الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

النزف الرحمي··كابوس النساء!

17 نوفمبر 2006 00:37
صلاح الحفناوي: هل هي المصادفة وحدها التي جعلت الحديث عن استئصال الرحم لسيدة تعاني من نزف شديد يتكرر أربع مرات في أسبوع واحد·· أم أن هناك زيادة فعلية في معدلات الإصابة بهذه النوعية من المشاكل الصحية النسائية؟· قبل أيام أخبرني صديق أن زوجته البالغة من العمر 46 عاما أجرت جراحة لاستئصال الرحم في قسم النساء بأحد مستشفيات دبي بعد معاناة طويلة من النزف وفشل كل محاولات العلاج غير الجراحية·· وبعدها بساعات اتصلت قارئة تستفسر عن مضاعفات استئصال الرحم وتأثيره على حياتها الجنسية وعلاقتها بزوجها·· وقالت إنها ستخضع لاستئصال الرحم مع المبيضين في مستشفى الكورنيش بعد فشل كل محاولات العلاج الأخرى·· وإنها تشعر بخوف حقيقي وتشعر بأن الأطباء سوف يستأصلون أنوثتها رغم أنها تجاوزت الخمسين بشهور ورغم كونها أما لسبعة أبناء·· وتكررت القصة مع اختلاف في بعض التفاصيل في رسالتين عبر البريد الاليكتروني·· فما الحكاية؟· رحلة طويلة من المعاناة تسبق القرار الصعب باستئصال الرحم·· فالرحم بالنسبة للمرأة رمز الخصوبة والأنوثة حتى ولو كانت في سن متقدمة ولا تفكر في الإنجاب·· رحلة طويلة مع النزف تنهك القوى وتضعف الجسد وترهق النفس·· فما هي الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة الصعبة وهل المشاكل الصحية المؤدية إلى استئصال الرحم منتشرة في الإمارات وما هي أكثر المشاكل النسائية شيوعا·· تساؤلات عديدة طرحناها على الأستاذ الدكتور إسلام صدقي الحاصل على البورد الأميركي واستشاري أمراض النساء والتوليد والعقم وجراحة المناظير في مركز الهنداوي الطبي بأبوظبي·· والذي عمل استشاريا لأمراض النساء والتوليد في مستشفى الكورنيش بأبوظبي لمدة تقترب من التسع سنوات·· قلت للدكتور صدقي: ما هي أكثر المشاكل الصحية شيوعا وما هو سبب الارتفاع النسبي في معدلات استئصال الرحم؟· يقول صدقي: يمكن أن نلخص أكثر المشاكل الصحية النسائية انتشارا بين النساء في الإمارات في عنوان واحد رئيسي يضم عددا كبيرا من العناوين الفرعية·· وهو مشاكل الخلل في الدورة الطمثية أو الشهرية·· وقبل الدخول في التفاصيل من المهم أن نشير هنا إلى مجموعة من الحقائق·· أولها غياب الدراسات العلمية الإحصائية الدقيقة التي تحدد معدلات الإصابة بالأمراض النسائية المختلفة، وثانيها أن الحديث عن المشاكل الصحية الأكثر انتشارا في الإمارات يدور في محيط الخبرة الشخصية التي تختلف من طبيب إلى آخر ومن وقت إلى آخر، وثالثها أن مجتمع الإمارات مجتمع مستضيف للعمالة وهو ما يجعل نسبة كبيرة من المترددات على العيادات النسائية من غير المواطنات وينتمين على جنسيات عديدة وبالتالي فإن الحديث عن المشاكل الصحية الأكثر شيوعا في المجتمع المحلي لا يقصد به المشاكل الخاصة بالمرأة المواطنة·· بل المرأة بشكل عام· نعود إلى العنوان الرئيسي للمشاكل الصحية النسائية الأكثر شيوعا من واقع الخبرة الشخصية السابقة وسنوات العمل الطويلة في مستشفى الكورنيش اكبر مستشفى نسائي في الدولة، وهو مشاكل الدورة الشهرية والتي تشمل عدم الانتظام أو كثرة النزف وغزارته والذي يؤدي إلى الإصابة بالأنيميا أو فقر الدم·· وبالمناسبة فإن معدلات الإصابة بفقر الدم بين النساء في الخليج من أعلى النسب في العالم·· وقد لاحظت أن 25 بالمائة من إجمالي النساء اللاتي نجري لهن فحوص الدم خلال متابعة الحمل يعانين من الأنيميا، وهي نسبة كبيرة جدا بلا شك· أربعة أسباب يضيف الدكتور إسلام صدقي: إذن الخلل في الدورة الشهرية من أكثر أسباب الشكاوى الصحية النسائية·· ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب التي تشمل الخلل الهرموني·· والمشاكل في المبيضين والخلل في التبويض كما في حالات تكيس المبايض وأورام المبايض والبطانة الرحمية المهاجرة ''إندو ميتريوزيس''·· والمشاكل العضوية في الرحم مثل الأورام الليفية أو النتوءات داخل جدار الرحم·· وأخيرا هناك حالات نزف رحمي بدون سبب موضعي أو عضوي معروف·· وكما نلاحظ من عرض مجموعات الأسباب الأربع أنها تشمل مجموعة كبيرة من المشاكل النسائية·· والعلاج الصحيح والسليم والفعال لاضطرابات الدورة الشهرية يبدأ بالتشخيص الدقيق للأسباب· السكري والبدانة ü مرة أخرى نتساءل عن أسباب انتشار هذه المشاكل الصحية النسائية؟· يقول الدكتور إسلام صدقي: كما أشرت من قبل، لا توجد دراسات دقيقة حول الأسباب أو المعدلات ولكني أستطيع ومن واقع الخبرة الشخصية طرح بعض الاحتمالات بالنظر لمعطيات طبية أخرى·· ومنها: ـ ارتفاع نسبة البدانة بشكل كبير في المجتمعات العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص· ـ ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري·· فنسبة الإصابة بهذا المرض عالية جدا في منطقة الخليج· ـ تكرار الإنجاب بدون فاصل زمني كاف· ـ زواج الأقارب والذي يؤدي إلى زيادة في معدلات الإصابة بالكثير من الأمراض الخلقية الوراثية· وقد تكون الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظواهر الصحية هي نفسها الأسباب التي تؤدي إلى انتشار اضطرابات الدورة الشهرية النسائية ومضاعفاتها· واضطرابات الدورة الشهرية تقودنا بشكل مباشرة إلى مشاكل تأخر الإنجاب، فهي تسبب في بعض الحالات اضطرابا في التبويض ومن ثم تؤثر على الخصوبة·· ونظرا لتعدد الأسباب واتساع نطاق المضاعفات والتأثيرات فإن هذه المشكلة الصحية تتطلب فحوصا تشخيصية دقيقة قبل تحديد البرنامج العلاجي المناسب والذي يراعي، بالإضافة إلى التعامل مع الأسباب، الظروف الشخصية لكل مريضة، فالسيدة التي لم تنجب عددا كافيا من الأطفال أو لم تنجب على الإطلاق يهدف البرنامج العلاجي الموجه لها بشكل أساسي إلى المحافظة على فرصتها في الإنجاب وهذا أمر شديد الأهمية· تطور علاجي يضيف الدكتور إسلام صدقي أن الحديث عن كل سبب من أسباب اضطراب الدورة الشهرية بالتفصيل صعب في إطار محاورة تتناول بشكل عام أكثر المتاعب النسائية شيوعا، ولكن ما يعنينا هنا هو التأكيد على أن علاج كل المشاكل النسائية المسببة لاضطراب الدورة الشهرية تطور بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية·· وأن المناظير الجراحية والنسائية أحدثت تحولا ثوريا وجذريا في علاج معظم هذه المشاكل الصحية· وعلى سبيل المثال فإن البدائل المتوفرة لعلاج الأورام الليفية والزوائد الرحمية أصبحت تشمل العلاج الدوائي بعقاقير تساعد على ضمورها في نسبة من الحالات، والاستئصال بالمنظار بنوعيه الجراحي والمهبلي حسب نوع الزائد والأورام الليفية وحجمها·· وأخيرا الاستئصال بالجراحة التقليدية المفتوحة في حالات الأورام الليفية الكبيرة·· وعلى الرغم من أن أسباب ظهور الأورام الليفية أو الزوائد غير معروف على وجه الدقة إلا أن تطور الأساليب العلاجية وخاصة غير الجراحية جعل معظم الأطباء لا يتوقفون كثيرا مع مرضاهم عند الأسباب، لأنه من الناحية العملية لا توجد وصفة طبية علمية للوقاية من الأورام الليفية أو الزوائد الرحمية· والأمر نفسه ينطبق على مشاكل البطانة الرحمية المهاجرة ومشاكل المبايض حيث تعالج كلها بالمنظار·· وفي حالات النزيف الرحمي مجهول الأسباب تحقق المعالجة عن طريق كي جدار الرحم بالبالون الساخن نجاحا يتجاوز 85 بالمائة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©