الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصري يقع في غرام الساعات فيجمعها ويبرع في إصلاحها

مصري يقع في غرام الساعات فيجمعها ويبرع في إصلاحها
5 سبتمبر 2011 00:17
«للناس فيما يعشقون مذاهب» مقولة تنطبق على مدير إدارة البرامج بالشبكة الثقافية بالإذاعة المصرية السابق الإعلامي الدكتور عادل النادي، الذي وقع في غرام ساعات الحائط النادرة والقديمة وبذل جهده في البحث عن كل ما هو غريب ونادر في عالم الساعات، لم يتوقف النادي عند اقتناء وشراء هذه الساعات بل أصبح بارعاً ومحترفاً في إصلاح أي خلل أو عطل يصيبها. (القاهرة) - تدخل بيت مدير إدارة البرامج بالشبكة الثقافية بالإذاعة المصرية السابق الإعلامي الدكتور عادل النادي فتكاد لا تجد مكانا تجلس به، الساعات تحتل شقته الصغيرة بمنطقة القلعة بالقاهرة وتغطي الجدران والسقف، وتتسلل إلى الحمام والمطبخ وغرفة النوم حتى أنها تشارك الرجل وزوجته جزءاً من الفراش بعد أن تكدست عدد الساعات التي يقتنيها في منزله لتتجاوز عددها 500 ساعة حائط من مختلف الماركات والموديلات العالمية النادرة التي يعود تاريخ صنع بعضها إلى القرن 19. شرارة العشق يقول النادي «يرجع تاريخ اهتمامي بالساعات إلى نحو 38 عاماً مضت عندما كان لدينا في المنزل ساعتا حائط لا تعملان وحاول والدي إصلاحهما أكثر من مرة إلا أن «الساعاتية» أخبروه باستحالة إصلاح العطل، فقام بتخزينهما داخل شوال ووضعهما فوق الدولاب، فخطرت لي فكرة محاولة إحضار واحدة من هاتين الساعتين لإصلاحها بنفسي وأخرجتها دون أن يدري والدي، وكان عمري صغيراً وقمت بفك الساعة وقمت بعمل مسقط للوحة وبدأت ترقيم التروس الموجودة بها حتى توصلت إلى أن الساعة كان بها اعوجاج في «الأكس»، فأعدته إلى وضعه السليم، واستغرق ذلك يومين كاملين ودبت الروح في الساعة مرة أخرى وبدأت تدور كما كانت من قبل فعرضتها على والدي فلم يصدق أنني أصلحتها بنفسي وهو ما جعلني أشعر بسعادة كبيرة تفوق لحظات سعادتي بتخرجي في أكاديمية الفنون التي كنت أدرس بها. ويضيف «الساعة التي نجحت في إصلاحها كانت ماركة «جاجانس» ألمانية الصنع ويعود تاريخ تصميمها إلى نهاية القرن 19، وأدى نجاحي في إصلاح الساعة الأولى إلى فتح شهيتي لإصلاح الساعة الأخرى، ونجحت في إصلاحها أيضا ومن هنا ذاعت شهرتي في إصلاح الساعات القديمة في أوساط زملائي بأكاديمية الفنون وفي الحي الذي أقطن به، حتى بدأ الكثيرون ينهالون عليَّ بساعاتهم المتوقفة لإصلاحها وبعد ذلك بدأت تستهويني مسألة اقتناء وشراء الساعات القديمة للاحتفاظ بها، حتى بلغ عدد الساعات عندي حالياً نحو 500 ساعة من مختلف الماركات والموديلات القديمة والنادرة بخلاف أكثر من 300 ساعة أخرى مفككة». وعن مصادر حصوله على هذه الساعات يقول «جبت معظم أنحاء مصر بحثاً عن أي ساعات نادرة أو قديمة وغير مستعملة حيث لا أتردد في شراء أو اقتناء أي ساعة تقع عيني عليها أرى أنها ذات قيمة ونادرة أو لا يوجد مثيل لها، كما أحصل في بعض الأحيان على هذه الساعات من المزادات التي تقام في القاهرة وبعض المحافظات وتعرض ضمن قطع الأثاث والأنتيكات القديمة، كما يوجد لدي «سماسرة» في معظم محافظات مصر يأتون لي بكل نادر وغريب من الساعات القديمة وأقوم بشراء ما أراه مناسباً منهم مقابل حصولهم على 10 في المائة». ويضيف «أول ساعة اشتريتها كانت منذ نحو 38 عاماً وكانت ساعة حائط صناعة أميركية وعليها تاريخ دخول القوات البريطانية إلى مصر وهو يونيو 1882، واشتريت هذه الساعة بمبلغ 5 جنيهات فقط رغم أن ثمنها يتجاوز الآن 5 آلاف جنيه». وعن معايير تقييمه لساعات الحائط قبل شرائها، يقول النادي «لا أهتم بالصندوق الخارجي وأهم شيء هو الجزء الزجاجي المطعم بالنحاس لأنه كلما زادت قيمته زادت قيمة الساعة وارتفع ثمنها‏،‏ إلا أن أهم شيء عندي الماكينة الداخلية، ولابد أن تكون سليمة وإذا وجدت بها بعض العيوب أشترط أن تكون بسيطة ويسهل إصلاحها،‏ وأهتم بشراء الساعات التي لا تعمل حتى أصلحها». الأغرب والأندر عن أغرب الساعات التي يقتنيها، يقول «لدي ساعة صناعة ألمانية يعود تاريخ صنعها إلى أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي وطولها حوالي 125 سم والجزء السفلي بها مصنوع من البللور البلجيكي، وبمجرد تعرضه لضوء الشمس يعكس ألوان الطيف بشكل جميل، أما عن أغرب الساعات التي اشتريتها فهي ساعة صممت على شكل قرص الشمس وهي صناعة ألمانية، ومصنوعة بالكامل من النحاس المجسم سواء الهيكل أو الأرقام أو العقارب ويتم ملء الساعة يدوياً كل 15 يوماً». وحول أغلى وأندر الساعات التي يقتنيها، يوضح «هي ساعة ألمانية الصنع أيضاً اسمها «جراند فازر» أو الساعة القمرية ويعود تاريخ صناعتها إلى نهاية القرن 19 وطولها حوالي 265 سم، ومصنوعة من الستان ويظهر فيها القمر بشكل ميكانيكي تحت رقم 12، وهي ساعة نادرة ويبلغ ثمنها أكثر من 3 ملايين دولار ولا أستطيع أن أستغني أو أفرط فيها لأنها جزء مني، وهناك ساعة أخرى متوسطة الحجم تسمى ساعة أطلس وصممت أواخر القرن 19 وأطلس في الأسطورة كان قد حكم عليه بأن يحمل كوكب الأرض على كتفيه مدى الحياة تكفيراً عن سيئاته وأخطائه. ويعلو جسم الساعة تمثال صغير لأطلس حاملا الكرة الأرضية على ظهره ويوجد أعلى جسم الساعة حليتان من النحاس على الجانبين يتوسط كلا منهما تاج قيصر ألمانيا ويحرسه أسدان والساعة محمولة بالكامل على أربعة أعمدة من النحاس وتعتمد في ملئها على سلاسل نحاسية بديلا من «الزمبلك». ويضيف النادي «لدي ساعة نادرة أطلق عليها اسم «الساعة القمرية» وهي صناعة ألمانية عام 1910 ويتم ملؤها يدويا كل أسبوعين واشتريتها من سراي أحد الباشوات في الدقهلية قبل سنوات بمبلغ 3 ملايين جنيه، وهذه الساعة لا يوجد مثيل لها في مصر سوى 3 ساعات فقط واحدة في قصر عابدين واخرى مع أحفاد احد الباشوات في الاسكندرية، والأخيرة بحوزة احدى السيدات في القاهرة ورثتها عن والد زوجها». ويقول النادي «لدي ايضا مجموعة من الساعات المرتبطة ببعض الأحداث التاريخية منها ساعة البريد المصري، وكانت وزارة الري المصرية يناط بها قبل ثورة 1952 تزويد كل مكاتب البريد بساعات الحائط لتعليقها داخل مكاتب البريد، وكان يكتب داخل كل ساعة كلمة بريد باللغة العربية وهي صناعة إنجليزية تم تصميمها بناء على تعليمات القوات الإنجليزية التي كانت تحتل مصر آنذاك، أما بقية المكاتب الحكومية في مصر في تلك الفترة فقد تم تزويدها بنفس هذه الساعات، ولكن كان مكتوباً عليها اسم السلطنة المصرية التي أصبح اسمها «المملكة المصرية» بعد التحول إلى الملكية، وبعد قيام ثورة 1952 حملت هذه الساعات شعار جمهورية مصر العربية، وفي عام 1958 حدثت الوحدة بين مصر وسوريا فصارت هذه الساعة تحمل داخلها اسم «الجمهورية العربية المتحدة»، واستمر هذا التقليد حتى العام 1975 ومنذ ذلك التاريخ تم التوقف عن تزويد المكاتب الحكومية بهذه الساعات». هتلر والإخوان يقول النادي «كانت هناك ساعة حائط كانت تملأ كل يوم في عهد هتلر، وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية رأى هتلر أن عملية ملء الساعة بشكل يومي أمر مرهق وغير عملي فطلب من مصانع الساعات في ألمانيا تصميم ساعة حائط تظل أطول وقت ممكن من دون أن تملأ؛ فتم تصميم ساعة تملأ كل 14 شهراً وأطلق عليها الساعة السنوية وهي تحتوي على 4 بليات تدور على محورين يميناً ويساراً». وعن أبرز الساعات التي يعتز باقتنائها، يقول «لدي ساعة صناعة ألمانية تعود إلى أربعينيات القرن الماضي طبع على المينا الخاص بها أسفل الرقم 12 شعار واسم الإخوان المسلمين باللغة العربية، وكتب أعلى الرقم 6 عبارة «صنعت في ألمانيا» باللغة العربية، أيضا ومن الأشياء النادرة أن نفس الشعار والكلمات طبعت على ماكينة الساعة من الداخل وتردد أن الألمان صمموا هذه الساعة للإخوان نكاية في اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، وقد صنعت «حدافة» الساعة من النحاس وصنع صندوق الساعة من خشب الزان المكسو بقشرة من خشب الارو وواجهة الساعة مصنوعة من الزجاج المشطوف المعشق بالنحاس ويبلغ سعر الساعة حوالي 10 آلاف جنيه». ويضيف أن كتابة اسم أي شخص أو شركة أو جهة على الساعات كان تقليدا متبعا في العالم حتى وقت قريب حتى أن اغلب تجار الساعات في مصر في الماضي كانوا يطلبون من مصانع الساعات في أوروبا تصميم ساعات حائط عليها اسم محالهم للدعاية. ويتابع «لا يمكن أن أفرط في أي من الساعات القديمة والنادرة الموجودة لدي إلا في حالة واحدة فقط وهي وجود ساعة شبيهة أو مثيلة لها عندي أو في حال مروري بضائقة مالية بشرط أن يكون لدي بديل للساعة المبيعة أو ساعة شبيهة بها، ولكنني أهديت ساعة لأحد أصدقائي بمناسبة زواجه وندمت على ذلك لدرجة أنني بكيت بشدة وكانت هذه الساعة متوقفة قبل ذلك ومكثت 4 سنوات كاملة في إصلاحها، ونجحت في ذلك وهي صناعة ألمانية وكانت تدق كل 15 دقيقة بانتظام والصندوق الخاص بها مصنوع من خشب الورد». وعن الضريبة التي دفعها بسبب عشقه للساعات، يقول «أنا مجنون بجمع ساعات الحائط ومريض بحب الساعات، وأحتاج للعلاج وعندما أنظر إلى هذه الساعات التي بحوزتي أشعر بلحظات ندم لأن هذه الساعات كبدتني الكثير من المال الذي كان من الممكن أن يجعلني الآن في قائمة المليونيرات، كما سرقت عمـري وحياتي وتسببت في إصابة عيني ببعـض المتاعب الأمر الذي جعلني أجري عمليتين جراحيتين فيهما بسبب الإعياء الذي أصبت به جراء إصلاح وفحص الساعات، لدرجة أنني مكثت أربع سنوات كاملة ومتواصلة في إصلاح إحدى الساعات التي كان يستعصي إصلاحهـا». ويضيف «عشقي وجنوني بعالم الساعات اضطرني في كثير من الأحيان إلى أن أحرم أولادي من شراء ملابس جديدة لهم أو الترفيه عنهم لأن كل نقودي أو معظمها أخصصها لشراء واقتناء الساعات حتى أن عائد ميراثي من والدي أنفقت معظمه في شراء واقتناء عدد كبير من الساعات التي أمتلكها». ويقول «عندما أشاهد أي فيلم عربي تستهوني بشدة المشاهد التي تظهر فيها ساعة حائط وأتاملها كثيرا وإذا لم يكن لدي مثلها احزن بشدة وأتمنى اقتناءها لضمها إلى ساعاتي». تراجع الصناعة عن تقييمه لصناعة الساعات في العالم، يقول عادل النادي إن هذه الصناعة شهدت تغيراً للأسوأ وتراجع عدد المصانع المتخصصة في الساعات حتى أن الألمان ملوك العالم في هذه الصناعة يجوبون مختلف أنحاء العالم حاليا بحثا عن ساعات الحائط القديمة النادرة، والتي توقفت المصانع العالمية عن تصنيعها مع انتشار الساعات الصينية. التزام بالمواعيد يقول عادل النادي «منذ طفولتي وأنا ملتزم بالمواعيد وأذكر أنني في المرحلة الإعدادية كتبت في أول صفحة في إحدى كراساتي من لا يحترم مواعيدي لا يستحق أن يكون صديقي، لذا أعتبر عالم الساعات يعبر عن الدقة والانضباط ويعلم الإنسان احترام المواعيد لذا فإن شعاري بعد هذه الرحلة الطويلة مع الساعات هو «من لا يحترم مواعيدي لا يستحق أن يكون صديقي»، وربما لا تتخيل السعادة والمتعة الغامرة التي أشعر بها عندما أسمع دقات أكثر من 35 ساعة بانتظام وفي وقت واحد أضعها في مكتبي وكل ساعة منها لها نغمة مختلفة عن الأخرى».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©