صنعاء ـ مهيوب الكمالي:
شجرة الرمان Pomegranat من الأشجار الشوكية المعمرة، قد يصل ارتفاعها الى 6 أمتار، موطنها الأصلي إيران انتشرت زراعتها في كثير من البلدان العربية لدفئها· وهي ذات أزهار بيضاء وحمراء تتحول إلى ثمار كروية تحمل تاجاً وذات جلد قرمزي اللون أو أصفر محمر· يحوي غلاف هذه الثمرة على المئات من الحبوب المائية اللامعة الحمراء أو البيضاء اللون وفي كل حبة بذرة صلبة أو لينة وفقا للنوعية والصنف· وللرمان أنواع منه الحلو ومنه الحامض ومنه المر ولكل من هذه الأنواع فوائده الطبية والغذائية·
وقد ورد ذكر الرمان في القرآن الكريم في قوله تعالى: ''فيهما فاكهةٌ ونخلٌ ورمان· فبأي آلاء ربكما تُكذبان''· وروي في الحديث قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): ''ما من رمانة إلا ولقحت من رمان الجنة، وما رمانة إلا فيها حبة من رمان الجنة''·
وتبارى الشعراء العرب في وصف الرمان، ومنهم ابوهلال العسكري القائل:
حكى الرمان أول ماتبدى
حقاق زبرجد يحشون دراً
فجاء الصيف يحشوه عقيقا
ويكسوه مرور القيض تبراً
ويحكي في الغصون ثدي حور
شققن غلائلاً عنهن خضراً
وأبدع آخر في وصيف رمانة مشقوقة يتساقط حبها فقال:
كتمت هوى قد لج في أشجانها
وحشت حشاها من لظى نيرانها
فشققت من حبها عن حبها
وجداً وقد ابدت حفا كتمانها
رمانة ترمي بها أيدي النوى
من بعد ما رمت على أغصانها
فأعجب، وقد بكت الدموع عقائه
لا من مآقيها، ولا أجفانها
وقد تحدث العرب عن الرمان فقال داوود الانطاكي: ''الرمان كله جلاء، مقطع، يغسل الرطوبات وخمل المعدة، ويفتح السدد ويزيل اليرقان والطحال ويحمر الألوان· مجرب، فإنه إذا غلظ في الشمس أو بالطبخ في النحاس، واكتحل به، أحد البصر، ونفع من الدمعة والجرب والظفر· والنوع الحامض يزيل السعال المزمن وخشونة الحلق وأوجاع الصدر، كما يقمع الصفراء ويقطع العطش واللهيب والحرارة، وإذا مرس بشحمه وشرب بالعسل او السكر أسهل إسهالا رديئاً، واذا طبخ قشره مع العفص حتى ينعقد قطع الإسهال المزمن والدم شرباً· وإذا طلي على الجروح والقروح ألحمها· كما أن جذور الرمان إذا شرب مطبوخاً، أسهل واخرج الديدان، وإذا أكل من بذره قبل نضجه على الريق منع من الرق والدمامل سنة كاملة''·
دراسات حديثة
وفي ترجمة معاصرة لكلام الانطاكي، تقول الدراسات الحديثة أن قشور ثمرة الرمان تحتوي على 25 الى 28 % مواد عضوية، أما قشور الجذور والسيقان فتحتوي على مواد عفصية بنسبة 20 الى 25 %· كما تحتوي القشور على قلويات ببييريدنية بنسبة 0,4 % في قشرة الساق و0,8 % في قشرة الجذر· اما البذور فتحتوي على مواد سكرية وحمض الليمون وماء بنسبة 84% ومواد بروتينية ومواد عفصية ومواد مرة وفيتامينات أ، ب، ج، ومعادن مثل الفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والمنجنيز والحديد والكبريت ومواد ذهنية·
واستخدمت المادة الملونة في قشور الرمان كمادة دابغة للصباغة منذ مئات السنين بسب احتوائها على مادة قلوية مميزة تعرف باسم التانين Tannins التي تعرف في العربية أيضاً باسم المغص·
وبحسب أحدث الدراسات فإن ثمار الرمان تعالج 11 مرضاً وتوفر احتياجات الجسم الأساسية من العناصر الغذائية· وتقول الدراسات إن بذور الرمان تقضي على البكتيريا المسببة للإسهال، كما تقوي القلب والمعدة وتدر البول وتطهر الدم وتذيب حصوات الكلى وتلطف الحرارة المرتفعة بالجسم وتشفي عسر الهضم وتقلل آلام النقرس، كما أن مسحوق أزهارها يستخدم شراباً أيضاً ضد الإسهال·
ومن الثابت أن قلي قشور الرمان يفيد في طرد الديدان الشريطية لاحتوائها على الثاينين والفلوريدات الطيارة، كما يستخدم الرمان بعد الطحن والعجن بالماء لعلاج مرض الجدري، كذلك تستخرج من جذوره مواد مخدرة تفيد في العلاج الكيماوي·
القيمة الغذائية
ومن ناحية القيمة الغذائية للرمان فهو يحتوي على البروتينات والدهون والأملاح المعدنية ومن أهمها البوتاسيوم والحديد والنحاس وبعض الأحماض العضوية والفيتامينات· ويحتوي الرمان على مواد سكرية بنسبة 10 إلى 15 في المائة وعلى واحد في المائة من حامض الليمون ونسبة عالية من الماء والفضلات والمواد البروتينية، كما أن هناك مجموعة كبيرة من المعادن في الرمان لكن بنسب قليلة مثل الفوسفور والحديد والمغنيزيوم· وهناك نسبة من المواد الدهنية في الرمان أيضاً· والطاقة في ثمرة الرمان المتوسطة الحجم حوالي 100 كالوري (سعر حراري)·
عصير الرمان
ومن الطريف أن عصير الرمان قد يفيد في اشعال مشاعر الحب واعادة الحياة العاطفية الى رونقها، بعد أن تبين أنه يساعد في علاج العجز الجنسي عند الرجال، وذلك بحسب ما توصل إليه الباحثون في جامعة بوسطن الأميركية·
والدراسة الأقوى حتى اليوم هي التي نشرت في عدد مجلة الأكاديمية القومية للعلوم في الولايات المتحدة لباحثين من إيطاليا والولايات المتحدة حول تأثير الرمان في وظائف خلايا الشرايين في حالات مرض تصلب الشرايين، حيث وجدوا أن الرمان يقلل من قصور أداء الخلايا المبطنة للشرايين لوظائفها وخاصة قدرتها على إفراز مركب نايتروز أوكسايد الموسع للشرايين والمخفف من آثار مرض تصلب الشرايين· كما أنهم وجدوا أن ترسب الكوليسترول يقل في شرايين حيوانات التجارب بإطعامها عصير الرمان·
أما الباحثون في جامعة كاليفورنيا فقالوا أن تناول مرضى سرطان البروستاتا لكوب من عصير الرمان يومياً يعطي مزيداً من السلامة لحياتهم· فمرضى سرطان البروستاتا بعد إجراء الجراحة لهم وأخذهم العلاج الإشعاعي يظل قائماً لديهم احتمال أن يعاود المرض نشاطه وهو ما يجرى من أجله تحليل للدم لمعرفة نسبة مادة تدعى بي أس أي المؤشر على درجة نشاط السرطان· حينما يتناول هؤلاء المرضى كوباً من عصير الرمان يبقى مؤشر السرطان متدنياً لديهم بنسبة 50% مقارنة بغيرهم· ونشرت المجلة الدولية للسرطان نتائج دراسة الباحثين من جامعة ويسكونسن في مادسون بالولايات المتحدة حول دور المواد المستخلصة من الرمان في منع حصول سرطان الجلد لدى حيوانات التجارب بتعريضها للمواد المسببة للسرطان·
عدد اليوم
