الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

مهرجان الشيخ زايد التراثي.. الجناح اليمني.. صناعات تقليدية بروح الأصالة

مهرجان الشيخ زايد التراثي.. الجناح اليمني.. صناعات تقليدية بروح الأصالة
22 ديسمبر 2018 01:55

أشرف جمعة (أبوظبي)

يزهو الجناح اليمني في مهرجان الشيخ زايد التراثي في العاصمة أبوظبي، والذي تستمر فعالياته حتى 26 من يناير المقبل، بالعديد من المعروضات التي تعبر عن الموروث الأصيل وتظهر مدى الاهتمام بحرف عريقة وعادات وتقاليد راسخة على مر الأيام والسنين، فالصناعات التقليدية لا تزال تزدهر عبر أيدي الحرفيين التي تطوع خبرة السنين في نسيج أعمال تبهر الزوار خصوصاً هؤلاء الصناع والحرفيين الذين يحرصون على المشاركة وهو ما يتيح الفرصة للزوار لأن يشاهدوا جانباً مهماً من الموروث اليمني. واللافت أن العسل بأنواعه المعروفة يحظى باهتمام العديد من محبيه كونه من أجود الأنواع وأكثرها رواجاً، كما أن الجناح يمتلك حضوراً من خلال العقيق اليمني الذي يتشكل بمهارة بين أيدي صناعه في أشكال تقليدية ومعاصرة تدعو للتأمل وهو ما يرسخ لهذه الصناعة التي يتميز بها هؤلاء الحرفيون الذين استطاعوا أن يحافظوا على هذا النسيج الفائق في التشكيل بالفضة والنحاس وتصنيع أكسسوارات تحمل روح الماضي ورونق الحاضر.

جودة عالية
يقول مسؤول الجناح اليمني في مهرجان الشيخ زايد التراثي، ماجد الشامي: تشغل الحرف اليدوية جانباً مهماً لدى العارضين كونها تعبر عن الأصالة، فهي جزء مهم من حياة الحرفيين الذين يحرصون على إحياء الصناعات التقليدية، مشيراً إلى أن المعروضات تنوعت هذا العام وأن بعض المشاركين يحرصون على إبراز الصناعات التقليدية المرتبطة بالعقيق اليمني النفيس، ومنه العقيق الأحمر والأصفر والأبيض والوردي، لافتاً إلى أن بعض الدكاكين تعرض تشكيلات من الفضة بطريقة تقليدية خالصة مثل العقود والأساور والخواتم والعديد من المشغولات اليدوية، فضلاً العسل اليمني الشهير الذي يستخدم للتداوي وهو من أجود الأنواع المعروفة، فالنحل يعيش في بيئة مختلفة من حيث المناخ وطبيعة الأعشاب التي يتغذى عليها النحل، ما ينعكس على جودة العسل.
ويبين الشامي أن اليمنيين اهتموا بتربية النحل وإنتاج العسل منذ القدم فهو يستخدم كعلاج للكثير من الأمراض ويعد غذاءً فعالاً لتقوية المناعة ونظراً لجودة العسل اليمني فهو الأغلى سعراً بأنواعه النادرة. بالإضافة إلى حرص العارضين على وجود الملابس التراثية والبهارات العربية الشهيرة والعطور والبخور وخلطات العود اليمنية التقليدية والأعشاب، موضحاً أن زوار المهرجان يتدفقون بشكل يومي على الجناح اليمني ويتفاعلون مع منتجاته التي تتمتع بالجودة العالية.

ملابس تراثية تعبر عن الماضي

العقيق اليمني
ويورد فوزي العامري، الذي يعمل منذ سنوات طويلة في مجال العقيق، أن العقيق اليماني من أشهر منتجات اليمن وصادراته الوطنية، مثله مثل البن والعسل والعديد من المنتجات الأخرى، إذ يحظى بشهرة عالمية واسعة نظراً لبريقه وجودته، مشيراً إلى أن العقيق هو نوع من أهم الأحجار الكريمة التي اشتهر بها اليمن وارتبط اسمه بها منذ قرون، فهو بالنسبة لليمنيين ثروة وتراث ثمين، وللعقيق اليماني مزايا كثيرة واستخدامات مختلفة وفيه من الخصائص الفنية التي تظهر من خلال ألوانه الأخاذة وأحجامه النادرة إلى جانب الزخارف التي يحتوي عليها من صور وأشكال ورسومات متعددة، فضلاً عن الرونق الجمالي الذي يضيفه على المصوغات الذهبية والفضية عندما تطعّم به. أما عملية إنتاج العقيق فهي محصورة في صنعاء القديمة وحدها دون غيرها من المدن اليمنية الأخرى، ويكثر وجود حرفيين يعملون على تصنيعه ومن ثم التجارة به.

مشغولات يدوية
إلى ذلك حرص بكليل الباشا على عرض العديد من المشغولات اليدوية المشكلة بالفضة، والتي تستخدم في الأعراس، بالإضافة إلى العديد من المعروضات التي يدخل فيها العقيق اليمني لافتاً إلى أنه من أشهر أنواع الحجر الكريم، حيث يتمتع بخصائص فنية وجمالية عالية، ويضفي على المصوغات الذهبية والفضية شكلاً بهياً خصوصاً عندما تطعّم به، فهو عالي الصلادة وغير قابل للخدش ويؤثر في الزجاج دون أن يتأثر به، فضلاً عن المكانة الخاصة التي يتفرد بها في قلوب الناس، فمثل هذه السمات وغيرها جعلت العقيق اليماني أكثر رواجاَ من غيره من المنتجات.
ويذكر الباشا أنه يعمل في هذه المهنة منذ سنوات طويلة وأن المهرجان أعطى للحرفيين دوراً مهماً يتمثل في نقل الموروث الشعبي إلى الأجيال الجديدة ومن ثم الحفاظ على مهن تقليدية عريقة.

جانب من الصناعات التقليدية

خلطات عطرية
ويعرض مازن أحمد الأشموري في دكانه العديد من الخلطات العطرية والبخور والدخون، لافتاً إلى أنه يعمل في مجال صنع العطور بطريقة يدوية، وأنه يعتمد على الصنعة اليمنية في إنتاجه، موضحاً أن الإنسان منذ القدم يستخدم العطور، وذلك بحرق أنواع من النباتات ذات الروائح الفواحة وهو ما كان بمثابة بخور يستخدم أثناء القيام بطقوس دينية. ويشير إلى أنه على الرغم من استخدام الفراعنة العطر منذ خمسة آلاف سنة فإن العرب هم أول من استخدم تاج الزهرة لاستخراج ماء الزهور منذ 1300 عام، ولم يستعمل العرب تاج الأزهار كعطرٍ فقط بل استعملوها كدواء. ويلفت إلى أن أزهار مثل الياسمين والبنفسج وزهر الليمون والورد وغيرها، تعد من المصادر المهمة لاستخراج العطور، ولكن جوهر العطر يستخرج من مصادر أخرى غير الأزهار، كالخشب ولاسيما خشب الأرز وخشب الصندل، ومن الأوراق مثل النعناع والغرنوق والخزامى، ومن جذور معينة مثل الزنجبيل والسوسن. ويوضح الأشموري أن أقدم طريقة لصناعة العطور كانت تكمن في استقطار تيجان الأزهار مع الماء، وتكون عبر وضع رقائق من الزجاج في إطارات خشبية حيث تغلف بدهن نقي وتغطى بتيجان الأزهار وتكدس الواحدة فوق الأخرى، ويجري تبديل التيجان بين الحين والآخر إلى أن يمتص الدهن النقي الكمية المطلوبة من العطر، ويرى أن أهل اليمن يتقنون صناعة العطور التقليدية وبخاصة البخور العدني الذي له أسراره ومكوناته المستخدمة في صناعته.

ملابس تراثية
وفي محل شادية عبدالحكم كانت الملابس التقليدية والمعاصرة تغطي مساحته، وتبين أن أهل اليمن كانوا يرتدون ثوباً يسمونه «الزَّنَّة»، ويلفون العمائم على رؤوسهم ثم أضافوا المعطف فوق الثياب إلى لباسهم اليومي، كما يرتدون الـ«معوز» كذلك وهو إزار يلف على الجزء السفلي من الجسم في المناطق الساحلية والجنوبية. واعتاد أهل البادية ترصيع خناجرهم بالعقيق اليماني في حين يكتفي أهالي صنعاء بمعدن الفضة مع مقابض من قرون البقر. وتشير إلى أن النساء قديماً كن يرتدين زياً مغايراً للعباءة السوداء المنتشرة حالياً والتي دخلت اليمن منذ فترة بشكلها الحالي، إلا أن الفتيات الصغيرات كن يرتدين غطاء رأس اسمه «قرقوش» تبقيه الفتاة على رأسها حتى زواجها ولا زالت هذه العادة متواجدة في القرى، وتوضح أنها تعرض في دكانها مجموعة من الملابس الشعبية بهدف التعريف بجملة العادات والتقاليد المرتبطة بالأزياء التراثية التقليدية.

الفنون الشعبية جزء أصيل من موروث اليمن (تصوير حميد شاهول)

حرف قديمة
ومن ضمن الدكاكين التي عرضت أشكالاً مختلفة من الموروث الشعبي اليمني، دكان ناصر مبخوت الذي يعرض تشكيلة من الملابس والعطور والعقيق اليمني، ويذكر أن اليمنيين عملوا منذ القدم في تجارة الذهب والفضة وهو ما جعلهم يهتمون بصنع الحلي يدوياً وتزيينها بالفصوص والأحجار الكريمة مثل المرجان والعقيق والياقوت واللؤلؤ والكهرمان والزمرد التي يتم استخراجها من مناجم يمنية، ويوضح أن المهرجان أظهر الموروثات الشعبية العالمية بصورة شائقة وهو ما جعل الزوار يغتنمون الفرص من أجل التعرف إلى ثقافات البلدان وكيفية العمل في الحرف القديمة، وأن الجناح اليمني توافد عليه الكثير من الزوار الذي احتفوا بمنتجاته وحرفه التراثية الجميلة.

بهارات وتوابل
يستقبل نبيل المنتصر الزوار في دكان البهارات العربية، عارضاً العديد من المواد التي تضاف عادة إلى الطعام بكميات قليلة، لإعطاء نكهة للأطعمة المختلفة، وتصنع البهارات من كافة أجزاء النباتات كالبذور والثمار والأوراق واللحاء والجذور، ويلفت إلى أن البهارات تستخدم في مجالات أخرى غير الطعام كحفظ الغذاء وبعض الطقوس الدينية، ومستحضرات التجميل، والعطارة وقد تستخدم كخضراوات، فمثلاً الكركم يستعمل كمادة حافظة، والقرنفل يستعمل في الطب كمخدر، والثوم يضاف على أغلب الأطعمة.

أنواع عدة من التوابل والبهارات
ويبين المنتصر أنه يجب تمييز البهارات عن بعض الأعشاب التي تستعمل أيضاً لإضفاء نكهة على الطعام كالريحان مثلاً، وفي حين تتكون هذه الأعشاب عادة من أجزاء النبات، إلا أنها تكون نضرة وطازجة، لكن التوابل تكون عادة على شكل مسحوق جاف لتضفي نكهة خاصة على الطعام، مشيراً إلى أنه يعرض أيضاً توابل في صورة نكهة أطعمة مطبوخة، أو صلصة أو مجففات تضيف للأطعمة مذاقاً خاصاً أو تكون مكملة للطبق، وتعطي مذاقاً لاذعاً في كثير من الأحيان، ولذا تضاف بكميات صغيرة نسبياً، وتشمل التوابل الملح والفلفل، والخردل، وزيت الزيتون والخل والسكر، وعادة ما توضع على طاولة الطعام، داخل قنينة أو عبوة أو طاسة، وقد تكون جافة في صورة خليط من الأعشاب المملحة، وتوجد العديد من التوابل معبأة في أكياس للاستخدام الفردي نظراً للرغبة في استخدامها خلال تناول الوجبات السريعة.

فنون شعبية
يبين المطرب محمد الناجي الذي كان يؤدي أغنيات من التراث الشعبي اليمني، أن ثقافة اليمن غزيرة وغنية بمختلف الفنون الشعبية من رقصات وأغان وأن الأكثر انتشاراً في اليمن هي رقصة «البرع»، وكلمة «برع» مشتقة من «يبرع» أو «البراعة» في التحكم بالخنجر وتختلف أنماط الرقصة باختلاف المناطق والقبائل وكلها تتميز عن الأخرى بالموسيقى المصاحبة وسرعة الحركة، وأهم أهداف البرع هي تعليم أبناء القبيلة ليعملوا كمجموعة مترابطة في ظروف صعبة وتتكون الرقصة غالباً من ثلاث إلى أربع فقرات، وقد يصل عدد المشاركين فيها إلى خمسين حيث يؤدون حركات شعبية مشهورة.
ويورد أن الأغاني الصنعانية تدور حول الحب والغزل وأغلب كلماتها من مدرسة الشعر الحميني وهو شعر بلهجة محلية يمنية قديمة تعود للقرن الرابع عشر الميلادي، وهناك ألوان أخرى من الغناء في اليمن حيث دخلت الإيقاعات الهندية على الموسيقى في عدن ولحج وحضرموت، ومعظم الأغاني اليمنية لا زالت تؤدى بالطريقة القديمة.

عسل السدر
في مدخل الجناح اليمني، يعرض دكان محمد المليكي أنواعاً كثيرة من العسل الجيد، خاصة عسل السدر الذي تنتجه النحلة جراء تناولها للغذاء من زهور السدر الصغيرة، وأن شجرة السدر لها مسميات عديدة بعضها مرتبط بثمارها، مثل النبق أو العلب فيسمى عسل سدر أو عسل علب أو عسل نبق، وأن عسل السدر يعد من أجود وأغلى أنواع العسل، مقارنة بعسل الزهور وعسل المراعي الأخرى، ويحرص على تناوله الكثير ممن ينشدون الصحة، ويتميز بنكهة تختلف عن كل نكهات أنواع العسل الأخرى، ويعتبر عسل السدر علاجاً ناجعاً لكثير من الأمراض، خصوصاً الكبد.

 العسل يحظى بشهره واسعة
ويوضح المليكي أن عسل السدر لا يتوافر على مدار العام لأن أشجار السدر تثمر في فترات الأمطار الموسمية، وبالتالي يتغذى النحل على السدر في تلك الفترة فقط وينتج العسل في الفترة نفسها، وهذا سر ارتفاع سعر عسل السدر مقارنة بالأنواع الأخري.
ويرى أن هذا النوع من العسل يحتفظ بجودته مدة طويلة، وكلما قدم زادت كثافته واسودّ لونه، ويؤكد أن هناك مناطق تشتهر به مثل حضرموت، وصاب وتعز.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©