الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أسبوع أبوظبي للاستدامة يدعم الابتكار بمجال الطاقة النظيفة

27 يناير 2014 22:52
يجمع أسبوع أبوظبي للاستدامة كل عام زعماء العالم وقيادات الاقتصاد بمجالاته كافة، ليناقشوا مستقبل الأرض ومواردها المستدامة، أملاً في صون الأجيال المقبلة. لكن الإنجاز الأعظم الذي شهدته دورة هذا العام هو إظهار القدرات الكامنة للطاقة البشرية، والتي تعتلي الأولويات، وتتصدّر اهتمامات الحكومات قبل وضع أطر العمل واستراتيجياتها بعيدة الأمد. وسلّطت فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة على الابتكارات والأفكار الخلاقة، والتي كانت جميعها نتاجاً للعقل البشري من كوادر وكفاءات في عالمنا العربي الكبير، وعززت من مكانة العقل البشري كمورد الحقيقي لضمان الاستدامة، وحماية أجيال المستقبل، بما يخالف اعتقاد معظمنا أن الموارد الرئيسة في أرضنا هي النفط والغاز والحديد فحسب. إن الاستثمار في تنمية العقل البشري يشكّل تحدّياً حقيقياً، وواحدة من القضايا الملحة عبر العصور، حيث استطاع تقرير التنمية الإنسانية العربية منذ نحو 10 سنوات، أن يحدّد مفهوم «نقص المعرفة»، وبالتالي «التنمية البشرية» كأحد أهم التحديات التي تواجه العالم العربي. وأشار التقرير في نصه إلى تراجعنا عن بقية الاقتصادات، من حيث قدراتنا على اكتساب وإنتاج المعرفة. كما أشار التقرير، اعتماداً على مؤشرات رئيسية مثل نشر أوراق الأبحاث العلمية وإصدار براءات الاختراع، إلى تراجع كبير للقدرات العربية، واحتمال بقائنا في «موقع هامشي في الحقبة المقبلة من التاريخ الإنساني». فإلي أيّ مدى وصلنا بعد زمنٍ كان فيه علماؤنا، وفلاسفتنا، وأطباؤنا، ومعلّمونا قبلة أنظار العالم بأسره، بغية التعلّم واكتساب الحكمة؟ وهنا، يتعدى هذا التحدي مقاييس الأداء الأكاديمي والمؤشرات الاقتصادية، ويتجاوزها إلى تكوين رؤية يؤمن بها الشعب، وغرس ما يحفّز الأمل لدى جيل الشباب، ومن ثم تزويدهم بالأدوات اللازمة لتحقيقه. ومع ارتفاع نسبة فئة ما تحت سن الخامسة عشرة لتمثل أكثر من ثلث سكان الوطن العربي، فإننا نمتلك إذاً مصدراً لديناميكية اجتماعية هائلة إذا أمكننا تسخير طاقاته لتلبية تطلعات الجيل المقبل. وبالنظر إلى الوضع الراهن في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ارتفعت معدلات البطالة، فليس أمامنا سوى بضعة عقود لبناء أسس تعزز من الطاقة البشرية، وعلى كل قطاع في المجتمع أن يلعب دوره في ذلك. إن مستقبل مجتمعنا على المحك، وعبر محاولتنا لإكمال مسيرة بعض العلامّة، في وقت كان فيه العرب في طليعة التعلّم والاستكشاف العلمي، فإن بإمكاننا، بل يتوجب علينا، بناء أسس «نهضة عربية» جديدة. لقد انتهى زمن مناقشة الأفكار وحان الوقت لتحقيق إنجاز حقيقي واتخاذ خطوات مشتركة. ولذلك ينبغي على كل حكومة من حكومات مجلس التعاون الخليجي أن ترتقي باستثمارها في تنمية الرأسمال البشري لمواطنيها، من أجل تسخير الطاقات البشرية بشكل مجدٍ. ومما لا شك فيه بأن هذه الاستثمار سيكون الطاقة التي لا تنفد ألا وهي الطاقة البشرية بعيداً عن كل ثرواتنا الهيدروكربونية مجتمعةً. واللافت في الأمر أن الرأسمال البشري لا يتصف بصفات الموارد الطبيعية كافة، فما أن يتم إحياؤه، حتى يصبح متجدداً لا ينضب. وخلافاً لأي موارد أخرى، تنمو قيمته أكثر كلما ازدادت مستويات الاهتمام ومشاركة الآخرين به. ثانياً، على القطاع الخاص في كل دولة أن يتطلع إلى الشراكة مع الحكومة فيما يخص التدريب، ونقل المعرفة، والتوظيف، وبالتالي المساهمة في تعزيز آفاق التوظيف للسكان المحليين. ولقد نجحت بالفعل رسملة الدولة بشكل كبير بالنسبة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي حتى الآن، ولكن من غير الواقعي افتراض أن الحكومة ستبقى المصدر الوحيد للازدهار إلى أجل غير مسمى. ومن المهم كذلك الإشارة إلي أهمية دور المواطن في دول مجلس التعاون الخليجي وابتعاده عن استغلال برامج التوطين التي قد تقدم امتيازاً من دون مسؤوليات، حيث يحصل بذلك على وظيفة ولكن من دون اكتساب التعليم والجدارة المهنية. ولا تتماشى نظرة قاصرة كهذه مع الإصرار على تعزيز الاستدامة الذي يعتمد رفاه أجيالنا المستقبلية عليه. أخيراً، يمثل كل برنامج توطين شراكةً بين كل مواطن والحكومة والقطاع الخاص، ولا يمكن أن نأمل الوصول إلى النتائج المطلوبة إلا حين ينفذ كل طرف في هذه الشراكة ما عليه. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، نأمل من ذلك أن يشكّل جزءاً من مبادرة أوسع لتحقيق التوازن بين خلق فرص جدية لمواطنينا، وتحسين مساهمة قوة العمل الأجنبية الموجودة إلى أقصى حد ممكن، وإبقاء أبوابنا مفتوحة للشراكات العالمية. ولن يكون تحقيق هذا التوازن بالأمر السهل، ولكن يجب علينا الاستمرار بشحذ الهمم. بقلم: محمد بن محفوظ العارضي نائب رئيس مجلس إدارة البنك الوطني العماني، رئيس مجلس إدارة شركة رمال للمشاريع الاستثمارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©