الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

درس في الاتباع والإبداع

درس في الاتباع والإبداع
23 أغسطس 2012
هناك فرق بين الاتقان والإبداع في صياغة اللوحة الخطية؟ فأن تتقن يعني أن تكون وفياً لتاريخ هذا الأداء الحرفي وان ترعى قواعده وتتبع ما ورث عنه؛ اما ان تبدع فيعني أن تنزاح بعملك عن التقاليد وتؤسس لشكل جديد. هي الحال في سائر اشكال الفنون بالطبع ولكن ثمة خصوصية لهذا الجدل وسط الخطاطين؛ وهو ما اكتشفناه في زيارتنا معرض “حوار القلم” الذي نظمته إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة في اطار برنامجها الموسوم “صيف الفنون” في أواخر شهر يوليو الماضي. ويأتي المعرض في إطار البرنامج السنوي لبيوت الخطاطين في السبيل لاحتضان الفنون الراسخة المتمايزة، مما يمنح دارسي الفن وجمهوره فرصاً حقيقية للاطلاع على المشاريع الإبداعية لكثير من الفنانين والخطاطين من دولة الإمارات العربية المتحدة ودول العالم في الشرق والغرب. 8 خطاطين شاركوا في المعرض وقدموا 28 عملا خطياً وحروفيا، فثمة لوحات عنيت بالقواعد الخطية الكلاسيكية المرتكزة على قواعد الخط العربي، وهناك لوحات أخرى “حروفية”، بدت منفتحة على جماليات التشكيل المعاصر. وفيما تنوّع اعتماد اللوحات الخطية “الكلاسيكية” على خطوط “الثلث”، “الديواني”، “التعليق”، النسخ، الفارسي، نجد ان الأعمال المشتغلة على الحرف سعت إلى اظهار لمحاتها التشكيلية باعتماد قيم تجريدية ولونية مختلفة. حوت اللوحات الخطية آيات قرآنية ومختارات شعرية دالة، أما الأعمال الحروفية فقد حرّكت الحروف العربية في فضاء لوني وزخرفي متنوع. إذاً، ثمة خيارات مضمونية للوحة الخطاط، إذ بمقدوره ان يعتمد على آية قرانية أو بيت شعري ليبرز اجادته في الاشتغال بخط الثُلث، مثلاً، الذي يعتبر اجمل الخطوط العربية واعقدها ايضا سواء في كتابة الحرف أو العبارة؛ كما ان هناك بعداً مضمونياً في النص الذي ينتخبه سواء كان اية قرآنية أو شطرا شعريا. لكن الأمر بالنسبة للحروفي ينحصر في العمل على “حرف” أو على عدد من الحروف، وهو يجهد في تشكيلها، هندسياً وتكوينياً ولونياً، منتهياً إلى دلالة دائما ما تكون جمالية؛ فاللوحة الحروفية بلا معنى وبلا خلفيات متوارثة كما الخط؟ أي ان هذه اللوحة بلا مضمون أو معلومة يمكن للمتلقي ان يتدبرها! يتكلم بعضهم عن معانٍ تنطوي عليها الحروف العربية، بخلاف سواها من حروف لغات العالم، ولكن لا يبدو هذا الامر عموميا على نحو كاف، فالمتلقي الحديث لا يعرف الكثير عن معنى الحرف “أ”، مثلا عدا كونه الحرف الأول في العربية؟ صحيح ان هناك جوانب أخرى للنظر إلى قيمة مثل الاشتغالات الفنية مثل طريقة تنفيذها، خامتها، أداتها إلخ.. ولكن هذه الجوانب تبدو تقنية أو حرفية وقد لا تثير أو تلفت إلا من يشتغل بهذا المجال! يعي الخطاطون هذه الهوة بينهم وزوار معارضهم، يفهم أغلبهم ان عليه تقديم بعض المعلومات لمتلقي لوحته حتى يقوي استجابته ويشعره بالجهد الذي بذل فيها والوقت الذي استغرقته؛ ودائما ما تكون هذه المعلومات تاريخية، اما حول انواع الخط ومرجعياته أو قواعده.. إلخ.. هذا ما بذله لنا أحد المشاركين في المعرض فعلاً؛ لكن السؤال الذي ينطرح هنا هو: إلى متى يمكن ان يكون لهذه المعلومات وقعها في نفس المتلقي؟ قد يقول قائل ان المتلقي حين يتعرف على طرق العمل في “الإبداع” الخطي يمكن ان يقدّره أو يقيمه؛ فهو ان عرفها اليوم، اختبرها في اليوم التالي بنظرة أكثر عمقاًُ إلى اللوحة. يمكن القول، مع أخذ ذلك في الاعتبار، ان الخطاط العربي يقوم بدورين في علاقته بمتلقيه أولا يخط له اللوحة وثانياً يدربه على قراءتها؟! والتدريب هنا قصير الأجل، بخاصة في ما يتعلق باللوحات الخطية فتقاليدها راسخة ومعلومة ولم تتغير منذ أجل ليس بالقصير، إذ ان جمالياتها تقاس بمدى قربها من أصلها، المتحقق في اعمال الخطاطين الأوائل؛ فليس ثمة خصوصية في طريقة عمل الخطاط ولا فرق بين خطاط واخر إلى في قربهما أو بعدهما مما هو مستقر وثابت في ذاكرة الخط العربي، وتكون مبدعاً بقدر ما تقرب طبعا. شارك في المعرض: محمد النور وحاكم غنام ومصعب شامل الدوري (العراق)، ومحمد فاروق (سوريا)، وأوميد رباني (إيران) وموفق بصل (لبنان)، ومحمد نباتي (إيران)، وحسام أحمد عبدالوهاب (مصر)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©