الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«معدة» الأسرة تربك ميزانيتها وموائد رمضان والعيد تفيض عن الحاجة

«معدة» الأسرة تربك ميزانيتها وموائد رمضان والعيد تفيض عن الحاجة
21 أغسطس 2012
أوضح عدد من محللي الأسواق أن الفترة الماضية، شهدت زحاماً كبيراً، خاصة في مراكز بيع السلع الغذائية، في مظهر يدل على إسراف البعض وعدم القدرة على تحديد احتياجاتهم، بالإضافة إلى انخداعهم بالتخفيضات الوهمية، والإعلانات التجارية عن السحوبات خلال رمضان والعيد. وحملت دراسة لإحدى الشركات المتخصصة في تحليل أوضاع السوق، تحذيراً للأسر، من أن تكون« المعدة» في إشارة للأكل والشراب، سبباً في إرباك الميزانية، محذرة من مخاطر اضطرار البعض للاقتراض، لسد احتياجاتهم المعيشية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن هناك من يفكر في الاستدانة لتوفير مصروفات العام الدراسي المقبل وتذاكر سفر رحلة عودة الأسر من خارج الدولة، نتيجة لسوء توزيع الموارد المالية، وإنقاق أغلبها خلال رمضان والعيد. ونبهت إلى أن ذلك لا يتناسب مع مغزى الصوم والعيد، ويوحي بأن هذه الفترة هي أكثر أيام السنة استهلاكاً للطعام والشراب، منبهة إلى أن تعدد الأطباق وتجهيزها بكميات كبيرة على الموائد الرمضانية وخلال العيد، من مظاهر الإسراف، التي يجب التوقف عنها. أكدت تقارير لمحللي الأسواق أن الصرف المبكر للرواتب، ساعد الكثير من الأسر، على زيارة المراكز التجارية، وقضاء الأيام الأخيرة من رمضان وبعض أيام العيد في التسوق، مشيرة إلى أن الإسراف في المناسبات المختلفة، ظاهرة من الموروثات الاجتماعية الخاطئة، لكنه يتضاعف مع بداية شهر رمضان، ويصل إلى معدلات متوسطة في العشرة أيام الثانية، ليعاود سهم الشراء الارتفاع مرة أخرى خلال الأيام الأخيرة من الشهر، وعقب إعلان رؤية هلال شوال، وثاني وثالث أيام العيد. وأوضحت أن الأيام الأخيرة من رمضان والعيد، شهدت طلباً متزايداً على شراء اللحوم والدواجن، وبالتالي استجابت المراكز التجارية بمضاعفة الكميات المطروحة للبيع من المواد الاستهلاكية والغذائية وحلويات العيد. نهم على الأكل فيما أكد عدد من بائعي اللحوم والدجاج زيادة عدد الذبائح المطروحة للبيع أكثر من أربع مرات، وهكذا يتضاعف شراء المواد الغذائية الأخرى فلماذا كل هذا الزحف على الأسواق؟ ولماذا كل هذا النهم على الأكل؟ ويرى خليل عبدالله محمد موظف حكومي أن فترة رمضان والعيد تشهد إسرافاً من العائلات في المأكولات، وأن الأسر تستهلك في هذه الفترة أكثر من احتياجاتها، بل تستهلك أكثر مما تستهلكه في أي فترة أخرى وهو ما يتنافى مع مقاصد رمضان الكريم الذي يجب أن يكون شهراً لضبط النفس واللسان والمصاريف وإعادة ترتيب الأوراق ومحاسبة النفس، ولا يتوافق مع فرحة العيد، ومعانيه السامية ودعوته إلى التواصل والتراحم، وليس التجمع فقط على الموائد، ثم الإصابة بالوعكات الصحية. ويتابع، فارتفاع الأسعار الذي شهدته الأسواق قبل رمضان بأيام أو خلال الشهر الفضيل والعيد، تتطلب السيطرة عليه، ضبط الأسر لمصاريفها وتحديد احتياجاتها، مبيناً أن من اعتاد على هذا السلوك لا يستطيع أن يغير من طباعه في فترة معينة خلال العام، فهو في حالة إسراف مستمر، يزيد تردده على المحال التجارية التي تبيع المواد الغذائية وغيرها من السلع، ليتكرر المشهد اليومي، حين تجد «عربات التسوق» تحمل كميات كبيرة من السلع والمواد الغذائية، التي يتم تخزينها في أدراج المطبخ، دون أن يدرك الجميع خطورة إسرافهم. ودعا إلى ضرورة أن تتصدى المؤسسات الاجتماعية إلى هذه الظاهرة عبر تثقيف المستهلكين وتعريفهم بخطورة الإسراف، وأن ميزانية الأسرة تحتاج إلى دراسة الاحتياجات، وشراء الأهم، وترحيل غير المهم إلى فترة لاحقة. تعدد الأصناف أما هاجر السعيد 29 عاماً، فهي من النوع الذي يتفنن في إعداد أطباق العيد وتحاول جاهدة التخلص من هذه العادة في تنوع المائدة، التي يصل عدد أصناف الطعام عليها، إلى ما يقارب خمسة أصناف، ناهيك عن الشوربات والمحاشي والمقبلات خاصة في المناسبات. وتقول، رغم أن أسرتي تتكون من 4 أشخاص إلا أنني أعد من الأطباق في المناسبات المختلفة من الطعام ما يكفي لعشرة، حيث تعجبني كثيراً الوصفات التي تقدمها برامج الطهي على القنوات الفضائية، فأعمد إلى تجربتها وغالباً ما تكون شهية، خاصة حين يطلب مني زوجي وأطفالي ذلك، إلا أن الكميات دائماً ما تكون زائدة، فإذا كانت معجنات أضعها في الفريزر من باب كسب الوقت والجهد، وبعد أيام أستخرجها وأسخنها على الفرن فتبدو طازجة، وأحياناً إذا ما احتوت الأطباق على مواد يتغير طعمها في اليوم التالي، أهدي بعضها للجيران أو يكون مصيرها إلى مكب النفايات، ورغم ذلك، تحاول هاجر أن تتخلص من عادتها في الإسراف، لكنها لم تهتد بعد للسبيل، فما زالت تجرب الأطباق وتحرص في المناسبات على ابتداع الأفكار والأطباق الجديدة من صفحات الإنترنت وشاشات التلفزيون. الميزانية ويتفق مع الرأي السابق سعيد إبراهيم الحبسي، موظف، مؤكداً أن المناسبات تحتاج إلى ميزانية ضعف الميزانيات في الأيام المعتادة، خاصة الأعياد، مشيراً إلى أن بعض الناس أصبحوا لا يعرفون عن المناسبات سوى أنها تجمع للطعام والشراب، حيث يبدأ إعداد الأطباق قبل حلول موعد المناسبة بساعات طويلة، وتجد أحياناً كل أفراد الأسرة يقومون بإعداد الوجبات وتوزيع الأدوار، وعند موعد تناول الطعام يتناول الجميع عدة لقيمات من الأطباق التي تم إعدادها ويذهب الجزء الأكبر منها إلى الحفظ بالثلاجات لأيام وبعدها لا يجد طريقاً له سوى إلى القمامة، ويرى أن ما يجري خلال المناسبات، خاصة شهر رمضان من قبيل التبذير والإسراف، يدل على أننا من أكثر المجتمعات استهلاكية. وتنتقد آمنة السويدي، ربة بيت، ظاهرة الإسراف في تجهيز الأطعمة ولا تراها صحية ولا تنبع من إيمان، مشيرة إلى أن تنوع أصناف المائدة يرجع إلى اختلاف أذواق الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى الإسراف في الطعام وبالتالي يرمى الفائض منه في سلة المهملات، مشيدة بالجهات التي تتولى أمر تسلم وتوزيع الطعام الفائض، داعية الناس إلى الاتصال بهذه الجهات، لتوصيل فائض الطعام إلى من هم بحاجة إليه. قلة الوعي بدوره، قال مصبح بالعجيد الكتبي عضو المجلس الوطني، إن ظاهرة الإسراف، من السلوكيات والعادات غير السليمة التي نراها تطفح في المناسبات المختلفة، خاصة خلال شهر الخير والبركة، فنرى ذلك التدافع والتسابق من قبل الكثير من المستهلكين ومن أفراد المجتمع لشراء السلع الغذائية، ليتحول هذا الشهر من شهر الرحمة والتواصل إلى موسم للتبذير والبذخ والإسراف لدى السواد الأعظم من الأسر، وينطبق ذلك حتى على العائلات التي لا يتجاوز عدد أفرادها الشخصين أو الثلاثة، وهذه الظاهرة تجعلنا نتساءل دائماً هل هناك من يقوم بالتفتيش على البيوت ليسأل ماذا اشتريتم؟. ويضيف الكتبي أن هذه الظاهرة قد تكون لها مسببات من أهمها، قلة الوعي بكيفية الترشيد، بدلاً من الاستهلاك والإسراف، أو من باب الفهم الخاطئ للكرم عند الكثير من أفراد المجتمع عبر إقامة الولائم، التي تتطلب توفير الكثير من أصناف الطعام بمذاقات وأشكال ونكهات مختلفة. ويقول، إن تلك الخيرات التي تتكدس في المنازل تأتي المناسبة سواء كان رمضان أو العيد، وهي لم تستخدم، بل قد تكون حتى في مراحلها الأخيرة من فترة الصلاحية، وللأسف يكون مصيرها مكبات النفايات، مؤكداً أننا لسنا بحاجة لهذا التبذير والإسراف، وعلينا أن نعتبر، فإن كانت لدينا زيادة في المال وستذهب بهذه الطريقة من دون فائدة، علينا أن نتصدق بها وأن نكسب الأجر من الله سبحانه وتعالى ونكون فعلنا خيراً وكسبنا أجراً. وأوضح حمد سلطان المحلل الاقتصادي في إحدى الشركات المتخصصة في عالم المال والأعمال، أن حالة الأسواق، شهدت خلال الفترة الأخيرة، تغييرات عدة، حيث تأثرت مع نهاية العام الدراسي وبدء موسم الإجازات وسفر العديد من الأسر إلى خارج الدولة، وبالتالي صاحب ذلك الكثير من العروض الترويجية في المراكز التجارية، والتي وجدت إقبالاً، بلغ ذروته مع حلول رمضان المبارك، حيث إنه من المعروف أن الشهر الكريم يشهد رواجاً في حركة البيع والشراء، خاصة المواد الغذائية، لما يترتب بالشهر من عادات اجتماعية ومفهوم خاطئ، لكلمة «كريم»، حيث تقبل العائلات على الشراء، بطريقة توحي بأن هناك أزمة، على الرغم من استقرار حالة الأسواق. وقال إن سهم حالة الرواج تراوح بين الهبوط والانخفاض خلال الشهر الكريم، حيث بينت حركة الازدحام أمام صناديق الدفع في المراكز التجارية، أن ليلة إعلان رؤية هلال رمضان، فرغت معظم المراكز التجارية من سلع كثيرة، خاصة منتجات الألبان، لدرجة أن الحصول على عبوة لبن صغيرة، استغرق 70 دقيقة، وهو ما كشفت عنه عينة بحث أجري خلال تلك الفترة، لتحليل حركة السوق، موضحاً أن سهم حركة الأسواق اقترب من معدله الطبيعي، خلال العشرة الثانية من الشهر الكريم، وأصبح بإمكان المستهلك التسوق وإتمام عملية الدفع، خلال وقت أقل من العشرة أيام الأولى من الشهر الكريم. وحسبما ذكر حمد سلطان، فإن سهم حركة الأسواق، عاود الارتفاع مرة أخرى، مع قرب نهاية الشهر، ورجعت حالة الازدحام إلى الأسواق، لدرجة دعت الكثيرين من عينة البحث، لترك «عربات التسوق» بجوار صناديق الدفع، والخروج من المركز التجاري أو الجمعية دون إتمام عملية الشراء، بعد انتظار دام أكثر من 35 دقيقة، حيث كان يسبق المتسوق في الطابور أمام صندوق الدفع أكثر 20 شخصاً، وواصل سهم الرواج ارتفاعه مع قرب نهاية رمضان وحلول العيد. وبين أن نوعية المشتريات، قد تغيرت في نهاية الشهر الكريم وخلال العيد، حيث اتجه المتسوقون إلي شراء الحلويات بأنواعها، والمكسرات، وغير ذلك من السلع التي تناسب ولائم عيد الفطر المبارك، مشيراً إلى أن الصرف المبكر لرواتب شهر أغسطس ساعد على زيادة حركة البيع والشراء، وإقبال العديد من الأسر على التسوق، والانسياق وراء العروض الترويجية، التي سارعت بعض الأماكن للإعلان عنها، بمجرد تناقل مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الهواتف الذكية لخبر الصرف المبكر للرواتب. وتوقع حمد سلطان المحلل الاقتصادي في إحدى الشركات المتخصصة بعالم المال والأعمال، أن يتعرض الكثير من الأسر، لهزة مالية، واضطرار البعض إلى الاقتراض لتوفير مصروفات العام الدراسي المقبل، وقيمة تذاكر سفر رحلة عودة الأسرة من خارج الدولة، وذلك نتيجة لسوء استخدام الموارد المالية، حيث لم يخطط الكثيرون منهم أو ينظموا عملية الصرف على الفترة التي تصل إلى 45 يوماً، حتى يحصلوا على راتب الشهر المقبل، داعياً تلك الأسر، إلى أن تعدل من طريقة إنفاقها، التي تقترب من عملية الإسراف، حيث إن راتب الشهر جاء تقديراً من الحكومة الرشيدة، ليدعم احتياجات الأسر خلال شهر رمضان المبارك وقرب حلول عيد الفطر، وليس لإنفاقه خلال أيام قليله، والتخبط بين عملية الاقتراض والحرمان، في الفترة المقبلة، حتى يحصلوا على الراتب الآخر. عادة لدى المجتمعات العربية والخليجية أشار طالب الشحي مدير إدارة الوعظ بأبوظبي إلى أن ظاهرة الإسراف في الأكل والتسوق عادة موجودة لدى المجتمعات العربية والخليجية، وأن الجمعيات ومراكز البيع تشجع الناس على هذه العادة السيئة، من خلال العروض الترويجـية والإغراءات التي تقدمهـا قبل وخلال المناسبات المختلفة، مبيناً أن عادة الإسراف من أهم العادات والظواهر التي نلاحظها في المناسبات خاصة شهر رمضان المبارك عند كثير من الناس، وإن كان بعضـها له أهداف نبيلة، إلا أن كـثيرا منها تحتوي على مظاهر الإسراف والتبذير. وقال الشحي، إن هناك كثيرا من الطعام الذي يرمى في سلة النفايات بسبب تحضير أطعمة تفوق الحاجة، وبالتالي فإن ما يرمى في القمامة أكثر مما يستخدم وهـذا دليل على عدم شكر النعم، مشدداً في الوقت عينه على ضـرورة المحافظـة على هذه النعم حتى تدوم، مسـتنداً إلى ما دعت إليه الشـريعة الإسلامية، وتحذير الله تعالى في كتابه العزيز من التبذير، ومن هذا المنطلق يدعو الشحي إلى عدم الإسراف في الإنفاق، أو طهي المأكولات خلال شهر رمضان والعيد أو المناسبات المختلفة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©