الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السويدي: التحولات العالمية تتطلب إعادة صياغة قدراتنا

18 نوفمبر 2006 01:34
مطلوب خطط تنموية متكاملة وتنويع القاعدة الاقتصادية و تنظيم سوق العمل أمل المهيري: قال الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إن استشراف مستقبل مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة يفرض ضرورة إدراك التغيرات المحتملة في البيئة العالمية المحيطة به، والتعرف على ما قد تحمله في المستقبل من فرص وتحديات، وفي الوقت نفسه دراسة التحديات الداخلية التي تؤثر في بناء المستقبل واستقراء أبرز ملامحها، والبحث عن الصيغ المناسبة التي يمكن من خلالها وضع الحلول المناسبة لها· وأوضح السويدي في محاضرة ألقاها بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان '' مجتمع الإمارات ·· نظرة مستقبلية '' أن دولة الإمارات العربية المتحدة تواجه مع بداية القرن الحادي والعشرين العديد من التحديات التي ينبغي دراستها وفهمها وتحديد سبل مواجهتها من خلال منهجية علمية ، وأن أبرز التحديات الخارجية والداخلية التي تؤثر بصورة مباشرة في صياغة مستقبل مجتمع الإمارات، تتمثل في العولمة وتداعياتها والمتغيرات الدولية الكبرى التي ستؤثر بصورة مباشرة في الهوية الوطنية وسيادة الدولة وحقوق الإنسان ودور المرأة والمجتمع المدني· في حين أن التحدي الداخلي ناجم عن متطلبات التنمية السياسية وتحقيق النمو الاقتصادي وتنمية الموارد البشرية والقوى العاملة الوافدة، حيث يبرز التحدي العالمي بصورة أساسية في العولمة والمتغيرات الدولية، وقد اشتد الجدل منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين حول مفهوم العولمة وتداعياتها· ثلاثة تيارات وذكر السويدي أن مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين ظهرت ثلاثة تيارات فكرية، شكلت مناقشاتها وطروحاتها لمفهوم العولمة الأبعاد الأساسية والعملية لها ، حيث يرى التيار الأول أن العولمة تشير إلى حقبة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين البشر، حيث تم تجاوز الدولة القومية باعتبارها وحدة النشاط الأساسي في الاقتصاد العالمي· ومن هذا المنظور تعدُّ العولمة مفهوماً اقتصادياً في جوهرها، والهدف في النهاية هو خلق سوق ''عالمية'' واحدة· ومن ثم فإن العولمة الاقتصادية تزيل الصفة الوطنية عن الاقتصاد من خلال شبكات متداخلة عابرة للحدود تشمل الإنتاج والتجارة والتمويل ، ولذلك فإن السلطة الاقتصادية للدولة ستضعف نتيجة لتولي مؤسسات جديدة المسؤوليات الاقتصادية· أما التيار الثاني فإنه ينطلق من رؤية تاريخية للظاهرة، وإن العولمة ليست حدثاً جديداً، بل حقبة جديدة من تطور العلاقات الاقتصادية الدولية، ويرى أصحاب هذا التيار أن الاقتصاد الدولي أضحى اليوم أقل عالمية من ناحية المساحة الجغرافية التي يغطيها منذ نهاية حقبة الإمبراطوريات ، ومن ثم فإن النشاط الاقتصادي العالمي الحالي لن يؤدي إلى زوال سلطة الدولة ودورها على المستوى الدولي، لأن الدول في النهاية هي التي تصنع وتحدد ملامح النظام الاقتصادي العالمي السائد، حيث إن الدولة هي التي تنظم قواعد التجارة والقوانين التي تحكمها ولا تزال أداة احتكار لرأس المال· ويرى التيار الثالث أن العولمة هي القوة المركزية الدافعة إلى قيام نظام عالمي جديد، ومن ثم فهي تمثل تحولاً نحو تقليص سلطة الدولة ، ولذا فإن العولمة ظاهرة متعددة الأبعاد تنعكس في التغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تعيد تشكيل المجتمعات المعاصرة والنظام العالمي· وأشار الدكتور جمال السويدي الى أن تعريف ديفيد هيلد للعولمة باعتباره الأكثر وضوحاً وشمولاً، فهو يصفها بأنها: عملية التحول في هيكل العلاقات والتعاملات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ويتم تقييم تأثير هذا التحول بناء على مداه وشدته وسرعته، ويولد هذا التحول تيارات إقليمية أو عابرة للقارات وشبكات جديدة من الأنشطة والتفاعلات وأساليب مختلفة لممارسة السلطة· أما تأثير العولمة في الثقافة فيبدو للوهلة الأولى أن عولمة الثقافة حدث حتمي، فالمنتجات الثقافية مثل الموسيقى وبرامج التلفزيون والعروض المسرحية والمواد المطبوعة تنتشر في مختلف أنحاء العالم بطرق غير مسبوقة، موضحا أن الجدل الدائر حول تأثير العولمة في الثقافة مرتبط بأهمية الهوية الوطنية أكثر من كونه مرتبطاً بانتشار السلع الاستهلاكية· وأضاف أن من الصعب الجزم بمدى ما تتعرض له الهوية الوطنية من تأثير أو تحد في دول الخليج العربي عامة ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، ولا يمكن إغفال بعض المظاهر التي تثير القلق وتطرح المشكلة بشكل جدي· ولكن تجدر الإشارة إلى أن هناك عوامل بنيوية كامنة في '' المركّب العربي - الإسلامي '' تمنح شعوب المنطقة قدرة عالية على التكيف مع متطلبات التحديث والاحتفاظ في الوقت ذاته بالأصالة وبمنظومة القيم والعادات والتقاليد، بل والتمسك بها· التحديات الداخلية وفيما يتعلق بالتحديات الداخلية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تواجه عدداً من التحديات الداخلية التي ترتبط بعلاقة جدلية بمتغيرات وتطورات البيئة الدولية، وقد نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة خلال ثلاثة عقود، في إرساء أسس متينة لدولة عصرية· لكن المستقبل يثير عدداً من التحديات الداخلية يمكن إجمالها من الناحية السياسية في إنجاز التنمية السياسية، والتحول نحو المؤسساتية، ودور المواطنين في صنع السياسة العامة، والشفافية، والمحاسبة· ومن الناحية الاقتصادية تتمثل التحديات في إعادة هيكلة الاقتصاد بما يسمح بتنويع مصادر الدخل، وتوافر القدرة على دخول عصر الاقتصاد المبني على المعرفة· وفي هذا السياق يلعب تطوير الموارد البشرية دوراً رئيسياً في خطط التنمية الشاملة للدولة، وهذا يتطلب تطوير التعليم وتشجيع البحث العلمي وعلاج الخلل في التركيبة السكانية· أما تطوير البنية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة فيبرز ضرورة تطويره وإعادة هيكلته ليكون قادراً على مواجهة التحديات الاقتصادية الخارجية والداخلية· وكل هذا فرض مجموعة من التحديات أمام دولة الإمارات العربية المتحدة تتمثل في ثلاثة جوانب، أولها ضرورة بناء رأس مال بشري قادر على التعامل مع نظم العمل القائمة على المعرفة ويستطيع استيعاب ومواكبة متطلبات الثورة المعرفية ، والثاني هو إصدار التشريعات اللازمة لتنظيم سوق العمل القائم على الاحتراف والإدارة المعرفية· والثالث إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني من حيث تنويع القاعدة الاقتصادية وتطويرها بحيث تتلاءم مع منتجات الاقتصاد المبني على المعرفة، حتى تستطيع الحفاظ على المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت في الدولة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©