية تدفع الكثيرين للحصول عليها وتزيين منازلهم به.
وأورد قوطة، أن هذه المشغولات ينفذها الحرفي بشكل تلقائي نابع من داخله ليس اعتماداً على رسومات هندسية معينة، وإنما عبر حس فني نما لديه عبر عشرات السنين تعلم خلالها الحرفة بالوراثة عن الأهل كما قال قوطة، والذي أوضح أنه يمارس هذه المهنة منذ 35 وأن هناك أجيالاً من أسرته عملت في هذه المهنة الذي يعود تاريخها في مصر إلى أكثر من ألف عام، مشيراً إلى أنه ينتمي إلى محافظة المنوفية في مصر وهي محافظة مشهورة بصناعة الصدف على الصعيد العالمي وليس فقط داخل مصر، وحرفيوها يقومون بتصدير منتجات الصدف إلى عديد الدول بقارات العالم، باعتبار هذه الصناعة واحدة من الصناعات التراثية الثلاث التي تشتهر بها محافظة المنوفية بجانب السجاد اليدوي، والفخار.


ولفت قوطة إلى أن هناك أنواعاً عديدة من الصدف، منها ما يتم استيراده من أستراليا، سلطنة عمان، الفلبين، وماليزيا، أما أغلى الأنواع فهو الأخضر القادم من الفلبين، ويليه في الجودة الأسترالي، ثم القادم من سلطنة عمان، أما الصدف الأبيض فيستخرج من السواحل المصرية وبدأ يأخذ شهرة أكثر من ذي قبل، نظراً لإقبال الصينيين على شرائه وإدخاله في تطعيم وتزيين كثير من قطع الأثاث والديكور.

الأثاث المصري
وفيما يخص الأثاث المصري، يقول إمام أمين، المسؤول عن هذا الركن، والقادم من محافظة دمياط ذات الشهرة العالمية في مجال صناعة الأثاث بمختلف أشكاله، إن سبب هذه الشهرة والإقبال على الأثاث المصري، هو أنه مصنوع من الخشب الزان ومن خامات طبيعية، ما يعطيه متانة فريدة تجعله يعيش عشرات السنين وتتوارثه الأجيال في بعض الأحيان، وهو ما لا يحدث مطلقاً مع غالبية قطع الأثاث الأخرى التي لا يتجاوز عمرها سنوات معدودة، مؤكداً أن صناعة الأثاث المصري جميعها يدوية من الألف إلى الياء، بدءاً من مرحلة تقطيع الخشب، مروراً بالتنجيد والتلميع وغيرها من مراحل صناعته، ما يمنح المصريين تميزاً عن أي صُناع أثاث في العالم، فرغم المنافسة الشديدة مع الأثاث الإيطالي إلا أن المصري يتفوق عليه في فنون الحفر والمهارة اليدوية، لأن المصريين يمتلكون تاريخاً في الحفر يعود إلى آلاف السنين، حيث برع المصري القديم في الحفر على مختلف أنواع الأحجار وأقواها مثل البازلت وغيره من أنواع الأحجار، وأخرج للعالم تماثيل منحوتة بحرفية عالية لا زال العالم يقف أمامها في حالة إبهار حتى اليوم. وبين أمين، أن الأثاث المعروض يتميز بأسعار مقبولة عن أنواع الأثاث الأخرى رغم جودته وطول عمر منتجاته، مشيراً إلى أن العرب بصفة عامة، وأبناء الإمارات بصفة خاصة، يميلون لاقتناء الأثاث المصري لمعرفتهم بمزاياه، كما أنه يتناسب مع أذواقهم وميولهم، فالشغل اليدوي يمنح المنتج قيمة استثنائية قياساً إلى المنتجات المصنوعة عن طريق الآلات والتي تفتقر البعد الجمالي في المشغولات اليدوية، فضلاً عن السمعة الطيبة للأثاث المصري بخشبه الأصلي الخالي من أي عيوب. مشيراً إلى أن المشاركين في الجناح المصري يسعون إلى تقديم منتج جيد، مثل الذي قدموه من قبل عبر مشاركات دولية متعددة بالسعودية، المغرب والجزائر، إضافة إلى مشاركات ببعض دول القارة الأفريقية، والتي يعتبرها سوقاً واعداً أمام أصحاب الحرف والأعمال، لما تشهده أفريقيا من طفرة اقتصادية كبيرة.

رحلة تراثية وترفيهية
لؤي حمودة، المسؤول عن ركن المنتجات القطنية، عبر عن سعادته بالمشاركة في المهرجان، وأوضح أنه تفاجأ بالأعداد الكبيرة للزوار يومياً، ما يعتبره إضافة لأي عارض ويدفعه للمشاركة بأكبر كم من المعروضات، خاصة في ظل طول فترة المهرجان الممتدة نحو شهرين تقريباً، في ظل تنظيم بديع وحرص على توفير كل سبل الراحة للجميع، مع تنظيم الفعاليات العائلية والتراثية التي تجعل زيارة المهرجان وكأنها رحلة تراثية وتثقيفية وترفيهية ممتعة لكل أفراد الأسرة، مؤكداً وجود إقبال كبير على منتجات الأقطان المصرية التي لا غنى عنها للكثيرين، لما تتميز به من جودة عالية وأسعار مناسبة.

جولة سياحية
أشاد إمام أمين بالتنظيم الراقي للمهرجان، والذي يعكس ملامح تراثية من كل بلدان العالم، ويمنح الزوار فرصة القيام بجولة سياحية بأجنحة متعددة وفي فترة زمنية وجيزة، وما زاد من جمال هذه الجولة، أجواء الشتاء الإماراتية الرائعة التي تشجع الجميع على زيارة المهرجان، هذا الحدث العالمي الذي أكد قدرة أشقائنا الإماراتيين على تحقيق أعلى مستويات النجاح في كل المجالات، حتى أصبح المهرجان في مقدمة الأحداث التراثية التي يتنافس الجميع للمشاركة فيها، وهو ما نراه عبر العدد الكبير من الدول المشاركة هذا العام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©