الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرآن طيب ينير القلوب وتقبل عليه النفس ويوافق الفطرة الإنسانية

القرآن طيب ينير القلوب وتقبل عليه النفس ويوافق الفطرة الإنسانية
1 سبتمبر 2011 23:00
الطيب هو كل ما تستلذه النفس والحواس، ومن هذا المنطلق فالقرآن الكريم طيب تقبل عليه النفس حسياً ومعنوياً، فترتاح إلى سماعه الأذن، وإلى ذكره الألسن، وهو سكن للقارئ والسامع والدارس والحافظ، طيب في معناه، وينير القلب وموافق في شرائعه للفطرة الإنسانية وسنة الخلق، يدعو إلى كل طيب وإلى مكارم الأخلاق، و»الطيب» من أسماء القرآن، كما يقول العلماء استناداً لقول الله تعالى: (وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد) «سورة الحج - الآية 24». يشير المفسرون إلى أن الطيب من القول هو القرآن، ويقولون: ذكر الله أهل الجنة وما يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ، ثم قال إنهم هدوا إلى الطيب من القول، أي أُلهموا القرآن، وقيل: قول لا إله إلا الله، وصراط الحميد أي الإسلام، والآية أشمل من ذلك كله وأكبر، والمعنى أنهم موفقون يذكرون الله وهو أطيب القول وإذا خاطبوا الناس في أي أمر بينهم لا يخرج منهم إلا الكلم الطيب وهداهم الله إلى دين الإسلام. وإذا تكلموا تعجب لطيب كلامهم ولين قولهم، وحسن الجواب وطيب الرد من صفات المسلم الحق، ولقد دعانا الله تعالى إلى الطيب والحسن من القول. إنَّ حامل القرآن طيب يشع منه القول الطيب والسلوك الطيب والسمت الطيب، بل والرائحة الطيبة، وفيما أخرجه الترمذي وحسنه ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: تعلموا القرآن واقرأوه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكاً يفوح ريحه في كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب على مسك. وفي صحيح البخاري عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، فعلى كل حال ما دام القرآن بين جنبي الإنسان فهو طيب ظاهراً وباطناً. عندما يأتي الإسلام إلى الكلمة، يجعل لها الدور الكبير والمهمة العظمى، ويضمنها أعمق المعاني وأسلمها، فهو يريد من الإنسان أن يكون صالح المنطق مهذب الكلام، بلا فحش ولا لغو ولا عبث، بل جدية مثمرة ونطق صائب. والمسلم مطالب بأن يلين قوله، ويسمو بمنطقه، سواء مع أصدقائه، أو مع أعدائه، لأن ذلك يزيد المودة ويعمق الألفة والمحبة، ويقطع كيد الشيطان ويسد مساربه، فيحيا الجميع في ظلال الإخاء بقلوب صافية، وأرواح متآلفة متآخية. عباد الرحمن ومن خلق عباد الرحمن وصفاتهم، الذين أثنى الله عليهم في محكم كتابه، وجعلهم قدوة للصالحين من عباده، التحلي بالطيب من القول، وتعويد اللسان على عفيف الكلام، والجميل منه. إن الكلام العاقل الواعي هو خاصية خص الله بها الإنسان دون سائر مخلوقاته ومن بها عليه وجعله الله وسيلة للتواصل بين الناس، به يعرف ويفهم بعضهم بعضاً لذلك كان أثره عظيماً في علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية. ولما كان حرص الإسلام شديداً على أن ينتشر الأمان والمحبة بين الناس، جعل ما يدعو إلى توادهم وتآلفهم كلمة إذا فشت بينهم كان معها الأمان والمحبة، تلك هي كلمة «السلام» التي دعا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام إلى إفشائها، لأن وقع هذه الكلمة عظيم في النفوس، وامتدح الرحمن عباده لما كان هذا قولهم في الدنيا كانت التحية التي يلتقون بها في الدار الآخرة سلاماً. إنَّ الله تعالى حثَّ في ذكره الحكيم على الكلام الطيب والقول الحسن، ويقول الله تعظيماً لشأنه: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) «فاطر: 10»، ويشمل ذلك كل كلام فيه ذكر الله، وكل كلام حسن موجه للخلق. إنَّ الكلام الطيب تلين له النفوس فالمحبة قد تزرعها كلمة طيبة تلقى في القلب فتثمر حباً وعطفاً وأنساً وراحة، والإسلام إنما يدعو إلى الكلام الطيب لكي تتحقق بين الناس تلك الحياة الطيبة. ورسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «الكلمة الطيبة صدقة»، «صحيح البخاري»، فجميل أن يشيع بيننا مثل هذا النوع من الصدقات، وما أخفها على اللسان، وعلى النفس لو جادت بها، وما أصلح نفوسنا بها وعلاقاتنا بعضنا ببعض. إن نعمة البيان التي من الله بها على الإنسان إنما يريد من خلالها أن يصوغ بها اللغة الرفيعة وأن يصوغ بها الكلمة الطيبة وأن يعود نفع هذه النعمة على الإنسان نفسه ومن هنا جاء ترغيب الإسلام في الكلمة الطيبة، والكلمة الطيبة هي الصادقة الأمينة الجادة الملتزمة، المنحازة للحق وللمظلومين، التي ضرب الله مثلاً لها: (ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين)، في إشارة إلى ثمرات هذه الكلمة الطيبة إنها شجرة شامخة تثمر الثمرات الطيبة، والآثار الطيبة للكلمة الحسنة والكلمة الصادقة في توحيد المجتمع وفي مطاردة الفاحشة وفي سد أبواب الشر. وعندما وصف الله سبحانه وتعالى أهل الجنة وصفهم بالكلام الطيب لأنهم في الجنة: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأْثيما إلا قيلا سلاما سلاما)، وبقدر ما رغب الإسلام في الكلمة الطيبة لما لها من آثار نفسية واجتماعية ومن نتائج على الإنسان والمجتمع في الحياة الدنيا والجزاء الحسن يوم القيامة بقدر ما حذر من اللغو ومن الثرثرة. إنَّ الكلمة الطيبة رحمة، والثناء الطيب أيضاً هو مما يزيد من همة المرء ويثبته على الخير، ومما يدخل في جملة الكلام الطيب الفأل الحسن وتدريب للسانه على الكلام الطيب. ان في نظم القرآن جزالة، وفي لفظه فصاحة، وفي معناه بلاغة، وفي أسلوبه إبداعاً، وفي بيانه براعة فائقة، في أعلى مرتبة من مراتب طبقات الخطاب وأقسام الكلام، كالترغيب والترهيب، والمدح والذم، والإثبات والإرشاد، والإفهام والإفحام.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©