الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصريون: الجيش درع لحماية الوطن

المصريون: الجيش درع لحماية الوطن
28 أغسطس 2013 23:37
خلال الأسبوعين الماضيين، سقط قرابة ألف مصري جراء الاضطرابات، وفرضت السلطات حظر التجول في القاهرة والمحافظات، ووضعت جنوداً على طول الطرق، ودبابات على الجسور، وقناصة على بعض الأسطح. وإذا كان كل ذلك مثيراً للإزعاج في هذه المدينة التي أنهكتها الأزمة، فإن الناس لا يثيرون ضجة حول ذلك. وفي هذا الإطار، تقول أماني حسن، 45 عاماً، وهي موظفة حكومية كان والدها يعمل في الجيش: «إن الجيش المصري يعمل لمصلحة البلاد»، مضيفة «لقد تخلصوا من الإخوان المسلمين، والمصريون يحبون أي شخص يحميهم». قبل عامين، كان المصريون يطالبون بالديمقراطية. أما اليوم، فإن احتضان المدينة للقوات المسلحة يبدو كبيراً بلا حدود، تؤمِّنه تطميناتٌ بعودة سريعة إلى الديمقراطية. فالشوارع تعج بملصقات عبد الفتاح السيسي، 58 عاماً، الجنرال الذي لعب دوراً فاعلاً خلال المرحلة الحالية، ومقدمو نشرات الأخبار التلفزيونية لم يكتفوا بالتصفيق للأسلوب القوي والصارم للجيش، بل إن أحدهم راح يغني مثنياً على الجنود يوم الاثنين الماضي. كما أظهرت العشرات من المقابلات في شوارع القاهرة أن الثقة في الجيش تنبع من رغبة قوية في الاستقرار بعد أشهر من احتجاجات الشارع والحضور القوي للجيش في الحياة المدنية من بناء الطرق والجسور إلى إدارة النوادي الاجتماعية والمستشفيات وتوفير دخل لجزء هام من السكان. ويقول «بنجامن جير»، المتخصص في العلوم الاجتماعية وزميل معهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية لسنغافورة: «إن الجيش يحظى بقدر مهم من الهيبة والاعتبار ويُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره دعامة للاستقلال والفخر». والواقع أنه لعقود والقوات المسلحة تستعمل المقررات الدراسية والأفلام والأغاني لترسيخ شعور بأن الجيش هو حامي حمى الوطن، حسب جير الذي يقول: «إن الأشخاص الذين ينتقدون الجيش الآن يبدون هامشيين جداً، وربما ثمة الكثير من الرقابة الذاتية أيضاً»، مضيفاً «لم يكن هذا ممكناً لو أن الجيش لم يمنح نفسه دوراً بطولياً في الوطنية المصرية». في القاهرة، حيث حضور الجيش هو الأقوى، وحيث وقعت أغلبية الوفيات، زُينت الدكاكين والأكشاك التي على جانب الطريق بملصقات السيسي. وعلى الكورنيش، الشارع العريض الذي يمتد بمحاذاة النيل، عُلقت صورة عملاقة للسيسي على ورشة ميكانيكي. وكُتب على الملصق: «السيسي هو أسد مصر وحاميها من جماعات الدم والإرهاب والجهل. إنه الشخص الذي نثق فيه». وعلى شارع الميرغني، بالقرب من القصر الرئاسي وموقع احتجاجات كبيرة ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، يهرول بائع جائل بين السيارات المتوقفة في الإشارة الضوئية لبيع صور السيسي. وقد وجد مشترين اثنين خلال إشارة واحدة للضوء الأحمر. ويقول عمرو علي، وهو محلل متخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة سيدني ومولود بالقاهرة: «هناك حب للجيش لم أكن أتوقعُه»، مضيفاً «والكثير من الليبراليين يدعمون الجيش ويتجاهلون وفيات المعارضة. فهناك هستيريا وطنية تجتاح مصر». والواقع أن نجم السيسي يسطع بينما يأفل نجم الإخوان المسلمين. فالإخوان وهم جماعة عمرها 85 عاماً دعمت مرسي، باتت تواجه رفضاً جماعياً من قبل المصريين. فصباح الاثنين، أفادت وكالة الشرق الأوسط للأنباء التي تديرها الدولة باعتقال عضو الإخوان المسلمين أسامة ياسين، وزير الشباب السابق، وسكرتير نائب رئيس الإخوان المسلمين خيرت الشاطر. ومن المنتظر أن يذهب ممثلو الادعاء العام إلى السجن الذي يعتقل فيه ياسين من أجل استجوابه بشأن ادعاءات التحريض والمشاركة في قتل متظاهرين قرب القصر الرئاسي في القاهرة ومجمع الحرس الجمهوري، كما سيُستجوب حول عملية التعذيب والقتل المفترضة لأربعة أشخاص بالقرب من موقع الاعتصام الذي نظم فيه محتجو «الإخوان المسلمين» احتجاجات دامت أسابيع قبل أن يتم تفريقهم بالقوة من قبل قوات الأمن. السيسي كان قد عُين على رأس وزارة الدفاع والإنتاج الحربي في أغسطس 2012 من قبل مرسي نفسه. وحسب استطلاع للرأي أجراه مركز زغبي في يونيو الماضي، فإن أكثر من 90 في المئة من المستجوَبين قالوا إنهم يثقون في الجيش أكثر من أي مؤسسة أخرى. ترقية الجنرال السيسي جاءت بعد مشوار غني وحافل شمل مهمات في الخارج مثل الملحق العسكري في الرياض بالسعودية، التي تدعم حكومته الآن بمليارات الدولارات من المساعدات، وفترة في الكلية الحربية الأميركية في كارلايل، بنسلفانيا، في عام 2006 في إطار برنامج للتبادل، وفق سيرته الذاتية المنشورة على الإنترنت. ويقول روبرت سبرينجبورج، الأستاذ بالكلية البحرية للدراسات العليا في مونتري، كاليفورنيا، والذي يسافر بشكل دوري إلى مصر: «لدى السيسي الجيش تحت سيطرته، ولديه الشارع وراءه، ولديه الإخوان في حالة تراجع». ولكن السيسي يقول إنه اضطر لإسقاط مرسي من أجل إنهاء حالة الاستقطاب التي اشتدت خلال العام الذي قضاه الإسلاميون في السلطة وأدى إلى احتجاجات جماعية تطالب بتنحيه. وقد أعلن الجيش، الذي يؤكد أنه لا ينوي إدارة البلاد، عن «خارطة طريق» تشمل انتخابات برلمانية ورئاسية بداية العام المقبل. وتقول نسمة محمد، وهي فتاة منقبة في الثامنة عشرة من عمرها: «إنني أكن كل الاحترام للسيسي لأنه دعم الشعب ضد مرسي، ووعد بأنه لن يحكم». غير أن هذا لا يعني أن سمعة القوات المسلحة لا يمكن أن تتأثر سلباً، ولاسيما أن المصريين مروا من خمسة زعماء مختلفين منذ أن أطاحت الاحتجاجات في ميدان التحرير بمبارك. ويقول هاني صبرا، المدير في مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارات في الأخطار السياسية: «إذا أظهرت السنوات الثلاث الأخيرة أي شيء، فهو أن العلاقة العاطفية مع السياسيين والزعماء أخذت تصبح عابرة»، مضيفاً «في الوقت الراهن، يحظى السيسي بشعبية كبيرة ويستطيع أن يفعل ما يريد، ولكن بعد ستة أشهر أو عام من الآن، سيصبح ذلك خطراً». غير أنه بالنسبة لبعض المصريين الصرحاء، فإن حب الجيش تشوبه شكوكٌ مقلقة بشأن قوته المتزايدة. وفي هذا الإطار، يقول أحمد سلامة، 34 عاماً، وهو عضو مجموعة دعت إلى انتفاضة 2011 ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إنه يحترم الجيش لأنه «المؤسسة الوحيدة في البلاد التي تتحلى بالانضباط ولديها القدرة على تحقيق إنجازات مثل بناء الجسور والطرق». ويقول سلامة إنه كان معجباً جداً بالأفلام حول انتصارات الجيش حين كان طفلاً، وكان عدد من أفراد عائلته مرتبطين بالجيش، غير أنه يقول إنه غير مرتاح لأن القوات المسلحة بات لديها تفويض مطلق اليوم. ويقول: «إن السياسة تقوم على الآراء؛ وعندما يكون أحد الأطراف المشاركة في السياسة لديه أسلحة، مثل الجيش، فتلك مشكلة». غير أنه في الوقت الراهن، لا تُظهر مكانة السيسي في مصر مؤشرات على التراجع، ذلك أن الضغط المتزايد من الخارج لم يزده إلا قوة في الداخل عموماً، والحكومة حريصة على تقديمه باعتباره حامي سيادة البلاد. ويقول ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن: «إن الطريقة التي قُدمت بها الأشياء هنا بعد عزل مرسي، هي أنه ليس الجيش ضد الديمقراطية، وإنما الجيش باسم الديمقراطية»، مضيفاً «وسواء كان ذلك دقيقاً أم لا، فتلك هي الطريقة التي فُهمت بها الأحداث من قبل الأغلبية في مصر». ‎ميهول سريفاستافا وعلا جلال وكارولين ألكسندر القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©