الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«منتدى تعزيز السلم» يحذر شباب الأمة من الإفساد في الأرض بدعاوى كاذبة

«منتدى تعزيز السلم» يحذر شباب الأمة من الإفساد في الأرض بدعاوى كاذبة
16 سبتمبر 2014 10:30
دعا الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة العلماء والأدباء والمبدعين ووسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي إلى تحمل مسؤولية الكلمة وتقدير آثارها على التعايش والوئام، وإلى الانخراط في تعزيز ثقافة السلم في المجتمعات المسلمة. وأكد الشيخ ابن بيه في بيان له أمس، بشأن الأحداث الجارية في المنطقة، أهمية ترسيخ مقصدية السلم وأولويته في المجتمعات من خلال القيم الإنسانية والإسلامية، ليرجح التعايش والانسجام ويصحح انحراف المفاهيم، ويروج للمحبة والوئام وكبح جماح التكفير والتشهير، وتسود ثقافة العقل والفقه حتى يعيش المسلم بدينه في دنياه دون شعور بالاغتراب ولا تعرض للقلق والحرج والاضطراب. وشدد على أن اضطهاد الأقليات الدينية وأشكال العدوان كافة عليها مخالف لقيم ديننا الذي أوصى بالأقليات الدينية خيراً، وجعلهم في ذمة المسلمين، وتوعد من يظلمهم بسوء العاقبة، ووفاء بتجربة الأمة التي لا نظير لها تاريخياً في التعايش والتسامح مع الأقليات، فضلاً عما تقتضيه أخوة الإنسانية والمواطنة من مساواة في الحقوق والواجبات، مؤكداً أن أي اعتداء من أي نوع أو إكراه على تغيير الدين غير مقبول والإسلام منه براء. وأوضح أن قيم الصراع والنزاع في غير حالة الدفاع عن النفس ورد العدوان ليست قيماً إسلامية ولو حاول البعض أن يكسوها لباس التقوى، مؤكداً أنها قيم دخيلة على ثقافتنا الإسلامية، فما كان التدمير أبداً في ثقافتنا الأصيلة أساساً للتعمير، بل نتيجة للجهل والتعصب وأثراً للاحتقان ومشاعر الإحباط أو الانتقام، أما قيمنا فتقوم على بناء الثقة في النفوس والمحبة في القلوب ومدافعة الباطل بالحق دون عدوان، ومقابلة الإساءة بالصبر والصفح والغفران. ودعا إلى المراجعات الفكرية على مستوى المناهج والبرامج لتدقيق النظر في الواقع، ومواكبة ضروراته وإكراهاته وأفكاره وأدواته، وتعميق الدراسات الشرعية علماً وفهماً وتدبراً وتفكراً وتأويلاً وتعليلاً وتنزيلاً لمراجعة النصوص في منطوقاتها ومفهوماتها، ورد جزئياتها إلى كلياتها وإعادة الاعتبار للاختلاف المعتبر في المذاهب. وحذر شباب الأمة من أن يكونوا وقوداً لنيران الفتنة والفساد في الأرض في الدنيا ونار جهنم يوم الحساب، وحثهم على أن يتثبتوا مما يلقى إليهم من دعاوى ووعود، ويتشبثوا بالمحكمات من دين الله وشرعه حتى لا يفتتنوا بالمتشابهات ويلتبس عليهم الحق بالباطل، خاصة منهم من لا يحسن العربية ولا يفهم لغة القرآن، مؤكداً أنه لا عذر للعلماء والحكماء في عدم القيام بواجب البيان والنصح للأمة لإطفاء نار الفتن وحقن الدماء متضامنين مع الحق متعاونين على البر والتقوى. وقال البيان: أيها الشباب الذين حملتم السلاح على أمتكم فأرهقتم البلاد والعباد واستعديتم الأمم وأهدرتم القيم ندعوكم لوقفة تفكر وإصغاء إلى نصيحة من يريد للأمة الخير، ونقدم كلمات أولاهن من كتاب الله تعالى «وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد» البقرة 205، هل هلك الحرث والنسل والشيوخ والنساء، أليس ذلك فساداً في الأرض لا يحبه الله تعالى، والثانية من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلكم أو ويحكم انظروا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» من آخر خطبه عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع. والثالثة كلمة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فمن بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا. «آخر خطبة له» صحيح البخاري، والرابعة كلمة لإمام السنة أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى، لأهل بغداد: «لا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم وانظروا في عاقبة أمركم». لما أرادوا الثورة على الخليفة العباسي الواثق عندما قال بخلق القرآن أليس هذا من سفك الدماء الذي حذر منه الإمام أحمد أهل بغداد، ونرجوكم من موقع الشفقة أن تتأملوا في هذه الكلمات المضيئة، وأن تراجعوا أنفسكم فالرجوع إلى الحق خير من التمادي على الباطل. وقال البيان: إننا لا نتجاهل المظالم، وندعو بإلحاح لإزالتها، إلا أننا نعتقد أن فرص العدالة مع السلم أفضل من فرضها بالحرب يجب أن تتوقف الحروب الشعواء، وتنكشف الفتنة العمياء في كل مكان لنربح الحياة ولا نخسر الدنيا والآخرة. ولقد كان من دواعي انعقاد المنتدى الأول لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بأبوظبي هذه السنة جمادى الأولى1435 هـ - مارس 2014م بمشاركة ما يزيد على 250 عالماً ومفكراً إسلامياً من مختلف أنحاء العالم الاجتماع على موقف موحد من أوضاع في غاية الخطورة تعيشها الأمة الإسلامية في هذه الفترة العصيبة من حياتها. وأضاف البيان: تتمثل هذه الخطورة في أبعاد، أولاً: البعد النوعي المتمثل في درجة العنف غير المسبوق الذي لم يستثن أي نوع من الأسلحة، بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل الذي يستعمله أبناء الوطن الواحد بعضهم ضد بعض، ثانياً: البعد المكاني المتمثل في الاتساع والانتشار الجغرافي الذي شمل رقعة واسعة من البلاد العربية والإسلامية والمرشح لشمول مناطق أخرى، ثالثاً: البعد الزمني، حيث إن هذه النزاعات أصبحت في استمرارها وديمومتها وكأنها أمر معتاد لا تلوح له نهاية في الأفق، رابعاً: البعد الفكري والنفسي، وهو بعد يغذي الأبعاد الثلاثة السالفة، حيث أفرزت هذه الفتنة أشد الأفكار تطرفاً وأكثر الفتاوى شذوذاً وأشد الآراء تعصباً وتحريضاً، فاشتعلت الساحة بكم هائل من فتاوى التكفير والتضليل والتفسيق والتبديع واستبيحت الدماء، ولم يعد للشرعية في الطاعة واحترام الدماء وتجنب شق عصا الأوطان مكان، واستبدلت بدعوى الجهاد في غير محله والنهي عن منكر بغير ضوابطه مما يؤدي إلى ما هو أنكر، وخامساً: البعد الدولي: كل ما سبق شوه صورة الإسلام عالمياً، وكاد أن يوصف بأنه «دين إرهاب»، وأنه ربما يحاكم الإسلام، وأهله تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وقد كان من توصيات هذا المنتدى التشديد على الضرورة الملحة والعاجلة لإعادة ترتيب البيت الإسلامي وإصلاح مكوناته أفرادا وجماعات ومؤسسات وتأكيد الحاجة الماسة إلى تقوية المناعة الذاتية للأمة ضد التطرف، والعنف الناشئ داخلها كيفما كان اتجاهه ومصدره. (أبوظبي - وام) الجهاد والقتال أشار البيان إلى أن الجهاد ليس مرادفاً للقتال فليس كل جهاد قتالاً، وليس كل قتال جهاداً، إذ باستقراء النصوص الشرعية، ويتضح أن الجهاد يشمل كل القربات: فبر الوالدين جهاد «ففيهما فجاهد» وطاعة الله تعالى جهاد ومن ذلك حديث: «والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله وجل»، ولهذا فنحن ندعوكم لجهاد لا شك فيه يدخلكم الجنة ويباعدكم عن النار ذكر الله تعالى وإعمار المساجد والإحسان إلى الناس وعمارة الأرض، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن الجهاد يشمل كل القربات والأعمال الصالحات، بما في ذلك التجارة والصناعة، كما في اختيارات البعلي» فما أحوج أمتكم اليوم على سواعدكم وعقولكم وطاقاتكم منتظمة في سلك المصالح مندمجة في التنمية، أما جهاد «القتال» فهو دفاع عن حرية المعتقد «الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله » - الحج 40 الأمر بالمعروف أوضح البيان أن كثيراً من الأحكام الشرعية لم ينط الشارع إقامته بالأفراد، ولكنه من اختصاص ولي الأمر ،أو من نصبه ولي الأمر لذلك، ومنها الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالنهي عن المنكر في بعض الحالات غير متأكد من مآلاته، وهذا يحتاج إلى اجتهاد لا يحققه أي كان وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى منكر أعظم منه، والنهي عنه هنا يصبح محرما على الأفراد، وكذلك بالنسبة للجهاد فمن يحارب الدولة المعتدية في الخارج ويجيش الجيوش، ومن يحارب البغاة في الداخل هو الحاكم كما يقول القرافي المالكي في فروقه، ومن ثم فإن انتصاب بعض الجماعات لتغيير المنكر بالقوة أو لإعلان الجهاد يؤدي إلى فتنة وفساد عريض. كما أن قيم الصراع والنزاع في غير حالة الدفاع عن النفس، ورد العدوان ليست قيما إسلامية، ولو حاول البعض أن يكسوها لباس التقوى. إنها قيم دخيلة على ثقافتنا الإسلامية فما كان التدمير أبدا في ثقافتنا الأصيلة أساسا للتعمير، بل نتيجة للجهل والتعصب، وأثرا للاحتقان ومشاعر الإحباط أو الانتقام. أما قيمنا، فتقوم على بناء الثقة في النفوس والمحبة في القلوب ومدافعة الباطل بالحق دون عدوان ومقابلة الإساءة بالصبر والصفح والغفران. مسؤولية العلماء والمرجعيات الدينية أكد البيان أن مسؤولية العلماء والمرجعيات الدينية في هذه الفترة بالذات مسؤولية جسيمة، وأن التكلفة البشرية والإنسانية لما يقع في جسم الأمة الإسلامية الآن لا يجوز بحال أن يترك أي عاقل متفرجاً، فكيف بمن أخذ الله عليهم ميثاق البيان، كما أن جزءاً كبيراً مما تعيشه الأمة اليوم من فتن مرده إلى التباس مفاهيم شرعية لا غبار عليها في أذهان شريحة واسعة من المجتمعات المسلمة كتطبيق الشريعة، ودولة الخلافة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد وطاعة أولي الأمر، وهي مفاهيم كانت في الأصل سياجاً على السلم وأدوات للحفاظ على الحياة، ومظهراً من مظاهر الرحمة الربانية التي جاء بها الإسلام على لسان نبي الرحمة محمد، صلى الله عليه وسلم، فلما فهمت على غير حقيقتها وتشكلت في الأذهان بتصور يختلف عن أصل معناها وصورتها، انقلبت إلى ممارسات ضد مقصدها الأصلي وهدفها وغايتها، فتحولت الرحمة إلى عذاب للأمة اكتوى به المذنب والبريء، واستوى في إشاعته العالم والجاهل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©