الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في مديح السينما الأوروبية

17 سبتمبر 2014 23:57
عندما اقترب الاحتفال بعيد ميلاده الرابع والسبعين، كان المخرج الإيطالي الشهير فيدريكو فلّيني قد رحل. ترك وراءه اثنين وعشرين فيلماً، ومقولة عظيمة: أنْ نبدع، يعني أنْ نتذكّر. كانت ملهمة ولاذعة بل ومربكة أيضاً. من العسير القول إن هذه المقولة كانت مُؤَسِّسة، غير أنها، إذ تُضاف إليها أفلام الرجل ومسيرته الإبداعية وحياته التي أدخلها إلى التفاصيل الصغيرة لأفلامه ومواقفه من العالم ومما يحيط به، جعلت من فلّيني سؤالاً سينمائياً وثقافياً ينبغي الإجابة عنه كي يحدث تجاوزه. وهذا بالفعل ما حدث. لقد ظهرت موجة جديدة من المخرجين الإيطاليين أواخر الستينيات ومطالع السبعينيات من القرن الماضي، وكانت السبل كلها أمامهم مفتوحة، وكذلك أصبحت التابوهات رماداً. وعبر أكثر من عشرين عاماً استنفد كل الممكن سينمائياً؛ كل ما يمكن أن تقوله الشخصيات التي خرجت مهزومة من الحرب العالمية الثانية بل ومنكسرة، حتى لكأن رغبته تلك في البوح هي ذاتها المعادل الموضوعي لفكرته عن التذكّر. ولما كانت السينما في أوروبا الشرقية تحيا في قلعة من صحراء الاستبداد، وقد غطاها رمل كثيف باستثناءات كبيرة لافتة جداً، لكنها نادرة جداً بالمقابل.. كانت السينما الإيطالية تترك أثرها الكبير على سائر الأشكال السينمائية في أوروبا الغربية، ربما بأكثر مما فعلت سينما «الموجة الجديدة» الفرنسية. كانت سينما هذه الموجة متقشفة في عدد الشخصيات التي تعيش في أمكنة معزولة تصلح لنقاهة آخر العمر والتذكّر البطيء. بعد ذلك، ورغم الاكتساح الشرس للسينما الأميركية لصالات العرض الأوروبية منذ التسعينيات، إلا أن السينما الأوروبية حققت نجاحاً هائلاً في بلادها وقدمت نماذج كبرى للسينما العالمية ومن بلدان لم نكن نعرف سابقاً أن لها منجزاً حقيقياً في السينما. الآن باتت السينما الأوروبية بمنأى عن تأثيرات فلّيني وتذكّره وأقرب إلى سينما الفرد منه إلى تلك الأنواع التي تروّج لها سواها من أنواع السينما. ما من تيارات كبرى أو موجات في السينما الأوروبية اليوم. هناك طرح سينمائي مختلف، ومثقف أحياناً، يأخذ حكاياه من قصاصات الجرائد مثلما من الرواية، ويبني على قصيدة أو مقطوعة موسيقية سيناريو وحوارا لفيلم يمتد لساعات، أو يؤخذ من حكايا العزلة التي يعيشها الأفراد في ليالي الضجر الشتائي الطويل. إنها سينما المهمل والهامشي والمسكوت عنه والمحلوم به والعادي. مثلما أنها سينما تجريبية أيضاً. من هنا، فإن من العسير على ناقد أنْ يحدد ملامح حاسمة أو نهائية تخص السينما الأوروبية راهناً وتميزها عن سواها. ربما يكتب ناقد عن تجربة سينمائية مكتملة بعينها أو يصنع مقاربة، من نوع ما، بين سينما مخرجين اثنين من القارة، لا أكثر، وذلك بسبب التنوع والغنى والخصوبة التي تميّز سينما تظل تفاجئ جمهورها من حين إلى آخر. فهل يكون هذا ملمحاً؟ ربما. مساء اليوم، تبدأ سلسلة «عروض الأفلام الأوروبية» في سينما فوكس بالمارينا مول بأبوظبي وتستمر حتى الرابع والعشرين من هذا الشهر، حيث يُعاد عرض كل فيلم مساء اليوم الذي يلي بدبي. وهي تظاهرة تنظمها تنظمها السفارة الإيطالية والبعثة الأوروبية لدى الدولة بالتعاون مع مهرجاني أبوظبي السينمائي الدولي ودبي السينمائي الدولي متضمنة للمرة الأولى عروض أفلام إماراتية قصيرة. ولهذه المناسبة كانت هذه الكلمات في مديح السينما الأوروبية. جهاد هديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©