الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الركود الاقتصادي العالمي يهدد انتعاش قطاع التعهيد

الركود الاقتصادي العالمي يهدد انتعاش قطاع التعهيد
4 سبتمبر 2011 23:10
عندما انتهت شركة “فورد” من مجمع “نهر روج” الصناعي الأميركي في عام 1928، جلبت الشركة كل ما يلزم لتحويل المواد الخام إلى سيارات، حيث وظفت 100,000 عامل وأفردت مساحة قدرها 16 مليون قدم مربع لإنشاء المجمع، بالإضافة إلى خط سكك حديدي بطول 100 ميل. لا يزال هذا المجمع أكبر مصنع تملكه الشركة لكنه لم يعد بالبريق الأول ذاته، حيث تقوم شركات تعاقدية فرعية بصناعة معظم قطع الغيار التي يعمل على تجميعها عمال لا يتجاوز عددهم 6,000 فقط. كما تسيّر مصنع الصلب المحلي شركة “سيفيرستال” الروسية. ولا شك في أن التعهيد شكّل قطاع التجارة في العالم بأسره، حيث عهدت الشركات خلال العقود القليلة الماضية بكل شي تقريباً من نظافة للأرضيات إلى ضبط اختراقات الإنترنت. وتقدر شركة “تي بي آي” المتخصصة في القطاع التعاقدات الجديدة التي تبرم بنحو 100 مليار دولار سنوياً. ويُذكر أن 10% من العمال البريطانيين يعملون في وظائف تعهيد، كما تنفق الشركات نحو 200 مليار دولار على التعهيد كل سنة. وليس مستغرباً أن حتى الحروب تم تعهيدها حيث تعتمد أميركا على جنود بالتعاقد بدلاً عن النظاميين في أفغانستان. هل من الممكن أن يستمر انتعاش التعهيد إلى الأبد؟ وهل هو مفيد للحد الذي يزعمه مساندوه أم انه مشكوك فيه؟ لكن هناك مؤشرات تدل على أن التعهيد كثيراً ما يخرج عن الطريق الصواب، وأن الشركات تعيد تفكيرها فيما يتعلق بانتهاجه. وتشير آخر نتائج مؤشر “تي بي آي” للتعهيد الربعية الذي يقوم بقياس تعاقدات بقيمة 25 مليون دولار فأكثر، إلى تراجع القيمة الكلية لمثل هذه التعاقدات بنحو 18% في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وجاءت الأرقام الأميركية مخيبة للآمال، حيث تراجعت قيمة التعاقدات بنحو 50% في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من 2010. ويعود ذلك نسبياً للركود الاقتصادي السائد هناك، لكن وبشكل أكبر لعدم نضج السوق. وأشار مايور براون من مؤسسة “مايلز روبنسون” القانونية إلى ارتفاع معدل القضايا المتعلقة بمشاكل التعهيد. وفي إحدى القضايا حكمت المحكمة على شركة “إي دي أس” لتقنية المعلومات بدفع غرامة قدرها 469 مليون دولار مقابل الأضرار التي سببتها لشركة “بي سكاي بي” للإعلام. وتنتشر مثل هذه القضايا بشكل أسوأ في الهند، وكذلك في الصين التي يتميز نظامها القضائي بالخروقات الواضحة. ومنذ أن العديد من القضايا لا تصل إلى طاولة المحاكم، فإن القناعة بعدم التعهيد آخذة في الزيادة أكثر من ذلك الذي تبينه سجلات المحاكم. ويجدر بالذكر أن من أسوأ المشاكل التي وقعت في السنوات القليلة الماضية كان سببها أو زاد منها التعهيد. وقررت شركة “بوينج” الأميركية قبل 8 سنوات إتباع نهج شركات السيارات وإيجار متعاقدين للقيام بمعظم الأعمال الشاقة لإنتاج طائرتها الجديدة “787 دريم لاينر “. وكانت النتيجة سيئة للغاية عندما لم تتناسب بعض القطع مع بعضها بعضاً، وعندما فشل البعض في تسليم القطع في الوقت المحدد، بالإضافة إلى بعض المقاولين الذين عهدوا بأعمالهم لمقاولين آخرين. وإذا بدأت الطائرة في العمل بنهاية العام الحالي حسب وعد الشركة، تكون “بوينج” قد دفعت مليارات الدولارات فوق الميزانية المحددة مع تأخير ثلاث سنوات عن موعدها. ويمكن أن يفشل التعهيد في عدد من المحاور، حيث تقوم الشركات أحياناً بممارسة ضغوطات شديدة على المقاولين مما يرغمهم على خفض الجودة “هذه مشكلة كبيرة في قطاع صناعة السيارات، حيث يمكن للعدد القليل من الشركات العالمية بعث المخاوف في أكثر من 80,000 شركة لصناعة قطع الغيار”. كما تبالغ شركات البيع في بعض الأحيان في مواعيدها لكسب المزيد من التعاقدات ومن ثم تفشل في التسليم. وفي حالة حدوث خلل في التعهيد فمن الصعب إصلاح ذلك الخلل، فعندما تعهد شركة بوظيفة ما فإنها في الحقيقة تستغني عن القسم المسؤول عن تلك الوظيفة بكامله. ويبدو أنه من السهل قفل قسم ما بدلاً من إعادة بنائه. وهذا يعني أن الشركات لا تخطط في المستقبل القريب لتبني نموذج مثل “نهر الروج”. وفي حقيقة الأمر، تعمل بعض الشركات مثل “بوينج” على استعادة المزيد من أعمالها لتديرها بنفسها. لكن لا يزال التعهيد من الأعمال الجاذبة في حالة تنفيذه بالطريقة الصحيحة. وكثير من الأعمال تعتبر هامشية بالنسبة لصميم عمل الشركة، حيث يمكن تنفيذها دائماً من خلال المتخصصين بصورة أفضل وأقل تكلفة. واستمر التعهيد في النمو في الدول الناشئة وأوروبا، حيث ألمانيا وفرنسا آخر المتبنين للفكرة. وتعيد الشركات الآن التفكير في التعهيد بدلاً من الاستغناء عنه، حيث ترفض الصفقات الكبيرة والطويلة الأجل لصالح الصغيرة غير المعقدة. وانخفضت القيمة السنوية للعلاقات الكبيرة عند 100 مليون دولار أو أكثر بنحو 62% هذه السنة. وعمدت الشركات على إقامة علاقات متعددة مع شركات التعهيد بدلاً من شركة واحدة كبيرة، بالإضافة إلى التعاقدات القصيرة. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©