الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلبة أجانب ينغمسونفي الثقافة المحلية

طلبة أجانب ينغمسونفي الثقافة المحلية
22 يناير 2015 21:06
لكبيرة التونسي (أبوظبي) استحوذ عليهن الحماس، فيما انشغلن بتجهيز أنفسهن لحضور حفل زفاف في منطقة اليحر بالعين. ووسط بهجة الاحتفال جلست الطالبات الأجنبيات الثلاث يتفحصن الحاضرات، منبهرات بالأثواب والمجوهرات التقليدية التي ارتدينها، ما غير فكرتهن عن المرأة الإماراتية. فلم تكن الطالبات، في جامعة نيويورك أبوظبي، مدركات لما تتمتع بها الإماراتية من ذوق راق، ومساحة حرية واسعة. وتجربة الفتيات الأجنبيات، التي استمرت 3 أسابيع قضينها في اليحر، تأتي في إطار برنامج «يناير المكثف»، الذي يهدف إلى دفع طلبة «نيويورك أبوظبي» لإتقان «الرمسة» المحلية، وقد شارك في الدورة الثانية منه 6 طلبة عايشوا حياة أسر مواطنة بكل تفاصيلها، وزاروا المناطق السياحية بالعين، وخضعوا لبرنامج مكثف في تعليم اللغة العربية الفصحى. رغبة أكيدة أبدى الطلبة الملتحقون بـ«يناير المكثف»، رغبة أكيدة في الاندماج في البرنامج، الذي تنظمه جامعة نيويورك للعام الثاني، لتعلم «الرمسة» المحلية واللغة العربية، إلى جانب العادات والتقاليد من خلال معايشة أسر مواطنة في أفراحهم وأحزانهم، حيث حضرت الطالبات عرساً إماراتياً، كما حضرن جنازة سيدة كبيرة في السن، وأدركت الطالبات معاني القيم والتكافل والتعاون في كلتا الحالتين. ويتجلى تأثر الطلبة بالبرنامج في أنهم أطلقوا على أنفسهم أسماء عربية بدلاً من أسمائهم الأجنبية، كما تمكنوا من اللهجة المحلية، وغيروا أفكارهم النمطية عن الإمارات خصوصاً والعرب والمسلمين عموماً. واختارت الكورية الجنوبية موني سون لنفسها اسم وفاء. وتؤكد أنها ارتبطت بالإمارات بشكل كبير خاصة عندما أتيحت لها فرصة الجلوس مع أسرة في العين لمدة ثلاثة أسابيع، موضحة أنها ستشتاق لهذه الأسرة التي ربطت معها علاقة قوية ونسجت ذكرياتها معها. وتضيف «عشت أوقاتاً ممتعة مع أفراد أسرتي الجديدة، وتعلمت إعداد بعض الأطباق المحلية، كما تعلمت كيف يقومون بالشعائر الدينية، وتعلمت أشياء كثيرة عن الإسلام، وأدركت أنه دين تسامح ومحبة وتراحم»، مؤكدة أنها ستكون سفيرة للإمارات عندما ترجع إلى بلدها. ويقول جوزيف تشو، الذي يحب أن يناديه الناس باسم يوسف، إنه تعلم من خلال البرنامج أن الأسر المسلمة تحترم كل الديانات، واكتشف مدى الترابط بين أفرادها، على عكس الأسرة في الدول الأجنبية، حيث تتراجع هذه العلاقات. وتشاطره الرأي الطالبة الروسية فيكتوريا بينوفاما، التي يحب أن يناديها الجميع باسم أميرة، مؤكدة أن كل فرد في الأسرة الإماراتية يفكر في كيفية إرضاء باقي الأفراد. وتلفت إلى أنها تحب العيش في بلد عربي وسط أناس لديهم قيم وأخلاق ومبادئ. صورة نمطيةحول استفادته من البرنامج، يقول الطالب الكولومبي جبريل توريس باللهجة المحلية: «تعلمت أشياء وايد، وأكلت الفندال واللقيمات وحضرت تدريب الصقور، واستمتعت بالجلوس حول النار». وأكد توريس أنه استمتع كثيراً بمرافقة الأسرة، موضحاً أنه حزن كثيراً لفراقهم، وأضاف: «سأتحدث عن الإمارات وعاداتها وتقاليدها وناسها عندما أرجع لبلدي، وأعمل على تغيير الصورة النمطية المغلوطة التي يحتفظ بها كثيرون عن الشعوب العربية». من جهتها، تقول الطالبة الأميركية جوليانا بيلو، إنها لم تتعلم اللغة العربية من قبل، مؤكدة أن البرنامج أتاح لها فرصة كبيرة للتعرف من قرب إلى ثقافة النساء الإماراتيات وعاداتهن وتقاليدهن. وتضيف أن الصورة النمطية التي كانت لديها سابقاً تغيرت تماماً، فقد كانت تظن أن المرأة الإماراتية مسلوبة الحرية، ولا تتاح لها أي اختيارات في الحياة، وتعيش تحت سطوة الرجال، لكن اتضح أنها تتمتع بكامل حقوقها، فهي تعمل وتخرج وتدرس وتختار زوجها. وتتابع «تعرفت إلى خصوصية النساء، وحضرت حفل حناء، كما حضرت العرس،. وكانت بالنسبة تجربة مفيدة مبهرة في الوقت نفسه، فقد تأكدت أن ذوق المرأة الإماراتية راق جداً، وانبهرت بالأزياء التي كانت ترتديها فتيات تحمل توقيع كبار المصممين، كما حضرت حالة وفاة ولاحظت أن الأسر العربية يسود بينها التعاون والتكافل والتراحم، فقد حضر الجميع للمساندة وتقديم المساعدة». مشيرة إلى أنها ستنقل تجربتها لبلدها، وستتكلم عن المرأة الإماراتية بشكل خاص والمرأة المسلمة بشكل عام، التي ترى أنها تعيش عصراً ذهبياً في بلادها. أهداف البرنامج حول البرنامج وأهدافه، يقول الدكتور ناصر محمد، منسق الفعالية، إن البرنامج يندرج ضمن الأنشطة الخارجية التي تنظمها جامعة نيويورك أبوظبي حرصاً على تعليم طلبتها الأجانب اللغة العربية الفصحى واللهجة المحلية، ودعم انفتاحهم على العادات والتقاليد الإماراتية، وإعدادهم ليكونوا سفراء للدولة بعد عودتهم إلى بلدانهم، مؤكداً أن البرنامج يدخل دورته الثانية بأفكار جديدة إيماناً من الجامعة بأهمية رفع الوعي بالقيم والمبادئ التي يتحلى بها الشعب الإماراتي والعربي. ويوضح ناصر، أستاذ اللغة العربية بالجامعة، أن البرنامج لا يقتصر على اللهجة فحسب، بل ينسحب أيضاً على العادات والتقاليد وقيم الناس وأخلاقهم وطريقة عيشهم، من خلال العيش مع أسر مواطنة ثلاثة أسابيع كاملة، على أن تتخللها أنشطة خارجية وزيارات ميدانية للمواقع الأثرية في مدينة العين. ويقول إن الطلبة الخمسة، إلى جانب جوليانا، المتدربة والمشرفة عليهم، كان عليهم اجتياز ثلاثة فصول لدراسة اللغة العربية الفصحى ليتمكنوا من استيعاب اللهجة المحلية، ما ساعدهم على توافر قاعدة أساسية لتعلم «الرمسة»، كما كانوا مطالبين بكتابة تعهد بعدم الحديث بغير اللغة العربية خلال البرنامج، حتى أنهم علقوا بطاقات على صدورهم كتب عليها: «تحدث معي باللغة العربية»، حملوها معهم أينما حلوا. أنشطة وزيارات يشير ناصر إلى أن المجموعة اتخذت مركز القطارة للفنون مركزاً للصفوف لتعلم قواعد اللغة العربية الفصحى، بينما كانت الطالبات تسكن عند أسرة بمنطقة اليحر، والطلاب عند أسرة بمنطقة المناصير الجديدة. وهم يخضعون لبرنامج مكثف يومياً يبدأ من الساعة التاسعة والنصف صباحاً بمركز القطارة لتعلم اللغة العربية، يتخلله فترة غذاء، تعقبها فترة استراحة «سوالف» تدور فيها مناقشات عن مسلسلات وأفلام محلية، كما يتدربون على إلقاء الشعر والأغاني. ويشمل البرنامج زيارات ميدانية لمعالم المدينة، مثل مطاعم إماراتية بإدارة محلية، وخاض المشاركون مباراة في كرة القدم مع فريق إماراتي، وشاهدوا عرضا لفرقة الحربية، وجلسوا في خيمة الشعر، وحضروا ورشة الخط العربي، كما زروا جبل حفيت، وقاموا برحلة «سفاري» في صحراء العين. كما توافرت للطالبات حصرا فرصة حضور حفلي حناء وعرس إماراتي، كما حضروا مراسيم جنازة. وبذلك عاصر الطلبة أكثر من منحى ثقافي، وانغمسوا انغماساً كاملاً في الثقافة المحلية. أما الختام فشمل حفلاً حضرته العوائل التي استضافت الطلبة، واستعرض خلاله المشاركون مهاراتهم الخطابية، بينما كان الوداع مفعماً بالمشاعر والأحاسيس، خاصة أن الأسر والطلبة تقاسموا لحظات رائعة. صعوبة الفراق تشعر سميرة أحمد، التي استضافت أسرتها عدداً من طلبة «يناير المكثف» بالحزن إثر مغادرة الطلبة الأجانب بيتها، موضحة أن بيتها سيصبح موحشاً من دونهم. وتشير إلى أن ضيوفها تعلموا اللهجة المحلية، وتفاعلوا مع مفردات العادات والتقاليد، موضحة «كنا نجلس ونتحدث، يوجهون لي الأسئلة ويستفسرون عن بعض المواقف التي تحدث أمامها، وعن تاريخ الإمارات، وكيف كنا نعيش قديما، وكنت أجيب عن كل التفاصيل، وأزودهم بالمعلومات المطلوبة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©