الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الألعاب الإلكترونية متعة قاتلة

الألعاب الإلكترونية متعة قاتلة
23 ديسمبر 2018 02:38

مريم بوخطامين (رأس الخيمة)

تؤرق الألعاب الإلكترونية التي تحض على العنف والقتل والانتحار، والمنتشرة بين الأطفال والمراهقين من الشباب والفتيات الأسر، بل والدول، بعد تزايد حالات القتل والانتحار في العالم، ما يستوجب الانتباه للمشكلة والتصدي لها بشكل حازم وسريع، خاصة أنها تفترس عقول ممارسيها من الأطفال والمراهقين.
وفي وقت حذرت فيه دراسات وأبحاث كثيرة من مؤسسات دولية وعربية من خطورة الألعاب الإلكترونية على الأطفال، خاصة التي تحض على العنف والقتل، أكد خبراء الطب النفسي والاجتماع، أن الإدمان على الألعاب الإلكترونية يؤثر بشكل كبير على سلوك الطالب، ويعزله عن بيئته المدرسية ومجتمعه، ويؤثر بالسلب في طريقة تعامله مع المحيطين به، لتكون المحصلة، إصابته بالخلل النفسي.
ولحصار مثل هذه الظواهر السلبية تسعى جمعية الإمارات للرياضات الإلكترونية لتفعيل خطط وبرامج تهدف من خلالها للاستفادة من الألعاب الإلكترونية بطريقة صحيحة وتصبغها بروح التحدي والتنافس الذهني، فيما تعتبر مصر من أكثر الدول العربية التي تعرضت لعدة حوادث انتحار وقتل بين الأطفال والمراهقين بسبب الألعاب الإلكترونية، ما جعل النائب العام المصري يصدر قراراً في شهر أبريل الماضي بحجب مواقع الألعاب الإلكترونية الخطيرة على الأطفال، كما وقعت حالات مماثلة في بلدان عربية أخرى منها السعودية والأردن والجزائر ولبنان.
حسن عيسى اختصاصي نفسي من الإمارات، أوضح أن الارتباط بالألعاب الإلكترونية، قد يتحول إلى إدمان يصعب تركه بسهولة، وسلوك يومي للطفل والمراهق، لذا لابد من التعاون بين الأطراف المحيطة بالطفل، منوها بأن هذا النوع من الألعاب الإلكترونية يسبب التوتر والهلع للاعبها، خاصة أنها تطلب منه قتل شخص آخر لينجو هو في النهاية، ويستخدم فيها اللاعب الأسلحة والمعدات القتالية الموجودة في العالم المعاصر، والتي يستخدمها كوسيلة للإنقاذ نفسه، وهنا تكمن المشكلة وهي ترسيخ مبدأ القضاء على الآخر للبقاء.
ويطالب عيسى إدارات المدارس بتنظيم محاضرات توعية تتركز حول مخاطر الإدمان «الإلكتروني» مشيراً إلى أن الاختصاصيين النفسيين يجب أن يتعاملوا مع هذا النوع من الظواهر بحرفية ويبدأ بالتدريج بالتحدث بشكل عام حتى يصل للهدف بالتفاعل مع الطالب.
وأضاف: لا يقف دور الاختصاصي النفسي عند حد التواصل مع الطالب، بل لابد من مقابلة ولي الأمر لمتابعة باقي الخطوات لتخليص الطالب من المشكلة مطالباً الأسرة التي يقع على عاتقها دور كبير في الرقابة على الأبناء والمؤسسات التعليمية تحمل مسؤولياتها للحد من انتشار الظاهرة.

سوء تغذية
بدوره، قال الدكتور أسامة اللالا اختصاصي أنشطة بدنية وصحة في وزارة التربية والتعليم بالإمارات، إن الدراسات الحديثة بينت أن الألعاب الإلكترونية والتقنيات الحديثة قللت من حركة الأطفال والمراهقين وحتى الشباب ما نتج عنه تزايد وتراكم الدهون لديهم وبالتحديد منطقة البطن التي تؤدي بالتالي للإصابة بـ «المتلازمة الأيضية» نتيجة السمنة الزائدة، وهنا تظهر أمراض عدة مثل مرض السكري وضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول التي قد تصيب الأطفال، منوها بأن الدراسات العلمية تكشف أن بين كل 4 أطفال هناك طفل مصاب بالسكري في العالم، وهذه مؤشرات وأرقام تبين أن أعداد مرضى السكري النوع الثاني في ارتفاع كبير ومستمر في العالم.
وأشار إلى أن الخمول وقلة الحركة والجلوس الطويل أمام الألعاب الإلكترونية ينتج عنه الضغط على القوة العضلية وزيادة الوزن، موضحاً أن العضلات تستهلك من 70-90% من نسبة السكر في الجسم.
الطبيبة منى حسن من الإمارات، أوضحت أن من أهم المشاكل التي يعانيها الأطفال والمراهقون نتيجة الجلوس المستمر أمام الأجهزة الحديثة بسبب الألعاب الإلكترونية التعرض للإصابة بأمراض سوء التغذية وهي: السمنة والنحافة، ومشاكل اعتلال العين نتيجة الجلوس الدائم أمام أجهزة لا تمنع مرور الأشعة الضارة للشبكية نتيجة قلة النشاط البدني والتركيز على الأنشطة والألعاب الإلكترونية، لافتة إلى أن هناك حالات كثيرة لأطفال أصبح لديهم ضعف نظر وجفاف في العين وانكسار خفيف في النظر نتيجة الجلوس المستمر أمام الأجهزة الحديثة مثل الهاتف المحمول والتلفزيون.

المخ والأعصاب
الدكتور عمرو الشواربي المدير الطبي للعلوم العصبية ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب في مستشفيات برجيل أوضح أن التأثير السلبي للألعاب الإلكترونية لا يقتصر فقط على البعد الجسدي، بل يطال التأثير السلبي على أعصاب ومخ لاعبيه وبالتحديد الأطفال؛ مشيراً إلى ارتفاع نسبة الأطفال الذين أصيبوا بحالات تشنج نتيجة اللعب المطول بهذه النوعية من الألعاب تراوح ما بين 10-15% من أجمالي مرضى المخ والأعصاب، ناهيك أن التأثير السلبي لم يقتصر على حالات التشنج والصرع فقط، بل نتج عنه انتشار خطير لمشاكل الرقبة، التي تظهر اليوم على أكثر الفئات العشرينية نتيجة الوضعية الخاطئة أثناء اللعب بتلك الألعاب في الهواتف الخلوية وهو ما يسمى أيضا «الديسك وأنواعه».

ظاهرة مجتمعية
ناعمة الشرهان رئيس لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، أوضحت أن أسر إماراتية ومقيمة تعاني انعكاس سلوكيات سلبية على أبنائها نتيجة تأثير الألعاب الإلكترونية عليها سلباً، مشيرة إلى أنه في حالة تحولت هذه المشكلة إلى ظاهرة مجتمعية سيتم مناقشتها في المجلس الوطني لوضع الحلول الجذرية لها من خلال تكاتف وتعاون الجهات المختصة في الدولة.
وأوضحت الشرهان أن بعض الألعاب الإلكترونية المطروحة حالياً تعتبر وسيلة لتفكيك الروابط الأسرية، كما أن لها سلبيات عديدة على لاعبها مثل العزلة عن المجتمع والتأثير الجسدي وخلق حالة من الوحدة والعدوانية التي تؤدي بالتالي لظهور ما يسمى بالتوحد ومشكلة التنمر، مشيرة إلى أن هناك دول تعاني اليوم وجود حالات انتحار نتيجة تطور المشكلة بين الأطفال وحتى المراهقين، والتي أخذت اليوم منحى خطير نتيجة تأثيرها الفكري العدواني السلبي، لافتة إلى أن تلك الألعاب تحولت من لعبة إلكترونية إلى حالة إدمان لا يمكن التوقف عنه، وهنا يبدأ دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والجهات التخصصية كمنظومة متكاملة للوقاية من المشكلة وحصارها.
وأضافت: إطلاق الأسبوع الوطني للوقاية من التنمر في مدارس الإمارات، أمر جيد ومهم وخاصة في مجال التوعية، لكن علاج المتنمرين يتطلب متابعة مستمرة بحسب طبيعة كل حالة وكيفية التعامل معها، إلى جانب الوقوف على أسباب التنمر منذ البداية، مكررة أن أكثر أسباب التنمر تتعلق بانتشار الألعاب الإلكترونية وعدم رقابة الأسر لأبنائها.
بدورها، طالبت الملازم أول موزة راشد الخابوري مدير فرع البرامج المجتمعية في إدارة الشرطة المجتمعية رئيس فريق الشرطة النسائية في شرطة رأس الخيمة، بإصدار قوانين صارمة للحد من هذه الألعاب التي تؤدي للتنمر والعنف، واستبدالها بألعاب مفيدة وذات مغنى صحيح ترجع بالفائدة على الفرد والمجتمع، مشيرة إلى أن هناك حالات أسرية تواصلت معها شخصيا، تطلب المساعدة في حل مشكلة تعرضت لها ابنتها نتيجة الإدمان على تلك الألعاب والتي قادتها في النهاية في التفكير والتكلم بشكل مستمر عن الانتحار، الأمر الذي خلق بدوره حاله من الخوف لدى الأسرة من وقوعه فعلا.

تشريع قانوني
أما خديجة العاجل مدير عام مركز أمان لإيواء النساء والأطفال فطالبت بضرورة وجود تشريع قانوني يمنع هذه النوعية من الألعاب، وتضافر الجهود المجتمعية للقضاء على هذه الآفة التي تهدد كل بيت وكل أسرة وتخلق حالة من القلق والتوتر لدى أفرادها، مشيرة إلى أنهم كمركز أطلقوا الفترة الماضية حملة بعنوان «احمي براءتي» والتي تخاطب فيها كل أفراد المجتمع بضرورة حماية الطفل من أي موجهات خارجية سلبية قد تؤثر عليه نفسياً أو جسدياً وحتى فكرياً، والتي تكون سببها في الدرجة الأولى الألعاب الإلكترونية التي أصبحت اليوم، إحدى المشاكل التي ينتج عنها التنمر أو العنف لدى الأطفال والأسرة والتي قد يمارس خلالها الطفل العنف والسلوكيات المكتسبة من تلك الألعاب على أخوته في المنزل أو الأطفال في المدرسة.
وطالبت بضرورة وجود رقابة أسرية لمنع هذه النوعية من المتاجر الإلكترونية التي يتم من خلالها تحميل هذه النوعية من الألعاب التي قد يسبب بالتالي التنمر الإلكتروني، لافتة إلى أن التنمر الإلكتروني مشكلة عالمية يعود سببها إلى عدم مراقبة ومتابعة الأسرة وغياب التنشئة الاجتماعية السليمة والتفكك الأسري، ناهيك عن سلوكيات العنف التي تسقط على الأطفال وتسلبهم حقوقهم.
ودعت العاجل إلى التواصل مع المركز وعدم التردد في حال التعرض لمشاكل تنمر إلكتروني أو تعرّض أحد الأطفال للعنف، مؤكدة أن التعامل سيكون بسرية مع الحالة، وتقديم الاستشارات المناسبة لها.
انتصار الزعابي عضو الاتحاد العربي للرياضات الإلكترونية والذهنية وعضو مجلس إدارة نادي فتيات رأس الخيمة للشطرنج، أوضحت أن الألعاب الإلكترونية يمكن أن تكون مفيدة لو تم التعامل معها كرياضة، والرياضة الإلكترونية مصطلح عالمي يعبر عن منافسات ألعاب الفيديو حيث يتنافس اللاعبون على هيئة أفراد أو فرق ضمن بطولات محلية أو عالمية تتبع هذه البطولات لمجموعة من القوانين ويمكن أن تتم داخل صالات بحيث يجتمع اللاعبون في مكان ووقت محدد أو عن بعد من خلال الإنترنت ويتم ذلك بعد الاتفاق على مواعيد وجدول المباريات.

الاستخدام السليم
المحامي سعيد علي الطاهر، أمين عام جمعية الإمارات للرياضات الإلكترونية أوضح أن الاستخدام السليم للرياضات الإلكترونية يجعل منها وسيلة جيدة لتحفيز وتنشيط العقل والابتعاد عن العنف من خلال تنظيم منافسات محلية وبطولات داخل الدولة في الألعاب الرائجة عالميا لتشجيع الشباب والناشئين على ممارسة هذه الرياضات عبر القنوات الرسمية بالتوازي مع الرياضات التقليدية ككرة القدم والسلة والسباحة وإعطاء الفرصة للمتميزين منهم في تمثيل الدولة في المحافل العالمية.

خبراء لـ «الاتحاد»: خطر يُداهم عقول الأطفال
حذر خبراء علم نفس وتربية من خطورة الألعاب الإلكترونية التي تحض على العنف والقتل، مشددين على أن هذه الألعاب تُخرّب عقول الأطفال والشباب، وتدمر الأسر، وتُساهم في نشر الكراهية والسلوك العدواني بين الأطفال. وأكدوا أن هناك عدة حلول وبدائل يمكن أن تُساهم في مواجهة هذه الكارثة التي أصابت أطفالنا، ومنها التحول إلى التعليم الرقمي بحيث تقدم المادة العلمية للأطفال في صورة أفلام فيديو أو ألعاب إلكترونية، وسن القوانين والتشريعات لتجريم المواقع التي تبث هذه الألعاب ومن ثم إغلاقها، مع تشديد الرقابة الأسرية في المنزل على الأطفال، ووضع دليل استرشادي للألعاب الجيدة التي تُنمي الذكاء وتحفز المواهب لدى الأطفال، وتعلمهم المنافسة مثل ألعاب الذكاء وسباق السيارات والألعاب الرياضية، لكي تكون بدائل سليمة ومفيدة وتلبي الرغبة في الانتصار والفوز لدى الأطفال. أكد الدكتور سامي محمود أبو بيه أستاذ علم النفس التربوي بجامعة المنوفية في مصر، أن وجود الأطفال أمام الأجهزة الإلكترونية طوال الوقت يعرضهم لخطورة كبيرة، مشيراً إلى أن الأطفال في مرحلة سنية معينة يحاولون تقليد كل شيء خاصة الأشخاص الذين يمجدونهم ويحبونهم، وهو ما يسمى في علم النفس «التعلم الاجتماعي»، مؤكداً أنها طبيعة بشرية، فعندما يلعب الطفل إحدى الألعاب الإلكترونية والتي يقوم فيها بطل اللعبة بقتل كل من يتصارع معه، يسعى الطفل لتقليده في الواقع.
وأشار إلى أن معظم جرائم العنف التي رُصدت في المدارس بين التلاميذ، كان السبب الرئيسي فيها تقليد الأطفال لألعاب إلكترونية يمارسونها على أجهزتهم الخاصة، وتأثيرهم بهذه الألعاب نتيجة لقدراتهم الضعيفة في مواجهة هذا العبث الذي تنتجه الشركات العالمية بغرض الربح الكبير، مشيراً إلى الجريمة التي صدمت الرأي العام في مصر عندما أقدم تلميذ على قتل مدرسته الخاصة تنفيذاً لأمر تلقاه من اللعبة التي يلعبها في الخفاء بعيداً عن أعين ورقابة والديه، وكذلك حالات الانتحار التي وقعت مؤخراً في مصر لكثير من الشباب والفتيات من المراهقين بعد إدمان لعبة «الحوت الأزرق»، مؤكداً أن هذه الألعاب التي تحض على العنف والقتل تخريب لعقول أطفالنا الصغار، وتؤدي إلى تدمير الأسرة.
وعن الحلول المطلوبة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، أكد أبو بيه أنه يجب أن تتغير المناهج التعليمية في الوطن العربي وتتحول إلى التعليم الرقمي بحيث يتم تقديم المادة العلمية والدروس والقصص للأطفال في صورة أفلام فيديو أو ألعاب إلكترونية، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأنشطة العلمية التي يمارسها، مشيراً إلى أن هناك كثيراً من الدول قامت بإجراء لمواجهة هذه الكارثة بعمل رقابة على هذه الألعاب القاتلة وحجبها. وطالب الدول العربية بتعزيز الرقابة على الإنترنت وحذف الألعاب الخطرة كما فعلت بعض الدول التي وضعت حدوداً لبعض البرامج والألعاب وحرمتها وأغلقتها للحفاظ على الأطفال.

سن قوانين
من جانبه، أكد الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، بجمهورية مصر العربية، أن المشكلة تكمن في عدم تربية الأطفال على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، مشيراً إلى أن من ينتج هذه الألعاب القاتلة لا يفكرون في خطورتها على الأطفال ولكن يتم إنتاجها بهدف الكسب فقط، وبالتالي كلما كانت هذه الألعاب تحمل رغبة في العنف والانتصار وتُغذي هذه المشاعر لدى الأطفال، زاد من انتشارها أكثر في محيط الأعمار الصغيرة، محذراً من أن هذه الألعاب مليئة بمشاهد الضرب والقتل والدماء والأشلاء مع فرحة النصر بقتل أكبر عدد، مما يترك أثراً سيئاً على الأطفال. وأشار إلى أن كثيراً من الأطفال والشباب يجدون في هذه الألعاب الإلكترونية القاتلة فرصة للتفريغ عن إحباطاتهم الأسرية أو التعليمية، مؤكداً أنه يجب على المؤسسات المسؤولة في الدول وخاصة المجالس البرلمانية وضع معايير معينة لهذه الألعاب الخطيرة المتداولة، وسن قوانين لتجريم الألعاب المخالفة.
وأكد أنه يجب أيضاً على الجهات المعنية بالطفولة في الدول العربية وضع دليل استرشادي للألعاب الجيدة التي تُنمي الذكاء وتُحفز المواهب لدى الأطفال، وتعلمهم المنافسة مثل سباق السيارات والألعاب الرياضية، لكي تكون بدائل سليمة ومفيدة وتُلبي الرغبة في الانتصار والفوز لدى الأطفال.

العزلة والاكتئاب
وأكدت الدكتور نبيلة الشوربجي أستاذ علم النفس التربوي، أن الألعاب الإلكترونية خاصة التي تحض على العنف والقتل لها آثار نفسية خطيرة على الأطفال والمراهقين، مشيرة إلى أن هذه الألعاب عبارة عن تنويم مغناطيسي يتم من خلالها استدراج الأطفال والمراهقين ومعرفة مشاكلهم النفسية والتعامل معها للسيطرة عليهم، وبالتالي تؤدي إلى العزلة والاغتراب والاكتئاب ومن ثم الانتحار.
مشيرة إلى أن منتجي هذه الألعاب الخطرة يستعينون بمتخصصين في علم النفس للتعامل مع نفسية اللاعب.وأكدت أن مصممي هذه الألعاب الخطرة وخاصة ألعاب الفيديو جيم دخلوا في أعماق المجتمعات العربية والإسلامية لهدم القيم والأخلاق الذي تربى عليها الأطفال، محذرة من وجود ألعاب إلكترونية أنتجها تنظيم الدولة الإرهابي «داعش» لكي يبثوا أفكارهم المسمومة في نفوس الأطفال والمراهقين.

أولياء الأمور قلقون
جاسم حمدون، ولي أمر، أعرب عن قلقه اتجاه هذا النوع من الألعاب الذي حرم الكثير من الأبناء من الاختلاط بالمجتمع وتفضيلهم الجلوس بالمنزل والابتعاد عن الناس والأسرة والتواصل معهم إلكترونيا فقط، مؤكداً أن الحياة العائلية للأسرة أصبحت تقتصر على وجبة غداء أو وجبة يومية، تجمعهم أحياناً، وتفضيل الأبناء مجالسة لعبة «fortnite» والتشارك مع أصدقائهم عبر التواصل الإلكتروني، موضحاً أن لديه طفلاً مدمناً على لعبة بابجي الإلكترونية التي تسببت له في مشاكل صحية نتيجة قلة دخوله للحمام ويعالج حاليا من الالتهابات.
وقال ولي الأمر «م، ح، ص» إن ابنه البالغ من العمر 9 سنوات يعاني من تنمر الأطفال عليه في الصف نتيجة انشغاله بلعبة «البابجي» الإلكترونية، وأنهم يصفونه بالجبان لعدم قدرته على مواجهة التحديات، مؤكدا أنهم كأسرة يمنعون وجود مثل هذه الألعاب الإلكترونية في المنزل لما لها من مردود سلبي على الطفل والمراهق.
أما مريم الطنيجي أم لثلاثة أولاد مدمنين على لعبة الفورتنايت وبابجي فقالت إنها تعاني منذ العام الماضي من تعلق أولادها التي تتراوح أعمارهم ما بين «9-15»سنة وظهور سلوكيات مختلفة عليهم ومشاكل دائمة وتوتر وعصبية نتيجة اللعب بهذا النوع من الألعاب والتي لم تقتصر على علاقاتهم بالمحيطين بهم فقط بل تطور لمشاكل جسدية.
بدورهما، أكد سالم، وخلفان الشميلي أن أبنائهما من محبي لعبة الفورتنايت لدرجة أنهما يبحثان أي بضاعة مطبوع أو مرسوم عليها لعبة الفورتنايت وبابجي وابتياعها من الأسواق الخارجية أو الأسواق الإلكترونية والتي كلفتهما حتى الآن آلاف الدراهم سواء من ملصقات أو أدوات مدرسية أو ملابس وغيرها من البضائع، استجابة لرغبة الأبناء، مطالبين بوضع حد لهذا النوع من الألعاب من الجهات المختصة.
وطالب ولي الأمر محمد السويدي الجهات المختصة بالتحكم في تحميل هذه النوعية من الألعاب التي قد تسهم في تفكك الأسر.

الفورتنايت.. أم المعارك «الوهمية»
تعتبر لعبة الفورتنايت نوعاً جديداً من ألعاب المعارك والحروب؛ وتتمثل في مجموعة من الناس يقفزون إلى جزيرة يبحثون فيها عن البنادق والعتاد ثم يخوضون معركة حتى يتبقى شخص واحد فقط الذي يتوّج بالانتصار وتتضاءل فرص البقاء ويكون القتال هو السبيل الوحيد لذلك.
وتبين الإحصائيات المختصة بألعاب الفيديو أن حوالي 125 مليون شخص قاموا بتحميل اللعبة خلال الفترة الماضية وأن حوالي ثلاثة ملايين شخص يلعبون لعبة الفورتنايت في الوقت ذاته، وتقوم الشركة المطورة للعبة بتحديثها باستمرار وعمل إضافات جديدة لكي تضمن الاستمرار في اللعب بها وإدمانها.

سفراء الموت
من الألعاب الإلكترونية الأكثر خطورة وتسبّبت في انتحار المئات من الأشخاص عبر العالم أغلبهم من الأطفال؛ لعبة «الحوت الأزرق»، وهي لعبة تستهدف الأطفال والمراهقين، وتتكون من مجموعة من التحديات تمتد 50 يوماً، وفي التحدي النهائي يُطلب من اللاعب قتل نفسه بطريقة بشعة. أما لعبة «مريم» التي انتشرت بصورة كبيرة وسببّت الرعب للعائلات، وتحرض الأطفال والمراهقين على الانتحار، وإذا لم يتم الاستجابة لها تهددهم بإيذاء أهلهم، وأبرز ما يميّز هذه اللعبة هو الغموض والإثارة، والمؤثرات الصوتية والمرئية التي تسيطر على طبيعة اللعبة.
ولعبة «البوكيمون» التي تسببت في العديد من الحوادث القاتلة بسبب انشغال اللاعبين بمطاردة والتقاط شخصيات البوكيمون المختلفة خلال سيرهم في الشوارع.
لعبة «جنيّة النار» حيث تشجع هذه اللعبة الأطفال على اللعب بالنار، وتوهمهم بتحولهم إلى مخلوقات نارية باستخدام غاز مواقد الطبخ، وتدعوهم إلى التواجد منفردين في الغرفة حتى لا يزول مفعول كلمات سحرية يرددونها، ومن ثم حرق أنفسهم بالغاز، ليتحولوا إلى «جنية نار».
لعبة «تحدّي شارلي» التي تسببّت في حدوث عدة حالات انتحار لأطفال وشباب وحالات إغماء بينهم، وهي لعبة شعبية انتشرت من خلال مجموعة فيديوهات على شبكة الإنترنت في عام 2015، وساهم في انتشارها استهدافها لأطفال المدارس، حيث تعتمد في لعبها على اللوازم المدرسية.
لعبة «PUBG» من أشهر الألعاب في عام 2018 على مستوى العالم، واللعبة تنتمي إلى ألعاب البقاء، حيث يحاول اللاعب أن يحافظ على حياته داخل اللعبة حتى النهاية، وذلك من خلال اتباعه استراتيجية ناجحة في تجميع الأسلحة والذخائر والدروع، والحفاظ على نفسه بمواجهة اللاعبين الـ 100 الآخرين وقتلهم جميعاً.

حجب مواقع خطرة على الأطفال
تعتبر مصر من أكثر الدول العربية التي تعرضت لعدة حوادث انتحار وقتل بين الأطفال والمراهقين بسبب الألعاب الإلكترونية، حيث شهدت حالات انتحار وقتل بين الأطفال والشباب بسب الألعاب الإلكترونية مما جعل النائب العام في مصر يصدر قراراً في شهر أبريل 2018 بحجب مواقع الألعاب الإلكترونية الخطيرة على الأطفال.
وذكر بيان النيابة العامة المصرية أن تلك الألعاب ذات خطورة كونها تستهدف صغار السن، ويترتب على اتباع تعليماتها ومراحلها المختلفة إيذاء الشخص لنفسه أو ذويه، بما قد يصل أحيانا إلى الانتحار وارتكاب جرائم القتل، وهو ما يهدد الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد.
وهناك مشروع قانون في مصر سيقدم بمجلس النواب في الفترة المقبلة بشأن الألعاب الإلكترونية، وعن انتشار مثل هذه المواقع بطريقة غير قانونية، وسوف يناقش المشروع مدى خطورة تلك الألعاب، ومطالب لحجب تلك المواقع ومنعها تماما.
ومن الدول العربية التي تعرضت لعدة حوادث انتحار بين الأطفال بسبب الألعاب الإلكترونية المملكة العربية السعودية، مما جعل هيئة الإعلام المرئي والمسموع في المملكة تصدر قائمة بالألعاب الإلكترونية الممنوعة من التداول والبيع في السعودية، وضمت القائمة 47 لعبة مختلفة، وجاءت تلك القائمة بعد وقوع ثالث عملية انتحار لأطفال بسبب لعبة رقمية. كما شهدت الجزائر والأردن عدة حالات انتحار بين الأطفال والشباب بسبب لعبة «الحوت الأزرق» والألعاب الأخرى التي تحض على العنف والقتل، وفي لبنان أفادت الوكالة الوطنية للإعلام بانتحار فتاة تبلغ من العمر 13 عاماً شنقاً بسبب لعبة «مريم» الإلكترونية.

دراسات: تؤدي للعزلة والاكتئاب والانتحار
صدرت دراسات وأبحاث كثيرة من مؤسسات دولية وعربية تُحذّر من خطورة الألعاب الإلكترونية على الأطفال خاصة التي تحض على العنف والقتل.
ومن هذه الدراسات دراسة علمية لجامعة «أندرسون» بالولايات المتحدة الأميركية والتي خلصت إلى أن الأطفال الذين يلعبون ألعاب فيديو جيم تحتوي على مشاهد عنف؛ لديهم ميول أكثر للعنف.
وأشارت دراسة أجريت عام 2017 من جامعة مونتريال بكندا إلى أن ممارسة ألعاب الفيديو تضر بالمخ خاصة عند الأطفال الذين يستخدمون بشكل رئيس منطقة من الدماغ تسمى النواة المذنبة أثناء اللعب، مما يسبب زيادة في كمية المادة الرمادية في نواة المذنبات، وسبق أن تم ربط المادة الرمادية بزيادة مخاطر أمراض الدماغ، مثل الاكتئاب والفصام.
كما أشارت دراسات أخرى إلى أن خرائط التكنولوجيا العالية للعقل أوضحت أن ألعاب الكمبيوتر لها أضرار على تطور الدماغ؛ وبالتالي يمكن أن تؤدي إلى عدم قدرة الأطفال على التحكم في السلوك العنيف، ويصبح الطفل عدواني.
ووفقا لدراسة جديدة فإن المراهقين الذين يمارسون هذه الألعاب يستخدمون أجزاء من الدماغ ترتبط بالرؤية والحركة فقط، وهذا يعني أن أجزاءً أخرى من أدمغتهم لا تُستخدم وهو ما يؤدي لتخلفها.
وكشفت دراسة أخرى أن الألعاب العنيفة أصبحت شائعة ومنتشرة بين الأطفال من الجنسين، وأصبحت أكثر شعبية من الألعاب التعليمية والهادئة والتي كانت تفضلها البنات، وهو ما جعل تغير كبير في سلوك البنات وافتقادهم لمميزات الأنوثة ورقتها.
وأكدت دراسة لمعهد «سياتل» الدولي للتدريب بواشنطن، وهو معهد متخصص في أبحاث الأطفال، إن الأطفال الذين يشاهدون الكثير من أعمال العنف، مثل تلك الموجودة في ألعاب الفيديو جيم والألعاب الإلكترونية، يمكن أن يصبحوا محصنين ضد العنف، وأكثر ميلاً للتصرف بعنف بأنفسهم. كما أشارت دراسة إلى أن التعرض المزمن لألعاب الفيديو العنيفة ترتبط بالقسوة العاطفية لدى الأطفال.
وكشفت دراسة أجراها الباحث «خيسوس بوجول» من مستشفى ديل مار في برشلونة وزملاؤه وشملت 2442 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7 و11 عاماً، أن قضاء وقت طويل في ممارسة ألعاب الفيديو لما يفوق الـ 9 ساعات أسبوعياً، يمكن أن يكون له آثار ضارة على الأطفال.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©