الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إيمان البستكي: العمل الحروفي يطارد صاحبه بغية الوصول إلى الكمال

إيمان البستكي: العمل الحروفي يطارد صاحبه بغية الوصول إلى الكمال
31 أغسطس 2011 23:04
فازت الخطاطة الإماراتية الشابة إيمان البستكي بالمركز الثالث في مسابقة معرض “الخط العربي” السنوي لهذا العام الذي دأبت على إقامته في كل رمضان جمعية الإمارات للفنون التشكيلية منذ تأسيسها سنة 1981 عن لوحتها الحروفية التي تضمنت الآية القرآنية: “وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون”. وأعربت إيمان البستكي لـ “الاتحاد” عن سعادتها بهذا الفوز الذي فاجأها ولم تكن مستعدة له وقالت “لم أكن أتوقع هذا الفوز في المعرض، ولم أشارك به، أصلا، بهدف السعي وراء الفوز بل هو بالنسبة فرصة تحفزني على الاشتغال على أحد أعمالي وإنجازها بحيث تعبّر عن كل ما لدي من إمكانات تعبيرية تتيح أن أقدّر مدى تطوّر عملي قياسا بأعمال أخرى في المعرض أنجزها أساتذة في هذا الحقل وكذلك ما أنجز الزملاء المحترفون” وقد اختارت إيمان البستكي شكل الدائرة بهندسيةِ بنائِها الصارمة لتقوم فيها وحولها بتوزيع عناصر عملها الفني التي لا تقتصر على الجانب الحروفي وحده بل هناك الخزفي المحيط بالآية الكريمة كما لو أنها تسعى إلى إشباع غريزة الجمال لديها بهذا الصنيع كله الذي يحتاج إلى دأب وصبر بأكثر مما يحتاج إليهما فن آخر من الفنون التشكيلية ربما باستثناء النحت في بعض نماذجه. واللافت في لوحة إيمان البستكي، التي لم تقِدم حتى الآن معرضا شخصيا خاصا بها، هو الإيقاع، فالآية لا تُكتب لحاجة نفعية أو وظيفية بل أساس صناعتها هو الفن المحض. تقيم الخطاطة تقابلات وتناظرات تبنيها هندسيا وتخييليا معا، حيث هناك حروف بعينها تتقابل وتتناظر بحد ذاتها: العين، والألف والياء إذ يتشابهان في امتداداتهما، ثم الواو، الحرفان الأولان يقوم التناظر والتقابل فيهما على نحو أفقي أما الواو فتأتي عرْضية متتالية من الأعلى إلى الأسفل تقريبا. وفي حين أن صنع عمل من هذا القبيل يحتاج إلى مخيلة فاعلة ومتحركة ودُربة ومراس قادريْن على نقل الخيال إلى واقع، تصنع إيمان البستكي من ذلك توازنا في داخل الكتلة الحروفية يقوم بالأساس على التكرار، إذ أن فكرة تكرار الشكل أو الوحدة الأساسية التي يتشكل منها العمل هي فكرة أساسية في فلسفة الفن الإسلامي إجمالا. وللإيضاح، فقد نقلها المتصوفة إلى نصوصهم في أصفى نماذجها شعرية كما فعل النفري في المواقف والمخاطبات. وتعلق إيمان البستكي على ذلك بالقول “أتفق بعض الشيء مع ما قيل، خاصة أنني بالفعل قد واجهت بعض من الصعوبات وكان الاختبار الأساسي فيها بالنسبة لي هو التركيب أي خلق بنية فنية متماسكة لجهة علاقة الحروف ببعضها في شكل دائري وليس وفقا للامتداد الأفقي للعبارة” مؤكدة أن العمل الحروفي مثل غيره من أعمال الفنون التشكيلية يبدأ من المخيلة أولا ثم يتم إنجازه شيئا فشيئا وفقا لما جرى تخيّله مع وجود بعض الانحراف عن الشكل المحلوم به، فهو “شكل سيبقى يطارد صاحبه في كلّ الأعمال بغية الوصول إلى حدّ الكمال”. إلى ذلك فقد أقامت النقوش، أو بالأحرى طرّزتها، وفقا للمنطق نفسه القائم على التكرار، فثمة وحدتان أساسيتان تتكرران في العمل هما زهرتا: اللوتس والسوسن، ثم الأشكال الهندسية الأخرى، غير أن التوازن بين ألوان العمل بعناصره هو ما يخلق فيه ذلك الإيقاع الذي يجعل من اللوحة مقطوعة موسيقية أو ما هو أقرب إليها، عندما تبدأ بجملة موسيقية وتنتهي بها فتكتمل الدائرة، غير أن الفرق هنا هو أن الموسيقى في لوحة إيمان البستكي هي موسيقى بصرية تماماً. لونيا، وبدءا من مركزها، فإن اللوحة تبدأ بالأسود (الحبر) على الخلفية البُنيِّة التي تميل إلى الترابي لتنتقل إلى الأزرق بتدرجاته وما يتوافق معه من الوردي في إحدى درجاته، بما يحقق انسجاماً وتناغماً بين عناصر التشكيل عبر امتداده أفقياً وعمودياً وفقا لإيقاع يتميز بالسلاسة المريحة للعين وليس وفقاً لبنية إيقاعية من التباينات اللونية كما هي الحال في أنواع أخرى من إيقاع البصر. وأثناء افتتاح المعرض علّق الفنان والخطاط السوداني المخضرم تاج السرّ حسن على صنيع إيمان البستكي بالقول: “إن موهبة إيمان البستكي لا تنحصر في الخط وحده بل تتجاوز ذلك إلى الزخرفة أيضاً” فردت البستكي بالقول: “ إنها شهادة أعتز بها من أستاذ كبير وأعلقها نيشانا على صدر تجربتي”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©