الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

قرية الأطفال في مهرجان الشيخ زايد التراثي.. نافذة على تراث الأجداد

قرية الأطفال في مهرجان الشيخ زايد التراثي.. نافذة على تراث الأجداد
21 ديسمبر 2018 01:59

نسرين درزي (أبوظبي)

لم يتم تقديم الموروث الشعبي لمجتمع الإمارات في قالب ترفيهي على هذا النحو، كما هو الحال في دورة العام الحالي من مهرجان الشيخ زايد التراثي، فمنذ اتخاذ قرار بتطوير قرية الأطفال بما يتناسب مع حجم الحدث الوطني الذي تحول إلى موعد ثابت على أجندة الأحداث الضخمة، تم العمل على إخراج فقرات باهرة ومحببة لصغار السن وإطلاقها بصورة متخصصة، ويتضح ذلك من المسرح الشعبي الذي يعرض يومياً لوحات فنية راقية من ماضي الأجداد، ومن السينما المفتوحة لقناة ماجد بكل ما فيها من عناصر جذب ومسابقات تنافسية تضخ كماً كبيراً من المعلومات والروايات.
وأكثر من ذلك تكشف قرية الأطفال المتلألئة بألوان الشتاء، عن باقة من الألعاب الشعبية التي يحرص المهتمون على توريثها للجيل الجديد، وذلك من باب التأكيد على أن أجواء الاستمتاع تتعدى الإلكترونيات، ومن الممكن الحصول عليها بالرجوع خطوات إلى الزمن الجميل في نزهة ترفيهية تأخذ الأطفال إلى البيئة المجتمعية قديماً، والهدف من ذلك هو تحبيب هذه الفئة العمرية في زمن البساطة وروح التعاون والألفة التي لطالما ملأت البيوت والأسر وأجواء الفريج قديماً.

«التاجر الصغير»
بالتجول في أرجاء القرية الفسيحة يتراءى الأطفال، وهم يلعبون بتركيز عال، بأكثر الفقرات تشويقاً، وهي فعالية «التاجر الصغير»، حيث يبدع كل ضيف برسم عالم ملائم لشخصيته ويمارس مهنة التجارة بحسب مفهومه.
وذكر الطفل عبدالرحيم العامري، أنه ينوي امتهان التجارة الحرة عندما يكبر ليصبح مثل والده، وهو في المهرجان يقوم بدور البائع الذي يعرض سلعه على الأطفال ممن هم في مثل سنه، كنوع من ممارسة المهنة بذكاء. ويتضح من أجواء الفعالية أنها خصصت لتنمية مهارة الاعتماد على النفس وحب ريادة الأعمال لدى الأطفال، حيث يتنافس الجميع على حجم البيع والأرباح وتحقيق الثروة الموعودة، ويصب ذلك كله في إطار تعليم الصغار على كيفية التسويق للسلع وبيعها، ما يعكس روح الطفولة وقيم العمل تمهيداً لصناعة المستقبل.
وتحدثت الطفلة علياء المهيري عن سعادتها في تحضير الأطباق الشعبية ضمن قرية الأطفال بالتعاون مع زميلاتها اللاتي تعرفت عليهن في المهرجان. وقالت إن الألعاب الجميلة والتجارب المتاحة تضاهي كبريات مراكز الألعاب الأخرى. وأكثر ما يعجبها في الموقع كل ما فيه من عشب أخضر وفقرات ترفيهية وموسيقى تمتد على مساحة واسعة.

فنون شعبية
وقال الطفل أحمد النويس، إن الاستعراضات والفنون الشعبية والموسيقية تلفت نظره في كل مرة يزور فيها المهرجان، وهي لا تقتصر على العيالة والرزفة، ضمن الموروث الشعبي لمجتمع الإمارات، وإنما كذلك فلكلور الشعوب الأخرى، ومنها كازاخستان وطاجيكستان. وذكر أنه يمضي أغلب وقته في اللعب داخل قرية الأطفال، فيما يجول كذلك بين الأحياء الأجنبية الأخرى لالتقاط الصور التذكارية وتذوق المأكولات الحلوة والمالحة برفقة أهله.


وعبّرت الطفلة لولوة الهاملي عن فرحتها بالتزلج وركوب العين الضخمة مع أخواتها، وقالت إنها تأتي باستمرار إلى مهرجان الشيخ زايد التراثي، ولا تكتفي فقط باللعب ومشاهدة عروض قناة ماجد، وإنما تمضي وقتاً طويلاً متنقلة بين الأجنحة الأخرى وقسم المأكولات وساحات الفن الشعبي، وهناك تلتقط الصور التذكارية، وتجمعها في ملف خاص تحضره لعرضه لاحقاً أمام رفيقاتها في الصف عند العودة من الإجازة.
وتحدث الطفل عمر الراشدي عن إعجابه بالتعرف إلى مهن الأجداد ورحلات الصيد في مشوار بحثهم عن اللؤلؤ، وقال إنه يجلس دائماً أمام فيديوهات العرض حيث يشاهد بالصوت والصورة مقاطع ملهمة عن حرف قديمة للإماراتيين لم يعرف عنها من قبل، وبينها الأهازيج الشعبية التي كان الأجداد يرددونها مع كل مناسبة، وكذلك طريقة ربط الحبال، استعداداً لرمي الشباك في البحر.

خيرات النخلة
وشرحت الطفلة نورة الكثيري عن اهتمامها بتعلم حياكة الخوص والتلي تماماً كما كانت تفعل الجدات، وذكرت أنها تعرفت إلى خيرات أشجار النخيل وأهميتها في حياة الأجداد والجدات سابقاً، وأنه لولا هذه الشجرة العريقة لما كان القدماء تمكنوا من سقف بيوتهم وتشييد خيامهم، وصناعة أدوات معيشتهم وحياتهم، وقالت إن قرية الأطفال في مهرجان الشيخ زايد التراثي تركز كثيراً على أهمية النخلة في حياة الناس، ليس بما تقدمه من تمور وحسب، وإنما نمط حياة متكامل لابد من الحفاظ عليه حتى يومنا هذا.
وقال الطفل محمد سالم إنه يشعر بالراحة ضمن أجواء مهرجان الشيخ زايد التراثي، لأن المكان جميل ومتسع وبه الكثير من الموسيقى التراثية، واعتبر أن اللعب في قرية الأطفال لا يشبه اللعب في أي مكان آخر لأن الهدف هنا هو التعلم والتعرف إلى تراث الإمارات وحضارات الشعوب.

مهارات متنوعة
زوار المهرجان من الأطفال يمضون وقتاً طويلاً بالتعرف إلى مهارات متنوعة وحرف متخصصة من الإمارات ودول الخليج والعالم، حيث إن جولة قصيرة في الأرجاء تنقلهم إلى ثقافات كثيرة، وتطلعهم على صناعات متفردة، وقد ذكرت ندى الكعبي التي كانت تنتظر أطفالها عند الجلسات المفتوحة بالهواء الطلق، أن قرية الأطفال وجهة ترفيهية قائمة بذاتها في المهرجان، غير أنها في كل زيارة إلى الموقع تقوم برفقة العائلة بجولات استطلاعية على الحي التراثي الإماراتي الذي تقدم فيه 128 أسرة مواطنة منتجاتها في مختلف المجالات، وهناك تستمتع بأجواء الطهي وتصنيف التمور وورش الأشغال اليدوية والتراثية وأعمال التصميم وإعادة التدوير، كما أنه من المفيد التعرف إلى أدوات الرسم وصناعة البخور وحياكة العباءات والشيل بحسب أدوات التطريز بالتلي.
وأشار يوسف الخاجة إلى التنوع الذي تظهره الأجنحة الممتدة قبالة قرية الأطفال، وذكر أن ضيوف المهرجان من الصغار لا يهتمون فقط باللعب واللهو على العشب، وإنما ينعمون بمشاهدة الحرف اليدوية وتعلم كيفية صناعتها، وأكثر ما يعجبه العروض المباشرة الموجهة لهذه الفئة العمرية عن صناعة المنتجات التراثية وحياكة الصوف وصناعة الفخاريات والنحاسيات.
وتحدثت ليلى محسن عن اهتمامها بقضاء بعض الوقت مع طفلتها داخل قرية اللعب التي تضم مجموعة متميزة من الفقرات الترفيهية، واعتبرت أن التواجد في مكان مفتوح مثل مهرجان الشيخ زايد التراثي، يجعل للاستمتاع العائلي طعماً آخر. وقالت إنها مسرورة بتوافر الفرص لزيارة الأجنحة الأجنبية الجديدة مثل الجناح الروسي والصيني اللذين يقدم كل منهما صوراً مغايرة لطبيعة الحياة في الطرف الآخر من الأرض.
وأعرب عماد إدريس عن انبهاره بالتنظيم الذي يتمتع به مهرجان الشيخ زايد التراثي، لاسيما فقرات اللعب والمسرح المفتوح في قرية الأطفال. وذكر أنه يزور المهرجان باستمرار ويعتبره منصة مفتوحة للثقافة العامة والتعرف إلى عادات الشعوب بأجمل صورة ممكنة، وذكر أن هذا النوع من الرحلات الثقافية المجتمعة في موقع واحد تشكل فرصة ممتازة للأطفال لإثراء تجاربهم وتراكماتهم المعرفية.

حياة الأقدمين
عند كل جولة بمرافق المهرجان تكون العائلات في طليعة المعبرين عن ارتياحهم للفقرات المعروضة، حيث ينجذب الجميع إلى الفعاليات التي تحمل دلالات شعبية، ولا تقتصر محطات أفراد الأسرة على مرافق الطعام وردهة الألعاب، وإنما يسعدون مع أبنائهم بكل ما له علاقة بعبق التاريخ، ويهوون شراء الهدايا التذكارية والتقاط الصور من وحي حياة الأقدمين. ويعد المهرجان منصة لتعريف النشء على رياضات الآباء والأجداد التراثية ومهاراتها وفنونها وأصولها، ومن بينها ركوب الخيول العربية الأصيلة، وفنون الصيد بالصقور، وغيرهما.

مدارس التراث
يقدم مهرجان الشيخ زايد التراثي المستمر في منطقة الوثبة حتى 26 يناير المقبل، فسحة للأطفال وطلبة المدارس لزيارة فعالياته والاستمتاع بعروضه، والتعرف إلى مدارس التراث العالمي المنتشرة ضمن أجنحته.
كما تستقبل أحياء المهرجان مختلف الفئات العمرية، بما فيها صغار السن للتعرف إلى تعاقب الحضارات في مجتمع الإمارات ومعاينة حرف الأجداد وصناعاتهم ومنتجاتهم المختلفة، وتضيء أنشطة الأطفال على تاريخ البلاد وما أنجزته سواعد الآباء والأجداد، وما حاكته وصنعته أيدي الأمهات والجدات.

«دكان مال أول»
يفتح مهرجان الشيخ زايد التراثي أبوابه في قرية الأطفال أمام جيل النشء، ليتمتعوا بالألعاب الشعبية البسيطة بعيداً عن عالم التكنولوجيا، وهنا يجدون متنفساً للتعرّف إلى ألعاب الزمن الماضي، وتضم القرية باقة من الفعاليات الترفيهية والتعليمية «دكان مال أول» الذي يبيع أدوات قديمة.
وقد صممت قرية الأطفال في المهرجان لتقدم التراث في قالب ترفيهي متمثلة في المسرح الشعبي وسينما مفتوحة لقناة ماجد وألعاب شعبية قديمة، وتضم القرية فعالية تاجر المستقبل، وهي فرصة للتنافس بين الأطفال في إدارة محال صغيرة لبيع منتجات متنوعة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©