الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«العيدية» بشارة معطرة برائحة الفرح ودرس في الادخار للصغار

«العيدية» بشارة معطرة برائحة الفرح ودرس في الادخار للصغار
21 أغسطس 2012
يحمل العيد أجمل الذكريات التي عاشها الإنسان على مر السنين، خاصة « العيدية»، التي كانت أول درس في الادخار يتلقنه الصغار، حين يحصلون على دراهم معدودة، من الأب أو الجد، أو بعض الأمهات مما اقتصدته من مصرف يومها في الأيام الأولى. وكان إعلان رؤية هلال شوال يعني فرحة للصغار، حيث يعني ذلك بالنسبة لهم أنهم سيحصلون على عيدية، فيختلي كل واحد منهم بنفسه ويعدد الأشخاص الذين سيأخذ منهم «العيدية»، ويأخذه الوقت، حتى ينام، ويحلم ببشارة « العيدية» المعطرة برائحة الفرح، بما سيشتريه مع إخوته وأصدقائه من الدكان الصغير في الفريج. برزت على السطح في أعياد هذه الأيام، معايدات الرسائل النصية القصيرة، بينما كان من المعتاد في طفولتنا أن يتبادل الأهل الزيارات فيما بينهم خلال أيام العيد، حيث يستفيد الأطفال من هذه الزيارة عندما تقدم لهم العيدية التي يصرفونها في شراء الألعاب، هكذا بدأ خالد عبدالله حسن، موظف، حديثه مشيراً إلى أن العيدية أيام زمان كانت واجباً من واجبات الأخلاق الحميدة التي تحث عليها الأعراف، خاصة أنها تترك أثراً طيباً في نفوس الصغار، وقد كان للعيدية تأثير كبير على نفوس الأطفال في مثل هذه الأيام التي تتسم بالفرح والسرور، كما كان يجري الاهتمام بالعيدية وإبرازها كتقليد اجتماعي ودافع نفسي للأطفال، خاصة المحرومين والفقراء منهم، وكانت العيدية في السابق تتراوح ما بين نصف درهم إلى درهم واحد، أما اليوم فقد أصبحت تدفع بمبالغ كبيرة، وذلك بسبب تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية وليس بسبب الوجاهة، فالعيدية لا تزال حتى يومنا هذا موروثاً اجتماعياً. العيدية صامدة أما عباس إبراهيم حسن، موظف من الشارقة، فقال إن الكثير من العادات والتقاليد مهددة بحكم تراكمات الحياة الحديثة وآثارها، إلا أننا نجد أن العيدية قد بقيت صامدة وحافظت على وجودها وحضورها الاجتماعي بزخمها في الماضي، وبالذات في دولة الإمارات والخليج العربي، فكنا بحلول فجر أول أيام العيد يتعالى التكبير والتسبيح من مآذن المساجد في مختلف ربوع الإمارات، وتبدأ جموع المصلين بالتجمع، وبعد أداء الصلاة والاستماع للخطبة والدعاء، يتغافر الناس «يغفرون لبعض البعض»، ولا يفترقون إلا وقد عانق أحدهم الآخر، ومن ثم يتوجهون إلى زيارة الأهل والجيران والأصدقاء وتهنئتهم بالعيد السعيد، وقد كانت العيدية في السابق تختلف في حجمها من بيت لآخر، فعند تجوال الصغار بين البيوت لجمع العيدية كان يدفع للأطفال مبلغ مالي في حدود درهم أو درهمين وفي نهاية المطاف تكون الحصيلة من 30 إلى 60 درهماً. خصوصية وقالت نادية عبدالطيف، ربة بيت مقيمة في الشارقة، إنها حضرت فعاليات الأعياد وبهجتها في الإمارات منذ أكثر من عشرين عاماً، وتذكر أنها في ذلك الحين اندهشت لأجواء العيد وطريقة المعايدة، فطريقة المعايدة في بلادها مختلفة تماماً، لكنها تعودت عليها في السنوات اللاحقة وتقبلتها، واليوم صارت ترى في أجواء العيد بدولة الإمارات وما يرافقها من حفاوة وكرم ضيافة وعمل الزينة وارتداء أجمل الملابس الوطنية الشعبية شيئاً مميزاً تفتقده الكثير من الدول العربية بالفعل. تواصل اجتماعي وأشار أحمد يوسف حسن، مواطن من الشارقة، إلى أن فرحة الأطفال بالعيدية من جهة ورغبة الأهل في عدم اندثار هذه العادة الطيبة والحسنة بين الأطفال في بحثهم عن العيدية، أمر يعد نوعاً من التواصل الاجتماعي في حد ذاته، ربما هذا كان السبب في عدم اندثارها إلى اليوم، وإن تغيرت العيدية وواكبت التطورات الحديثة من خلال الشكل، فقد كانت في الماضي مجموعة من الدراهم التي تعطى باليد للأطفال، أما في وقتنا الحالي فهي تزين بالزهور والورود الملونة والمزركشة لتهدى للأطفال بأشكال براقة مفرحة، وبما أن العيدية أصبحت تواكب التطورات الحديثة، فيمكن القول إن جانب الوجاهة الاجتماعية أصبح يطغى على الجانب الاجتماعي، حتى عند الأطفال أنفسهم، فهم يبادرون بأخذ العيدية من الشخص الذي يدفع لهم المبلغ الأكبر. بين البساطة والمبالغة وأوضحت سمر أحمد عمر، ربة بيت من الشارقة، أن الاستعداد للعيدية يتم قبل العيد بأيام كما كانت الحال في الماضي تماماً، إلا أن العيدية تتسم في أيامنا هذه بالمبالغة، كما برزت بعض المظاهر السلبية، مثل مقارنة بعض النساء بين عطايا العيدية، فهذه أجزلت العطاء بعيدية جيدة، وهذه قدمت عيدية قليلة لا تقارن بالآخرين، لكنها ترى العبرة ليست بحجم العيدية وكم المال المدفوع فيها، وإنما برمزيتها وجمال نية صاحبها، الذي يقدم العيدية من أجل إدخال الفرحة على قلوب الصغار في العيد، وكل حسب قدرته واستطاعته، لذلك عودت أولادها وبناتها على الرضا والقناعة، والجميل في الأمر أنهم بعد أن يجمعوا أموال العيدية، يقومون بعدها بالتوجه في ثالث أيام العيد لشراء الأشياء الجميلة التي يرغبون في اقتنائها، مثل أجهزة الألعاب وغيرها من الأشياء التي تخص عالم الأطفال. بشارة فرح وذكر محمد عبد الخالق، موظف، أن العيدية أحد أجمل الأشياء التي تفرح قلوب أحبتنا الصغار، التي ينتظرونها بفارغ الصبر كل عام، رغم امتلاء الحياة بالكثير من المناسبات الأخرى، مؤكداً الحرص على الاحتفال مع الأطفالنا والأهل بعيدي الفطر والأضحى منذ قدومه إلى دولة الإمارات قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، خاصة أنه وجدها دولة تتمتع بوجود فعاليات وبرامج جميلة تتطور من عيد لآخر، كما أن للعيد طعماً تتميز به كل منطقة وإمارة من إمارات الدولة التي تتنافس في إسعاد أسر المواطنين والمقيمين والزوار على حد سواء، ولا يجد فرقاً كبيراً في الاحتفال بالعيد قديماً وحديثاً، حيث يتجدد الفرح كل عام بقدوم العيد الذي يعتبر بشارة ومناسبة فرح للعرب والمسلمين كافة. وترى مريم إبراهيم حسن، طالبة جامعية، أن العيدية تدخل البهجة في قلوب الأطفال، سواء في الماضي أو الحاضر، لكن في الماضي كان الطفل يرى أن العشرة دراهم ثروة، أما اليوم فلا يقبل بأقل من مئة درهم، كما أن العيدية لا تقتصر على الأطفال، بل تشمل أيضاً الكبار، إذ يقوم الأب بإعطاء الزوجة أو الأم أو الأخت أيضاً، وعلى الرغم من سطوة الحياة العصرية وسيطرتها علي مناحي الحياة كافة، إلا أن العيدية بقيت صامدة كأحد أجمل الأشياء في حياتنا. أعياد الطفولة كما قالت يسر وسام الدباغ موظفة، إن هنالك حقيقة لا يمكن إنكارها في هذه الحياة، وهي أن كل إنسان تكبر وتنمو مشاعره وذكرياته وتزداد زخماً مع الأيام، وها نحن نودع شهر رمضان ونستقبل أيام عيد الفطر السعيد وسط انشغال جميع أولياء الأمور بشد الرحال إلى البنوك لتصريف العملات النقدية ذات الألف درهم إلى مئات حمراء تغيب عنها عشرات الدراهم الخضراء، على عكس ما كان يحدث في أيامنا حيث كانت عيدية الخمسة دراهم «شيئاً معتبراً»، أما في هذه الأيام فتغدو الخمسون درهماً غير كافية لإرضاء طفل لم يتعد الخامسة عشر من عمره، حيث يتلقى الشخص الذي يقدم خمسين درهماً نظرة مسح من أعلى رأسه حتى أصابع قدميه، وكأنه قام بفعلة غير سليمة. وأضافت، أما أجمل ذكرياتنا مع العيد، فقد كانت تتمثل في ذهابنا جميعاً، رجالاً ونساء، لصلاة العيد في مسجد الخان بالشارقة، ثم العودة للمنزل وتناول الإفطار ثم الغداء، وبعد جمع العيدية، كنا نذهب لأحد المراكز التجارية القليلة آنذاك ونقوم بشراء مختلف الأشياء التي نرغب في اقتنائها. إضاءة قالت جميلة إبراهيم، ربة بيت، إن العيد يتضمن ثقافة شاملة ممتدة في الشؤون الاجتماعية والتربوية، وقد اقترن وجود هذه الثقافة بأيام الفرح والبهجة بين الناس في أيام الأعياد، وقد كان للعيد ولا يزال آثاره الايجابية العديدة على أجواء الأسرة، لاسيما الأطفال، كونهم يفرحون بتقديم العيدية لهم وإبداء الاهتمام العاطفي بهم، كما أن العيدية ليست مجرّد هدية مالية تقدّم للأطفال، إنما لغة وثقافة جميلة تحقّق التواصل بين الكبير والصغير وتدخل الفرحة في نفوس الأطفال.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©