الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

نهاية مأساوية تدق جرس الإنذار للجميع!

نهاية مأساوية تدق جرس الإنذار للجميع!
28 فبراير 2016 02:58
أحمد مصطفى العملة للذين يتخيلون أن الصحف المطبوعة لن تموت لأن الراديو مازال على قيد الحياة .. إليكم النعي التالي.. منذ صدورها قبل 30 عاماً، على يد صحفيين مستقلين موهوبين، غيرت «الإندبندانت» البريطانية الكثير في الصحافة العالمية بتجربتها الرائدة كجريدة جريئة تغامر مهنياً بشجاعة وحرفية واقتدار. وكان من بين أهم بصماتها الجديدة، قدرتها الخلاقة على ابتكار صفحة أولى مميزة بأفكار وتصميمات، تضرب بعرض الحائط كل ما هو سائد وتقليدي، شكلاً ومضموناً. تميزت الصفحة الأولى للجريدة بالاعتماد أكثر على الفكرة والصورة والرسم والرقم مع كلمات قليلة للغاية.. كلمة أو كلمتين مع شكل أخاذ ملهم، بدلاً من العناوين والنصوص التقليدية. ونال رئيس تحريرها سيمون كيلنر جائزة رئيس تحرير العام في 2013 تقديراً لقدرته الاستثنائية على «تصميم صفحات أولى أخاذة وخلاقة»، حسبما جاء في قرار اللجنة المسؤولة عن الجائزة. وخلال ثلاثة عقود، قدمت الصحيفة الليبرالية نموذجاً مذهلاً، للكيفية التي يمكن بها لصحفيين من خارج المؤسسات القوية، أن يسبحوا ضد التيار، وكيف يستكشفون آفاقاً جديدة لم يصلها أحد من قبل في عالم الصحافة. واستخدموا في ذلك كل فنون العمل الصحفي .. صورة ورسماً ونصوصاً مكتوبة ورسوماً بيانية. لكن للأسف، وجه القراء ضربة قاضية للمغامرة، بمساعدة الإنترنت. فعل القراء ذلك بحسن نية، عندما أقبلوا على مطالعة الصحف عبر الإنترنت، فانهارت المبيعات، من 428 ألفاً، إلى 28 ألفاً فقط. فاضطر مالك الصحيفة يفجيني ليبيديف لاتخاذ القرار الصعب.. الاكتفاء بالنسخة الرقمية على الإنترنت وتطويرها، اعتبارا من الشهر المقبل، ووقف طبع الصحيفة وشقيقتها إندبندانت أون صنداي وبيع صحيفة «آي» التي كانت تباع بسعر مخفض. القرار أصاب الجميع بصدمة، ودق بقوة جرس الإنذار بشأن المخاطر التي تتهدد الصحافة المطبوعة بسبب الإنترنت. فالتراجع في التوزيع لم يسلم منه أحد، حتى إن صحفياً بارزاً مثل ستيفن غلوفر (كاتب عمود في ديلي ميل ومشارك في تأسيس إندبندانت) حذر من اختفاء صحف كبرى كالفايننشيال تايمز أو الجارديان خلال أعوام قليلة. ولن يجدي نفعاً، أن يطمئن البعض أنفسهم بأن مستقبل الصحافة الورقية لن يختفي بسبب الإنترنت «لأن الراديو لم يختف بسبب ظهور التلفزيون»، على حد قول أحدهم. فالإنترنت بقدراته التقنية الفائقة يلتهم التلفزيون نفسه، فكيف لا يهدد الصحافة المطبوعة. وهو يسحب من تحت الجميع بساط الإعلانات والقراء والمشاهدين والمستمعين. لأنه كمنصة متكاملة، يقدم نفسه باعتباره التطور الطبيعي للصحافة المطبوعة، التي يتهددها بالفعل مصير شرائط الكاسيت والفيديو التي صارت من الماضي السحيق. ثم إن الثورة الرقمية تتميز بخاصية استثنائية، ربما لم تشهدها أي لحظة تحول في تاريخ البشرية. ألا وهي قدرتها الذاتية الفائقة على التطور بسرعة مذهلة، اعتمادا على مشاركة الجمهور. في الوقت نفسه، لا يتعين أبدا أن نغفل تغيير طبيعة طرف أساسي في المعادلة الإعلامية. ألا وهو القارئ الذي تغيرت ذائقته ومزاجه العام كثيراً خلال العقد الماضي. وعلى الصحفيين أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي: كيف يمكن إقناع من يعطيه هاتف محمول بحجم الكف كل ما يحتاج إلى مطالعته من أخبار ومواد ترفيهية بالصوت والصورة وفي لحظة حدوثها، كيف نغريه بشراء صحيفة ورقية تشغل حيزا يماثل أضعاف أضعاف هاتفه ، ليعرف ماذا حدث قبل 24 ساعة.؟!!!! السؤال صعب، وعلى الصحفيين التحلي ببعض التواضع والتفكير في الأمر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل انقضاء أجل الجيل الحالي من القراء الذين هم في الأربعينيات وما بعدها، والذين مازالوا يقرأون الصحف الورقية، بحكم العادة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©