الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تبحث رفع الدعم عن أسعار الطاقة

الحكومة المصرية تبحث رفع الدعم عن أسعار الطاقة
4 سبتمبر 2011 23:11
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - تستعد الحكومة المصرية لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن ملف دعم الطاقة، وذلك على خلفية تصاعد معركة دعم الطاقة مع أصحاب المصانع وجمعيات المستثمرين. وتسعى الحكومة إلى طرح صيغة توافقية في ملف الدعم خاصة فيما يتعلق بالصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة مثل الإسمنت والحديد والأسمدة والسيراميك وترتكز الصيغة على خفض فاتورة الدعم وإنهاء عصر الطاقة الرخيصة لهذه الصناعات والاتفاق على آليات تتيح لأصحاب المصانع استيعاب الزيادة المتوقعة في الأسعار من دون أن يتأثروا سلباً أو يضطروا لرفع أسعار المنتجات للمستهلك المحلي. ووفقاً لهذه الصيغة هناك اتجاه لتقسيم الزيادة المرتقبة في الأسعار إلى ثلاث شرائح على ثلاث مراحل مدة كل مرحلة ثلاثة أشهر بحيث يتم تنفيذ خطة إلغاء دعم الطاقة للصناعة خلال موازنة العام الجاري مع تجنيب السوق صدمة الارتفاع المفاجئ للأسعار وتحقق هذه الصيغة هدف الحكومة بإخراج الحساب الختامي للموازنة الحالية بمبلغ أقل لدعم الطاقة من المبلغ المرصود والبالغ 99 مليار جنيه، حيث تأمل أن توفر الشرائح الثلاث التي سيجري تنفيذها تباعاً عشرة مليارات جنيه فيما يوفر تحرير أسعار الطاقة للصناعة 22 مليار جنيه اعتباراً من موازنة العام المقبل 2012 – 2013. وتأتي خطوة الحكومة بسرعة حسم ملف دعم الطاقة نظرا للضغوط التي تتعرض لها من جمعيات المستثمرين وأصحاب مصانع الحديد والأسمنت والسيراميك لوقف أو تأجيل خطة تحرير أسعار الطاقة على الأقل خلال العام القادم بدعوى أن الاقتصاد لا يزال يعاني وأن حالة الركود متواصلة مسببة خسائر ضخمة للعديد من الشركات ولابد من إعطائها فرصة لتعويض هذه الخسائر حال تعافي الاقتصاد الكلي وأن تحرير أسعار الطاقة في مثل هذا التوقيت ضربة قاصمة للقطاع الصناعي. واستمرت هذه الضغوط طيلة الفترة الماضية منذ الإعلان عن خطة التحرير حيث يرفض أصحاب المصانع بشدة التوجه لرفع الأسعار، مؤكدين للحكومة في عدد من المذكرات الرسمية من اتحاد الصناعات واتحاد جمعيات المستثمرين والشركة القابضة للصناعات المعدنية ورابطة منتجي الحديد أن رفع الأسعار سوف يؤدي إلى تراجع تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية وتراجع صادرات الأسمدة والسيراميك على وجه الخصوص لعدد من الأسواق الغربية المعتمدة على استيراد هذه المنتجات من مصر. كما تؤكد المذكرات أن تحرير أسعار الطاقة سوف يتسبب في خلل مالي بميزانيات الشركات لاسيما في ظل أعباء عديدة تحملتها خلال الشهور الماضية في مقدمتها زيادة أجور العاملين بها مع تراجع المبيعات والانتاج نتيجة عدم الاستقرار الأمني والصعوبات التي تواجهها عمليات نقل البضائع على الطرق والتخزين وغيرها وعمليات السرقة التي تعرضت لها الشركات في الفترة الأخيرة مما يعني زيادة الأعباء المالية على المصانع ويستدعي ضرورة تريث الحكومة في اطلاق خطة تحرير الطاقة. وتسعى الحكومة لاتخاذ العديد من القرارات الاستباقية في هذه القضية حتى لا تعطل ضغوط المستثمرين خطة التحرير أو تحرم الحكومة من وقف نزيف الدعم المرشح للزيادة في الموازنة القادمة الى 120 مليار جنيه في حالة عدم اقرار وتنفيذ خطة تحرير الطاقة مما يهدد بانفلات معدل العجز في الموازنة العامة للدولة. ويؤكد محمد المرشدي، رئيس شعبة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات المصرية، أنه ليس هناك خلاف مع الحكومة بشأن تخفيف فاتورة الدعم أو وصول الدعم إلى مستحقيه ولكن ذلك يجب أن يأتي في إطار إعادة هيكلة شاملة لهذا الملف وإلا تقتصر جهود الحكومة على حلول جزئية. وقال إن الخلاف الآن يدور حول التوقيت حيث أن هذه الفترة لا تحتمل فيها الصناعة المصرية مزيدا من الأعباء أو توجيه الضربات لأن القطاع الصناعي كان المتضرر الأكبر من تداعيات ثورة يناير حيث تراجعت المبيعات والتصدير وارتفعت الأجور وتكلفة التأمين وغيرها من البنود التي شكلت عبئا ضخما على أصحاب المصانع وبالتالي ليس من المنطقي تحرير أسعار الطاقة والوصول بها الى المستوى العالمي في هذه الفترة الحرجة لأن ذلك يعني مزيدا من الحصار على المصانع التي ربما تجد نفسها مضطرة للإغلاق والتصفية وتسريح العمال وهو أمر لا يرغب فيه أحد وبالتالي هناك حاجة الى بعض الوقت للخروج من الأزمة الراهنة والاستعداد لمرحلة تحرير أسعار الطاقة وليكن الاجتماع المرتقب مع الحكومة مناسبا لاختيار توقيت يناسب كل الأطراف ويتم الاتفاق عليه على أن تتعهد الحكومة بعدم مفاجأة القطاع الصناعي بأي زيادات في أسعار الطاقة قبل حلول هذا الموعد الذي يتم الاتفاق عليه. وقال المرشدي إن الموعد الذي قد يكون مناسبا للقطاع الصناعي هو بداية عام 2013 بحيث يكون القطاع قد امتص تماماً تداعيات الأزمة الراهنة وبدأ التعافي ولكن قد لا تقبل الحكومة بهذا الموعد وهي تسعى لخفض سريع في فاتورة الدعم. أما جلال الزوربا، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، فيؤكد أن المشاورات مع الحكومة بشأن أزمة دعم الطاقة للمصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة لا تزال جارية ومازلنا نشرح للحكومة أبعاد هذه الخطوة لاسيما في التوقيت الحالي والقطاع الصناعي هو الأكثر أهمية على خريطة الاقتصاد الكلي في أي بلد لأنه القطاع الذي يولد فرص عمل دائمة وبشكل مستمر ويجلب للبلاد موارد من النقد الأجنبي عبر تصدير جانب من منتجاته ويمثل قيمة مضافة بتحويل المواد الخام الأولية إلى منتجات صناعية متنوعة وليس من مصلحة أحد توجيه ضربة قاصمة لهذا القطاع والحكومة تتفهم ذلك جيدا وتأمل في التوصل الى حل توافقي يحقق هدف خفض فاتورة الدعم ولا يمثل ضررا كبيرا للمصانع. وانتهت وزارة البترول من اعداد الخطة التي تشمل أربعة محاور رئيسية بحيث يتم توزيع العبء على معظم شرائح المجتمع سواء كانوا اصحاب مصانع ومنتجين أو مستهلكين عاديين. ويتمثل المحور الأول في إلغاء تدريجي لدعم المصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة بينما تحظى بقية الصناعات التي لا تستخدم الطاقة بكثافة بنوع من الدعم الجزئي والمؤقت لحين توفيق أوضاعها لتحمل شراء الطاقة بالأسعار العالمية. ويختص المحور الثاني بالاستهلاك المنزلي لغاز البوتاجاز حيث من المقرر توزيعه بنظام الكوبونات الأمر الذي سيوفر على ميزانية الدولة أربعة مليارات جنيه سنويا ويضمن نظام الكوبونات توصيل الدعم الى مستحقيه وحرمان أصحاب المطاعم والمخابز ومصانع الطوب ومزارع الدواجن من الاستيلاء على كميات هائلة من البوتاجاز المدعم لصالح مشروعاتهم التجارية وبالتالي حدوث وفر كبير في الكميات التي يجري استيرادها سنويا وترشيد نظام الدعم على هذه السلعة. أما المحور الثالث فيتمثل في إعادة النظر في أسعار بيع العديد من المشتقات البترولية بهدف خفض فاتورة دعمها أو تقليل معدلات استهلاكها وتشمل قائمة هذه المشتقات السولار والبنزين بكافة أنواعه خصوصا بنزين فئة 92 و95 أوكتين اللذين سيبدأ بهما رفع الأسعار باعتبار أن هذين النوعين هما الأكثر استخداماً من جانب الفئات الميسورة. أما المحور الرابع فيشمل بدء تركيز وزارة البترول بالتعاون مع وزارات البيئة والصناعة والبحث العلمي على مشروعات انتاج الطاقة البديلة من المصادر المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية التي تتمتع فيها مصر بميزة نسبية كبيرة وضخ استثمارات في هذه المشاريع على صعيد البحث العلمي أو المشروعات التجريبية وقيام وزارة التعاون الدولي بعقد اتفاقيات مع عدد من الدول الأوروبية المهتمة بالطاقة النظيفة خاصة المانيا لدفع الجهود في هذا المجال بخطوات اسرع بحيث يمكن الوصول الى انتاج ربع احتياجات مصر من الطاقة بحلول العام 2020 من مصادر متجدده مما يسهم في وقف نزيف دعم الطاقة والتوجه نحو الطاقة المتجددة والنظيفة باعتبارها خيارا عالميا في ظل احتياجات متزايدة من الطاقة سواء للتصنيع أو للاستخدام المنزلي مع استمرار الزيادة السكانية والتوسعات العمرانية. وهذه الخطة سوف تتم مناقشتها مع الأطراف المعنية أولا خصوصا المستثمرين وأصحاب المصانع ثم طرحها للنقاش المجتمعي قبل اقرارها بهدف اطلاع المواطنين على طبيعة وأبعاد أزمة الطاقة التي بدأت تواجهها مصر منذ سنوات ومرشحة للتفاقم مستقبلا واشراك المواطنين في التوصل الى الحلول المطلوبة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©