الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطريق إلى المستقبل يبدأ من «معسكرات التدريب الخارجية»

الطريق إلى المستقبل يبدأ من «معسكرات التدريب الخارجية»
27 أغسطس 2015 20:00
أحمد السعداوي (أبوظبي) تمثل معسكرات التدريب الخارجية واحدة من أفضل التجارب التي يعيشها الطلاب خلال حياتهم الدراسية، لتمثل أول لقاء مباشر لهم مع العالم الخارجي وهم يعتمدون على أنفسهم بشكل شبه كامل، خاصة في فصل الصيف حين يكون هناك متسع من الوقت لممارسة العديد من الأنشطة الاجتماعية والترفيهية وحتى العلمية، ولكن بشكل مختلف ومغاير عمّا اعتاد عليه الطلبة والطالبات على مدار العام الدراسي. تقول نوره سالم العامري، الطالبة بالصف الرابع في جامعة خليفة بأبوظبي، التي سافرت في معسكر خارجي إلى جامعة «بيرث» في أستراليا، إنه تم اختيارها مع بعض زميلاتها للسفر إلى هذه الرحلة المميزة في حياتها، من أجل زيادة خبراتها وتهيئتها قبل انتهاء الدراسة الجامعية والدخول إلى الحياة العملية، موضحة أنها بدأت الاستعداد لهذه الرحلة، بالبحث والقراءة عن الجامعة و مستواها وعن مكانتها في المجال التعليمي وخاصة العلم الجنائي ونوع البحوث التي أنتجتها في هذا المجال وما قد تستفيده منها. برنامج علمي تضيف: البرنامج الذي درسته خلال هذه الرحلة، هو القيام ببحث عن زمن نقود، عثر عليها في ركام سفن في أحد بحار أستراليا عن طريق تحليل عناصرها الكيميائية كالفضة والحديد، مشيرة إلى أن الرحلة لم تقتصر على العمل فقط، واشتملت جوانب سياحية وثقافية، وتعرفوا على تاريخ وحضارة هذه البلاد من خلال رحلات قاموا بها إلى أكثر من مكان في أستراليا بالإضافة إلى الحوارات والنقاشات مع طاقم التدريس في الجامعة وغيرهم من فئات المجتمع الأسترالي، ما جعلنا نفهم أكثر عن طبيعة وثقافة استراليا وأشهر العادات والتقاليد هناك. كانت علاقتنا جيدة قبل السفر لكن حينما واجهنا الغربة ومصاعبها سوياً أصبحت هذه العلاقة أكثر توطيداً فاستطعنا الوثوق في بعضنا البعض وتعلمنا معاً الاعتماد على أنفسنا، هذا ما ذكرته العامري عن علاقتها بزميلاتها خلال هذه الرحلة وإلى أي مدى اختلفت عن العلاقة خلال العام الدراسي. وعن الفوائد والخبرات التي اكتسبتها من المشاركة في هذا المعسكر الخارجي، أكدت أنها اكتسبت من هذه الرحلة الكثير كالتعرف على أحد فروع علم الآثار، لأنه علم تاريخي مهم، وكتابة بحوث علمية بشكل أفضل، ما هيأها أكثر لدراسة الماجستير في علم الآثار، و لم تكن هذه الأشياء فقط هي ما استفادت منها، فهناك أشياء تعلمتها و ستفيدها حتماً في حياتها العملية كزيادة القدرة على تحمل المسؤولية ومواجهة المصاعب. فرصة مفيدة أما عنود محمد المازمي التي تدرس الهندسة الطبية الحيوية، بإحدى جامعات أبوظبي، فتورد من جانبها أن من أهم شروط التحاقها بالمعسكر الصيفي الخارجي، أن يكون المعدل التراكمي للطالب عاليا وعليه أن يجتاز المقابلة من الجامعة والجهة التي يريد الطالب الالتحاق بها للتدريب الأكاديمي، وقد تم اختيارها ضمن 5 طالبات وقمن بهذه البعثة العلمية الثقافية التي أثرت كثيراً في حياتها، حيث بقيت 6 أسابيع بعيدة عن الأهل والوطن ولذلك تعتبرها من أفضل التجارب التي عاشتها وتعلمت فيها الكثير سواء بالاعتماد على النفس أو التعامل مع الآخرين بقدر أكبر من التفهم والتقبل لاختلافهم في الثقافة والفكر والعادات والتقاليد. أما الناحية الأكاديمية فقد ارتفع بالتأكيد مستواها العلمي من خلال تواصلها على مدار المعسكر مع أساتذة الجامعة ودراسة الجينات المسؤولة عن إدمان المخدرات بأنواعها، مبينة أن استعدادها لهذه الرحلة بدأ بمساندة الأهل والصديقات اللاتي شجعنها على الاستفادة من هذه الفرصة التي ربما لا تتاح للكثيرين، ما سيكون لها أفضل الأثر على مستقبلها المهني بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية. وتشير المازمي إلى أن علاقتها بزميلاتها خلال هذه الفترة الثرية من حياتها أخذت شكلًا مختلفاً، حيث ازدادت علاقتها بهن، وتقول: كانت صحبة جميلة وصالحة، فإذا ما تعثرت أحدنا وواجهت مشكلة هممنا لمساعدتها، وعلاقتنا أصبحت وطيدة حافلة بالذكريات الجميلة وتطورت من مجرد زملاء دراسة إلى صداقة قوية تمتد طول العمر إن شاء الله، وهذه من أهم الفوائد التي تحصلت عليها من وراء المشاركة في هذا المعسكر الصيفي الذي لن أنساه أبداً، والذي تعلمت من خلاله أيضاً أن كل فكرة ولو كانت تبدو مستحيلة، مع الإيمان بها والثقة بأن المجهود لن يضيع سدى سوف تتحقق بإذن الله، وتعلمت أيضا أساسيات البحث العلمي وتطوير الفكرة، «ووجودي في بيئة بها أشخاص شغوفون في البحث العلمي والعلوم الجنائية أعطاني دافعا لإكمال دراستي والغوص في مجال البحث العلمي في المستقبل»، حسبما قالت المازمي. جينات الإدمان سلمى إبراهيم البلوشي، طالبة الصف الثالث بجامعة خليفة، قالت سافرتُ وزملائي إلى مدينة «بيرث» التي تقع غرب أستراليا، حيث تم قبولنا من قِبَل «مركز العلوم الجنائية»، وهناك عُرضت علينا عدة مشاريع، وعلى كل طالبة أن تختار المشروع الذي يناسبها لتبدأ العمل عليه خلال الأسابيع التي ستقضيها هناك. ووقع اختياري على المشروع الذي له علاقة بعِلم «الجينات» فلدي شغف للتعلم من هذا البحر الواسع، وقد تسنت لي الفرصة لأكتشف الكثير عما يتعلق بهذا العِلم، و كان عنوان مشروعي «التغيرات الجينية وعلاقتها بمرض الإدمان في المجتمع العربي». ويهدف المشروع إلى إعداد رسومات توضيحية عن الجينات المختلفة التي تؤثر على قابلية الشخص للإدمان، بالإضافة إلى ربط تأثير هذه الجينات بالجهاز العصبي للمدمني، وبالنسبة لمشروعي كانت أول خطوة لي هي البحث عن مرض الإدمان وعن كل ما هو متعلق به بشكل عام من حيث المسببات والعوامل والأعراض، ومن ثم التعرف على الجهاز العصبي بصورة عامة، تليها مرحلة التعرف على الجينات المرتبطة بالإدمان، وكيفية تأثير الإدمان على الجهاز العصبي من منظور الجينات. تقييم الكفاءة حليمة عبدالله النقبي الطالبة بالصف الرابع بإحدى جامعات أبوظبي، قالت: تم اختياري للذهاب إلى المعسكر الخارجي كجزء من الخطة الدراسية في الجامعة، بحيث يتوجب علينا أن نتدرب في إحدى الشركات المحلية أو خارج الدولة قبل سنة التخرج، مبينة أن هذا الاختيار تم بعد النظر إلى سيرتهم الذاتية وخبراتهم السابقة وبعد القيام بمقابلة لتقييم مدى الكفاءة والاستعداد للرحلة، التي بدأ الإعداد لها بحضور اجتماع مع المسؤولين عن برنامج التدريب في الجامعة والتحدث عن تفاصيل الرحلة، بالإضافة إلى بعض الآداب والتصرفات التي يجب مراعاتها لتقديم صورة جيدة عن الشباب الجامعي الإماراتي وكيفية التعامل والتواصل مع المشرفين عن البرنامج. وتصف النقبي علاقتها بزميلاتها خلال هذه الرحلة وإلى أي مدى اختلفت عن العلاقة خلال العام الدراسي قائلة: خلال مدة إقامتي في المعسكر الخارجي مع زميلاتي، استطعت معرفتهن بشكل أفضل خارج نطاق الدراسة، رغم معرفتي المسبقة بهن في محاضرات الجامعة، إلا أن الفترة التي قضيناها سوياً قوت علاقتنا بشكل أفضل، كما أن مساندتنا ومعاونتنا لبعضنا البعض كانت سبباً بارزاً في نجاح هذه التجربة، التي كانت مليئة بالفوائد، وبغض النظر عن الخبرات الأكاديمية التي اكتسبتها، مثل الطريقة السليمة لكتابة البحوث وتوثيق المصادر، كان تأثير هذه التجربة على شخصيتي كبيراً جداً، فقد عززت ثقتي بنفسي، ومهاراتي القيادية وروح العمل الجماعي، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية وتقبل الناس وثقافاتهم المختلفة.. الستة أسابيع هذه كانت كافية لجعلي شخصية أكثر إيجابية وزادت حماسي إلى مطالعة ومتابعة البحوث الجديدة في تخصصي وأيضاً استكمال دراستي العليا خارج الدولة لكسب خبرة أفضل. أفضل التجارب المشرفة على الطالبات خلال المعسكر الخارجي، الدكتورة حبيبة الصفار، الأستاذ المساعد في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة خليفة قالت: «معسكرات التدريب الخارجية تعتبر من أفضل التجارب التي يمر بها الطلبة والطالبات خاصة خلال السنوات الأخيرة من المرحلة الجامعية وقبل انطلاقهم إلى معترك الحياة العملية، كون هذه المعسكرات تعتبر البوابة الأولى لهم للدخول إلى آفاق جديدة يتعلمون فيها كيفية الاعتماد على النفس واتخاذ القرار وتنمية القدرات واكتساب المهارات وغيرها من الأشياء الواجب أن يتحلى بها الشباب قبيل التماهي مع العالم بشكل حي ومباشر خارج أسوار الجامعة، وأكدت أن أداء الطالبات والطلاب الإماراتيين في الخارج مبعث للفخر للصورة الرائعة التي قدموها عن الشباب ومستوى التعليم داخل الدولة وهو ما انعكس على الاستجابة العالية لهم للمواد العلمية التي تلقوها خلال المعسكر الخارجي، وهذا ما يجعلهم أكثر قدرة في التعامل مع حياتهم المهنية، حيث يمكن أن تفيد نتائج أبحاثهن في عدد من المجالات المختلفة، ويؤكد أن التدريب وسيلة مهمة لتعريف الطلبة بالحياة العملية والمهن التي يودون العمل بها بعد التخرج». تعلمت كتابة البحوث وتوثيق المصادر حليمة النقبي فوائد الرحلات بلا حدود سلمى البلوشي تعرفت إلى الحضارة الأسترالية واكتسبت مهارات علمية متنوعة نورة العامري درست الجينات المسؤولة عن إدمان المخدرات عنود المازمي مزايا يقول ناصر خميس عامر، مدير قسم شؤون الأنشطة الصيفية بمجلس أبوظبي للتعليم، إن هناك مزايا كبيرة يتحصل عليها الطلاب المشاركون في أي معسكر خارجي، أولها شعور الطالب بقدر كبير من الاستقلالية، والتعرف إلى مشكلات جديدة تواجهه لأول مرة بعيداً عن حياته اليومية العادية، والتعرف إلى كيفية التصرف في المواقف المختلفة، والتعامل مع أنماط ثقافية جديدة، ويذكر عامر أن أحد الطلاب قال له ذات مرة: «للمرة الأولى يتعرف إلى كيفية تحليل شخصية الآخرين، من خلال المهمة التي أسندت إليه كمشرف على فريق العمل المكون من زملائه، فأصبح يحاول فهم شخصيات زملائه وتحليلها حتى يستطيع التعامل معهم بأريحية، وهو ما أكسبه مهارة جديدة للقيادة، لم يكن يعرفها من قبل». ويشرح عامر أن السفر يتاح فيه للطلاب ممارسة أنشطة متنوعة تساعد على تطورهم معرفياً، خاصة بالنسبة لمن يسافر لأول مرة، ويمكن القول إن الخبرات التي يكتسبها الطالب خلال معسكر خارجي واحد تغني عن منهج دراسي كامل». حماس بينت سلمى البلوشي أنه خلال الفترة السابقة للمعسكر تغلب عليها شعورٌ بالحماس، وأنهت امتحاناتها الجامعية، وكانت المدة قصيرة للاستعداد للسفر، وكانت تود أَن يكون لديها وقت أكبر لكي تكون على تمام الاستعداد لهذه الرحلة التي لم تكن الأولى، فقد ذهبت إلى «إيرلندا» في بعثة مشابهة لمدة خمسة أسابيع، من خلال بعثة للطلبة المتفوقين في صيف 2010، ولهذا السبب كانت على حماس كبير للذهاب إلى أستراليا، وتكرار التجربة الناجحة نفسها، التي تعددت الفوائد والخبرات التي اكتسبتها منها، حيث تعلمت الكثير عن الجينات، وتقول: «لم يَكُن هذا العلمُ بسيطاً كما توقعته، فقد واجهت صعوبة في فهم كيفية تأثير الجينات وربطها بالإدمان، تعلمتُ أن أواجه صعوباتي، وأن أبحث عن الجينات بطريقة مبسطة كي أتعلم خطوةً بخطوة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©