الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توطين «الوساطة المالية» بين ضعف الرواتب وندرة الاختصاص

توطين «الوساطة المالية» بين ضعف الرواتب وندرة الاختصاص
22 أغسطس 2012
عبدالرحمن إسماعيل (أبوظبي) - تواجه عمليات التوطين في قطاع الوساطة المالية بالدولة، مجموعة من العقبات والتحديات أبرزها ندرة العناصر المواطنة من أصحاب التخصصات المتلائمة مع عمل الوساطة المالية، إلى جانب ضعف الرواتب في شركات الوساطة «الخاصة»، وضعف فرص الارتقاء الوظيفي في الكثير من هذه الشركات، بحسب عاملين في القطاع. ودعا هؤلاء إلى ضرورة العمل على تعزيز حضور العناصر المواطنة في هذا القطاع من خلال التركيز على برامج التأهيل والتدريب، فيما طالب بعضهم بفتح المجال أمام شركات الوساطة لممارسة أعمال جديدة مثل إدارة المحافظ والثروات، مما يتيح فرصا وظيفية ومجالا أوسع للتطور والارتقاء الوظيفي، ما يسهم في استقطاب عناصر مواطنة جديدة. كما دعوا إلى خطوات من جانب هيئة الأوراق المالية لإقرار نسب توطين سنوية تلزم بها الشركات العاملة في القطاع على غرار القطاع المصرفي الذي يستهدف توطين وظائفه بنسبة 4% سنويا. وأكدوا أن قطاع الوساطة المالية، يمتلك القدرة على استقطاب أعداد أكبر من المواطنين في حال معالجة مجموعة من العوائق، أبرزها عدم وجود حوافز للمواطنين تتيح لهم فرصا في الترقي الوظيفي مستقبلا، حيث تنحصر مهام أغلب الموظفين العاملين في شركات الوساطة على تنفيذ أوامر البيع والشراء. وتضم الأسواق المالية بالدولة ما يتراوح بين 50 و60 شركة وساطة مالية، ولا تتوافر إحصائيات دقيقة حول معدلات التوطين بالوظائف «المتوسطة» مثل وظيفة الوسيط أو مدير التداول، لكن العاملين بالقطاع يؤكدون أن معدلات التوطين لا تزال ضعيفة، باستثناء العاملين في الإدارات التنفيذية والمناصب العليا بالشركات. ودعا عبدالله الحوسني مدير عام شركة الإمارات دبي الوطني للخدمات المالية، هيئة الأوراق المالية إلى دراسة اقتراح بتحديد نسبة سنوية للتوطين في قطاع الوساطة المالية، والذي ثبت نجاحه في توطين 4% سنويا في القطاع المصرفي على سبيل المثال. واعتبر الحوسني أن إرجاع تدني نسب التوطين في قطاع الوساطة المالية إلى الراتب، ليس صحيحا، مضيفا بأن شركته حققت أعلى معدل للتوطين بين شركات الوساطة العاملة في الدولة بلغت 50%، وتدفع رواتب للموظفين الوافدين مساوية لما تدفعه للمواطنين، وتحافظ على كافة كوادرها المواطنة التي تشغل وظائف قيادية. ندرة المتخصصين بيد انه قال إن “العقبات التي تحول دون زيادة أعداد المواطنين في قطاع الوساطة المالية، تكمن في عدم توفر العنصر المواطن الذي يحمل تخصصا في مجال الوساطة المالية، حيث ان غالبية التخصصات والدورات التي يقدمها معهد الإمارات للدراسات المالية والمصرفية بالتعاون مع هيئة الأوراق المالية، تركز على الخدمات المصرفية، دون أن يكون هناك تخصص قائم بذاته في قطاع الوساطة المالية”. واقترح الحوسني ان يتم استقطاب المواطنين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة للعمل في هذا المجال، وأن يتم اعدادهم في كليات التقنية أو المعاهد المتخصصة للعمل في الوساطة المالية. واضاف أن نسب التوطين لدى شركات الوساطة العاملة في الدولة والتي يتراوح عددها بين 50 إلى 60 شركة ضعيفة للغاية، داعيا إلى اعداد برامج توعية بين أوساط طلاب الجامعات تشجعهم على العمل في القطاع الذي يعتبر الوجه الثاني للقطاع المصرفي. واشار الحوسني إلى شيوع أفكار في أوساط الشباب تحول دون اقبال الشباب المواطن على العمل لدى شركات الوساطة، تتعلق بمدى شرعية العمل في شركات تدفع رواتب موظفيها من عمولات التداول، إضافة الى أن بعض الشباب يربطون العمل في شركات الوساطة بظروف السوق، حيث يرى هؤلاء ان عمل شركات الوساطة محفوف بالمخاطر، بسبب تراجع أسواق الأسهم المحلية، وعدم توافر نشاط كاف للشركات للعمل، مما قد يدفع الشركات إلى تسريحهم، مؤكدا بأن هذا غير صحيح. وطالب الحوسني هيئة الأوراق المالية بضرورة التفكير في توسيع مجال عمل شركات الوساطة، بحيث لا يقتصر عملها على تداول الأسهم فقط، بل يمتد ليشمل إدارة محافظ الاستثمار، وإدارة الثروات، والحافظ الأمين، بحيث تكون شركة الوساطة شركة خدمات مالية متكاملة، مما يمكنها من زيادة ايراداتها، وبالتالي تزداد قدرتها على توظيف المزيد من المواطنين. وأضاف أن من شأن هذه الأنشطة أن تفتح مجالا اكبر لتوظيف المواطنين، وكذلك اتاحة الفرصة امامهم للترقي بدلا من أن يظل المواطن في موقعه الوظيفي لدى شركة الوساطة، وأن يقتصر عمله على عمليات البيع والشراء فقط، مضيفا بأن عدم وجود فرص لترقي المواطنين العاملين في شركات الوساطة يدفع بالعديد منهم إلى ترك العمل والبحث عن وظائف أخرى، توفر هذه المزايا الهامة. فرص الارتقاء الوظيفي من جهته أكد محمد العوضي الذي عمل لمدة 7 سنوات مديراً لشركة الإمارات الإسلامي للخدمات المالية قبل أن يترك عمله بهذا المجال، مؤكدا أن المواطن أثبت نجاحا كبيرا في كافة المواقع التي شغلها، وليس صحيحا أن قطاع الوساطة المالية يفتقد إلى عدم توفر العنصر المواطن، بل على العكس هناك مواطنون أكفاء لديهم القدرة على العمل في القطاع، لكن ليست هناك جهة تأخذ بأيديهم وتشجعهم. وأضاف أنه في ظل الأوضاع الصعبة التي مرت بها شركات الوساطة، جراء تراجع أسواق الأسهم المحلية، كانت نسب التوطين لدى بعض الشركات تتراوح بين 20 إلى 30% ووصلت في بعض الفترات إلى 55%. بيد أن المشكلة كانت ولا تزال في أن المواطن الكفء لا يجد ذاته في العمل لدى شركات الوساطة في الوضع الحالي، وعلى سبيل المثال فإن المواطن يدخل نحو 4 اختبارات صعبة للغاية للحصول على رخصة وسيط من قبل الهيئة، وبعد ذلك يجد أن عمله في شركة الوساطة يقتصر فقط على تنفيذ أمر العميل بشراء او بيع الأسهم، ويظل “محلك سر” في نفس الوظيفة ولسنوات طويلة، دون اي مجال للترقي. وأضاف أن الشاب المواطن يجد زميله الذي يتقاضي نفس راتبه في البنك أمام فرص كبيرة وعديدة للترقي، في حين يظل هو في مكانه ينفذ اوامر البيع والشراء، وهو ما يدفع الكثير من المواطنين إلى ترك العمل في شركات الوساطة والالتحاق بوظائف افضل لدى القطاع الحكومي أو البنوك، حيث فرص الترقي اكبر واوسع. ودعا هيئة الأوراق المالية إلى إعادة النظر في هذا الجانب، من خلال توسيع عمل شركات الوساطة وفتح المجال أمامها للنمو وتوسيع أعمالها، لأن ذلك سيساعدها على استقطاب المواطنين واتاحة الفرص امامهم لشغل مواقع قيادية في اكثر من مكان طالما أن أوجه النشاط اتسعت وتشعبت. الراتب عائق بالشركات «الخاصة» وعلى العكس رأى وائل ابو محيسن مدير شركة الأنصاري للخدمات المالية ان الراتب هو العائق الأكبر بالنسبة لشركات الوساطة الخاصة والتي لا تستطيع أن تدفع رواتب كبيرة للمواطنين على غرار شركات الوساطة التابعة للبنوك. وقال إن شركته مقتنعة تماما بأهمية التوطين في قطاع الوساطة المالية، غير انها غير قادرة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها شركات الوساطة، جراء تراجع تداولات أسواق الأسهم على دفع رواتب مرتفعة لتوظيف المواطنين، مضيفا بأن الكثير من المواطنين لا يقبلون برواتب من شركة وساطة خاصة تتراوح بين 10 إلى 15 ألف درهم شهريا، في حين تدفع شركة وساطة تابعة لبنك أكثر من 40 ألف درهم. وأوضح ان شركته استقطبت عددا من المواطنين للعمل لديها، وشجعتهم على الالتحاق بالبرامج التي تعدها هيئة الأوراق المالية لاجتياز اختبارات الحصول على رخصة وسيط، وفوجئت فور حصول احد المواطنين على رخصة وسيط بتركه العمل في الشركة، والتحاقه بأحد البنوك بسبب الراتب الأعلى. واقترح ابو محيسن على هيئة الأوراق المالية تأسيس صندوق لدعم قطاع الوساطة المالية، يمكن أن يتولى على غرار ما يحدث في السعودية سداد جزء من رواتب الموظفين العاملين في شركات الوساطة الخاصة، بحيث تكون رواتبهم مساوية لما يتقاضاه المواطنون العاملون في شركات وساطة تابعة للبنوك. وأكد أن الكثير من شركات الوساطة الخاصة لا تستطيع في ظل الوضع الحالي أن تدفع رواتب عالية للمواطنين، رغم قناعتها أن توافر العنصر المواطن الكفء القادر على استقطاب عملاء مواطنين يمكن أن يرفعوا من نشاط الشركة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©