الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغضب يقوض أركان الأسرة ويهدد بانهيارها

الغضب يقوض أركان الأسرة ويهدد بانهيارها
5 سبتمبر 2011 23:03
أسباب غضب الأزواج متعددة، وطرق تجاوزها كثيرة لكن الأهم علاجها واجتثاث أسبابها من الأساس وصولا إلى حياة زوجية سعيدة، وتربية أبناء صالحين وغير مضطربين نفسيا، يسهمون في بناء مجتمعهم وقد تربوا في منزل مستقر بعيداً عن المشاكل والمناكفات التي تخلف آثارا سلبية كبيرة على الزوجة أولا وعلى الأبناء ثانيا. (أبوظبي) - كُتب لها أن تعيش حياة عصيبة مع زوجها، قرابة خمسين سنة احتملت مزاجه المتغير، خطف الفرحة من عينيها، احتملت طيلة مسيرة حياتها، صابرة على أمل أن يحدث الزمن تغييراته التدريجية، كتمت غيظها وجعلت زوجها كل حياتها، علمت أولادها السمع والطاعة، وكل طلباتهم الموجهة لوالدهم تمر من خلالها، جعلته في برج عال إلى أن وافتها المنية، والتحقت بالرفيق الأعلى وظل يكتم غضبه بعدها، في حين أخرى تلملم جراحها يوميا، ولا تزال تسير على أشواك ألفاظ زوجها القاسية، يجرحها مرات ويراضيها مرات، وتسير حياتها في نفس المنوال، وأخريات يحتملن أزواجهن وغضبهم الذي لا يمكن تجاوزه إلا بالدموع. عن أسباب غضب الزوج، تقول غادة الشيخ أخصائية اجتماعية واستشارية أسرية «كثيرة هي الحالات التي تصل إلى الطلاق الناتجة عن الغضب، فهناك بعض الأزواج يغضبون على أتفه الأمور، وهذا دليل على عدم سعة الصدر، وقلة المعرفة بالحياة والدلال الزائد، ما يجعل البيت مسرحا لصراعات وتشنجات كثيرة، بشكل شبه يومي، هذا المكان الذي يجب أن يكون مصدرا للراحة والأمان». وتضيف أن الزوج في حالته العصبية قد يفقد السيطرة على أعصابه، ويقوم بتطليق زوجته، وهذا يؤدي إلى شحن العلاقة الأسرية بكثير من التشنجات التي تنتج عنها حسابات كبيرة تتدخل فيها كل العائلة، وذلك لفك رباط هذا الزواج واسترداد كرامة ابنتهم، أما إذا كان هناك أولاد فهم من يدفعون ثمن هذا الغضب المتكرر، بحيث تنقل العدوى بشكل تلقائي إلى الأولاد، فتدمر حياتهم، والبيت الذي به الكثير من الضوضاء والإزعاج لا ينعم فيه الصغار بالراحة أبدا، فيتحول البيت من مكان أمان إلى مصدر للألم، خاصة إذا كان يصاحب الغضب ألفاظ جارحة كالسب والشتم. وتشير الشيخ إلى أن الزوج الغاضب تتغير ملامحه فجأة، لكنه سرعان ما يتراجع عن غضبه بعد أن يتلفظ ببعض الكلمات، إذ تتغير ملامحه، ويبدأ بالصراخ، وقد يتطور الأمر لاستخدام الأيدي والضرب. من جهتها، تقول هيام السيد «في البداية كنت أعاني كثيرا من غضب زوجي، كبر مدللا، كان وحيد أهله، وطلباته مستجابة دائما، ظلت والدته تظلل عليه، وتخفي كل مشاكله على والده، إلى أن تزوجنا، ومن اليوم الأول في الزواج بدأت المشاكل، لم أكن مدللة مثله، كبرت في بيت يتحمل فيه الجميع المسؤولية كل من موقعه، ومن صغرنا عرفنا مشاق الحياة، وتأقلمنا على تخطي العراقيل». وتضيف «عندما تخطيت حياتي العائلية بنجاح وانتقلت لبيت زوجي، بدأت مشاكل من نوع آخر، زوجي كل شيء بيده، كلمة طلاق يمكن أن يتلفظ بها بسهولة، دون أن يقرأ أبعادها ونتائجها، غضوب جدا، صعب المراس، مهما عملت وحاولت، فإنه دائم الانزعاج والغضب». وتشير السيد إلى أن الزوجة العاقلة تستطيع مع الوقت أن تفهم شيفرات الزوج وتعرف كيف تتعامل معه، وهكذا أصبحت السيد، وهي أم لأربعة أطفال، تتجنب إثارة الحديث مع زوجها خاصة أمام عائلتها، لأنها تقدر جيدا أنه قد يحرجها أمام الجميع، كما تعتني به إلى درجة الملل في البيت. فقد خبرت السيد طرق علاج مشكلتها انطلاقا من تمرسها في حياة ما قبل الزواج على تحمل المسؤولية مبكرا، إلى ذلك، تقول «الزوجة الذكية هي التي تستطيع تجاوز موجه الغضب وتقدر على تهدئة الوضع»، مشيرة إلى أن الزوج الغاضب يكون متسامحا، ولا يقصد ما يتلفظ به رغم قساوته، بل تعتبره ضحية تربية خاطئة لا يتحمل فيها المسؤولية». احتواء الغضب تقول الشيخ «بعد أن يهدأ الزوج تجلس المرأة وتتحدث بهدوء ومودة، فلحظات الهدوء هي أنسب وقت لكي تتواصل السيدات مع أزواجهن». وتوضح الشيخ أن هناك مهارات يجب أن تتعلمها زوجة الغاضب، وتقول «تساءلي دائما عن ثلاثة أشياء وأجيبي عنها: ماذا أقول؟ وكيف أقوله؟ ومتى أقوله؟ فهذه المهارات الثلاث ستجنبك الكثير من المشاحنات والصدمات التي تعصف بالحياة الزوجية». وتضيف «الغضب تركيبة نفسية مكتسبة يفرزها العقل الباطن، وأن أصعب شيء هو علاج النفس البشرية، ومهما حاولنا فك رموزها وشفراتها تظل عصية على إدراك كل شيء فيها». وتضيف «العلم أدرك حقائق كثيرة اليوم عن النفس البشرية، إذ تأكد أن المخلفات النفسية وتركيبتها تبدأ عندما يكون الجنين في بطن أمه، وأن الأشياء في العقل الباطن تنعكس على واقعنا كلما استدعى الأمر ذلك». وتقول الشيخ إن العصبية والغضب صفات مكتسبة، وليست موروثة، كما أنها يمكن أن تكون صفة يكتسبها الشخص الذي ينحدر من عائلة توصف بالعصبية، أو بها أناس عصبيون، وهناك مكتسبات من الصغر، فالطفل يولد بذكاء فطري خارق، لكن يبدأ بالتراجع بعد السن السادسة، هذا الذكاء يجعل بعض الأطفال يدركون أن أهلهم يلبون رغباتهم في كل الظروف، وطلباتهم مستجابة، ويصبح الطفل يستعمل بعض الوسائل لتلبية رغباته كالبكاء والعصبية، هذه السمات ترافق الطفل، خاصة إذا تم تدعيمها بترديد الأهل على مسامع الطفل أنه عصبي حينها تغرس هذه الكلمة في عقله الباطن، وإحساسه بأنه نجم البيت يجعله يزيد من حدة هذه العصبية. وتوضح «يمكن تغيير هذا السلوك أو استدراكه بالقول إنك طفل هادئ، طفل عاقل لأن إيحاء الكلمة يعالج، والإيجابية في الحديث تغير السلوك، ونحقق بذلك ردة فعل عكسية ونرسخ هذه السمة في شخصية الطفل»، مشيرة إلى أن البيت مسؤول عن هذه التصرفات فالزوج الغاضب سيكسب بدوره الغضب لأولاده. الزوج الغاضب تقول شيخة أحمد إن الزوج الغاضب لا يمكن احتماله، مشيرة إلى أنها استطاعت معالجة غضب زوجها بالمواجهة. وتوضح «لكون زوجي من نفس العائلة كنت أسمع عن غضبه الزائد، والذي بسببه طلق أكثر من زوجة، ومع ذلك قررت الزواج به، وتحملت كل تبعات الموضوع، بحيث كان يغضب لأتفه الأسباب، مع العلم أن روحه مرحة، ويحب الناس، لكن عيبه الكبير هو غضبه، إذ لا يحب من يناقشه، وإن تحدث يحب أن تسلط كل الأضواء عليه، ويصغي له كل الموجودين، كما أنه سريع الغضب وكلامه يعطب المشاعر أمام الناس، إذ لا يراعي أبدا أقواله وما يتلفظ به أما كل الموجودين، وهذا ما جعلني أواجهه بما يقوم به، بحيث قررت احتمال غضبه ومواجهته بما يقوم به، كانت هناك صعوبة كبيرة في البداية، ومع مرور الوقت بدأ يستجيب، ويتجنب الغضب ويكتمه في بعض المواقف». وكثيرة هي حكايات الغضب وآلامه، منها قصة فضيلة السعدي، ربة بيت ولها 3 أولاد، التي تتحدث عن غضب زوجها، قائلة «لا يحتمل ما يصدر منه، لكن أنا صابرة من أجل أولادي، إنه عصبي بطريقة لا تطاق، إلى درجة أنه يسلب مني هاتفي النقال، ويحرمني من الخروج من البيت، إذا واجهته أو تحدثت معه بطريقة لا تعجبه». وتضيف «كنت أعتقد أن الغاضب يلين مع السنين، لكن زوجي لم تتغير طباعه أبدا منذ أن تزوجته، استنفذت كل الطرق لإصلاحه، لكن لا تزيده ليونتي إلا عنادا، والآن أصبحت لا أحتمل فالأولاد كبروا وباتوا ينزعجون من تصرفات أبيهم». خلق مذموم تقول الأخصائية النفسية كريمة العيداني إن الغضب من الرذائل الخلقية التي إذا تحكمت في النفس وتمكنت منها كان لها أسوأ الأثر على حياة الفرد، كما أن له نتائج سيئة في تمزيق روابط المودة بين البشر، فالإنسان حين يشتد غضبه يفقد رشده وصوابه ويصبح وحشا ضاريا لا يدرى ما يفعله، ويظن أنه بذلك يظهر بمظهر المحترم لذاته والمحافظ على كرامته، وهو إنما يظهر مظهر الطائش الأحمق، وهو لا شك خاسر لأن الغضب يعد شروعا في الاعتداء، بينما يعد الحلم دليل فطنة ورجاحة عقل. وتضيف «حث الإسلام على عدم الاستسلام للغضب واعتبر أن الشخص الذي يستطيع التحكم في غضبه وضبطه في عداد المتقين، وقال تعالى في وصفه إياهم «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين» (آل عمران 134)، بل يدعو إلى العفو لأن الإنسان الغاضب حكم غير منصف». وعن آثار الغضب، تقول العيداني «لا تكمن مشكلة الغضب في الغضب ذاته بقدر ما يكمن في آثاره إذ يرى الباحث النفسي نوفاكو أن الغضب يتضمن عدد من الوظائف التي لا تبدو تبادلية تبادلا مطلقا أهمها أن الغضب يمد السلوك بالطاقة فيزيد من زخم وقوة استجابتنا وردود أفعالنا، وأن الغضب يشوه عملية تشكيل المعلومات وإنجاز العمل، وأن الغضب هو رد فعل دفاعي على تهديد الأنا، وأنه يحرض على النشاط العدواني، ويقوي الشعور بالسيطرة والضبط، ويحسن اعتبار الذات».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©