الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراء يدعون إلى تبني مبادرات لترسيخ الوعي بمفهوم الادخار

قراء يدعون إلى تبني مبادرات لترسيخ الوعي بمفهوم الادخار
22 أغسطس 2012
أبوظبي (الاتحاد) - تفاعل عدد من القراء مستخدمي خدمات الهواتف الذكية مع موضوع الإسراف خلال رمضان والعيد، الذي نشره ملحق “دنيا” في عدده أمس بعنوان«معدة الأسرة تربك ميزانيتها وموائد رمضان والعيد تفيض عن الحاجة»، ودعوا إلى تبني مبادرات متنوعة تهدف إلى نشر الوعي بأهمية الادخار ونشر ثقافته بين شرائح المجتمع كافة، بما يعود على الجميع بالنفع والفائدة ويجنب كثير من الأسر أزمات ومشكلات تنجم عن الإسراف وعدم التحوط لقادم الأيام. وانتقدوا إساءة استغلال البعض لعملية صرف الرواتب مبكراً، خاصة الذين لم يكن لديهم إدراك بمدى أهمية الادخار واتخاذه منهاجاً في حياتهم، ومبدءاً يسعون لترسيخه في نفوس أفراد الأسرة، مؤكدين أهمية استمرار الإعلام في التوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك. قال خالد عبدالله المنصوري 33 سنة، موظف حكومي، إنه حصل على راتبه قبل فترة كبيرة على انتهاء الشهر، وهذا سبب له إرباكاً مادياً لأنه لم يحسب نفقاته ومصروفاته جيداً، خاصة في ظل زيادة المشتريات قبل العيد من ملابس وخلافه، ولفت إلى أهمية الحملات التي تشهدها الإمارات حالياً الداعية إلى تكريس ثقافة الادخار، خاصة في ظل الهوس الاستهلاكي الذي أصاب كثيراً من الأسر، لاسيما في المواسم والأعياد المختلفة، فضلاً عن حب التظاهر الذي يغلف كثير من السلوكيات حالياً، ما يجعل البعض ينفق أمواله في عديد من الكماليات والمنتجات التي قد لا يكون في حاجة ماسة إليها. جهود إعلامية وأكد المنصوري أن الادخار يعد من السلوكيات القويمة التي يحثنا عليها ديننا الحنيف، كوننا أمة وسطاً والقرآن الكريم يقول فيه دعوة صريحة إلى ترشيد الإنفاق وعدم الإسراف، كما أنه يخبرنا بأن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وهذا يعني أن الإسراف لا يأتي إلا بكل ما هو ضار وغير نافع، بعكس الادخار الذي يجعل البيوت والأسر تعيش في حالة من الاستقرار المادي في الوقت الحالي، ويساعدها على مواجهة أي طوارئ تصيبها مستقبلاً. وقال محام رفض ذكر اسمه حفاظاً على سرية قضايا موكليه، إن مفهوم الادخار يغيب عن العديد من الأسر، التي تربي أولادها، على عادات غريبة، تعد دخيلة على قيمنا الاجتماعية الراسخة، خاصة بين المتزوجين حديثاً، الذين يتعامل بعضهم مع الحياة على أنها ترفيه وإنفاق وسفر عبر الجولات السياحية، بعيداً عن مفاهيم تكوين أسرة سعيدة والتفكير في المستقبل، كما كانت تفعل أمهاتنا، مشيرا إلى أن لديه العديد من القضايا في الفترة الأخيرة، التي تتعلق بالإسراف وعدم الوعي بمفهوم الادخار، منها رب أسرة تعثر في سداد مبلغ كبير اقترضه من أحد البنوك لشراء سيرة جديدة بدلاً من الأخرى، التي يشعر بحرج كبير، حين يقودها أمام أصدقائه، لأنها لم تكن «موديل» العام، وبالطبع جاء يستفسر عن كيفية التقدم بطلب قانوني إلى البنك لترحيل الأقساط أو تأجيلها، منعاً للمساءلة القانونية، التي قد يتعرض لها. وذكر المحامي نفسه أنه من خلال عمله، يعرف أن هناك العديد من القضايا التي تعود أسبابها إلى البذخ والإسراف، ومنها رجل متزوج حديثاً اضطر إلى توقيع «شيك دون رصيد» وأخذ المبلغ وسافر مع زوجته وأولاده لقضاء الإجازة في دولة أوروبية، كما يعرف آخر طلبت منه زوجته حقيبة يد يتجاوز سعرها ألفي درهم، وحين رفض، رغم أنه يملك الكثير من المال وحاول أن يتحدث معها عن مفهوم الادخار، اتهمته بالبخل وتطور الأمر إلى صراع وتطاول كل منهما على الآخر، ثم تحول إلى قضية تشهدها المحكمة. من جانبه يذكر خليل هاشم الحمادي 41 سنة أن سنوات عمره وخبرته في الحياة جعلته يدرك تماماً أهمية الادخار، ولذلك فهو دائما يحاول أن يحتفظ بجزء من راتبه بشكل ثابت ولا يمسه إلا في حالات الضرورة القصوى، لافتاً إلى أن هذا المبلغ الذي يقتطعه من راتبه شهرياً، كثيراً ما ساعده في مواجهة الأزمات. سواء أزماته الشخصية أو حتى المشكلات المادية التي قد يقع فيه أحد أفراد أسرته أو أصدقائه، وأشاد الحمادي بالجهود التي تبذلها كثير من وسائل الإعلام حالياً في التنبيه إلى أهمية الادخار والحملات المكثفة التي تقوم بها في هذا الصدد، مؤكداً أن ثقافة الادخار يجب أن تكون من المسلمات التي يؤمن بها الكثيرون، وأن ينفذوها في حياتهم العملية، وهناك مقولة للخليفة الراشد عمر بن الخطاب في هذا الصدد عندما شاهد أحدهم في الأسواق يشتري إحدى السلع فوبخه قائلاً: كلما اشتهيت اشتريت يا جابر وهي الواقعة التي يذكرها الصحابي جابر بنفسه بقوله: رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي فقال: ماهذا ياجابر ؟ قلت اشتهيت لحماً فاشتريته. فقال عمر : أو كلما اشتهيت اشتريت يا جابر ! ما تخاف الآية أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا”، وهذا توجيه صريح من الفاروق عمر رضي الله عنه إلى أهمية عدم اتباع رغباتنا في شراء كل ما نتمناه حتى لو كانت قدراتنا المادية عالية وتستطيع تلبية احتياجاتنا. مغريات كثيرة موزة المطروشي مسؤولة علاقات عامة بإحدى الشركات، تقول إن الادخار يعتبر من أهم القيم الاجتماعية في أيامنا هذه، كون هناك العديد من العروض في الأسواق تدفع الناس، خصوصاً النساء والبنات إلى شرائها، مثل تحديث السيارات والهواتف وغيرها من وسائل الحياة العصرية، وتلفت المطروشي إلى أن الجري من أجل اللحاق بهذه السلع الاستهلاكية، والسعي إلى اقتنائها دونما حاجة ماسة لها، يورط أصحابها في مآزق عديدة، كون ذلك يخلق حالة من الشره الشرائي والاعتياد على الاقتناء لمجرد الاقتناء، بشكل يدفع البعض إلى الاقتراض أحياناً، وهذا يحمل البعض أعباء مادية ليس لها مبرر، قد تؤثر على استقرار حياتهم وخلق مشاكل بين أفراد الأسرة الواحدة، إذا كان واحد أو بعض من أفرادها يميل إلى التبذير والإسراف، وعن نفسها تذكر المطروشي أنها الآن تصرف أموالها بتعقل وحذر ووفقاً لمتطلباتها الحقيقية، وليس إنفاق لمجرد الإنفاق، بعكس ما كان حالها أيام الدراسة الجامعية، فكانت تصرف أموالاً كثيرة في أمور ترى الآن أنها لا تستحق هذا الإنفاق، وإنما يجب أن يتم ادخارها أو توجيهها لأوجه الخير ومساعدة الخير، خاصة أن التعاون ومساعدة الآخرين من السمات الأصيلة في الشعب الإماراتي، ويمكن لأي فرد أن يمارسها بقليل من الادخار وتوجيه المال للنواحي المفيدة فقط. قيمة الادخار من جانبه يبين شادي حسين 28 سنة، ويعمل بائعاً في أحد المحال أنه يدرك جيداً قيمة الادخار كونه مغترباً ويسعى إلى تكوين نفسه ومساعدة عائلته، ومن ثم فهو يضع ميزانية يسير عليها ولا يتخطاها إلا في أضيق الظروف والأوقات، حتى لو رزقه الله ببعض المال الزائد، كأن تصرف له أرباح سنوية أو مكافأة من الشركة، فإنه لا يسارع في إنفاقها وإنما يحسب حساباته جيداً، خاصة أنه رأى كثيرا من أصدقائه غارقين في الديون كونهم ينفقون بشكل عشوائي ولا يخططون للغد، ولا يضعون أهدافاً معينة للوصول إليها من خلال العمل. إلى ذلك أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العسومي، أنه لا خلاف على أن للادخار فوائد عديدة بالنسبة للأفراد والعوائل وعلى الاقتصاد المحلي ككل، كون الادخار يعتبر استثماراً له عائد، كما أن إدراك أفراد الأسرة لمعنى الادخار يضمن الاستقرار المادي للعائلة، وهذا الاستقرار يمتد إلى فترات طويلة في حياة الأسرة، وبالتالي يكفل لها نوعا من الهدوء والبعد عن التقلبات والأزمات المادية الناجمة عن الإسراف أو عدم التحوط للغد. ويؤكد العسومي أن الادخار أحد المكونات الرئيسة لاقتصاد المجتمع، انطلاقاً من أن تجميع المدخرات وإعادة استثمارها يعد إضافة للاستثمار المحلي، وهذا له مردود كبير على المجتمع. عملية مستمرة وحول كيفية ترسيخ ثقافة الادخار لدى أفراد الأسرة، يوضح العسومي أن هذا له علاقة مباشرة وقوية بالوعي والتربية، وتربية النشء على الادخار عملية مهمة ومستمرة تبدأ من الصغر ويجب ان تضمنها المناهج الدراسية، وتدخل كواحدة من الأهداف والقيم التي يتم ترسيخها داخل الأسرة والفرد والمجتمع. ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أهمية وجود سياسات تمويلية تهدف إلى ترسيخ مفاهيم الادخار وأهميته لدى شرائح وطبقات المجتمع كافة، وهذا يتم من خلال سياسات تمويلية تشارك فيها المؤسسات المجتمعية والمصارف، ضمن مسؤولية اجتماعية تعرف بأهمية الادخار. آثار إيجابية شدد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العسومي، على التأثير الملموس لانتشار ثقافة الادخار واستيعاب أهميتها، كون الادخار يضمن توفير الاستقرار، ويساهم في زيادة معدلات الاستثمار والنمو، وهذا بالتأكيد يحمل آثاراً إيجابية على المجتمع شرائحه وأفراده كافة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©