الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحيل «زيناوي»... واشنطن تفقد حليفاً في القارة السمراء

رحيل «زيناوي»... واشنطن تفقد حليفاً في القارة السمراء
23 أغسطس 2012
توفي على نحو مفاجئ، واحد من أهم حلفاء الولايات المتحدة في أفريقيا وهو رئيس الوزراء الإثيوبي"ميليس زيناوي"، من دون أن يترك خليفة واضحاً له، الأمر الذي يثير مخاوف بشأن تفاقم حالة عدم الاستقرار في القارة المتقلبة التي تواجه العديد من الصراعات والنزاعات وعوامل عدم الاستقرار. وحسب ما جاء في التلفزيون الإثيوبي الرسمي؛ مات زيناوي بسبب الإصابة "بعدوى مفاجئة" أثناء علاجه في بلجيكا من تداعيات مرض لم تحدد طبيعته، وتم نقل جثمانه إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس الأربعاء.وأعلنت حالة الحداد الوطني في البلاد على الفور وسيتم إعلان تفاصيل الجنازة في" الوقت الملائم" كما قال"بريكيت سايمون" وزير المواصلات والصديق الحميم لزيناوي منذ زمن طويل. ورفض"بيركيت" الإفصاح عن طبيعة المرض الذي كان يعالج منه زيناوي واكتفى بالقول إنه" كان مريضاً جداً منذ بعض الوقت"... وأثنى "بيركيت" على الراحل قائلاً:" لقد ظل يكافح للمحافظة على صحته طيلة العام الماضي. ومن أفضل الأشياء التي قام بها أنه لم يعتبر أبداً أنه كان مريضاً، وظل حريصاً على المداومة على العمل في جميع الأوقات... كل يوم... وكل ليلة". ووصفت الولايات المتحدة زيناوي بأنه كان واحداً من أقرب حلفائها في القارة السمراء، وأن تلك العلاقة قد جعلتها حريصة على أن تقدم دعماً تنموياً للحكومة الإثيوبية بقيمة 700 مليون دولار في المتوسط سنويًا على مدار السنوات الأربع الأخيرة، خصص الجزء الأكبر منها لتطوير قطاعات الصحة والتعليم في ذلك البلد الذي يزيد تعداد سكانه عن 80 مليون نسمة حسب أحدث التقديرات. كان زيناوي زعيماً نجح في انتشال الملايين من مواطنيه من غائلة الفقر، ولعب دوراً محورياً كمركز نفوذ إقليمي، وكصقر من صقور محاربة الإرهاب. ولم يكتف بذلك بل لعب دوراً محورياً في المفاوضات بين شمال السودان وجنوبه، وعزز من تواجد مقار الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، وكان كثيراً ما يتم الرجوع إليه أثناء تواجده في الخارج باعتباره الرجل الذي يمثل"صوت أفريقيا". وعندما كان بيل كلينتون رئيسا للولايات المتحدة، امتدح الرئيس الإثيوبي ووصفه بأنه يمثل " نوعاً جديداً من القادة الأفارقة الديمقراطيين". كما حظي زيناوي كذلك بالثناء من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الذي وصفه بأنه كان قائداً أفريقياً "ذا رؤية خاصة". وقد تنامت صداقة الغرب -والولايات المتحدة بالذات- مع زيناوي مع تفاقم القلق الأميركي بشأن انتشار الإرهاب في أفريقيا، وخصوصا بعد أن نجحت الجماعات الإرهابية في إيجاد ملاذ آمن لها في الصومال المجاورة. وأثناء إدارة الرئيس بيل كلينتون سمح زيناوي للولايات المتحدة بإقلاع الطائرات التي تطير من دون طيار من المطارات الإثيوبية للقيام بمهام تجسس فوق دولة الصومال المضطربة. ولم يكتف زيناوي بذلك بل أصدر الأوامر لقواته بغزو الصومال مرتين لتعقب المتمردين الإثيوبيين وحليفهم" اتحاد المحاكم الإسلامية" التي كانت الولايات المتحدة تعتقد أنه يأوي مقاتلي تنظيم "القاعدة". على الرغم من كل تلك المآثر، إلا أن"زيناوي" كان يواجه نقدا متصاعدا بسبب القوانين الجديدة التي فرضها على عمل وسائل الإعلام، وجماعات الحقوق، ووكالات المعونة الأجنبية، والتي دفعت نقاده إلى اتهامه بأنه كان يهدف من وراءها لسحق أي معارضة لحزبه الحاكم، وهو حزب "الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي". كما انتقد هؤلاء المعارضون أيضا قوانين مكافحة الإرهاب التي أصدرها زيناوي والتي منحت أجهزة الشرطة المزيد من صلاحيات القبض على الأشخاص. وعقب إعلان خبر وفاة زيناوي قالت" ليزلي ليفكاو" نائبة مدير منظمة هيومان رايتس ووتش – أفريقيا:" يجب على حكومة إثيوبيا أن تلتزم باحترام حقوق الإنسان وبإجراء الإصلاحات الجوهرية في مجال الحقوق خلال الأيام والأسابيع القادمة. وأضافت" ليفكاو": "ويجب على القيادة الجديدة التي ستتولى مسؤولية البلاد طمأنة المواطنين الإثيوبيين من خلال البناء على تركة زيناوي الإيجابية، والقيام في الوقت نفسه بالتراجع عن السياسات الأكثر ضررا التي كانت متبعة في عهده". وكان الخط المتشدد بشكل متزايد الذي اتبعه رئيس الوزراء ضد المعارضة، قد ازداد صرامة بعد انتخابات 2005، التي ينظر إليها على أنها كانت- لحد كبير- الانتخابات الأكثر ديمقراطية في تاريخ البلاد بدليل أنها أسفرت عن فوز الأحزاب المعارضة لحزب" الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي" الحاكم بعدد من المقاعد لم يكن متوقعا. وعندما تجمع أنصار المعارضة للاحتجاج على ما قالوا إنه تزوير في عدد الأصوات في تلك الانتخابات أمر زيناوي قوات عسكرية متخصصة بالنزول للشوارع وتفريق المتظاهرين بالقوة ما أدى في ذلك الوقت لمصرع ما لا يقل عن 200 منهم. ومنذ ذلك الحين، أدت القوانين القمعية التي اعتمدها زيناوي إلى الحد بدرجة كبيرة من نشاط وعمل وكالات المعونة الأجنبية، وجماعات الحقوق، ووسائل الإعلام -حسب اتهامات منتقديه. وفي عام 2011 وجهت الولايات المتحدة نقدا لحكومة زيناوي بسبب ارتكابها لطائفة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القبض على شخصيات معارضة وتعذيبهم بواسطة قوات الأمن. وبموجب الدستور الإثيوبي، تولى" هايلي ماريام ديسالجن" نائب رئيس الوزراء مقاليد السلطة في البلاد اعتبارا من أمس الأربعاء، غير أنه ليس من المتوقع أن يظل في موقعه هذا لفترة طويلة. وفي الوقت الراهن لا يوجد مرشح واضح لشغل منصب رئيس الوزراء، نظراً لأن"الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي"، عبارة عن ائتلاف يضم عددا من الأحزاب المشكلة وفقاً لخطوط عرقية تمثل مختلف مناطق البلاد. والمناقشات بشأن اختيار خليفة لزيناوي يمكن أن تؤدي لتوترات بين السياسيين المنتمين لمناطق البلاد المختلفة خصوصاً وأن السياسيين المنتمين للمناطق الشمالية هم الذين سيطروا على مقاليد الحكم في البلاد منذ عام 1991. وفي هذا السياق أشارت مصادر مطلعة إلى أن المرشحين الجنوبيين سوف يدفعون باتجاه الحلول محل زيناوي. ويقول "ريتشارد داوني" نائب مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن في معرض تعليقه على هذه النقطة: "لا شك أن الشهور القادمة سوف تشهد قدرا كبيرا من التوتر مع ظهور مرشحين منافسين. وهناك أيضا الرهان الخاص بوجود معارضة قوية خارج الحزب الحاكم قد ترى في الظروف السائدة في البلاد عقب وفاة زيناوي فرصة لتأكيد وجودها وتعزيز حظوظها". واختتم داوني تصريحه بالقول:" بمقدور حزب الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي النجاة من العاصفة، ولكنني أشعر مع ذلك أن زيناوي قد ترك فراغا كبيرا وسط الحكومة بسبب الطريقة التي حكم بها البلاد، والتي مثلت نمطا سلطوياً من القيادة المعتمد على الذات الفردية، وقوة الشخصية". مايك بفلانز نيروبي- كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©